📖 {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127]
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت بقايا دفء نار الموقد تتلألأ، مرسلة ظلالًا طويلة مائلة
تكورت سيف تحت الأغطية السميكة، مستلقية على جانبها، تحدق بهدوء في الرجل النائم بجوارها
كان تنفس لويس ثابتًا، وحاجباه مرتخيان، وملامحه النائمة رقيقة لدرجة أنه لم يشبه النبيل الذي يضج عقله بالأفكار عادة
شعره الداكن مبعثر قليلًا، يلتصق بجبهته، ورموشه الطويلة تلقي ظلالًا خفيفة في ضوء النار
في نومه بدا كفتى صغير، مما أيقظ مشاعر عميقة في قلبها
تأملته سيف وقد سرحت أفكارها، وانفرجت شفتاها بابتسامة خفيفة، بينما امتلأت عيناها بإحساس يصعب وصفه من الرضا والحنان
مدت إصبعها تلامس أنفه بلطف، ثم سحبتها سريعًا، كطفلة ضبطت وهي تعبث
لكن الابتسامة لم تدم طويلًا، إذ أخذت عيناها تخفتان شيئًا فشيئًا
عاد شبح ماضيها يطفو بهدوء في ذهنها، كعاصفة ثقيلة تضغط على قلبها في ليلة ثلجية
سلالة قبيلة هان يويه، مآسي موت شعبها، تضحية أخيها — لا شيء تغيّر
ما زالت الذئبة الوحيدة في الإقليم الشمالي، مثقلة بعبء الانتقام
تمتمت بصوت خافت وهي تنظر إلى لويس: "أنت… ما زلت ضعيفًا جدًا الآن، هل أخبرك…؟"
انزلقت أطراف أصابعها على وجهه النائم، لمستها خفيفة كريشة: "أأخبرك أنني آخر أميرة من قبيلة هان يويه، الناجية التي تحمل دماءً مثقلة بالديون والكراهية؟"
ترددت طويلًا، وصراع داخلي ينهشها
لكنها في النهاية لم تفعل سوى أن تنهدت بلطف: "لننتظر حتى تصبح أقوى"
همست، وعاد البريق يتلألأ في عينيها
"أؤمن أنه في يوم ما، ستكون قويًا بما يكفي لتحمل اسمي الحقيقي وقدري"
طبعت قبلة رقيقة على جبهته، كما لو كانت تختم سرًا
"تصبح على خير، يا لويس"
ثم أغمضت عينيها وأسندت رأسها إليه، مثل ذئبة ثلجية وجدت أخيرًا مأواها
في مكتب حصن المد الأحمر، كانت نار الموقد مشتعلة، ناشرة دفئًا وسكينة
وخارج النافذة، كان الريح البارد يعصف، مبشرًا بقرب أول تساقط للثلوج، بينما الداخل كان حميمًا حتى بدا كعالم آخر
وقف برادلي منتصبًا، وأحذيته السميكة لم تصدر صوتًا فوق السجاد، وعباءته محمّلة بقليل من الثلج والجليد
كان يقلب في ملخص بيده وهو يرفع تقريره إلى لويس الجالس على الكرسي الكبير
"أرفع لك التقرير، يا سيدي، حتى مساء الأمس تم تغليف الدفعة الرابعة من مؤن الشتاء في مخزن الصخور الحمراء بالكامل"
كان صوته ثابتًا قويًا، مع لكنة جنوبية طفيفة
"حسب أوامرك، تم توزيع المؤن على جميع سكان إقليم المد الأحمر. العاملون في الورش وأبراج المراقبة حصلوا كذلك على حصص مضاعفة من الطعام ولوازم التدفئة، بما فيها الملابس والأحذية الشتوية المحدودة. أما الخضروات سريعة النمو في البيوت الدافئة فقد أنجزت حصادها الأول، بمجموع سبعة وستين سلة، تكفي لتوفير مكملات غذائية قبل أن يحاصرنا الثلج. بالإضافة إلى ذلك، فقد اكتمل تجهيز موقع صيد الأسماك الشتوي، وزُرعت بعض الشباك تحت الجليد. وأظهرت التجارب صيدًا ثابتًا بمعدل ثلاثين سمكة يوميًا تقريبًا—"
كان صوته يزداد وضوحًا وتنظيمًا، ولم يلحظ أن لويس خلف المكتب الكبير، بوجهه الهادئ الجاد، كان يحرك يده بحركة خفية
كان ذراعه الأيسر مستندًا بجانب الكرسي، وأصابعه تستقر بلا تكلف على ساق سيف الجالسة بقربه. ومن فوق سروالها الأسود الضيق، أخذ إبهامه يرسم ببطء منحنى دافئًا
تصلبت سيف فجأة وهي تستمع للتقرير برأس منخفض
أدارت رأسها بسرعة تحدق فيه، وعيناها الزرقاوان اللامعتان اتسعتا، وخدّاها احمرا فورًا
ومع ذلك لم تبتعد
اكتفت بعضّ شفتيها برفق وهي تمسك كف لويس بأصابعها بخجل
لكن لويس لم يتوقف، بل استمر يرسم ببطء منحنى فخذها الخارجي
ارتسم على وجه سيف مزيج من الحياء والغضب، ومع ذلك ظهر في أعماقها شعور خفي بالعجز… بل وحتى ومضة سرية من ارتياح
تحركت بجسدها بخفة، كما لو أرادت أن تنسحب، لكنها في الوقت نفسه وكأنها سمحت له بملامستها بوضوح أكبر
"بالإضافة إلى ذلك، آخر دفعة من الحبوب المشتراة من الجنوب دخلت الإقليم الشمالي—"
واصل برادلي قراءة الموجز ببرودة وخبرة
وبينما كان صوته هادئًا، كانت عيناه المتمرستان تلمحان بخفة إلى الاثنين خلف الطاولة
فهو بدوره يقيم في الطابق الثالث من القلعة، فكيف له ألا يلحظ "التقدم" بينهما؟
بصراحة، في هذا العالم من الطبيعي أن يكون للشاب النبيل أكثر من رفيقة. أما لويس، فلم يقترب إلا من واحدة فقط، وهذا بحد ذاته يُعد بطئًا يثير العجب
لكن التروي وضبط النفس كان دائمًا أسلوب هذا السيد الشاب
لم يقل برادلي أكثر من ذلك، بل واصل تقريره بجدية
"بالمجمل، يمكن القول إن مستوى معيشة سكان إقليم المد الأحمر هذا الشتاء غير مسبوق في الاستقرار والوفرة"
وعند هذه النقطة، تسلل شيء من الرضا إلى صوته. "لن ينجو معظم السكان من الشتاء القارس وحسب، بل سيعيشون براحة أيضًا"
"أما الأقاليم الأربعة الجديدة فالوضع أقل قليلًا. ورغم استمرار تدفق الموارد، إلا أن أسسها ما زالت ضعيفة، خاصة في إقليم هان شان، حيث تفشى وباء سابقًا"
رفع برادلي بصره إلى لويس: "لكن بدعم إقليم المد الأحمر والنموذج الذي أسسته، حتى في أسوأ الأحوال… أقدّر أن معظم السكان سيتمكنون من اجتياز هذا الشتاء"
توقف قليلًا، ونبرة الفخر لم تُخفَ: "وهذا إنجاز لم تحققه أي أراضٍ أخرى في الإقليم الشمالي. فأنت تعلم أن هذا العام قد يموت أكثر من نصف السكان هناك. كثير من الأماكن لا يمكن إنقاذها، خصوصًا مع انتهاء الحرب هذا العام؛ فأعداد الموتى ستزداد لا تنقص"
ساد الجو ثقيلًا فجأة
سحب لويس أصابعه من فخذ سيف، وعاد وجهه إلى جديته الهادئة
لزم الصمت لحظة، ولم يتابع موضوع برادلي. فبالنهاية، لم يكن سيدًا سماويًا، ولا يستطيع إنقاذ كل الناس. كل ما يمكنه فعله هو أن يقلل من عدد الموتى في أرضه
لذا غيّر الموضوع وسأل: "ما حجم البيوت الدافئة حاليًا؟"
راجع برادلي أوراقه فورًا وأجاب: "الدفعة الأولى اكتملت بخمسة بيوت، مساحة كل واحد منها نحو مئتي متر مربع. وبعد نجاح المسؤول الزراعي مايك في الأول، جمع الناس للتوسع. وخلال الثلاثين يومًا الماضية أضيفت اثنا عشر بيتًا جديدًا، فأصبح المجموع سبعة عشر، بمساحة إجمالية تقارب ثلاثة آلاف وأربعمئة متر مربع"
قال لويس بهدوء: "يمكننا بناء المزيد. فهي لا تكمّل فقط مؤن الخضار الشتوية، بل يمكن استغلالها أيضًا في زراعة بعض الأعشاب الطبية… كما أن الخضار الطازجة تمنع داء الإسقربوط، وهذا مهم جدًا في البرد القارس"
أومأ برادلي: "ممتاز، سأرتب الأمر حالًا"
تبادل الاثنان الحديث بكفاءة وسلاسة
وفي تلك الأثناء، جلست سيف على الجانب الآخر من الطاولة تتظاهر بالإنصات، لكنها كانت تسرق النظر إلى لويس بين الحين والآخر
ما زال على وجنتيها حمرة خفيفة، وقلبها لم يهدأ بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ