🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ" — سورة الطلاق، الآية 3

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان الربيع دافئًا، والضوء كقطع ذهب متناثرة ينسكب على ساحة تدريب الفرسان في قلب أراضي المدّ الأحمر

في وسط الساحة انتصبت منصّةٌ عالية مؤقتة، مدعّمة بخشب السنديان ومسامير من حديد أسود، واقفةٌ في سكون

وعلى المنصّة وقف اللورد لويس بردائه الأسود والأحمر منتصبًا كرمح

وخلفه ثمانية من الفتيان والفتيات في دروع كاملة وملامحُهم جادّة

كانت أكتافهم وظهورهم مستقيمة كسهم، وتعلّق السيوف الطويلة على خواصرهم

هؤلاء هم الثمانية الذين اجتازوا اختبار حجر الدم المتقطّر العام الماضي

مضى عام، وصاروا الآن جميعًا فرسانًا متدربين

وكان الأبرز بطبيعة الحال ويل، إذ تخطّى بالفعل إلى مرتبة فارس رسمي في المستوى المتوسط

وقف الشاب في المقدمة تمامًا، والشمس تُضيء ملامحه الحادة، وشعار المدّ الأحمر على صُدر درعه يلمع

أسفل المنصّة في الساحة تجمّع أكثر من سبعين شابًا وشابة متقاربين

كانوا صغارًا نُحولًا، وعلى وجوههم أثر خفيف من سوء التغذية، لكن عيونهم ممتلئة بالحماس والتطلع وشوق لا يُوصف

جاؤوا جميعًا من الأقاليم الستة التابعة لأراضي المدّ الأحمر، حملةُ أنساب الفرسان التي أثبتها حجر الدم المتقطّر، محظوظون لعبت معهم الأقدار قليلًا

لكنهم كانوا يعلمون أكثر من غيرهم أنهم لولا اللورد الواقف على المنصّة لما وقفوا هنا اليوم

لم يكونوا سوى أبناء عبيدٍ وصنّاعٍ ومشردين، كُتِبَ عليهم أن يكونوا من الأسماك الميتة التي يبتلعها الجوع والبرد والحرب

وقبل أن يهجم شتاء العام الماضي الكاسح كانت بيوتهم مخربة بالحرب، وآباؤهم منحنين يجمعون الحطب في رياح البرد، يتجادلون ويتوسلون من أجل لقمة في ليالي الثلج

واختفى إخوة وأخوات كثيرون في الشتاء، حتى إن أسماءهم لم تُخلّد

لكن اللورد لويس ظهر

أرسل مؤن الإغاثة، وجاء بقدور العصيدة والخيام، فأنقذهم من بين الخرائب، وبعث من يحرسونهم ويُسكنونهم واحدًا واحدًا

هو من سحبهم وآباءهم من الوحل، وهو من وضع شرارة الأمل في أيديهم وقال خذوا هذه وعِيشوا

وباستخدام حجر الدم المتقطّر فحص دماءهم ليجد لهم إمكانات تتجاوز مصائرهم

وبين هؤلاء كانت فتاة صغيرة هزيلة تقف في مقدمة الصف

اسمها ميا، من قرية الحجر الأبيض التي مزّقتها الحرب يومًا، ابنة النجار إيان

ولم يكن ينبغي لها أن تعيش حتى هذا اليوم

العام الماضي قاربت الموت بحُمّى عالية ترتجف في ريح الليل وتنكمش من البرد

فحملها فرسان المدّ الأحمر الذين بعثهم لويس إلى المعسكر، وسهر الطبيب ليلته عند موقدٍ صغير حتى كُسرت الحمى واندحر البرد

ثم لمّا تفشّى الوباء سقط والدها مريضًا هو الآخر

ولولا أن اللورد لويس خاطر بنفسه ليصطاد سلحفاة الظهر النارِيّة، ثم أشرف بنفسه على تطوير علاج البخار، لكان والدها إيان رمادًا منذ زمن

لم يكتفِ لويس بإنقاذهما، بل حافظ على ألا تصير يتيمة، وصارت ميا اليوم تأكل ثلاث وجبات وتلعب مع الصغار تحت الشمس

كل ذلك بفضل ذاك الشاب الواقف على المنصّة

لذا حين وقفت هناك ترفع بصرها نحوه لم يكن احترامًا عاديًا

كان تبجيلًا يشبه الإيمان

قالت ذات مرّة لأبيها هامسة أريد أن أصبح أقوى أريد أن أحميك مثل اللورد لويس

تردد والدها إيان في السماح لها بدخول اختبارات الفرسان، خشي أن تتألم، وأن تبتعد عن البيت، وأن تعود إليها العلّة

لكن حين قرأ العزم في عينيها قال أخيرًا اذهبي

وها هم أولاء الأبناء يقفون على أرض المدّ الأحمر التي صارت أسطورة، وقد انجذب نظرُهم كما لو كان بمغناطيس إلى وجه لويس الوضيء، جلالُه كمنحوتة سماوية، ومع ذلك هو أصدق بكثير من أي بطل في حكاية

كان لويس في أعينهم في هذه اللحظة شمسًا

وكانوا كمن عاش تحت الأرض ورأى الشمس للمرة الأولى

الضوء باهرٌ جدًّا، ومع ذلك لا يستطيعون صرف النظر

كان قلقهم يضطرب وهم يتهامسون

ومسح بعضهم دموعًا خفية عند أطراف العيون دموع نجاة وامتنان لصاحب الفضل

وشدّ آخرون على شفاههم بأسنانهم كأنهم إن تراخوا قيد أنملة طُردوا من هذه الأرض الحُلم

لم يرد أحد أن يعود إلى الماضي، ولم يشأ أحد أن يُضيّع هذه الفرصة

مسح لويس الساحة بنظره ببطء، على وجوه شاحبة من ريحٍ وثلج لكنها مُتَّقدة الحماسة

ثم رفع يده اليمنى وأشار إشارةً خفيفة

فخَيّم الصمت على الساحة في لحظة

قال لويس كل واحد منكم مختارٌ في نظر العالم السماوي في دمائكم علامةُ من يَستحقّ أن يطأ ميدان الفرسان

لم يستخدم كلماتٍ معقدة، لكن كل كلمة هوت على القلوب كالمطرقة

ذهل الشبان تحت المنصّة

واتسعت عيونهم كأنهم يتثبتون أن الكلام موجه إليهم حقًا

وتجاوز لويس وجوههم وأكمل سيقع كثيرون منكم أو ينسحبون أو يتيهون، لكن بعضكم سيصير حقًا فرسان المدّ الأحمر

ثم رفع يده اليمنى وهو يقول قبل عام اجتاز ثمانيةٌ الاختبار

ولوّح بيده فتقدّم ثمانية شبّان من خلف المنصّة

تحركوا صفًا واحدًا وخطواتهم متناسقة ودرعهم يرنّ

فاستقامَت ظهورُ الصغار أسفل المنصّة تلقائيًا

كانوا في السنّ مثلهم، ليسوا طوالًا، ومع ذلك تقدّمٌ حازمٌ يضغط في الصدور

وكان ويل في المقدمة أوضحهم لفتًا للنظر وقد أصبح فارسًا رسميًا في المستوى المتوسط

قامته مستقيمة كرمحٍ مُشرع، ساكنٌ لا يقول شيئًا لكنه جعل كثيرين يبتلعون ريقهم بلا إرادة

ملامحه حادّة، ويداه خلف ظهره، ونظره ثابت كجليد

لكن لو دققتَ لوجدت طرفي أذنيه محمرَّين، وفي عينيه فرحًا لا يُكتم

نعم، كان سعيدًا، بل طائرًا فرحًا

فهذه أول مرة في حياته يناديه اللورد لويس باسمه شخصيًا، وهو واقفٌ في المقدمة

وكان يحاول جاهدًا أن يُخفي ذلك

لكن الغرباء لا يرون، فما يزال ذاك الفارس النابغة

وانطلق صوت لويس مرة أخرى أعلى وأقوى مما سبق كانوا يومًا مثلكم غُضًّا حائرين وربما خائفين والآن صاروا السيوف الحادّة التي تحرس هذه الأرض

وانقَطع صوته كسَنجة بوقٍ تشق ما تبقى من ثلج أنتم أيضًا تستطيعون

وما إن وقع كلامه حتى اهتزت الساحة

اشتعل الصغار في لحظة

تصفيق وهتاف وصيحات متحمّسة متعاقبة كموجٍ يتلاحق

أريد أن أكون فارسًا أنا أيضًا

سأفعلها أستطيع أن أقف هناك كذلك

يا لورد لويس، لن أخذلك

واحمرّت وجوه كثيرين منهم وشدّوا قبضاتهم حتى احمرّت مفاصلهم، وكاد الحماس يقفز بهم

وفي تلك اللحظة صدّقوا أن مصائرهم يمكن أن تتبدّل حقًّا

وعلى المنصّة حركت الريح رداء لويس

واكتفى بأن رمقهم بنظرة كأنه يقول إذن أثبتوا ذلك

ثم صعد رجلٌ بدِرعٍ ثقيل من حديدٍ رمادي ورداء فرسان المدّ الأحمر

ودوّى وقع أقدامه في قلوب الفتية، كل خطوة ثقيلة قوية

وجهه قاسٍ وعضلاته مشدودة كصخر، وعلى واقيات كتفيه من الحديد الرمادي ندوبُ معاركٍ باهتة تحكي بصمتٍ دمًا ونارًا

إنه بارنز، كبير مدربي احتياط المدّ الأحمر

كان في الأصل مدرّب الفرسان المتدربين في عائلة كالفين، لكنه لمّا أغضب أحدهم اضطُر أن يلتحق بلويس إلى الشمال

وكان أنسبَ ما يكون أن يُجعل كبيرًا لمدربي الاحتياط هنا

ثبت بارنز في مكانه ومسح الجمع في الساحة بنظرةٍ كإزميل بارد ينخر العظم، قاسية لا تُجامل

وقال بصوت غائر لن أكون رفيقًا بكم هذه ساحة إعدادٍ للمعركة من يبكي فليرجع ومن لا يصبر فلينصرف إلى بيتِه

وحملت كلماته الأولى ضغطًا خفيًا لا يُرى

وشحبَت وجوهُ بعض الأصغر سنًّا، وانكمَشت أعناقٌ لا إراديًا، وارتجفت أقدامٌ يسيرًا

ولكن أحدًا لم يتراجع

وقفوا هناك شاحبي الوجوه لكن عنيدين كأعشابٍ صغيرة تُثنيها الريحُ والثلج ولا تكسرها

عضّ بعضهم شِفاههم حتى ابيضّت، وخفض آخرون رؤوسهم قابضين قبضاتٍ متصلّبة

فكروا في آبائهم، وفي قراهم المهدّمة، وفي ذواتهم القديمة حين كانوا يهذون بالحمّى فوق الأسرة على شفير الهلاك وفكروا في اليد التي سحبتهم من الجحيم لتجعلهم يقفون هنا اليوم

إنه اللورد على المنصّة، يضيء كالشمس لويس

لا ينبغي أن يُهدَر هذا الفضل، ولا يجوز أن تُفوَّت هذه الفرصة

وابتسم لويس راضيًا وهو يرى ذلك

ونظر إلى تلك الوجوه الفتية وهمس في نفسه لم أعد أفتقر إلى مال ولا موارد إن استطعت أن أُخرّج حتى عشرة فرسان رسميين فسيكون كل هذا جديرًا به

وكان يعرف جيدًا أن ما يحسم المعارك المقبلة ليس برودة الحديد ولا سُمك الجدران، بل عدد الفرسان

أولئك القادرون على تسخير طاقتهم القتالية ومواجهة العدو بقوةٍ استثنائية

ولمواجهة تقلبات قادمة وأخطار كامنة وحروبٍ ربما أوسع مدى كان لزامًا أن يملك مزيدًا من الفرسان التابعين له

وقد فكّر مرة في استقدام فرسان رسميين مباشرة

لكن الواقع قاسٍ

فالفرسان النبلاء الذين بلغوا مرتبة الرسمي هم في الغالب رجالٌ صاغتهم الأسرُ العريقة منذ الصغر على ولاءٍ شديد

ولو استطاع دفع الثمن فلن يبدّلوا ولاءهم بسهولة

فهذا ليس ولاءً يُشترى بالمال كان لويس يدرك ذلك تمامًا

ومع ذلك لم يستسلم فما دام ثمة فرسانٌ فرادى مشرّدون بلا انتماء من بلادٍ أنهكتها الحروب فسيعرض عليهم أثمانًا مجزية ليجتذب الأقدر منهم

وعلى أي حال لم يعد يشكو المال الآن فإذا فُتح منجمُ النخاع السحري صار المال كأنه يطبع طَبعًا

بل صار يُسمّى صاحب منجم بحق

وطبيعي أن الفرسان الذين يُنشئهم بيديه هم الأوثق عنده

ولذلك كان قد صاغ في ذهنه خطته التالية

كلما انضمّت موجة جديدة من اللاجئين والعبيد إلى أراضي المدّ الأحمر أُجري اختبار حجر الدم المتقطّر لتمييز الأطفال ذوي الموهبة الفروسية

وستنشأ أكاديميات فرسان مؤقتة تُؤمّن المأكل والمبيت والتدريب لأبناء المناطق البعيدة

والاعتماد على نظام المعلومات اليومي للبحث الخفيّ الدقيق عن تلك المواهب المكنونة

وفي الحقيقة برز بين هؤلاء الصغار ثلاثة أو أربعة بملامح موهبة فروسية خارقة وقد وضع لويس أسماءهم في قلبه ليصوغ لهم رعاية خاصة

صحيحٌ أنه لم يُعثر بعد على موهبة فارس قمّة غير ويل

لكنّه كان واثقًا أن ذلك اليوم ليس بعيدًا

فهؤلاء الصغار الأقوياء على ضعفهم سيكونون حجر الأساس لفرسان المدّ الأحمر في الغد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 161 مشاهدة · 1521 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025