🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

📖 "فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا" — سورة الشرح، الآية 5

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الاجتماع في قصر الحاكم تواً، ولم تكن ريح البرد قد بددت دفء الغرفة بعد

وبهدوءٍ ظهرت هيئةٌ خجولة عند باب غرفة الدراسة

إنها السيدة غرانت

وقفت مطرِقة الرأس، كورقة يابسة قد تذروها الريح في أي لحظة، ترددت قليلًا أمام الباب العتيق من السنديان ثم رفعت يدها لتطرق طرقتين خفيفتين

يا لورد لويس هل لي أن أتحدث معك قالتها بصوتٍ خافت كهبوط ريشة وفيه رجفة رقيقة

انفتح الباب، وكان لويس جالسًا خلف مكتبه يراجع الوثائق

رفع لويس بصره إلى الباب من غير دهشة إذ كان خادمه قد أعلن قدومها، وابتسم ابتسامة هادئة

تفضلي، تفضلي بالدخول

كان ثوب المناسبة الذي ترتديه السيدة غرانت واضحًا أنه ليس لِموسم اليوم، قَصّته الضيقة عند الخصر شدّت جسدها وخلّفت علاماتٍ حمراء خفيفة، وتنورتها الشفافة باهتة اللون بعض الشيء

ودخلت وهي تقبض على منديل مجعّد كأنه الشيء الوحيد الذي يسكّن اضطرابها

ترددت عند الكرسي ثم جلست برفق، ساقاها متلاصقتان، وملامحها متوترة كجاريةٍ دخلت البلاط حديثًا

قالت غرانت بصوتٍ منخفض كأنها تخشى أن تُزعج أحدًا أنا حقًّا لا أعرف ماذا أفعل

ثم حدّثته عن محنة أسرتها وعن أرضٍ قاحلة لا تُنبت قمحًا، وكيف حاولت إدارتها بتقليد دفتر والدها القديم فلم تستطع ضبط أبسط الإيرادات والمصاريف

كان صوتها متقطعًا، ونظرها شارِدًا، ولم ترفع عينيها نحو لويس ولا مرة

حاولتُ أن أستشير السيد الإقطاعي السابق وعائلة زوجي، لكن لم يشأ أحد أن يعينني

أولئك الرجال يظنونني مجرد عديمة فائدة مؤقتة وأن تلك الأرض لا تساوي كبير شيء أصلًا

وفي الختام كادت تبكي، تعض على شفتها حتى لا تسقط الدموع

أصغى لويس في صمت، وأصابعه تنقر سطح المكتب بخفة كقائد أوركسترا يضبط الإيقاع كله

ولما فرغت من الكلام قال أخيرًا بنبرةٍ راسية أفهم يا سيدتي أنتِ تجتهدين لأجل إقطاعك، لكنك تفتقدين الاتجاه والموارد

كان هذا القول كقطرة ماء تقع على تُربةٍ متجمدة في أوّل الربيع، تتسرّب برفق، لكنّها في الحال ملأت عينيها بالدمع

أتقبل مساعدتي قالت غرانت بصوتٍ يكاد لا يُسمع كطنين بعوضة، كأن السؤال قد استنفد كل شجاعتها

ابتسم لويس، كمن يجيب نداء استغاثة طال انتظاره بالطبع أقبل

مال قليلًا إلى الأمام خلف المكتب، وحدّق فيها، وقد خلا صوته من أي ضغط، ومع ذلك حمل قوة لا تُنكَر

هل ترين أن في إقطاعك موردًا أو صناعةً تستحق التطوير

توقفت غرانت، كأن فكرةً لاحت لها، وفتحت فمها لتنفي ثم بدت كأنها حسمت أمرها وأومأت ببطء

في الواقع أجريت بعض التحري لم يعد صوتها يرتجف، وبدا في عينيها بريق حائر

جربتُ بضعة محاصيل لدينا قطعة أرض قرب مجرى النهر القديم كانت تُعدّ دائمًا أرضًا سبخة لكن بعض المحاصيل صمدت في زراعةٍ تجريبية

ثم الثعالب وحيوانات المنك في الجبال

لم يكن أحد يديرها من قبل ولا يصطادها بنظام كانوا يصطادون أحيانًا فرائس قليلة لا غير، وتُباع الجلود بثمن زهيد

وتوقفت لحظة كأنها تتذكّر شيئًا قرب الجدول يتأخر تجمّد الماء في الشتاء ويقول شيوخ القرية إن الماء كان يُربَّى فيه السمك من قبل وإن لم تكن الأعداد كبيرة لكنني أظن أنه ربما يمكن

وهي تتكلم خفضت رأسها كأنها تخشى أن تُسرف في الكلام أو تقول حماقة

أحسنتِ

كلمتان قالهما لويس برفق لكنهما أشعلتا نارًا في هدوء الليل

أخرج دفترًا صغيرًا من كومة الأوراق ودوّن سريعًا الاتجاهات الثلاثة التي ذكرتها، ثم رفع رأسه وقد ازداد يقينًا في عينيه

زراعةُ محاصيلَ خاصة، وتربيةُ أسماكِ المياه الباردة في جداول الشتاء، مع حصادٍ محدودٍ للفراء وإن كانت كل واحدة صغيرةً على حدة، فإذا جُمعت ونُسّقت صارت نظامًا اقتصاديًا متكاملًا صغير الحجم لكنه مستقر وملائم لإقطاعك

وتبسّم برفق وأضاف والأهم أنه لا يتكئ على شبكات نُبلاء من خارجكم

ذهلت غرانت وهي ترى لويس يخطط لها بجدٍّ على هذا النحو

فقد اعتادت أعوامًا على التجاهل والإقصاء والبرود لكن هذا الرجل أمامها لم يكتفِ بالإنصات بل حلّل حقًا وخطّط لمستقبلها

أتقصد أنني أستطيع فعل ذلك حقًا

ليس السؤال هل تستطيعين بل كيف نفعلها حرّك لويس قلمه ورسم بضعة خطوطٍ تقريبية ستمنحك المؤسسة بذورًا مناسبة، وسينتدَب موظفون زراعيون من أراضي المدّ الأحمر في البداية للمساندة

وسأرسل فريقًا من الفلاحين الشيوخ ذوي الخبرة أما الفراء فسنزوّدكم بأدوات المعالجة الأولية ومرافق التمليح والتجفيف، وستجمع أراضي المدّ الأحمر الإنتاج مركزيًا لئلا يغبنكم تُجّار القوافل

وأشار إلى النقاط الثلاث في الرسم وخلاصة القول الزراعة قاعدة، والسمك مُكمِّل، والفراء دائرةُ تداولٍ تكفي لتنتعش بها أراضيك على مهلٍ وثبات

في البدء ظلّت غرانت تُحدّق في الرسم كأنها لا تصدق ما سمعت

ألِي أن أفعل هذا حقًا ارتجف صوتها كأنها لا تصدق نفسها

لكن لويس أومأ فحسب وقال برفق نعم، وسأبعث أيضًا بفريقٍ لمعاينة المكان

ثم أردف بنبرةٍ صافيةٍ ثابتة لا تقلقي فإذا تبيّنت الشروط رتّبت المؤسسة كل شيء

البذور والتقنية والقنوات ونقاط التبادل كل ما لا تقدرين عليه وحدك نتولاه نحن

اتسعت عينا غرانت، وانحنت تشكر مرارًا، وقد اختنق صوتها

شكرًا حقًا شكرًا لا أدري كيف

كانت عيناها محمرتين وقد بلّل الدمع أهدابها

وفي تلك اللحظة لم تعد تلك المهمشة في مجالس النبلاء التي لا رأي لها، ولا السيدة الحائرة التي يقلقها الدين فلا تنام ليلًا

للمرة الأولى شعرت كأنها تُعامَل كنَبيلةٍ حقيقية

لها أرض ومسؤولية وحقٌّ أن تُؤتمن

وأناخت عين لويس عليها في سكونٍ وهي خليط امتنانٍ وخجل، وقلبُه مطمئن

نعم، ليست قويةً بما يكفي، رقيقةُ الطبع، تكاد لا خبرة لها في الحكم

لكن لهذا بالذات كانت النموذج الأمثل

نَبيلةٌ وضيعة القدر محتقرة مُهمَّشة ومنزوعة اليد ثم تعود للحياة بإسناد أراضي المدّ الأحمر

فإذا نهضت ولو على استحياء كفى ذلك ليُحرّك المترددين من صغار النبلاء، أولئك ذوي الميراث الضئيل الراغبين أن لا يطأطئوا الرؤوس

سيبدؤون يفكرون

ربما أستطيع أن أكون مثلها

وربما أتنازل عن بعض السلطة لأجد سبيلاً للنجاة

كانت هذه أول مسمارٍ في استراتيجية مبادلة الموارد بالسيطرة

وكانت غرانت أول من أراد لويس أن يجعله في هذه الأرض مثالًا لمن يرضى أن يتبدّل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك

أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها

المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي، وبالشفاء العاجل لوالدتي، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/28 · 160 مشاهدة · 1007 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025