🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [الشرح: 6]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"إذاً، يا لورد لويس، لماذا وصلنا إلى هذا الحد؟"

رأى ماكيني أن لويس بقي بوجه بارد وصامت، فزاد ذلك يقينه. رفع رأسه فورًا، كاشفًا عن ابتسامة متزلفة للغاية وقال: "أنا نادم حقًا، وما دمتَ تُظهِر رحمة"

"المال، والنساء، والأراضي، والموارد، كلّها ستكون لك"

"إقليم المدّ الأحمر ونحن كنّا دائمًا جيرانًا طيبين، هذا مجرد سوء تفاهم صغير، لا داعي لـ—"

"أعدِموه"، قال لويس بضجر، ناطقًا كلمتين بفتور

كان صوته هادئًا إلى حد أنه لم يترك تموّجًا يُذكر، كأنه يعلن إشعارًا غير مهم

"آه؟ لكني نبيل! لا يمكنك أن تقتل—" تجمّد ماكيني في الحال، وكأن صفعة أطاحت بالابتسامة عن وجهه، فتصلّبت ملامحه واتسعت عيناه

لكن ما إن خرجت الكلمات من فمه حتى شعر هو نفسه بأنها جوفاء

كان قد ورث لقب أخيه بالحظ وهو صغير السن، ولم يعلّمه أحد كيف يحكم أو يتحمّل المسؤولية

لم يرَ إلا هيبة أبيه وأخيه الأكبر، وظنّ أنه ما دام يرتدي جلد النبيل فلن يجرؤ أحد على مسّه

ظلّ يبطش بالرجال والنساء ويستغل العامة، ولم يعاقبه أحد قط، فتوهم أن هذا امتياز النبلاء

إلى أن جاء هذا اليوم، ووقف أمامه النبيل الشاب، الأصغر منه سنًا، الذي شقّ لنفسه إقليمًا بحدّ السيف، فأصدر أمرًا بقطع رأسه

"شَقّ!"

هبط النصل نظيفًا، فاندفعت الدماء عاليًا ورشّت الثلج

تدحرج رأس ماكيني على الثلج ووجهه مجمّد على تعبير رعبٍ شديد

فمه مفتوح كأنه لا يزال يريد الاعتراض، وعيناه الواسعتان تحدّقان إلى الأمام، كأنه لم يفهم حتى في لحظة موته لماذا حدث هذا

كيف يمكن لهذا أن يحدث—هذا ليس ما كان ينبغي أن يكون!!

هزّ أحد فرسان المدّ الأحمر نصلَه فتناثر عنه الدم، ورمى جثة ما بنظرة باردة، ثم تراجع بصمت إلى الجانب

توقّف رأس ماكيني أخيرًا عند أقدام الفرسان الباقين

انتشرت بركة دم ببطء، تعكس وجوهًا لوِيَت من شدّة الصدمة

"هذا، هذا مستحيل—"

"إنه، إنه فعلاً قتل اللورد ماكيني!"

ابتلع فارس أكبر سنًا ريقه سريعًا، وألقى سلاحه وخرّ ساجدًا: "أستسلم! نحن مستعدون للخضوع للمدّ الأحمر"

"يا سيد إقليم المدّ الأحمر! نحن، نحن نستسلم! نحن مستعدون لأن نبايع! نحن مستعدون لأن نكرّس أنفسنا لك"

"يا لورد كالفن، اعفُ عنا! لقد أُجبرنا"

"نعم، نعم، لقد أجبرنا ماكيني! وسنضع أرواحنا بين يديك من الآن، يا لورد"

في تلك اللحظة لم يبقَ في عيونهم أثر لما يسمّى كرامة الفارس، بل خوف لا ينتهي وتوسّل ذليل

لكن لويس ألقى نظرة خاطفة فحسب، تمتلئ عيناه بالازدراء

هؤلاء لا يستحقّون لقب الفرسان

صدئت سيوفهم بالخمر واللحم، وتعفّن عزمهم في الرفاه والطمع

يبدون خاضعين الآن، لكن لو سنحت لهم الفرصة فسيكونون كالأفاعي السامّة التي تعضّ من الخلف

بل إن كلّ واحد منهم شارك بنفسه في الهجوم على قافلة حبوب إقليم المدّ الأحمر

الإبقاء على أمثالهم لن يجلب إلا فسادًا لعزائم بقية المحاربين ويزرع بذور البلاء

"لا تُبقوا أحدًا"، قال لويس بنبرة باردة كالماء الراكد وهو يلوّح بيده

"أوامر"

اندفع فرسان المدّ الأحمر كعاصفة مفاجئة، تلمع شفراتهم بضياءٍ بارد

"أسرعوا، اهربوا!" صرخ فارس من أتباع ماكيني، وصوته يرتجف

لكن قبل أن يُتمّ كلمته كان رمح طويل قد اخترق صدره ورفعه عاليًا، والدم يتناثر كالمطر

"آه!" حاول أحدهم أن يرفع سيفه ليدافع، لكن قبل أن يلوّح به انشقّ رأسه نصفين بفأس ثقيلة، ولم يمهله الوقت ليصرخ

أمسك آخرون أسلحتهم وحاولوا الفرار، لكنهم كانوا قد أُحِيطوا بفرسان المدّ الأحمر، والسيوف تتقاطع كأنها مناجل الموت تحصد الأرواح بسرعة

امتزجت أصوات القطع وتكسير العظام وفوران الدم معًا، ثم خمدت سريعًا إلى صمت

في ساحة القلعة، رقد أكثر من سبعين فارسًا قتلى، ولطّخ الدم الثلج الكثيف بحمرة فاقعة، تنبعث منه رائحة زفرة حلوة خانقة

كان حسابًا سريعًا تامًا، فأُبيدت بقايا ماكيني بالكامل

انتهت المعركة أسرع مما ينبغي

أعاد وايل سيفه الطويل إلى غمده، ووقف في ساحة القلعة الملطخة بالدم، ينظر إلى الجثث المبعثرة هنا وهناك، والخيبة واضحة في عينيه

لطالما تخيّل أن يقاتل إلى جانب اللورد لويس في ساحة المعركة ويخوض الدم حتى الركب

لكن من كان يظن أن هذه "الحملة" المزعومة

باستثناء الحراسة، لم يُصادف فيها حتى خصمًا يُحسب له حساب

"أهكذا فقط؟" تمتم وايل وفي نفسه رغبة لم تشبع

رمقه لويس وقال بلا مبالاة: "ماذا، تشعر بخيبة أمل؟"

"آه—لا، ليس—" أصلح وايل ملامحه على عجل، لكنه لم ينجح في إخفاء خيبته

ابتسم لويس ابتسامة خفيفة: "تعال، بما أنك لم تشبع قتالًا، رافقني في جولة"

تجمّد وايل لحظة، ثم اعتدل واقفًا: "أمرُك يا لورد لويس"

عصفت الريح والثلج، تحملان حبيبات جليد دقيقة ترتطم بالدروع فتصدر طقطقة رائقة

مشى لويس ببطء فوق الثلج، وعيناه تجولان في الشارع المُخرّب

سار وايل إلى جانبه بصمت، يراقب ما حوله بيقظة

كان هذا الحيّ السكني في إقليم البارون ماكيني

للوهلة الأولى لا يختلف ما حول القلعة عن الأقاليم الأخرى في الشمال

لكن كلما تقدّما اشتدّت رائحة التعفن المقززة، وتحمل مع الأنفاس برودة الموت

عند جانبي الطريق بيوت متهالكة كثيرة، أطر أبوابها مكسورة ونوافذها مكسوّة بالصقيع السميك

ومن شقوق الأبواب المتصدعة تُرى ظلال متقوقعة في الداخل

يلتفّون بأسمال ممزقة ويتكورون في الزوايا

عيونهم خاوية بلا حياة، تحدّق مباشرة في لويس، كأنهم ينظرون إلى عابر لا صلة له بهم

لكن أحدًا لم يتحرّك

لا مستغيث، ولا متخفٍّ، ولا حتى طرفة فعل

إنه تعبير الخَدَر التام؛ قد قُدِّر لهم أن يعيشوا هذا العفن

ظهور غريب آخر لن يغيّر شيئًا

هذا هو الشمال الحقيقي

ربما كانت أماكن أخرى أفضل قليلًا، لكن ليس كثيرًا

وليس تميّز إقليم المدّ الأحمر لأن الحظ حالفه، بل لأن لويس موجود فيه

داخل أحد البيوت، كان صبيّ صغير يقطع جرذًا ميتًا بسكينٍ بارتباك

وبجوارِه ماءٌ أسود يغلي في قدرٍ فخاري، وعلى الحافة حلقة من الدهن

وخلفه جلس صف من أطفال أصغر نحولًا، بلا تعبير، يحدّقون في زاوية الغرفة بفراغ

راقب وايل بصمت ما أمامه، وقد اشتدّ قبضه على مقبض سيفه

في تلك البيوت المتراكمة لم يكن ثَمّ إلا جثث تمشي بأرواحٍ ماتت منذ زمن

وفي بيتٍ آخر، كان سطل خشبي مكسور يحوي ماءَ ثلجٍ وبقايا خضارٍ فاسدة؛ تلك هي وجبة السكان

وعند ركن الجدار رُصّت جثثٌ عدة عارية، مطروحة على الأرض بلا كرامة

أقبل كلب بري، فنهش أحدها حتى برزت عظام بيضاء

"هذا—" تمتم وايل خافتًا، لكنه لم يعرف ماذا يقول

في أعماق ذهنه تفجّر شيء فجأة

عاد به الخاطر إلى نحو عامٍ مضى، حين حُبس هو وأمّه في قبو تاجر العبيد

كان طعامهما عجينًا ممزوجًا ببقايا ثلجٍ وقشور

وكان كلّ يوم يمضي في احتمال البرد والجوع، وكلّ ليلة تمرّ على صرخات وبكاء وناسٍ يموتون

آنذاك كان يتكور كذلك في زاوية، يعانق أمّه، يحدّق في ظلمةٍ صمّاء

لا يدري هل ينتظر أمرًا خارقًا أم ينتظر الموت

لم يُرِد أن يستعيد تلك الذكرى

لكن هذه الأرض أمامه، وهؤلاء الناس، والخَدَر واليأس في عيونهم، كانت مرآة تعكس ماضيه بلا خلل

لو لا اللورد لويس، لربما كان هو وأمه ما زالا هناك إلى الآن

أو ربما تجمّدا أو ماتا جوعًا منذ زمن، وأُلقي بهما على جانب الطريق بإهمال، بلا قبر حتى

"هو من أخرجنا من ذلك المكان"، قال وايل وهو يأخذ نفسًا عميقًا ليُهَدّئ نفسه

لكن شعورًا بالرهبة تسلّل إليه رغمًا عنه

كان ممتنًا من أعماق قلبه للورد لويس؛ فهو الذي انتشلهما، هو وأمّه، من الجحيم

ولأن وايل خبر هذه الأمور بنفسه، لم يعُد يحتمل رؤية هذه المشاهد

لم يعد يحتمل أن يرى أناسًا مثلما كان هو، متروكين في جحيمٍ حيّ ينتظرون نهايتهم بصمت

أدار وايل رأسه ببطء لينظر إلى القامة الفارعة بجواره

لم ينطق، لكن عينيه قالتا بوضوح: ستفعل شيئًا، أليس كذلك؟

وقف لويس في مهبّ الريح، وعيناه تتطلّعان إلى الأمام

رأى جثثًا عارية للريح، وعيونًا مخدّرة متجمّدة، وأطفالًا يشدّون قبضاتهم وتقلق نظراتهم

حتى في الشمال، كان مثل هذا البؤس نادرًا جدًا

شعر لويس فجأة أن قتل ماكيني وحده فيه شيء من الندم

زفر زفرة خفيفة، وقد أدرك ما ينبغي عليه فعله

ثم استدار ودخل الخيمة المؤقتة وبدأ يكتب رسالة إلى الدوق إدموند

كان مضمون الرسالة بسيطًا، لا يزيد عن بضع مئات من الكلمات، وخلاصته ثلاثة أمور

تواطؤ ماكيني مع قُطّاع الطرق وهجومه على قافلة حبوب إقليم المدّ الأحمر، والدليل قاطع

أنه جاء مع رجاله يطلب تفسيرًا، وخلال ذلك قاوم ماكيني بعنف فمات في القتال

أن حال الإقليم الآن بالغ السوء، وعامة الناس كجثث تمشي، وهو يطلب قرار الدوق في كيفية المعالجة لاحقًا

وهذه المأساة هنا، لو كُتبت على حقيقتها دون مبالغة، لكفت أن تُقطّب جبين أي قارئ

أما عبارة "مات في القتال"، فلم تكن تهرّبًا من المسؤولية

فلم يشعر لويس قط أنه فعل شيئًا خاطئًا

كان ماكيني مستحقًا للموت، وقد بلغ الغاية في السوء، بل مات متأخرًا

غير أن لويس يعلم أن بين النبلاء يجري الأمر على ما هو "قابل للتصديق"

حتى إن كان الطرف الآخر وغدًا، فهو على الأقل بارون؛ لا يمكن أن تقول علنًا: "لم يعجبني فشققتُه بالسيف"

لذلك منح سببًا بالكاد يُقبَل

ورغم وجود ثغرات، إلا أنه يمنح الدوق إدموند ذريعة ليُصدّق

أما هل سيُصدّق الدوق أم لا، فذلك ليس شاغله

بعد أن فرغ وختم الرسالة، خرج من الخيمة واستدعى الطائر المرافق سريع الريح

ربط لويس الرسالة في ساقه، وتابع بنظره جناحيه وهما يخفقان حتى اختفى في السماء الرمادية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 130 مشاهدة · 1507 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025