🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ" — سورة التوبة، الآية 105
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مساء هادئ دافئ بعد مهرجان الربيع، كان مكتب لورد المدّ الأحمر ساكنًا، وقد انقشع صخب المأدبة منذ زمن، والنار الدافئة تتقد في الموقد وتغمر الجدران الحجرية والرفوف بضوء مائل للعسل، وما زال الهواء يحمل أثر رائحة شراب العسل واللحم المطهو
خلع لويس معطفه لتوّه وجلس إلى مكتبه يستعد لمعالجة عدد من الوثائق الإدارية بعد العطلة
حينها طرق أحد الحرس ودخل يتحدث بنبرة وادعة حذرة سيدي، هناك امرأة تلتمس المقابلة، وتقول إن اسمها إميلي إدموند
توقفت ريشة لويس قليلًا بين أصابعه، ورفع نظره وفي عينيه لمعة دهشة خفيفة إميلي إدموند
كان يظن أن هذه المخطوبة النبيلة ستغادر بهدوء بعد أن تراقب ما في أراضي المدّ الأحمر
لم يتوقع أنها ستختار الظهور من تلقاء نفسها بعد المهرجان، فاستوقفه ذلك قليلًا
قال بصوت هادئ أدخلوها من فضلكم
أومأ الحارس وانصرف مسرعًا
انفتح الباب الخشبي لقلعة لورد المدّ الأحمر بلطف، وتسرب نَسيمُ الليل، ثم خَطَواتُ شابةٍ رشيقة واثقة، دخلت إميلي إلى المكتب بثوب أزرق داكن، ورداؤها يتحرك خلفها بخفة، وعلى صدرها شارة النسر الفضي التي ترمز إلى عائلة إدموند
انسدل شعرها الأزرق على كتفيها فزادها وقارًا وهدوءًا، وملامحها دقيقة بارزة، وقامتها متزنة مستقيمة
كانت كل خطوة منها تحمل سكينة النبلاء وأناقتهم
لقد جاءت بلا تمويه، واقفةً أمام هذا اللورد الشاب بهويتها الحقيقية
وقعت عينُ إميلي على لويس
كان في تلك اللحظة يرفع رأسه عن الوثائق، وألقُ النار الذهبي المحمرّ من الموقد ينساب على وجهه بلطف
عيناه صافيتان وتعبيره مطمئن، ويرتدي بزته السوداء الموشّاة بالذهب، فيبدو أكثر رصانة وثباتًا من ظهوره في المأدبة
خفق قلبها خفقة كأنه توقّف لحظة
وعلى الجانب الآخر نظر إليها لويس، فتألقت عيناه على نحو خفيف
هذه سيدة من النبلاء على حقيقتها وقارٌ ورزانة وثبات
ومع ذلك التقط لويس ما في نظرتها من أثر توتر خافت
قالت إميلي وهي تقف وتنحني تحية إميلي إدموند، أو إن شئت فخطيبتك المقبلة
نهض لويس وردّ التحية بأدب كتب إليّ والدي فعلًا بشأن هذا الأمر
قالت وهي تنظر في عينيه مباشرة وبنبرة صريحة جئت لأتعرّف على شخصك بنفسي، فهذا التحالف الزوجي يعني لي الكثير، ولا بد أن أحكم بنفسي إن كان يستحق
وخفضت رموشها قليلًا، وخفت صوتها لكنه بدا صادقًا على نحو لافت أريد أن أصنع القرار بنفسي
ساد صمت قصير، ولهيب الموقد يلمع على ملامح لويس الهادئة من غير أن يشي بدهشة
سألت إميلي بخفة ألست غاضبًا
ابتسم لويس وقال بلطف لا، فأنا أتفهّم ما فعلتِه، ولو كنت مكانك لفعلت الشيء نفسه
لم يفضح تمويهها في المأدبة، بل احتوى اختباراتِها وشكوكَها بصمت مطمئن
عندها ارتجفت أهداب إميلي قليلًا وابتسمت كأنها وجدت راحة، وانفرج طرفا شفتيها بابتسامة رقيقة آسرة
أشار لها لويس بالجلوس، فجلسا متقابلين على طرفي المكتب، ووهج الموقد اللطيف ينعكس على وجهيهما
بدأت إميلي بما يشغلها أكثر أراضي المدّ الأحمر أفضل بكثير مما تخيلت الشوارع نظيفة، والبيوت منظمة، والناس يبتسمون لم أظن أنني سأرى إقليمًا بهذه السوية في الشمال
أجاب لويس بهدوء يشرفني تقييم الآنسة إدموند كانت أراضي المدّ الأحمر موحشة أصلًا، وما صارت إلى ما ترى إلا بتكاتف الجميع، وأنا فقط كنت في مقدمتهم
أضافت بنبرة لينة ولكن حازمة ليس كل لورد يختار أن يفعل ذلك حين مررت بالسوق شدّني شيخٌ جانبًا وقال لي لوردنا هو الشمس، النار الوحيدة في يوم ثلجي
ضحك لويس يبدو أن عليّ أن أرسل من يشكره، لقد زاد لي من رصيد الانطباع الحسن
ضحكت إميلي هي الأخرى، وانحنت زُرقتا عينيها بابتسامة وهي تنظر إليه كأنها لا تريد صرف البصر
ما تفعله قد لا يغيّر أراضي المدّ الأحمر وحدها، بل ربما الشمال بأسره
هزّ كتفيه وقال ذاك حمل ثقيل أنا فقط أنوي إدارة رقعتي الصغيرة كما ينبغي
واصلا الحديث طويلًا، وانتقلت الأجواء بينهما من جسّ النبض الأول إلى دفء أليف، كأن كِلَيهما ألقى درعه بصمت
ومع تعمّق الحديث تغيّر ما بينهما على نحو لطيف لا يُرى
يدُ إميلي التي تمسك الفنجان لم تعد متصلبة، وزفرت أنفاسًا هادئة ولانَ نظرُها، ثم تخلّت عن قشرتها العقلانية التي ظهرت بها في اللقاء الأول
قالت بصراحة لستُ رافضةً للتحالف الزوجي في ذاته، لكنني لا أريد أن أترك مستقبلي ينساب بلا رويّة، وبعد لقائنا اليوم أشعر أن اختيار والدي ربما لم يكن خاطئًا
ابتسم لويس وقال شكرًا لثقتك
ارتجفت رموشها رِقّة، ولم تقل أكثر من إيماءة خفيفة
بعد لحظات نهضت ورتّبت عباءتها برشاقة سأغادر إلى مدينة رمح الصقيع غدًا، فوالدي ينتظر تقريري
قال وهو ينهض بدوره ويُمسك الباب تشرّفنا بزيارتك مجددًا في أي وقت
في الخارج داعب نَسيمُ الليل خصلات شعرها الأزرق
ولمّا بلغت الباب توقّفت فجأة، واستدارت تنظر في عينيه
قالت بهدوء أنت حقًا تفاجئني
تلألأت في نظرتها مشاعر مركّبة تجمع رصانة السيدة النبيلة ورِقّة فتاة تكتم خفقانها
ثم وقفت على أطراف قدميها وأومأت بتحية رقيقة قريبة منه، وتركت لمسة مودة خاطفة قبل أن تستدير
قالت أترقّب لقاءك مجددًا يا لورد المدّ الأحمر
وقف لويس عند العتبة يتابع ظهر إميلي حتى ابتلعها الليل، وقد بقي عطرُها في الريح
رفع يده إلى الموضع الذي توقفت عنده تلك الإيماءة، وانعطف طرفُ فمه بابتسامة وادعة، كأن نسمة ربيع هبّت فجأة على أوتار قلبه
أغلق الباب بلطف، والتفت، فإذا ببصره يقع على سيف
كانت تقف في زاوية المكتب ترمقه في صمت، وقد التقط ضوء المصباح عينيها فانعكس فيهما بريق خافت
لم تقل شيئًا ولم تُظهر انفعالًا قويًا، وملامحها على هدوئها المعهود
لكن الشعور المكبوت فيها كان كشرارة في الموقد، يحترق بصمت في قلبها
توقّف لويس قليلًا ثم حكّ رأسه بحرج كنتُ سأخبرك، ولم أتوقع أن تجري الأمور بهذا الشكل
أطرقت سيف، وأصابعها تلوي طرف ثوبها برفق
قالت بخفوت أعرف لقد علمتُ منذ زمن أن مقامي لا يسمح لي بأحلام كبيرة أنت اللورد، وهي ابنة دوق
حاولت أن تُبقي صوتها ثابتًا
وفي تلك الومضة لمح لويس ومضةَ غصّة في عينيها
اقترب منها وقال بألين صوت لا أريد لك هذا الشعور بالمرارة أنا فقط
قاطعته سيف بهدوء لكنها كانت حاسمة أنا أثق بك
رفعت نظرها، وكانت دموعها تلمع لكنها تماسكت
ثم اقتربت فجأة منه وعانقته لحظةً في صدق مباشر، وجددت ثقتها بكلمات دافئة لن أتخلى عنك مهما كان الآتي سأكون إلى جانبك
توقّف لويس لحظة، ثم ردّ العناق بذراعين حانيتين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها
المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ