🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 "وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا" — سورة طه، الآية 114
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لم يلتفت وي ليسي كاروين وهو يخرج من مكتب والده
أُغلِق الباب الخشبي الثقيل ببطء خلفه، لكنه لم ينوِ المغادرة
وقف هادئًا عند نهاية الممر تحت ضوء الشمس، وعيناه منخفضتان قليلًا نحو السماء، يفكر في ما ينبغي أن يفعله لاحقًا
كان أخوه بال كالفين يقف على بُعد خطوات قليلة، فتبادل الاثنان نظرة عابرة بلا كلام
مع أنهما يشتركان في الأب نفسه، لم تكن بينهما مودة قريبة
وخصوصًا داخل عائلة كالفين المترامية
هناك إخوة كُثر وولاءات وفِرَق عديدة
أما وي ليسي كاروين فلم يملك ما يسمونه فصيلًا أو قاعدة يعتمد عليها
كانت أمه امرأة من العامة، أدق من ذلك أنها خادمة أعجب بها والده لحظة نزوة
كانت جميلة رقيقة، ولكن مكانتها متواضعة
لم تنل امتيازات تُذكر داخل العائلة، ولم تُشرك في شؤونها
لذلك لم يكن لوي ليسي إخوة من جهة الأم، ولم تُصرف له موارد كبيرة، وحتى مقعده على المائدة كان في زاوية لا يلتفت إليها أحد
وتوفيت أمه حين كان في الثانية عشرة
منذ ذلك الوقت ازداد صمتًا، يطيع الأوامر في هدوء ويُنجز المهام داخل فيلق فرسان عائلة كالفين
كان هدف وي ليسي بسيطًا دائمًا
لا يريد التورط في صراعات العائلة المعقدة، ولا الدخول في نزاعات الإخوة
كل ما أراده أن يكون قائدًا مطيعًا تحت راية كالفين، يقاتل في الميدان ويجمع الاستحقاقات بهدوء، لعلّه ينال لقبًا صغيرًا ويعيش حياة مستقرة
ودفع في سبيل ذلك كثيرًا
انكبّ بصمت في مكتبة العائلة على مذكرات تكتيكات الأجيال السابقة، يتعمق في تغيّرات صفوف القتال وحروب التضاريس، وينفق من ماله ليستشير فرسانًا متقاعدين، يتبعهم ليتدرّب على الفروسية ويتعلم قيادة الجند، ومع الوقت أثمرت جهوده
برز اسمه في عدة اختبارات عسكرية للعائلة، وبدأ والده يلحظه، ومالت إليه الموارد قليلًا قليلًا
وظن أنه ربما يحتاج إلى أعوام قليلة أخرى ليصنع لنفسه شأنًا حقيقيًا
لكن فرصة البروز جاءت أسرع مما توقع
فقد أرسله والده إلى الشمال ليكون بارون استصلاح الحدود
ظاهريًا هو لقب نبيل، لكنه كان يعلم جيدًا أنه نفي واختبار
الشمال قارس، تعج أطرافه بأعداء أقوياء، والموارد فيه شحيحة، والبقاء هناك، مجرد البقاء، مهمة شاقة
ومع ذلك لم يتراجع وي ليسي، فقد فهم أنها أزمة وفي الوقت نفسه فرصة
تذكّر لويس، أخاه الأصغر من أم من العامة أيضًا، الذي ظل صامتًا في العائلة
في عام واحد فقط أسس إقليمًا واسعًا في الشمال، وترقّى إلى منصب حاكم المقاطعة، وصار حامل الراية للعائلة هناك
لم يشعر بالغيرة، بل بالتحفيز، وأراد هو أيضًا أن ينحت عالمه الخاص هناك
ومن ذلك اليوم لم يغادر المكتبة
أنزل المجلد الباهت على الرف الأعلى عنوانه سجلات دفاع الحدود الشمالية للإمبراطورية وفتحه بحذر
ثم أخذ قواعد إدارة الحبوب في الشمال وسجلات الزي العسكري لحقول الثلج ومذكرات موجزة في حروب الحدود
كان أمامه أسبوع واحد فقط، ولن يضيّع هذه الفرصة الوحيدة
أما الذاهب الآخر إلى الشمال، بال كالفين، فقد تلألأت عيناه ما إن سمع الأمر
هل جاء دوري أخيرًا
فرصة الإقطاع ونيل لقب نبيل وتوحيد الحدود القاحلة
هذا هو المسرح الذي حلم به طوال عمره
منذ صغره كان بال كالفين من أوعد أبناء العائلة
ذكيّ مجتهد، وبالأخص في الاستراتيجية والتكتيك، حتى كاد أن يُسمّى عبقريًا
وكان كل أساتذته بلا استثناء يتهامسون من خلفه هذا الفتى مستقبله بلا سقف
وفوق ذلك، فأمه من عائلة أيلانتو الشهيرة في الجنوب الشرقي
وإن لم تكن من الأسر الثماني العظمى في الإمبراطورية، إلا أنها تُمسك بميناءين مهمين، فلا يُستهان بمكانتها
تزوجت شقيقتاه الكبريان من بيوت نبيلة قوية منذ زمن
وأخوه الشقيق سيلتون كالفين يدير الآن ما يقارب 30% من أعمال العائلة، وقد صار صاحب نفوذ فعلي
بهذا الأصل وهذه الخلفية لم يطأطئ بال كالفين رأسه يومًا
وحين سمع أن لويس صار حاكم مقاطعة في الشمال، اكتفى بنفخة ساخرة لويس ذاك الذي لا يُحسّ به حتى ينساه الناس لقد صافحته الصدفة
لم يقتنع أبدًا
وعندما أُرسل لويس أول مرة إلى الشمال سخر منه، وقال إنها مهمة انتحارية لا أكثر
وماذا كانت النتيجة
ذلك الرجل غير المرئي الذي كان يزدريه صار قوة جديدة في الشمال
القول إنه لم يغَر كذبة، والقول إن الأمر لم يحرّكه أكبر كذبة
كان بال كالفين يرى أن إخوة العائلة، ما عدا قلّة من الأقوياء حقًا، لا يستحقون الذكر
ولويس بنظره نكتة أكبر
ومع غروره، لم يكن بال كالفين أحمق
فهو يعرف طبيعة الشمال، فليس هو ساحة الراحة في العاصمة الإمبراطورية
ويعرف جيدًا أنه إن ذهب من دون عدة حقيقية واستعداد، فستبتلعه تلك البرية الجليدية في دقائق بلا أثر
لهذا قصد بهدوء أخاه الثاني سيلتون وأمه، يريد أن يضمن لنفسه رأس مال ابتدائي
في المكتب كان وهج النار أصفر دافئًا، ولهيب الموقد يلحس الحطب، فيُظهر شعار العائلة على الجدار ويُخفيه في تتابع من الضوء والظل
حمل بال كالفين خطاب الأمر، وأخذ يخبرهما بحماس والد أرسلني إلى الشمال لأفتح أرضًا
تبدّل وجه أمه فورًا وجَلست مستقيمة الشمال أنت تمزح
هزّ بال رأسه وعيناه تشعّان
عقدت أمه حاجبيها وارتجف صوتها ذاك مكان قاسٍ لا يُطاق بارد ومليء بالمتهورين، ستذهب إلى هلاكك لا، سأذهب إلى والدك الآن ليُرسل غيرك
سارع بال بالرد ذاك لويس العاجز الذي لا يصلح لشيء صار هناك حاكم مقاطعة، فكيف لا أفعلها أنا
اتكأ سيلتون إلى ظهر كرسيه، وأصابعه النحيلة تنقر مسند الذراع بإيقاع هادئ، يثبت نظره على أخيه، وفي حاجبيه عقدة خفيفة
وما إن نطق بال باسم لويس
حتى لم يعد يتذكر ذاك الابن الثامن الصامت الذي يكاد لا يُرى داخل العائلة
حين ذهب لويس أول مرة إلى الشمال كان سيلتون قد أرسل من يتخلص من ذلك الخصم المحتمل غير الملحوظ
فلما لم ينجح لم يُبال، كانت حركة عابرة
لكن ما لم يشأ رؤيته وقع مع ذلك ذلك الذي أهملته العائلة سنوات ارتفع بسرعة لا تُصدَّق
ضاق سيلتون عينيه وتوقف نقر أصابعه
وبدأ يساوره الشك هل كان أداء لويس المتهافت في العائلة طوال تلك السنين تمثيلًا
هل كان ينتظر اللحظة المناسبة
ينتظر الانعتاق من قيود العائلة، وينتظر ساحة يقاتل فيها بكل ما عنده
ومع أن قوة لويس الآن لا تكفي لتهدد سعيه إلى لقب الدوق، فإنه لم يعد خصمًا يُستهان به كما كان
عاد ببصره إلى بال كالفين أمامه، أخيه الشقيق الطموح عالي الهمة، صاحب قدرة موجودة لكنها لا تكفي لضبط الموقف
وبصراحة هو مثال لمن يعلو سقفه ولا تسعفه يداه
قال وهو يتنفس بعمق اسمع جيدًا عندما تصل إلى الشمال لا تستعرض، اثبت أولًا، كن متواضعًا وعمليًا وإن واجهت مشكلة حقيقية فلا عيب أن تتعاون مع لويس
لقد وصل إلى ما وصل إليه لأنه يعرف كيف يتحرك، فلا تستهِن به ولكن كن على حذر
هزّ بال رأسه حاضر يا أخي الثاني
لكن ملامحه لم تُظهر أنه أخذ الكلام على محمل الجد، وكانت في عينيه شرارة تحدٍّ
رأى سيلتون ذلك بوضوح، فنفخ بضجر ونقر الطاولة من جديد أنا لا أمزح لا تُعلّق حياتك على الحظ الشمال ليس هنا
ضمّ بال شفتيه بعناد وكفّ عن المجادلة أخيرًا
ثم نظر سيلتون إليه والتفت إلى أمه، وقد احمرّت عيناها
تنهد وقال أمي أنت تعرفين قرارات الأب لا يغيّرها أحد متى حسم أمرًا لم يتراجع
وما بوسعنا الآن أن نُعِد لبال الموارد بسرعة ليقف على قدميه أولًا فلا يقع في مأزق حقيقي
ما إن أنهى كلامه حتى لمعت عينا بال
فهو إنما دعاهم لهذا القول، ولا يهمه غيره
مسحت الأم دموعها وأومأت وصوتها يرتجف نعم نعم أسرعوا وجهّزوا له كل ما نستطيع فزيادة الثقة خير
ثم قامت بنفسها إلى حجرتها، وأمرت فارسًا أن يحمل صندوقين ثقيلين، دفعت بهما أمام بال كالفين هنا ثمانية آلاف قطعة ذهبية، وهذه شحنة من الأرز الجيد والمؤن الجافة من ميناء أيلانتو سأبعث من يوصلها معك حتى الشمال
وأضاف سيلتون اخترت لك خمسة وكلاء قدامى يرافقونك، وكلهم من رجالنا، بارعون في الإمداد والتموين لا تتدخل في تفاصيل عملهم، وحسبك ألّا تسيء معاملتهم، وسيضمنون ألّا تجوع
وسأُلحق بك من حرسِي ثلاثين فارسًا رسميًا، ومع ما أمدّك به الأب تكفيك هذه البداية لتثبّت قدمك في الشمال
وتوقف قليلًا ينظر إلى بال الكلمة التي لا تُسعدك هي
قاطعت الأم وهي تتنهد في الشمال لا مساعدون تثق بهم ولا قاعدة، كل شيء سيتوقف عليك
خفض بال نظره إلى الصندوقين، وارتسم على شفتيه شبه ابتسامة فيها شيء من الاستهانة الاعتماد على نفسي يكفيني
وكان يعني ما يقول
فكل هذا عنده لا شيء
الشمال مجرد مكان موحش بارد
قد يخافه غيره أما هو فلا
ولما رأى كومة الموارد أمامه تلاشت هواجسه تمامًا
ثمانية آلاف قطعة ذهبية، وشحنة من الأرز والمؤن الجافة، وعشرات الفرسان الرسميين، وخمسة وكلاء مختصون بالتموين
هذا الترتيب هو أفضل ما قد تقدمه العائلة
ولم يملك إلا أن يبتسم في نفسه ذلك اللويس ألم تحالفه الصدفة لا أكثر
عندما مضى هو إلى الشمال لم يكن في يده ألف قطعة ذهبية، ولم يصحب معه إلا نحو 40 فارسًا، ومع ذلك اندفع بلا تردد
أما الآن فماذا في يدي
ما أعطاني إياه الأب وما زوّدني به الأخ يساوي خمسة أو ستة أضعاف قوة لويس القتالية، وأضعافًا من المال
فإن أمكن لذاك أن يصير حاكم مقاطعة في الشمال، أفلا أستطيع أنا، ومعي هذه الموارد وأنا الموهوب، أن أهيمن على الشمال
تأمل سيلتون خفة أخيه المفرطة، وقطّب في داخله قلقًا، لكنه لم يزد كلمة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ