🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ" (سورة هود، آية 88)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

داخل قلعة أراضي المدّ الأحمر كان لويس يقرفص بين مجموعة من الأطفال وبالابتسامة في عينيه يرشدهم بصبر

كانت بروفات مسرحية مهرجان الربيع تدخل منعطفها الأخير

وكانت هذه المسرحية من تأليفه شخصيًا بعنوان: «الحاكم العظيم لويس يستخدم الحيلة لسحق مؤامرة جماعة الثلج الأشرار»

قال وهو يشير: هيا يا كارل، حركتك التالية تحتاج زخمًا أكبر، أنت بطل المسرحية وحارس أراضي المدّ الأحمر

أجاب الغلام وهو ينفخ صدره محاولًا أن يبدو مهيبًا: حاضر

كانت وجنتاه مورّدتين من البرد لكن جديته كانت محببة للغاية

أما الأطفال المكلّفون بأدوار «جماعة الثلج الأشرار» فطأطأ بعضهم رؤوسهم وتمتموا بخفوت: نحن لسنا أشرارًا حقًا

ابتسم لويس وهو يربّت على رؤوسهم: الأشرار مهمون جدًا، من دونكم كيف سيبدو البطل قويًا

وفي ناحية أخرى كان أطفالٌ بملامح عادية يتدرّبون في صفوف على أدوار «زهور ونباتات وأشجار»

يملؤون الخلفية ويتمايلون حول المخزن الكبير وهم يهزّون أوراقًا ورقية صنعوها بأنفسهم بفرح

قال لويس مشيرًا: تذكّروا حين يأتي مشهد الانفجار يجب أن تسقطوا إلى الخلف جميعًا كأن الموجة رمتكم، مفهوم

رفع طفلٌ يده بحماس: أيها الحاكم لويس هل يمكن أن نهتف «آه—»

ابتسم: بالطبع، كلما علا الصوت كان أفضل

لم تستطع سيف القريبة أن تكتم ضحكتها: لقد بذلت جهدًا كبيرًا فعلًا

مع أن النص كان بسيطًا ومباشرًا: تسلّل أفراد «جماعة الثلج» إلى المخزن ليلًا، لكن لويس الذكي استخدم مخزنًا مزيفًا وفجّر قنابل سحرية فقضى على العدو دفعةً واحدة، وهتف الناس «يحيا لويس»

كان هذا بوضوح نسخةً مبسّطة من «كمين حيد تشينغيو» معدّلة خصيصًا للسكّان ذوي التعليم القليل

لكن لا بد من الاعتراف بأن الأطفال اندمجوا في التمثيل بحماسٍ شديد

خصوصًا الصبي الوسيم الذي يجسّد لويس برداء «الحاكم» ويداه على خاصرتيه واقفًا على منصّةٍ عالية يصرخ: أنا لويس لن أسمح لأحد أن يدمّر سلام أراضي المدّ الأحمر

كان ممتلئ الحضور ويبدو شديد الإقناع

وبينما ترتفع الضحكات والهتافات مع الحماس على الخشبة أسرع حارسٌ وانحنى يبلغ: سيدي، وصل تاجرٌ جوّال من خارج البلدة ويقول إنه يريد لقاءك لعقد تجارة

ارتفع حاجب لويس وفهم على الفور

تاجرٌ جوّال؟ من عساه يكون غير الآنسة إيميلي «خطيبتي» وقد جاءت تتقصّى أمري سرًا

عند هذه الفكرة مالت زاوية فمه وفيها لمحة لهو

لكن مع أنه كان فضوليًا قليلًا ولم يرَ خطيبته من قبل، فهو حاكمٌ له هيبة، ولا يليق به أن يخرج لاستقبال تاجرٍ جوّال هكذا ببساطة

وفوق ذلك بلغت المسرحية ذروتها المشوّقة، فكيف يغادر في منتصفها

عدّل لويس ردائه ونهض، وحدّق إلى سيف التي كانت توزّع الأشرطة الحمراء على الصغار وقال بمعنى: سيف، أتعبك بالذهاب مكاني

هذا التاجر ربما ليس عاديًا، قرار التجارة عائدٌ إلى تقديرك، لكن لا بأس أن تدعيهم للمكوث والمشاركة في مهرجان الربيع غدًا

رفعت سيف ناظريها إليه، لم تفهم تمامًا ما يقصده لكنها أومأت: حاضر

طوت القماش الأحمر المطرّز بشكل شمس بين يديها ولوّحت بردائها بخفة ثم تبعت خطوات الحارس

وبقي لويس مكانه يرقب ظلّها يبتعد وهو يتنهّد بخفوت مع ابتسامة لا تفارق شفتيه

لقاء الخطيبة والحبيبة مبكرًا إذن

ليس لأن لدي حس دعابة ملتويًا

وانحنى يربّت رؤوس الصغار: هيا، نكمل التمرين، سنفجّر المكان كله تمثيلًا

تبعت سيف الحارس إلى جماعة «التجّار الجوّالين» وتوقفت عيناها على المتقدّمة منهم

كانت ترتدي رداءً رماديًا أزرق بقبعة تغطي نصف وجهها فلم يظهر إلا جانبُ ملامحها، بشرةٌ فاتحة وأثرُ خدشٍ رقيق على الخد وعينان صافيتان باردتان

امرأة إذن؟ ارتفع حاجب سيف وفي داخلها مسحةُ دهشة لا أكثر

ففي هذه الأزمنة تأتي هيئاتُ التجّار بألوانٍ شتّى، لذا لم تتعجّب كثيرًا

لكنها شعرت على نحوٍ مبهم أن لهذه المرأة نظافةً وحدّةً في الطبع لا تشبه قادة التجار العاديين

وعلى الجانب الآخر كانت إيميلي تراقب خلسةً المرأةَ ذات الشعر الفضي أمامها

شَعرٌ قصير جميل وعينان أزرقان عميقتان وهالةٌ تقول بوضوح إنها من قبيلةٍ شمالية، فأعطت إيميلي إحساسًا فوريًا، طبيعيًا أكثر من اللازم

خطر ببالها حدسٌ واحد: علاقة هذه المرأة بلويس ليست بسيطة

لكنها لم تُبدِ أي انفعال

فالعالم بطبيعته يقبل التعدّد، وليس من الغريب أن يكون لنَبيلٍ شابٍ في عمر 19 بعض النساء القريبات منه

مع طرفٍ صغير من الفضول: من الشمال فعلًا إذن

ولازمها اعترافٌ صامت: ملامحها حقًا جميلة

ابتسمت إيميلي قليلًا: هل أنت موظفةٌ هنا

أجابت سيف وهي تهز رأسها: اسمي سيف، سكرتيرة الحاكم لويس

رفعت إيميلي حاجبًا بنصف ابتسامة: أنا إيميلي

قالت سيف بأدب: أهلًا يا سيدة إيميلي، الحاكم مشغولٌ الآن ولا يقدر على استقبال الزوار، لكن يمكنني التوسّط

ردّت إيميلي بنبرةٍ هادئة أخفت خيبةً طفيفة على شفتيها: الانشغال مفهوم

كانت ترغب على الأقل أن تقتنص نظرةً خاطفةً لخطيبها، لكنها لم تنل مرادها

وقد توقعت هذا من قبل، فبمكانة لويس الحالية لا يمكنه استقبال تاجرٍ غريب بهذه السهولة، وبعد مجاملاتٍ قصيرة عاد الحديث إلى التجارة

سارت سيف إلى جانب العربة وألقت نظرةً سريعة على المعروضات

لفائف حريرٍ مقبولة وأكياس توابل معطّرة وبعض أعشابٍ طبيةٍ مجففة وأكياسُ فواكهٍ وزيوتٍ من الجنوب، كلها بضائع مألوفة

مرّرت سيف أطراف أصابعها على حافة قطعة حرير وقالت بخفّة: تبدو جيدة، لكننا في أراضي المدّ الأحمر لا نحتاجها بإلحاح الآن

ابتسمت إيميلي من غير دهشة: صحيح، كانت رحلةً التفافية في الشمال، والبضائع عادية لا نُدرة فيها

رفعت سيف رأسها بابتسامةٍ مهذّبة: إذن لن نشتري في الوقت الراهن

ومع ذلك لم يسُد الحرج، فالجميع يعلم أن «التجارة» ليست لبّ الأمر هنا

تذكّرت سيف توجيه لويس وأضافت: لكن غدًا مهرجان الربيع عندنا، إن راق لكم فأنتم مرحب بكم للمكوث والمشاهدة معنا

كانت إيميلي تفكر سرًا كيف تطلب البقاء بجرأة، فإذا بالدعوة تأتيها من تلقاء نفسها

أضاءت عيناها وأجابت سريعًا: حقًا؟ شكرًا على لطفك، سنبقى بالتأكيد

قالتها بأدب وفي داخلها زفرةُ ارتياحٍ صغيرة

رائع، لن أبقى فحسب، بل سأشهد المهرجان بنفسي، ولعلّي أظفر بفرصةٍ لألمح خطيبي وجهًا لوجه

وما إن تحدّد الأمر أشارت سيف: تفضّلوا معي، سأقودكم إلى مكان الاستراحة

سارت بهم عبر الشارع ومن أزقةٍ قليلة حتى ظهرت صفوفُ بيوتٍ شبهِ تحت أرضية

البيوت نصفها غائر في الأرض ولم يظهر إلا مدخلٌ منخفض وجدرانٌ طينيةٌ سميكة

دفعت سيف باب أحدها: ستقيمون هنا الآن، وأخبرونا إن احتجتم شيئًا

دخل الجمع، وراحت إيميلي تتفحّص المكان

كان البيت بسيطًا قليل الأثاث، لكن الزوايا مرتّبة بعناية، والأسِرّة الخشبية مفروشةٌ بفِراءٍ سميكة، ودفؤه الداخلي أوضح من الخارج فيبعث الطمأنينة منذ الخطوة الأولى

وفي الركن إبريقُ ماءٍ فخاريٌّ وكؤوسٌ قليلة، بساطةٌ فيها اعتناء

لمع في عيني إيميلي شيءٌ من الدهشة اللطيفة: هذا النوع من البيوت لم أره من قبل، يبدو مناسبًا لبيئة الشمال، لا بد أنه دافئٌ جدًا في الشتاء

لامست بيدها الجدارَ وتحسّست دفئًا خفيفًا يرشح عبر التربة السميكة فأومأت لنفسها

ثم قالت بأدب: شكرًا على حسن الضيافة

ردّت سيف بابتسامةٍ رقيقة: لا شكر على واجب، ثم غادرت

وما إن أُغلق الباب عمّ الهدوء المكان

جلست إيميلي على السرير وأصابعها تعبث بكؤوس المائدة وهي تسترجع هذا اليوم الحافل

ومع أنها لم ترَ خطيبها اليوم فإن أراضي المدّ الأحمر منحتها مفاجآت كثيرة

ومع التفكير في احتفال الغد ازداد في قلبها الترقّب

تمتمت وهي تكاد لا تخفي فضولها وشوقها: آمل ألا يخيّبني «حاكم المدّ الأحمر»

قبل أن تخترق أول شعاع شمسٍ الغيومَ الثقيلة فتحت إيميلي عينيها

كان يأتي من الخارج همسُ الناس، وعلى النسيم عبقٌ دافئ

إنه عبير الخبز والعصيدة، ينتشر في الهواء البارد قليلًا، كأنه بشارة المهرجان، فيملأ القلب توقًا

ارتدت ردائها، وما إن فتحت الباب حتى انسكب الضوء على شارعٍ كُنس توا

وخرج الناس من البيوت في الطرقات والأزقة

ارتدى كلٌّ أنظف ما لديه وأجمل ما يستطيع

ومع أن معظمها قطنٌ خشن فقد كانت نظيفةً مكوية، وتلك الجدية جعلت إيميلي تُبطئ خطاها من تلقاء نفسها

همست: ألهذا السبب لأن اليوم عيد

وتبعت بخطواتها الحشودَ نحو الساحة منجذبةً بالحركة

وصلت مع بعض الحرّاس ومعها نورا إلى الساحة فوجدت الناس مصطفّين بالفعل

الطوابير مقسّمة إلى صفوف، وكثرة الناس لم تُفسد النظام، على خلاف ما تتذكّره من مشاهد لاجئي الشمال

ظنّت أنها ستنتظر طويلًا، لكن دورها جاء في أقل من عشر دقائق

وحين تناولت الوعاء الخشبي والخبز من يد الجندي وقفت مدهوشة بالكامل

الخبز ذهبيّ اللون مقرمش من الخارج طريّ من الداخل، واضح أنه مصنوع من دقيق الجاودار الجيد

أما العصيدة في الوعاء فأوشكت أن تجعلها تظن أنها تحلم

الحبوب واضحة، وفيها خضارٌ مفرومة ولحمٌ مفروم ولمسةُ بصلٍ أخضرٍ تطفو رائحتها

لون العصيدة غنيّ دافئ تعلوه لمعةُ دهنٍ خفيفة

ومجرد شمّها جعل معدتها تقرقر

تمتمت وهي تحدّق في الطعام: أهذا طعامُ عامة الناس حقًا

لقد خرجوا لتوّهم من الشتاء، ومن المنطقي أن مخازن الإقليم شبهُ فارغة، فكيف يطبخون عصيدةً بهذه الجودة

التفتت تسأل امرأةً في منتصف العمر بجوارها همسًا: عفوًا، هل تأكلون بهذا الشكل كل يوم

تفرّست فيها المرأة ورأت حسنَ هندامها ففطنت إلى أنها تاجرةٌ غريبة وابتسمت شارحة: لا، ليس هكذا، اليوم احتفالٌ لذلك لدينا عصيدةٌ ساخنة وخبزٌ كبير، قال الحاكم لويس إن على الجميع أن يأكل جيدًا ويحتفل بمرحٍ

زفرت إيميلي في سرّها، صحيح أنه يومٌ استثنائي إذن

ففي هذا الموسم أماكن كثيرة تشدّ على أسنانها، ولو كانت هذه العصيدة اليومية لكان إسرافًا بالغًا

لكن المرأة استأنفت وهي ترشف عصيدتها ببطء: مع ذلك نستطيع الذهاب إلى محطة الحبوب مرةً في الأسبوع لنأخذ ما نطبخه في البيت، يعطوننا كثيرًا، نأكل ثلاث وجباتٍ مشبِعة كل يوم

توقفت يدُ إيميلي

رفعت بصرها تحملق فيها كأنها لم تسمع جيدًا

ونظرت إلى الرضا الصادق على وجه المرأة فعقدت لسانها لحظة

أهذا… حقًا لا تبالغ

في مدينة رمح الصقيع يُعَدّ من حاله جيدًا في آخر الشتاء وبدايات الربيع من يستطيع وجبتين ولو بنصف شبع

أما هؤلاء من أمامها فخدودهم مورّدة وملامحهم مسترخية ولديهم متسعٌ للنكتة والحديث

هذا المكان… ثراءٌ كالحلم

تمتمت متردّدة: ثلاث… ثلاث وجباتٍ مشبعة في اليوم

ابتسمت المرأة: نعم، نأكل جيدًا وبدفء، ولم يعد الأطفال يبكون من الجوع

ثم أفرغت آخر لقمة وقالت بشكرٍ صادق: بفضل الحاكم لويس… لولاه فأين لنا هذه الحياة

كان في ابتسامتها مزيجُ شقاءٍ قديمٍ وأملٍ جديدٍ جعل إيميلي مبهوتةً قليلًا

كانت نيتها أن تراقب بهدوءٍ وبشيءٍ من الشك ما نوعُ الرجل خطيبُها الذي لم تعرفه حقًا بعد

فهو في السمع شابٌّ نبيل ذو سجلٍ عسكري لامع وحدّةٍ زائدة

ولم تكن تعلم هل هي قشرةٌ لامعة أم قدرةٌ حقيقية

لكنها لم تتوقع أن ينتظرها هنا لا سجلٌ جاف ولا مديحٌ فارغ، بل بلدةٌ كهذه

نظرت إلى العصيدة الساخنة في يدها، وكان دفؤها ينتقل إلى قلبها بسلامٍ غريب

نبهتها المرأة بابتسامة: كُلي حتى الشبع، فبعد قليل هناك مسابقة

سألتها بفضول: أي مسابقة

حكّت الأخرى قفاها كأنها تحتار في الوصف: حبل، والناس يجرّون الناس… هو… من يقدر على جرّ الآخر

وقفت إيميلي حائرة وهي تحاول أن ترسم صورةً في ذهنها فلم تستطع أن تفهم أي مسابقةٍ هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 178 مشاهدة · 1741 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025