📖 {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قاد لامبرت اثني عشر فارسًا من النخبة، يخوضون الثلج بخطوات ثابتة

كل خطوة اتخذوها كانت بالغة الحذر، حريصين على ألّا يُصدروا أدنى صوت

ومع اقترابهم من عرين الأفعى العملاقة ذات العروق الجليدية، سرت في الأجواء هالة خانقة من القمع

أنفاس الأفعى كانت كالرعد العميق، تتردد في الوادي بإيقاع منخفض منتظم

كل زفرة أطلقتها جلبت برودة فريدة، تُنقص حرارة الهواء المحيط بعدة درجات

جسدها الضخم كان يتلوى بخفة، وكأنها حتى في نومها تشعر بالتهديد القادم، مما جعل الناس يرتجفون خوفًا

فجأة، اخترق صوت خافت من تشقق الجليد سكون الوادي

فقد وطئ أحد الفرسان الصغار جليدًا رقيقًا، فأحدث صوتًا يكاد لا يُسمع عادة

لكن في هذا السكون، بدا الصوت كجرس إنذار نافذ

"شش." التفت لامبرت فورًا، في عينيه لمعة من البرودة

توقف الفرسان عن التنفس، متجمدين كالثلج

وبعد أن تأكد لامبرت من أن الأفعى لم تلحظ الصوت الطفيف، أومأ قليلًا، مشيرًا للجميع بمتابعة التقدم

استأنفوا التحرك ببطء، أكثر حذرًا من ذي قبل، وكانت خطواتهم خفيفة وصامتة كالأشباح

ذابت الأجساد الثلاثة عشر في الجليد والثلج كالظلال، متجهين نحو الأفعى العملاقة

رغم أنهم أبطأوا وتيرتهم لتجنّب إصدار الأصوات، إلا أن سرعة فرسان النخبة كانت لا تزال أضعاف سرعة الناس العاديين

وفي وقت قصير، بلغ الجميع مواقعهم المحددة

أومأ لامبرت قليلًا نحو لويس، مشيرًا إلى أن الجميع صار مستعدًا

في البعيد، عند فم الوادي، أسقط لويس يده ببطء، وكأنه بوق في الرياح والثلوج، ينقل أوامره في لحظة إلى أعين الفرسان

"اقذفوا!"

تحرك الفرسان الثلاثة عشر في لحظة واحدة تقريبًا، ورماحهم الطويلة تنفلت من أيديهم، تمزق الهواء

كل رمح صاح بهدير مرتج، مخترقًا الرياح ومتجهًا نحو عنق الأفعى العملاقة

"بووم!"

انفجر العنق الضعيف للأفعى فجأة

تطايرت شظايا الجليد وذرات الثلج، وتساقطت حراشف ضخمة كالعاصفة، والانفجار المدوي جعل الوادي كله يبدو وكأنه يغلي في لحظة

بدأت الأفعى العملاقة ترتجف وتصارع بعنف، جسدها الهائل يقاوم مجيء الموت

اهتز الوادي كله من صراعاتها، بل إن جدران الصخور تشققت من الاهتزاز، مثيرة موجات من الارتجاف المرعب

"انسحبوا!" صرخ لامبرت، لكن صوته كاد أن يُبتلع وسط الهدير

استدار الفرسان جميعًا وبدؤوا بالانسحاب السريع

جرحت جلود بعضهم من شظايا الجليد المتطايرة، سال الدم منها، لكن أحدًا لم يتوقف، بل اندفعوا جميعًا بعيدًا

فتحت الأفعى فمها وأطلقت فحيحًا حادًا، واندفعت ريح جليدية كالعاصفة، جمدت جدرانًا صخرية كاملة في لحظة

ذيلها كان يجلد الهواء بعنف، قادرًا على كنس أي شيء أمامه

لكن حركاتها صارت أبطأ فأبطأ، حتى تجمدت أخيرًا

في الحقيقة، كان عنقها قد تحطم تمامًا منذ قليل، ونظامها العصبي المركزي قد تدمر، مما يعني أنها ماتت بالفعل

كانت تلك الهجمات العنيفة مجرد صراعات غريزية قبل الموت

وأخيرًا، سقطت الأفعى العملاقة وسط الرياح والثلوج

ذيلها ما زال يرتعش، لكن حياتها قد زالت

تمدّد جسدها الضخم في صمت وسط الجليد والثلج، يحيط به ضباب أبيض

ولأن أحدًا لم يكن متأكدًا من موتها التام، بقي الوادي ساكنًا، والهواء ثقيلًا وصعب التنفس

وبعد وقت، جمع عدة فرسان شجاعتهم وتقدموا بحذر نحو جثة الأفعى

كل خطوة كانت محسوبة بعناية، خشية أن يثيروا خطرًا خفيًا في هذا الوحش العملاق

وخزوا حراشفها بخفة بسيوفهم الطويلة، وأعينهم مثبتة على الجسد الضخم الذي يرتعش قليلًا

ثم وصلوا إلى رأسها، وحدقوا في عينيها الباردتين، متأكدين أن كل علامات الحياة قد اختفت حقًا

لم يستطع أحدهم كبح نفسه، فصرخ نحو لويس: "سيدي لويس! إنها لا تتنفس! ماتت!"

مزقت هذه الصرخة الهالة الكئيبة التي خيمت عليهم

وانفجر الفرسان بالهتافات، مشاعرهم المتأججة كالسيل المنفجر بعد حبس طويل

"هاها! لقد نجحنا!"

"كان الأمر سلسًا للغاية!"

"بسيط جدًا، لا أصدق ذلك!"

ترددت الضحكات والصرخات المبهجة في الوادي

حتى أن ابتسامة خفيفة تكاد لا تُرى ارتسمت على وجه لامبرت؛ ورغم أنه حافظ على وقار الفارس، إلا أن الضغط في صدره قد تبدد في لحظة

"لقد أتممت مهمتي." انحنى لامبرت أمام لويس

كان وجه لويس هادئًا، لكن عينيه لمع فيهما الفرح: "أحسنت يا لامبرت"

هكذا أُبيد هذا الوحش المرعب بسهولة

لكن ما لم يدركه الجميع، أن لويس قد أعدّ كل شيء بدقة قبل مغادرتهم

رماح الانفجار المخترقة، ونقاط ضعف الأفعى، بل وحتى تضاريس المنطقة المحيطة، كلها كان قد درسها ورتبها مسبقًا

وبالطبع، كان يعلم أن مواجهة وحش سحري كهذا، حتى مع الإعداد الكافي، لا تسمح بأي تهاون

ولذلك جلب هذا العدد الكبير من الفرسان، تحسبًا لأي طارئ

وبعد أن هدأت الهتافات تدريجيًا، لوّح لويس بيده مشيرًا للجميع أن يهدؤوا: "الآن، لنبدأ معالجة جسدها"

وما إن أنهى كلماته، حتى اندفع الفرسان إلى العمل، وبدأوا في تقسيم المهام

فمعظمهم راح يتفحص جثة الأفعى العملاقة، متأكدين من أنها لم تعد تشكل أي تهديد

ثم شرعوا في سلخ حراشفها، وقطع لحمها، واستخراج بلورتها السحرية وسائر أجزائها النافعة

بينما تولت مجموعة أصغر تطهير البيئة المحيطة، والتأكد من عدم حدوث انهيارات ثلجية أو حوادث أخرى

كانت جثة الأفعى هائلة الحجم، ومعالجتها أمرًا مرهقًا وطويلًا، لكن لم يثنِ هذا الفرسان

انتشروا بسرعة وبدأوا العمل

كانت بلورة الأفعى السحرية تحتوي على قوة سحرية عظيمة، واستخراجها سيجلب موارد هائلة للإقليم

كما أنها مادة ثمينة جدًا لصناعة الخيمياء، لتُسلم إلى سيلكو كي يرى إن كان بإمكانه صناعة المزيد من القنابل

أما جلد الأفعى وحراشفها ولحمها وبقية أجزائها، فكلها ذات قيمة عالية في الطب والغذاء وصناعة العتاد

لكن المرارة العظمى في جوف الأفعى كانت الأثمن على الإطلاق؛ فقد شاع أنها تُنقّي الدم بدرجة كبيرة وتزيد سرعة الزراعة الروحية

وخاصة لشخص مثل لويس يملك موهبة ناقصة بطبيعته، فقد تجلب له اختراقات غير متوقعة

وحين رأى مرارة الأفعى تُستخرج بحذر، وتُلف بعناية بالجلد والقماش كي لا تتضرر

أطلق نفسًا طويلًا من الارتياح، ثم التفت إلى لامبرت وقال: "ليتبعني بعض الفرسان الإضافيين، فلنذهب لتفقد الشمال"

لم يُفكّر لامبرت كثيرًا في الأمر، وظن أن لويس أراد التنزه فقط

ولم يخطر بباله قط أن لويس ينوي التوجه شمالًا خصيصًا لاستقبال ساحر عظيم أسطوري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/22 · 149 مشاهدة · 963 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025