📖 {وَعِبَادُ الرَّحْمَـٰنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غطى الثلج الأبيض الناعم المنحدرات والغابات والصخور طبقة فوق طبقة، مرسمًا العالم كله بلون فضي نقي
كان الثلج الكثيف تحت الأقدام لينًا، وغاصت حوافر الخيول فيه، تاركة وراءها آثارًا عميقة
تقدّم اللورد لويس ورفاقه ببطء، وبدا في الظاهر أنهم يتنزهون بغير اكتراث فوق السهول الثلجية، كما لو كانت نزهة بعد رحلة صيد
لكن اتجاه المسير كان يوجّه بخفاء من قبل اللورد لويس
طريقهم كان يقود مباشرة نحو الشمال، حيث كان يوجد الساحر العظيم كما أشار نظام المعلومات اليومية
فجأة اندفع أحد الفرسان المتقدمين عائدًا مسرعًا من الأمام
"يا مولاي، وجدنا جثة رجل مسن أمامنا، يبدو ذابلًا، وجراحه غريبة بعض الشيء"
"جثة؟" قطب اللورد لويس حاجبيه، وهبط قلبه فجأة "هيا بنا نرى"
كان الأمر غير صحيح، فقد أظهر نظام المعلومات اليومية بوضوح أن العجوز كان "فاقدًا للوعي" وليس ميتًا
وبعد لحظة قصيرة من الركوب، رأوا الجثة الغريبة التي تحدث عنها الفارس
كان رجلاً مسنًا هزيلاً، ملفوفًا بعباءة بالية، جالسًا متربعًا نصفه مدفون في الثلج، كأنه راهب ناسك
لم يكن يشبه البتة "لوكن الساحر الكبير" الذي رآه اللورد لويس في الرسوم التاريخية، المفعم بالحيوية وثيابه ترفرف
لكن الأكثر لفتًا للأنظار كان صدره، عند موضع القلب
إذ كان هناك شق متوهج أسود بحجم قبضة اليد
ذلك الشق كان لا يزال يتمدد ببطء، فيما جلده يتفتت باستمرار، ونقوش سوداء تنتشر خارجه
"هذا ليس فاقدًا للوعي…" تمتم اللورد لويس للنظام "بل يبدو ميتًا فعلًا"
وبينما كان يتساءل إن كان النظام قد أخطأ، تحرك فم "الجثة" قليلًا
"همم…"
صاح أحد الفرسان "إنه لا يزال حيًا!"
تبادل الجميع النظرات، وجمدت تعابيرهم في الحال، كيف يمكن أن يكون حيًا وهو على هذه الحال؟
وقف اللورد لويس على بعد خمسة أمتار، واقفًا كدرع يحمي من خلفه، ولوّح بيده إشارة "اذهبوا واستمعوا لما يقوله"
تقدم فارس على الفور، واضعًا أذنه قرب شفتي الرجل اليابستين
ارتجف صوته قليلًا وهو يردد "قال… أخبروا يوحنّا السامي أن أحدهم انتهك العهد البدائي"
لزم اللورد لويس الصمت لحظة، ومرّ بريق شك في عينيه "يوحنّا السامي؟ هذا الاسم… كأني سمعته من قبل…"
قطب جبينه قليلًا وغاص في التفكير العميق
أما الفرسان المحيطون فقد تبادلوا النظرات أيضًا، إذ لم يسمعوا بهذا الاسم من قبل، وكانوا يحاولون استيعاب هذه المعلومة المفاجئة
لكن في اللحظة التالية وقع التغير المفاجئ!
فتح الرجل المحتضر عينيه فجأة على اتساعهما!
"غرغر—"
قبل أن يتسنى لأحدهم الرد، خرج صوت مبحوح مكتوم من أعماق حنجرته، كما لو أن شيئًا كان يغلي في صدره
فجأة!
"فششش—!!!"
اندفع موج من طاقة أرجوانية داكنة بعنف من فمه، مصحوبًا بدوي حاد، منطلقًا مباشرة نحو اللورد لويس على بعد خمسة أمتار!
"انتبه!!"
زمجر لامبرت، منطلقًا كالصاعقة، وهالته تهدر، حتى أن الثلج تحت قدميه تناثر متفجرًا
لكن الأوان كان قد فات!
لقد اندفع النفس بسرعة مذهلة، دون أي إنذار تقريبًا!
"بففف—!"
ضربت الموجة الطاقية جبين اللورد لويس مباشرة، محدثة صوتًا مكتومًا
ارتجف جسده بعنف كمن صعقته صاعقة، وسقط للخلف، مرتطمًا بالثلج بقوة
"مولاي لويس!" دوّى صراخ لامبرت عبر الأرض المغطاة بالثلوج، مشبعًا بالصدمة والغضب
وبعد أن انطلقت تلك الطاقة، خبا آخر نور في عيني العجوز
وعند صدره، ذلك الشق المتوهج ominous، الذي كان بالفعل كاللعنة، بدأ فجأة يتوسع بشكل عنيف!
"ززز— طقطقة!!"
انتشر الشق بجنون مثل شبكة العنكبوت، وانبثق ضوء أرجواني مظلم عبر لحمه ودمه، كما لو أن قوة قديمة مرعبة كانت تمزقه من الداخل!
وفي الثانية التالية ابتلعه جسده كله دفعة واحدة!
لم يكن هناك انفجار، ولا صرخة
لقد اختفى بصمت أمام أعين الجميع
لم يتبقَ سوى رداء الساحر الكبير الممزق، طافيًا على الثلج، ينهار ببطء
وكأن هذا الرجل لم يكن ينتمي للعالم أصلًا
"مولاي لويس!!"
على الجانب الآخر، تغيرت وجوه الفرسان جميعًا برعب حين رأوا اللورد لويس مصابًا، واندفعوا نحوه
وكان لامبرت أول من جثا على ركبتيه، حاملاً جسده
"كيف حالك؟!"
وتجمع الآخرون بسرعة، يحرسون المكان، والجو مشحون وكأنهم يواجهون عدوًا رهيبًا
غاص وعي اللورد لويس في الظلام، وشعر وكأن عقله قد تمزق فجأة بقوة غريبة
اندفعت صور لا تُحصى كسيل جارف
لم يستطع التفكير أو التنفس، بل كان يُحقن قسرًا بهذه الذكريات والمشاهد والعواطف الغريبة!
لكن هذه المعلومات كانت تجتاح عقله اجتياحًا عابرًا، ولم يبقَ منها سوى بعض الصور المتناثرة — شاب أسود الشعر، جالس بلا حراك فوق منصة حجرية
وحوله عشرات الأشخاص متربعين يستمعون لمحاضرته
كان يتحدث عن أسلوب تنفس غريب، يبدو وكأنه نظام زراعة روحية، لكنه في الوقت نفسه مختلف، متناغم مع السماء والأرض مع كل شهيق وزفير
ثم تبدّل المشهد
رجل في منتصف العمر، يبتسم وسط وهج النار
يحمل بين ذراعيه رضيعًا، وعيناه المليئتان بالتجاعيد تشعان بالدفء
ثم مشهد آخر
ثمانية أشخاص ضبابيي الملامح يحيطون بعجوز مسمّر على لوح حجري
ملامحهم مبهمة، يتمتمون بتعاويذ، ويواصلون طقسًا رهيبًا من التقطيع بأيديهم
كان العجوز يبقي عينيه مفتوحتين، وكأنه ينظر نحو اللورد لويس؟
انهار المشهد، وتحطم فضاء الوعي كمرآة تتشقق
قُذف وعي اللورد لويس بعنف خارج الفوضى بقوة لا تُقاوم
فتح عينيه
فإذا به يرى السقف الرمادي المألوف بعوارضه الخشبية المتقاطعة
كان مستلقيًا في غرفته بإقليمه، والفراش الناعم تحته غائر قليلًا، والجو مشبع برائحة أعشاب طبية خفيفة
وأول ما وقعت عيناه عليه كان وجهًا ناصع البياض
إنها سيف، تحدق به من الأعلى، شعرها الأبيض مبعثر قليلًا، وعيونها مملوءة بالدهشة والقلق
"لويس— لقد استيقظت!" ارتجف صوتها قليلًا وهي تناديه
وسُمع وقع أقدام حوله أيضًا
اجتمع برادلي ولامبرت والآخرون، وجوههم مطبوعة بالقلق والانشغال
رمش اللورد لويس ببطء، وما تزال شظايا الذكريات ترن في ذهنه
ظل صامتًا لثوانٍ، ثم فجأة اشتدّت ملامحه، وهو يستعيد شيئًا فشيئًا ما حدث قبل إغمائه
لوكن الساحر الكبير، الموجة الأرجوانية، وتلك العبارة "أحدهم انتهك العهد البدائي"—
خرج صوته مبحوحًا لكنه هادئ "لامبرت، ابقَ أنت، والبقية… أرجو أن تتركونا الآن"
لم يكن صوته قاسيًا، لكن الجميع فهم أن هذه إشارة إلى حديث خاص
ترددت سيف، وملامحها مليئة بالقلق، لكنها عضت على شفتيها وأومأت، ثم نهضت وغادرت
أما برادلي، فقد نظر إلى لامبرت، وربت على كتفه بصمت، ثم انسحب بدوره
وبقي اللورد لويس ولامبرت وحدهما في الغرفة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ