رواية سادة الشتاء ابدأ بالاستخبارات اليومية

🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "﴿وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [سورة هود: 88]"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أن أنهى لويس معالجة مسألة غلال الربيع رأى أن الوقت قد حان للتفرغ لبقية المشكلات

وكانت نبوءة منظومة المعلومات اليومية عن كارثة شتوية تلوح في الأفق كأنها سيف مصلت فوق قلبه

لم تذكر المعلومة صراحةً ما الذي سيحدث بل اكتفت بالقول إن الشر الذي ربّاه حلف الثلج بدأ يتحرك

وزادت المعلومة أن هذه الأزمة ستجتاح الشمال كله هذا الشتاء ولن تكون بأخفّ من العصيان الكبير قبل عامين

إن كان ما سيظهر قد استدعاه حلف الثلج سواء كان وحشًا أو مخلوقًا غريبًا فعليّ أن أستعد بالكامل

وبالطبع إن كان حاكمًا شريرًا بحق رفع نظره إلى السماء خلف النافذة فسأختار الفرار لا غير

ومع أنه تلقى تعليمًا إلزاميًا 9 سنوات ثم أُلقي به في هذا العالم الخيالي فلم يكن يؤمن بالحكام السماويين كثيرًا

إن نفعوا عُبدوا وإن لم ينفعوا فليسوا إلا زورًا

وإن صاروا خطرًا عليه فهم وحوش شريرة يجب إزالتها

لم يكن يبالغ في الثقة بنفسه بل كان قد هيأ قلبه منذ الآن لأسوأ الاحتمالات

ولأجل تلك اللحظة كان محتاجًا لإقامة خط دفاع لإقليمه قبل وقوع البلاء خط يمكنه أن يخفي الناس ويصدّ الوحوش

ولمواجهة هذا الطارئ المحتمل استدعى مايك أمهر صنّاع المدّ الأحمر والمهندس الرئيسي لقلعة المدّ الأحمر

لدينا خبرة في مباني التربة المدكوكة وأريد أن نبني مبنيين إضافيين في إقليم المدّ الأحمر قال لويس وهو يفتح الخريطة ويشير إلى 5 أقاليم وأما المخيمات الـ 5 الأخرى فليبنِ كل واحد منها مبنى تربة مدكوكة بسيطًا على الأقل

مثل قلعة المدّ الأحمر رفع مايك حاجبه

أخشن قليلًا أجاب لويس بهدوء في الأوقات العادية ستعمل صوامع ومخازن مواد وساحات تدريب وثكنات

لكن متى وقع البلاء تُغلق الأبواب فورًا ليلجأ الناس في الداخل والإقامة شهر كامل لن تكون مشكلة

حكّ مايك لحيته ولمعت عيناه حماسًا كان عليك أن تقول هذا مبكرًا أتدري كم صارت فرق البناء في المدّ الأحمر فعّالة الآن لبناء واحد خشن بلا زخارف نحتاج نحو نصف شهر فحسب لكل مبنى

هذه كفاءتكم أنتم وماذا عن بقية الأقاليم

ذلك يتوقف على عمل صنّاعهم لكن إن أرسلتَ من طرفنا فريقًا للإشراف فقد ننجز أسرع

يا مايك لدي شعور أننا سنواجه عدوًا جسيمًا هذا الشتاء قال لويس وهو يرمق الشمال حيث تتدحرج الغيوم في عمق جبال ذروة الثلج كأن كيانًا خفيًا يصحو من سباته

ثم التفت إلى الصانع العجوز إلى جواره هل لديك تدابير دفاعية أخرى تلائم هذا المكان

سألتَ الشخص المناسب أشرق وجه مايك فورًا وأخرج من حزامه لفة رسومات على قماش خشن مغبر وبدا كطفل فرح بما في جيبه

وما إن فرد المخططات حتى راحت أصابعه تطير عليها مشيرًا بسرعة

الأولى منحدرات معكوسة مع مصائد جذوع متدحرجة

رنّم وهو يجمع عدة رقائق من الرق سنجعل طرق الجبل القريبة زوايا متعرجة ومنحدرات لطيفة فإذا جاء العدو وأراد الاندفاع فلن يجد إلا صعودًا بطيئًا ملتويًا وسنضع كمائن عند الانعطافات

وأثناء كلامه سحب عصًا خشبية صغيرة من جرابه ووضعها فوق خط منحدر الجبل في الرسم

حينها ندحرج جذوعًا مُسنّنة أسفل المنحدر قال وهو يدفع بيده دفعة قوية ومع دمدمة ثقيلة كل من يجرؤ على الصعود يهوي هلاكًا

وسيلٌ كامل من البرابرة يتدحرج نزلًا أكمل بحماس حتى إنه أضاف محاكاة لصوت سقوط الجذوع

هز لويس رأسه موافقًا وهو يطرق ذقنه بإصبعه حسن هذه ستكون ممتازة على المنحدرات المؤدية إلى مباني التربة المدكوكة فكلما اشتد صعود العدو اشتدّ سقوطه

وهناك ما هو أمتع ربت مايك على ركبتيه ونهض مبتسمًا هل سمعت بأعمدة الاهتزاز

أعمدة الاهتزاز رفع لويس حاجبه

تربتنا المتجمدة في الشمال صلبة لكنها تنقل الاهتزاز أسرع من أي شيء أنوي دفن عدة أعمدة مجوّفة ضخمة تحت الثلج خارج الأسوار ونعلّق داخلها أجراس نحاسية فإذا تحرّك جمع كبير من الأعداء أو هاجمت الوحوش اهتزت الأرض ورنّت الأجراس

طرق مايك بقدمه سنسمع من داخل المدينة رنّة متتابعة فلا ينام أحد ونتجه مباشرةً إلى حالة الاستعداد

تلألأت عينا لويس لا حاجة لدوريات طويلة بل إصغاء إلى الريح عبر التراب هذه حكمة الشمال حقًا

قال مايك بفخر صدقت ولست أتفاخر عبثًا فصنّاع الشمال قلّما يتكلمون لكن أذهانهم تمتلئ بهذه الحِيَل العاجلة

أومأ لويس ببطء وظهر في عينيه برق بارد حسن إذًا تُنَفَّذ هذه الوسائل كما قلت وفي أسرع وقت

قهقه مايك إذ ذاك لن يرى أعداؤنا أحدًا قبل أن تستقبلهم الجذوع المتدحرجة وتقذفهم المصائد وتفزعهم رنّات الأجراس نصف الموت

وما إن أنهى كلماته حتى انفتح الباب الخشبي الثقيل بأزيزة ودخل حارس

سيدي هناك جماعة تلتمس المثول بالخارج قال الحارس وهو يحني رأسه قليلًا والمتقدم فيهم يعرّف نفسه بـ ويلِس كارفين أخيك

ويليس رفع لويس حاجبه وفي نبرته طرف دهشة مكتومة

كان قد عَلِم عبر منظومة المعلومات أن أخويه الأكبرين وصلا إلى الشمال

لكن ما لم يتوقعه أن يسبقه ويليس إلى لقائه

أدخله قالها بهدوء ولم يُخفِ الحذر في صوته

أومأ الحارس وانصرف

أمام بوابة إقليم المدّ الأحمر كان النسيم البارد يُحرّك طرف عباءته بينما جلس ويلِس كارفين بثبات على جواده الحربي

وتعلّقت عيناه بذلك البعيد القابع في الثلج القلعة الدائرية الشبيهة بمبنى التربة المدكوكة

لم يكن هذا هو الشمال الذي يحفظه في ذاكرته

لقد مرّ بكثير من الخراب في شمال البلاد

جياع وبيوت منهارة وطرقات موحلة

لكن المدّ الأحمر الذي ينتصب أمامه الآن بدا كاستثناء صيغ عمدًا بيد أخرى

كانت البيوت نصفُ المطمورة على الجانبين غير فخمة لكنها مصطفّة بنظام وعلى حواف النوافذ أعشاب مجففة لطرد الهوام والبرد

أطفال بملابس بسيطة لكن أعينهم حيّة يلعبون حول البئر وشيوخ على مقاعد خشبية عالية أمام الأبواب يتبادلون الحديث

وكانت نظراتهم هادئة بلا ظل خوف

وعلى المدى الأبعد يمرّ عدة فرسان دورية برداءات حمراء وسوداء على مهل وخيولهم مطمئنة تحتهم ودروعهم مهذبة لامعة

إقليم لويس إنه غير عادي تمتم ويليس

جاء من حافة ذروة الثلج وقد رأى في الطريق نبلاء يحملون ألقابًا فيما أقاليمهم مستنقعات قذرة

يُسخّرون الأيدي ويقتلون العامة عبثًا ويشربون الخمر في أكواب مذهّبة في القلاع بينما الجوع ينهش من بالخارج

أما هنا فقد رأى بأم عينه إقليمًا يعيش فيه الناس بسلام تحت الثلج

هذا الرجل حوّل هذه المفاوز إلى هذه الحال في غضون عام واحد

أمسك العنان بقوة وعقد حاجبيه لا غضبًا بل إعجابًا عميقًا

لقد استقللتُ به من قبل

نظر إلى القلعة التي بدت كأنها مدرّعة راسخة في الثلج وزفر نفَسًا أبيض خفيفًا

لو لم أرَ هذا بعينيّ لما تخيّلت أنه خرج من شخص كان يُعدّ قبل عام نفاية الأسرة

وبينما هو في عجب تقدّم حارس شاب بزيّ المدّ الأحمر الأحمر والأسود

وكان صوته مهذّبًا لا خضوع فيه ولا تعالٍ يا لورد كارفين السيد يدعوك للدخول

أومأ ويليس وأعاد تثبيت عباءته وساق جواده إلى الأمام

وكلما توغّل إلى قلب إقليم المدّ الأحمر زادته المناظر دهشة

أسوار خشبية مرتبة على جنبات الطرق تهدي المارّة والثلج المتراكم يُزال دوريًا

وكان الماشون في الطرقات غير مرتبكين بل يحملون سكينة لا تلائم ريح الشمال وثلجه كأنهم ألفوا نظام هذا المكان ودفأه

وبان له الآن صحن قلعة المدّ الأحمر

لم تكن بمهابة قصر الأسرة في الجنوب ولا أبراجها الشامخة لكن صلابتها وهيبتها كانتا مدهشتين

وما إن انفتحت بوابة القلعة ببطء حتى هبّت منها نسمة دافئة لطيفة

فارتعش قلبه أيمكن لقلعة في الشمال أن تبلغ هذا الدفء الداخلي

دخل البهو الكبير فتحرّكت ثيابه من تيار الهواء ولم يلمس برودة بل دفئًا مريحًا وكان الأرض من ألواح خشبية نظيفة وعلى الجدران قنوات نار دافئة ومن كانون فحم قريب يتصاعد عِطرٌ خفيف

وكانت خادمات بزيّ المدّ الأحمر يعملن بنظام وهدوء ويجدن وقتًا ليُومِئن له بابتسامة

لا عجب أن الوالي نفسه يحفظ اسمه قال في نفسه

وأدرك أخيرًا أن الذي أمامه لم يعد ابنًا منبوذًا من الأسرة بل حاكمًا يستطيع أن يصنع نظامًا ويجلب أملًا للشمال

وبينما يتفحّص تفاصيل البهو جاءه وقع أقدام خافت من الأمام

رفع ويليس بصره

كان الرجل بثوب داكن بسيط يمشي بثبات ومن دون عجلة

ورأى ذلك الوجه المألوف الغريب معًا عينان صريحتان وسكينة يحمل معها وقارًا لا يُنكر

مختلف تمامًا عن أخيه الأصغر الصامت المطأطئ الذي عرفه من قبل

ويليس رحّب لويس بصوت خفيض هادئ أهلًا بك في إقليم المدّ الأحمر

ارتبك ويليس لحظة ثم استقام وانحنى تحيةً

وكان لويس يرمقه كذلك

وكان نظره هادئًا لكن ذهنه يعرض سريعًا شذرات من معلومات محفوظة

ويلِس كارفين أمه خادمة من عامة الناس مولدٌ على الهامش خارج قلب السلطة راسخ عملي برز في اختبارات القتال بجهده الذاتي من القلة في الأسرة الذين بنوا أساسهم بأيديهم

تلك معلومات قليلة لكن ويليس الواقف أمامه الآن يحمل تغيرًا لا يُنكر عما في السجل

ملامحه كما هي لكن في عينيه وحاجبيه تعب طريق طويل مغبّر

ضيّق لويس عينيه قليلًا يبدو أنه جاء مستعدًا هذه المرة

وأما ما ينويه فسيتبيّن في الحديث التالي

انحنى ويليس وارتسم على شفتيه ابتسام خفيف مؤدّب فيه شيء من التحفّظ مضت مدة طويلة يا لويس

لا بل يجب أن أناديك الآن يا والي المقاطعة

ثم تسللت نبرة شعورية إلى صوته من دون قصد إقليم المدّ الأحمر مكان يبعث على الإعجاب حقًا وفي الطريق لم أرَ في الشمال إقليمًا كبيرًا أو صغيرًا يضاهيه لقد أحسنت أكثر من الجميع

ثم غيّر مجرى الحديث وخفض صوته وفيه لمسـة جسّ نبض في الحقيقة جئت أطلب معروفًا منك

لقد صرت الآن محسوبًا على سادة الاستصلاح في الشمال وإقطاعي على حافة مقاطعة ذروة الثلج وهو على كل حال داخل نطاق ولايتك

رفع ويليس عينيه قليلًا وتعقدت ملامحه وتوقف برهة كأنه يختار كلماته

ثم لان صوته بصراحة يا لويس إقليمي قفرٌ شديد والبيئة قاسية وهناك نقص حاد في المواد والأيدي العاملة وهو في طور التأسيس يواجه صعوبات كثيرة فهل تسدي يد العون في هذه اللحظة الحرجة لتثبيت الوضع الأولي سواء في تخصيص مواد أو دعم آخر سأكون شاكرًا إلى أبعد حد

رفع لويس حاجبه قليلًا وقد داخله شيء من العجب كانت لهجة ويليس ألين مما توقع بلا تحدٍّ ولا تكلّف صلابة

فزفر في سرّه متنفسًا الارتياح على الأقل لم يأت اليوم ليثير المشكلات

ابتسم ولانت نبرته هو الآخر يا ويليس لا تُكثر من المجاملة ما معنى طلب المعروف نحن أسرة واحدة وبالطبع سأساعد في مثل هذا الأمر

وتوقف ثم جدّ النظر إن إقليمك في بدايته وهذا صعب حقًا سأرتّب أن تذهب فرق من الصناع والعمّال خلال الأيام المقبلة لتضع الأساسات وإن كانت لديك طلبات محددة فأخبرني في أي وقت

حقًّا شكرًا لك يا لويس قال ويليس وقد ارتخت قسمات وجهه وذاب التحفّظ عنه قليلًا وظهرت في عينيه راحة وامتنان نادران سأحفظ هذا الجميل

لا حاجة لكل هذا لوّح لويس بيده وابتسامة خفيفة على شفتيه فالأمر ليس سهلًا على أحد وقيامك بإقليمك يعينني أنا أيضًا

ثم نهض وربّت على كتفه اعمل بجد فإذا استقر أمرك سأزورك بنفسي

أومأ ويليس بقوة بصوت خافت نعم حسنًا

وبقية الوقت تحدّثا قليلًا عن شؤون الأسرة في الصغر

ورغم قلّتها جعلت الذكريات المشتركة الجو أقل جمودًا

أتذكر حين امتطينا الخيل سرًّا في الحظيرة الخلفية فأمسك بنا العجوز قيّم الإسطبل ضحك ويليس وهز رأسه وفي صوته لمحة تهكّم من الذات كنا سُذّجًا إذ ظننّا أن كومة الحطب ستخفي أثرنا

ابتسم لويس أذكر ذلك يومها سقطتَ سقوطًا موجعًا ومع ذلك كنت أنا من تلقّى التوبيخ في النهاية

وتبادل الاثنان نظرةً وضحكةً فيها تعقيد لا ألفة تامة لكن دفء مفقود عاد بعضه

وحين اقترب الغسق كان ويليس قد نوى الرجوع تلك الليلة

فقال لويس بعفوية حسنًا لا تتكلّف البقاء الليلة وتناول وجبة ساخنة ثم اغدُ في الصباح

تردد ويليس لحظة ثم أومأ أخيرًا إذن سأثقل عليك

وكان جو المائدة أدفأ من قبل وإن لم يصبحا قريبين تمامًا فقد زال الحاجز

نظر لويس إلى أخٍ لم يخالطه طويلًا فإذا ببعض الدفء ينبت في قلبه

وبعد العشاء أسند ظهره وأغمض عينيه قليلًا فخطر له خاطر فجأة

ومع قدوم سادة جدد مثل ويليس تباعًا لعلها فرصة سانحة لعقد اجتماع

لجمع كل الروّاد المقطَّعين في مقاطعة ذروة الثلج وإرساء سلطته واليًا للمقاطعة على نحو رسمي

أضاءت عيناه قليلًا ونقر بأنامله على سطح الطاولة مرّات خفيفة وقد بدأ ينسج الخطة في ذهنه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ