🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ [سورة الشرح: 6]"

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد أحداث الليلة الماضية المثيرة لم يكد النبلاء يغمضون جفنًا

وفي الصباح الباكر اندفعوا جميعًا إلى قاعة الوليمة التي شهدت اجتماع الأمس

لكن القاعة تغيّرت تمامًا

اختفت الأقمشة الذهبية الفاخرة

وحلّ مكانها صفوف من الطاولات والكراسي المنظّمة وزينة بسيطة وشعار الإمبراطورية معلّق عاليًا كأن الوقار والرهبة قد تجسّدا في الهواء

تحوّلت القاعة إلى مكانٍ حقيقي للمداولة

جلس النبلاء في مقاعدهم وكثيرٌ منهم لا يزال مضطربًا وعرق البارحة البارد عند تذكّر اقتياد جوزيف لم يجف بعد

هذه المرة لم يتأخر لويس

بل سبق الجميع وكان واقفًا هادئًا وودودًا في قلب القاعة

يرتدي زيًا عسكريًا أسود محاطًا بخيوط ذهبية ومثبتًا على صدره «درع الشمال»

وبينما يتأمل القاعة البسيطة الخالية من الزينة كان يحيّي النبلاء الداخلين واحدًا واحدًا

السيدة غرانت بروش البنفسج اليوم يليق بك

قالها للنبيلة متوسطة العمر المستديرة الوجنتين التي بدت دائمًا حذرة وتحدّث بنبرة لطيفة مع إيماءة خفيفة بالرأس

ارتبكت السيدة غرانت وبدا عليها أنها تشعر بالتكريم وخفضت رأسها بسرعة تخفي ارتباكها وتمتمت ترد شكرًا يا والي المقاطعة أنا فقط

كانت ترتعب من لويس بعد مشهد البارحة الذي كاد يسلب النوم من عينيها

وقد خططت اليوم أن تبقى في الظل قدر الإمكان لكنها استمعَت إلى اسمها في الجملة الأولى خلاف توقعها

غير أن لويس اكتفى بتحية مؤدبة وانتقل إلى النبيل التالي

فالتقطت أنفاسها براحة

البارون بيرنر رحلة شاقة الثلج لم يذب بعد وحضورك في الوقت مناسب حقًا

الفيكونت ويلين سمعت أنّك بدأت الزراعة الربيعية الشمال بحاجة إلى مزيد من العمليين أمثالك

كانت كل جملة بميزان دقيق لا إفراط فيها ولا تفريط

مؤدبة منضبطة بل حميمية قليلًا

لكن كلما ازداد لطفه ازداد قلقهم

فالجميع يذكر اقتياد جوزيف من وسط الحشد ليلة أمس ومصيره ما يزال مجهولًا

لهذا كان كثيرون يفضّلون لو ظل متعاليًا باردًا كـ «والي مقاطعة يمكن التنبؤ به»

أما هذه الوداعة اليوم فبدت أشد رهبة

وحين جلس آخر نبيل دقّت الساعة بدقة لا تقدّم ولا تأخّر

استدار لويس وسار ببطء إلى المقعد الرئيس وثبّت وقفته

رمق القاعة كلها من علٍ

لا مجاملات زائدة ولا مقدمات طويلة بل افتتاحية موجزة حاسمة

سيداتي وسادتي ذاب ثلج الشتاء للتو وبرد الربيع باقٍ وإقليم الشمال مضطرب حاليًا والمعلومات التي تحملها طيور الجناح السريع تزداد إنذارًا هذا العام نحن موعودون بمعركة مع المتعهّدين للثلج

ليست مواجهة سيوف فقط بل اختبارًا لمقاطعة ذروة الثلج كلها فإذا بقينا نعمل فرادى ونتشاحن داخليًا سيجني العدو الثمرة في النهاية

الوحدة الشرط الوحيد للبقاء

عند سقوط كلماته ذهلوا أولًا ثم تعاقبت التصفيقات

وسط التصفيق لم يجرؤ أحد على مساءلة هذا الرجل علنًا ولا أحد تجرأ على ذكر اسم من اقتيد بالأمس

لكن سؤالًا بقي في صدور الجميع ماذا ينوي لويس بالضبط

بعضهم ظن أنه سيستغل الفرصة لإضعاف نفوذهم

وبعضهم شك أنه سيزيد مركزية السلطة العسكرية ويوحّد قيادة الفرسان والتسليح

وآخرون همسوا هل سيطبّق سياسة إمبراطورية غير مسبوقة أو يغيّر وضع النبلاء التقليدي

أما الأشد حذرًا فبدأوا يفكرون بهدوء في طرق الانسحاب إن لزم الأمر

بعد أن هدأ التصفيق لم يضِع لويس وقتًا ودخل صلب الموضوع

بشأن جوزيف أعلم أن كثيرين منكم يتأولون قالها بهدوء وعيناه تمسحان القاعة

هذه القضية كبيرة ولا يمكن كشف تفاصيلها علنًا الآن لكن أستطيع أن أخبركم أمرًا واحدًا لقد أُرسل الليلة الماضية إلى دار حاكم الشمال بواسطة خواصّ الدوق

ما إن قال ذلك حتى ضجّت القاعة بالهمس

كانوا يظنون أن لويس احتجز جوزيف على نحو خاص وربما هناك مجال للمساومة وبعضهم خاف أن يكون «الدور عليه»

أما الآن وبعد سماع عبارة أُرسل إلى دار الحاكم سرت صدمة أعمق في القاعة كلها

حتى دار الحاكم استُنفرَت

ماذا فعل بالضبط

ليست خصومة شخصية إذن إذًا الأمر حقًا

تعالت الهمسات وتبدّلت ملامح كثيرة وقد فهموا أن المسألة أخطر مما ظنوا

في هذه اللحظة أدرك معظمهم أن لويس لا يعتقل الناس جزافًا بل يتعامل مع قضية لا يمكن التستّر عليها

أما الذين كانوا مقربين من جوزيف وكتبوا خطابات استغاثة ليلة أمس فبردت قلوبهم

ولم يملكوا إلا أن يتمتموا اللهم لا تمسّنا التبعات

لم يلتفت لويس إلى الهمس والتخمينات

وظل صوته هادئًا غير مرتفع لكنه وصل واضحًا للجميع أعلم أن جوزيف تواصل مع بعضكم حديثًا

كانت هذه الكلمات كدلو ماء بارد على القاعة

استقام أصحاب الذمم المثقلة في مقاعدهم وارتسم التحفّظ على وجوههم وبعضهم قبض مساند الكراسي دون وعي

منهم من طأطأ رأسه ومنهم من حبس أنفاسه وآخرون سرقوا نظرة إلى المقعد الرئيس بحذر

لكن لويس بقي راسخًا كأنه لا ينوي التنقيب أكثر

توقف قليلًا ثم تابع ولسنا في حكم الفرد

جال ببصره وقال بثبات إني على العكس مستعد لمشاركة شيء من السلطة

رفع ورقة دوّن عليها عدة أسماء من النبلاء ولوّح بها برفق

قررت إنشاء نظام جديد «مجلس ذروة الثلج»

حبس الجميع أنفاسهم دون قصد وأصغوا

سيتكوّن هذا المجلس من بعضكم ممن له السمعة والقدرة ويهتم حقًا بمستقبل مقاطعة ذروة الثلج

ستشاركون في الإدارة وتقترحون سياسات وتعكسون واقع الأقاليم وتعاونون في الإشراف على استخدام الموارد

تعجّبوا فقد بلغ نفوذ لويس ذروته ومع ذلك أعلن استعداده لتقاسم بعض القوة

بدّل لويس نبرته ولانت ملامحه قليلًا وأبطأ صوته القائمة التفصيلية ستتأكد تباعًا على يديّ لكن أستطيع اليوم ذكر بعض الأسماء التي يسعدني أن تتعرفوا عليها وتثقوا بها

التفت إلى البارون الشاب الفارع على الجانب وبدت على شفتيه ابتسامة تشجيع

مثلًا إدوارد نوت

سرت همهمة خافتة ونظر كثير من النبلاء إلى الشاب بطرف أعينهم

أسرة نوت ذات أصل محارِب وبرغم أنهم طليعة من الجنوب فهم لا يقلّون شجاعة عن نبلاء الشمال

قال لويس بحزم وهو في هذا العمر شابّ ممتاز نادر وهو عماد للأمة

احمرّ وجه إدوارد خجلًا من ثناء لويس ونهض تحت الأعين ولوّح قليلًا شكرًا يا والي المقاطعة شكرًا لكم جميعًا

وكان لويس مستعدًا للاسم التالي أيضًا رولاند سيريس

نظر إلى الشيخ الأبيض الشعر الحيوي في الجانب الآخر السيد رولاند من بيت عريق في الشمال متواضع مؤدب واسع الاطلاع خبير بأحوال البلاد وهو من الشيوخ الذين أكنّ لهم الاحترام

وبوجود نبيل رفيع الخلق مثلك على رأس المجلس أؤمن أنه لن يضل الطريق

سعل الشيخ رولاند بخفة وتظاهر بالبساطة وهو يلوّح بيده لكن ابتسامة فمه خانته قليلًا

وأومأ بهدوء قائلًا إن كان الوالي عازمًا فسيبذل هذا العجوز وسعه

وبعدها سرّح لحيته لا إراديًا وهو يلمح ردود الفعل من حوله

الثالث قال لويس فسبق كثيرون إلى توقّع الاسم

يون هارواي

إقليمه حسن الإدارة وثروته وافرة وما هو أجدر بالثناء أنه يلتزم بقوانين الوالي ولا يتجاوز وهو شريك موثوق

وما إن أنهى كلامه حتى نهض يون فورًا وهو يبتسم حتى الأذنين أنا مستعد لأن أقدّم جهدي لمقاطعة ذروة الثلج شرفٌ لي أن أعمل مع الوالي

ومع تقدّم هؤلاء اشتعل الجو كله

طرق لويس الهواء بكفّه إشارة للهدوء وأكمل بثبات وبالطبع هذه البداية فقط فكل من حضر له القدرة والأهلية للالتحاق بمجلس ذروة الثلج

هذا ليس مكافأة ولا صدقة قالها ببصر حاد وكلمة واضحة هذه فرصتنا لنحكم المقاطعة معًا ونعبر الشتاء

بعد سكون وجيز دوّى تصفيق

بدأ به بعض كبار النبلاء في الصف الأول ويون وإدوارد والشيخ رولاند سيريس وتلوّنَت وجوههم بمزيج من الحماسة والفخر وكأنه ختم الاختيار

ثم نهض مزيد من الناس وارتد التصفيق في القاعة كتيار دافئ نادر في ثلج الشتاء وانتشر سريعًا

بدت كلمات لويس طيبة على الأسماع فسرّوا بها

لكن «المجلس» في الواقع قشرة فارغة

إنشاؤه ورقة دخان على رقعة لويس

ظاهرُه تقاسم غير مسبوق للسلطة وعلامة احترام وثقة بالطبقة النبيلة

وباطنه أن قرار الحسم والقيادة وتعيين الرجال وتوزيع المال بقيت ممسوكة في يده وحده

وما فعله الاجتماع أنه منحهم إحساس المشاركة لا أكثر

قليل من المشاركة وشيء من السكر المغلف بالمجد تكفيان لتهدئة القلوب القلقة وإشباع شهوة الوجاهة

وكل ما على لويس أن يفعله أن يبقى عاليًا ثابتًا يهزّ رأسه أحيانًا ويبتسم ويصغي فحسب

لم يعدهم يومًا بتفويض حقيقي

بل رفع كل نبيل إلى مقام محترم ظاهريًا ثم تركه ينحني من تلقاء نفسه

ومع ذلك بدأ بعض صغار النبلاء يُظهر خيبة وفتورًا فلم يصفّقوا بحماس

فأعضاء المجلس لن تضمّهم القوائم على كل حال

وهنا تكلّم لويس مرة أخرى أعلم أن كل الأقاليم ليست لديها جيوش قوية ولا موارد معادن وافرة ولا سمعة تتيح وصفها بالـ «ممثِّلة»

قالها بهدوء وعينه على النبلاء المتوسطين والصغار عند الأطراف الذين ظلّوا صامتين طويلًا لكنني لا أنوي خذلان الآخرين

سكنت القاعة من جديد

بدءًا من هذا الربع سأؤسس برنامجًا خاصًا اسمه «صندوق الإنعاش»

وتوقّف لحظة بعين حازمة أي نبيل قليل الموارد أو إقليمه صعب ما عليه إلا أن يقدّم خطة تطوير مفصّلة سواء في استخراج الملح أو استصلاح الأرض أو صناعات الفراء والصيد فإذا كانت معقولة فمكتبي الإداري يوفّر دعمًا أوليًا في المواد والتقنية والبذور والأيدي العاملة مع منح تخفيضات ضريبية بحسب الحال

بدأ همس جديد وقد فاجأهم أن السياسة تتجه مباشرة إلى صغار النبلاء

سأتولى الإشراف على هذا البرنامج بنفسي ضمانًا للعدالة والشفافية ومنع التدخّل

كان كلام لويس موجزًا لكنه كافٍ ليضيء عيون المهمّشين شيئًا فشيئًا

فالكبار من قبل لم يمنحوهم فرصة كهذه

ولكي يظفروا بفتات موارد كانوا لا يجدون غير التبعية والولاء والبقاء على قيد الحياة

أما الآن فقد فتح الوالي نافذة بيده

وعاد التصفيق هذه المرة لا مجاملة بل توقّع صادق

لكن لويس لم يكن يتصنّع الإحسان

ظاهرًا هي منفعة للضعفاء ودعمٌ للنبلاء الصغار بعيدة الأثر

غير أنها ليست إحسانًا بل فن توزيع القوة

فأموال «صندوق الإنعاش» من إقليم المدّ الأحمر لكنها ليست هبة بلا مقابل

فمتى صُرفت الموارد ونُفّذ الدعم انجذب صغار النبلاء الذين كانوا تحت أجنحة الكبار في الشمال إلى كفٍّ أضمن

ولويس هذا الوالي الشاب الذي بيده الموارد والمال والسياسات صار وجهتهم الوحيدة

والأهم أن كل خطة دعم تشترط بيانات تفصيلية عن أحوال الإقليم الحالية وتقييم الأصول وبنية الأفراد إلى آخره

وبتنفيذٍ يبدو مفتوحًا شفافًا مهنيًا

أتمّ لويس بهدوء إحصاءً شاملًا للخرائط الجغرافية وبُنى الموارد لدى صغار النبلاء

وبناءً عليه أخذ يؤسس «شبكة تبعية مباشرة» حول المدّ الأحمر تتجاوز تحكّم الكبار

دون جيش ودون سيف وببضع وثائق وعربات بذور فقط

يستطيع كسر احتكار الكبار للفراء ومناجم الملح والغابات وقطعان الرنّة

وما إن يعتمد هؤلاء الصغار عليه ويسلّموا طوعًا ماليتهم وعسكرهم وحتى إدارة أقاليمهم إلى دار الوالي للمساعدة

حتى يكسب لويس «رقابة الأرض» من طرف خفي

وهذا في الحقيقة تركيز حقيقي للسلطة

لا حرب ولا نزع ألقاب بل يجعلهم يسلّمون القوة عن «امتنان»

وبالطبع ليس الجميع مقتنعين حقًا

في القاعة عقول لامعة

قد لا يرون الخطة كلها لكن الإحساس الخفي بالإحكام والالتفاف المتدرّج يكفي ليستفز الحذر

لم يكن مجرد إنشاء مجلس بل فخّ مرسوم بعناية ودُفعوا إليه بأناقة

ومع ذلك لا أحد تجرأ على الاعتراض

فصرخات جوزيف في هذه القاعة بالأمس لا تزال ترن في الآذان والعرق البارد لم يجف بعد والشجاعة خفتت

لذا اكتفوا بالصمت وهم يتلفتون يذوبون في جوّ التصفيق والموافقة

ومع القوم خضعوا لـ «المداولة المشتركة» من فوق السطح

وطُويت الشكوك والهواجس بهدوء

خلف الكؤوس المنفوخة وخلف الأهداب المسبلة وحتى داخل التصفيق الذي يعلن الولاء

ثم رفع لويس يده كأنه يعرض أمرًا اعتياديًا البند الأخير ومع إنشاء آلية المجلس أنوي إضافة جهاز معاون جديد

تحيّر الجميع

توقف ثم قال بنبرة خفيفة كأنه يتحدث عن طقس الغد سيُسمّى «دائرة التدقيق»

جعلت هذه الكلمات الثلاث الهواء أثقل قليلًا وقال لويس بثبات كأنه يسكّن الهلع غير الضروري مهامها غير معقدة وهي لا تخصّكم أصلًا إذا التزمتم كل القواعد

وأظهر ابتسامة رفيعة ستتولى أربعة أمور أولًا ضمان توريد الضرائب في وقتها ثانيًا التحقق من مطابقة بناء الجاهزية القتالية للمعايير في كل إقليم

ثالثًا مراقبة كل من يحاول التواطؤ مع أطراف خارجية ويهدد دفاعات الحدود رابعًا متابعة مدى التزام أعضاء مجلسنا بعهودهم

لم يأتِ ردّ فوري من النبلاء وتجمدت الابتسامات على وجوههم كأقنعة جمّدها الهواء

قبض أحدهم قدحَه لا إراديًا واهتز نظر آخر ثم أنزل رأسه من غير كلام

لا داعي للخوف قال لويس عرضًا فدائرة التدقيق ليست لمراقبتكم بل لحماية مستقبلنا المشترك من عبث الأراذل

مسح الوجوه بكلمة مرسومة فلا تسيروا على خطى جوزيف

وعندما وقعت الجملة سكنت القاعة حتى خُيِّل أن الهواء تجمّد

حتى طقطقة الحطب في الموقد صارت حادّة واضحة على غير العادة

وصمتت الهمسات تمامًا

لا أحد تكلم

لا أحد أراد أن يكون أوّل من يبرز الآن

تبادل النبلاء النظرات وفي عيونهم مزيج خفي من الشك والقلق والصراع

لكن الصمت ابتلع كل شيء في النهاية

مرّت نظرة لويس الحادّة على القاعة وقال بصراحة مفاجئة إن كان لدى أحدكم تساؤل حول إنشاء دائرة التدقيق فأنا مستعد لسماع الرأي المختلف ونتناقش علنًا

لم تحمل نبرته تحديًا بل فيها قدر من الإخلاص

ولهذا الإخلاص تحديدًا بدت أشد إزعاجًا

من يجرؤ على الكلام

فصيحات جوزيف أمس ما تزال تطنّ والمشهد ماثل للجميع

ثم إن لويس تكلّم قُبيل ذلك عن «حُسنيْن» إنشاء مجلس وصندوق إنعاش وهما أمران محمودان حقًا

فمن سيقف الآن ضد دائرة التدقيق ألا يضع على جبينه علامة سوء

الاعتراض على سياسة «حماية الحدود وتوضيح الضرائب» أليس هو اعترافًا ضمنيًا بالذنب

مضت أنفاس قليلة على صمتٍ كامل

لم يُجبه أحد

هزّ لويس رأسه كأنه غير متعجب وقال بثبات يكاد يكون رقيقًا إذن يُقرَّر إنشاء دائرة التدقيق

جملة هادئة ثبتت المشهد كله

حرّك يون أصابعه قليلًا كأنه سيقف ليتكلم

لكن لما رأى أن أحدًا لا يتحرك اكتفى بإيماءة موافقة مؤيدة

وكان ويلِس قد هيّأ خطابًا يبرّر مهام دائرة التدقيق من منظور تصميم النظام مع تعليل بالكفاءة والنظام العام إلا أنه في هذه اللحظة لم يحتج إلا إلى تعبير راضٍ يسير

كان لويس قد نوى أن يثبت يون الموقف وأن يقدّم ويلِس حجة «لمصلحة الجميع» لتولد الدائرة كـ «إرادة الناس»

لكن من ظن أن الأمور ستسير بهذه السلاسة

قبل أن تبدأ المسرحية أمسك لويس بإيقاعها

ولم يكن إنشاء الدائرة قرارًا ارتجاليًا ولا كلامًا عابرًا من لويس

فبرغم أن اسمها «التدقيق» فإن مهامها أبعد من مجرد الإشراف على المجلس

يستطيع أن يراجع كل تقارير الضرائب للأقاليم الأخرى ويقارن الوارد والمنصرف بالمخازن الواقعية

وله حق تفتيش مخازن الجاهزية وساحات التدريب وحالات التجنيد بل وزيارة الدفاعات الحدودية بنفسه لفحص العتاد عشوائيًا

ويسجّل موقف كل عضو في المجلس وتحركاته ومعاملاته الخاصة ويراقب كل اتصال غير واضح ومراسلة مشبوهة وتواطؤًا خفيًا

بل إنه…

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 100 مشاهدة · 2273 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025