🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
📖 "﴿إِنَّ مَعَ ٱلعُسرِ يُسرا﴾ — سورة الشرح: 6"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في الركن الجنوبي الغربي من إقليم هان شان، انتصفت صفوف من الخلايا المرتبة بعناية تحت أشعة الشمس، متفرقة كأنها خرائط صغيرة للحياة الهادئة
قال لويس كالفين وهو يحدّق بعينيه الضيّقتين متفحّصًا المكان برضا خافت: المكان هنا جيّد، محميّ من الريح ومواجه للشمس وقريب من الجدول
كان إلى جانبه فارس بعباءة حمراء داكنة يرافقه باحترام، ويقلّب بين حين وآخر لوح تدوين محمولًا بين يديه
كان هذا الفارس هو القائد المسؤول هذه المرة عن تربية مستعمرة النحل التجريبية
قال فارس تربية النحل في تقريره: صُنِعت الخلايا من خشب التنوب ذي النقوش الحمراء كما أمرت، والطبقة الداخلية مطلية بمسحوق حجر النقوش الجليدية لعزل مناسب عن البرودة
أومأ لويس كالفين قليلًا، وتقدّم نحو إحدى الخلايا، ثم قرفص ولمس سطح الخشب بأنمله، يتحسّس حرارة العروق الخشبية بدقة
قال: جيّد جدًا، ماذا عن جهاز الرذاذ العطري
أجاب الفارس: تم تركيبه، ثم تقدّم وضغط على المفتاح خلف الخلية، فصدر طقطقة خفيفة وبرزت قارورة صغيرة، وبدأ الضباب ينساب منها ببطء
كان الضباب رقيقًا كخيوط الحرير، يلمع قليلًا تحت ضوء الشمس، ويحمل عطـرًا نباتيًّا خفيفًا شفيفًا
كان ذلك عامل تهدئة مركّبًا خصيصًا، وقد استُخلصت رائحته من كرمة ورقة الصقيع وطحلب ثلج الليل وكمية صغيرة من ورقة الفضة الداكنة
صُمّم هذا المزيج تحديدًا لكبح نزعة الهيجان شبه الهدمي لدى نحل النقوش الزرقاء
وأشار فارس تربية النحل إلى مجموعة عجلات دوّارة أعلى الخلية وقال: ضُبط تواتر الرش إلى مرة كل أربع ساعات، وفي الليل يُقصَّر الفاصل إلى ثلاث ساعات، ووفق اقتراحك السابق أُضيفت مصفوفة سحرية حسّاسة تلقائيًا
ابتسم لويس كالفين إقرارًا، ثم خطا بضع خطوات أخرى ورفع بصره إلى الأغطية غير المألوفة قليلًا أعلى تلك الخلايا
لم تكن ألواحًا خشبية عادية، بل جلود حيوانات شفافة معالجة من حيوانات باردة المناخ، مرنة وقليلة المطاطية، شكّل الفرسان منها قبابًا صغيرة فبدت الخلايا كأنها في بيوت زجاجية دافئة مصغّرة
تسلّل ضوء الشمس عبر الجلد نصف الشفاف وانسكب على الخلايا، حتى الضباب على الأرض اكتسب مسحة دافئة رخية
قال لويس كالفين بهدوء: بهذه الطريقة لن يبالغوا في الاضطراب ليلًا، صحيح
بالطبع لم تجرِ الأمور بسلاسة منذ البداية، فالدفعة الأولى من نحل النقوش الزرقاء التي نُقلت إلى المكان أظهرت هيجانًا بدل التكيّف مع البيئة الجديدة
في الليلة الأولى، وحين هبط الظلام، علا طنين داخل إحدى الخلايا فجأة، كأن شيئًا يوشك أن ينفلت بجنون
ضُربت جدران العش بعنف، وانتفخ غطاء الخلية مرات عدّة، بل إن بعض النحل اندفع عبر فتحات التهوية وهو يطنّ مقتحمًا ليل البرد
صاح أحد الفرسان المناوبين: المستعمرة تهرب، وأطلق فورًا طاقته القتالية، فشقّ البرد ظلمة الليل وختم فتحة الخلية بنور بارد
وصل لويس كالفين على عجل، فرأى في الهواء بقايا أضواء زرقاء باهتة، وهي شعلات خلفتها حالات التدمير الذاتي لنحل النقوش الزرقاء
تعبس وقال وهو ينظر إلى الخلية المحترقة: معدل التدمير الذاتي أعلى مما توقّعنا
كان ثابتًا كما لو أنه يفكّك لغزًا معقّدًا، لا كأنه يراقب مخلوقات خطرة على وشك الانفلات
أمر قائلًا: أغلقوا العش وسجّلوا كل شيء، وزيدوا رذاذ العطر، وبلّغوا متدربي الكيمياء ليرفعوا نسبة كرمة ورقة الصقيع وطحلب ثلج الليل نقطة مئوية أخرى، وارفعوا ورقة الفضة الداكنة إلى حدها المستقر
تم تعديل تواتر الرش القسري من كل ثلاث ساعات إلى كل ساعتين، فانتشر الضباب العطري كثيفًا حتى كاد يتكاثف قطرات، يلفّ الخلايا عصيًّا على ريح الليل، ويرى تحت ضوء القمر كستار فضّي خافت
لكن سبب الهيجان الجوهري في المستعمرة لم يكن ضيق البيئة وحده، بل كان ملكة النحل
أبلغ فارس تربية النحل بصوت منخفض: الملكة ترفض بناء العش، وما زال لديها تعلّق قوي برائحة الفرمونات في العش القديم
وحين ترفض الملكة الاستقرار يعمّ الفوضى في المستعمرة، ويصير التدمير الذاتي مسألة وقت
وقف لويس كالفين عند حافة المنحدر يراقب نحلة وحيدة تهوي ليلًا، وشعر بوخزة في قلبه، فكل ذلك مال في النهاية
في الصباح التالي رسم بنفسه المخططات وأعاد ترتيب مصفوفة الخلايا
قال وهو يشرح فوق اللوح: ألغوا الترتيب الأفقي السابق، واجعلوها كلها على شكل مدرّج من الجنوب الشرقي منخفضًا إلى الشمال الغربي مرتفعًا، مع ترك المسافة بين كل خلية وأخرى تحاكي ارتفاع التعليق الطبيعي للخلايا في الوادي المنعزل
وأضاف: فرّغوا البنية الداخلية لتكون كغرف أعشاش محفورة في جدار صخري، وأضيفوا سائل فرمونات الملكة المتبقّي
كانت هذه محاولة جديدة لمحاكاة نمط الأعشاش المعلّقة في الوادي المنعزل بالغابة الجنوبية، فلم تعد الخلايا أدوات صلبة باردة، بل صارت بيوتًا مشيّدة على مثال الطبيعة
جاء متدربو الكيمياء يراقبون وعيونهم محمرّة من السهر، وتناوب الفرسان على الحراسة الليلية ثلاثةً ثلاثة، وسجّلوا ثلاث مرات يوميًا عدد أفراد المستعمرة ونشاط الملكة وتواتر جمع الرحيق والنشاط الليلي
وبعد أيام، لم يعد هواء منحدر صنوبر الضباب قادرًا على تبديد الهمهمة اللطيفة حول الخلايا، إذ نجحت ثلاث خلايا من نحل النقوش الزرقاء في بناء أعشاشها
ظلّت أجهزة التذرية ترشّ العطر في مواعيدها، وتناوب الفرسان على الحراسة، لكن الإحساس الأولي بالضغط الذي شدّ الأعصاب بدأ يخفّ رويدًا
وُسِم نطاق حركة الملكة وسُجّلت حالتها وصارت تصرّفاتها قابلة للتوقّع، أما أكبر عنصر غموض فصار تحت السيطرة
حدثت منغصات صغيرة بين حين وآخر، لكن ظاهرة التدمير الذاتي لم تتكرر
تمتم أحد الفرسان وقد غلبته الدهشة وهو ينظر إلى النحل يزحف ببطء بين الخلايا: لقد استقروا فعلًا
وفي النهار صارت المستعمرة قادرة على الطيران للخارج وجمع الرحيق بنفسها
وبعد مدة، فُتحت آلة استخلاص العسل الخاصة في إحدى الخلايا، فانسلت هالة دافئة خفيفة ومعها ضباب لطيف
كان ذلك أول حصاد لعسل الطاقة القتالية، لونه ذهبي باهت ناعم، وإذا صببته على ملعقة فضية تلألأ قليلًا وتمايل مع الهواء كأنه ذو إحساس
قال لويس كالفين: رائحته طيبة، ثم تناول الملعقة بنفسه ولمس بطرف إصبعه قطرة ووضعها في فيه، فوجد حلاوة يعقبها مرار، وبعد المرار بردًا، ثم تنتشر دِفْءٌ في جسده
كانت هناك زيادة طفيفة لكنها حقيقية في سرعة تدفق الطاقة القتالية، كنسمة تمرّ على نواة الطاقة فتبعث انتعاشًا رقيقًا
فتح عينيه وقال بتقييم هادئ: ليس مركزًا بما يكفي، لكنه مقبول بالفعل
وبعد أن تأكّد من أن القاعدة التجريبية على أطراف إقليم هان شان قادرة على ترويض مستعمرات نحل النقوش الزرقاء بنجاح، شعر لويس كالفين ببعض السرور، لكنه لم يحِن وقت الاسترخاء بعد
قال: يجب نقل الموارد المهمة إلى إقليم المدّ الأحمر، فهناك وحده الحماية الكافية وضمان الموارد
فإقليم المدّ الأحمر ليس فقط قاعدة حكمه بل هو قلب قوته العسكرية، ولموارد بالغة الأهمية كمستعمرات نحل النقوش الزرقاء لا يطمئن لويس كالفين إلا إذا كانت في إقليمه
ولضمان سلامة المستعمرة أشرف بنفسه على إعداد خطة نقل خاصة، وحُوِّلت العربات إلى صناديق محكمة الضباب، وهي خلايا مختومة تتحكم بالحرارة والرطوبة، وبداخلها أجهزة تقطير سحرية تطلق عطرًا منخفض الحرارة ببطء وبثبات من كرمة ورقة الصقيع لكبح هيجان المستعمرة باستمرار
وفي تلك الأثناء كانت شؤون إقليم هان شان تدخل مسارها تدريجيًا، فمعمل معالجة التوت البارد أُقيم ويستعد لبدء إنتاج تجريبي لأول دفعة من اللب، وبذور البرقوق الجبلي بدأت تتجذر وتنبُت على السفح
وكانت ورشة تمليح سمك القشور المتجمّدة الصغيرة تبثّ رائحة شهية كل يوم، بينما يُحمّل الحصى البارد وخشب التنوب ذي النقوش الحمراء إلى عربات ترسلها إلى جهات شتّى بلا انقطاع
وحُمّلت ثلاث خلايا التجربة من نحل النقوش الزرقاء على العربات استعدادًا للرحيل إلى إقليم المدّ الأحمر، وبدا كل شيء يثمر كما خُطّط له
قال: حان وقت العودة
خلفه توقفت عربة مُدعّمة محكمة في زقاق مظلم، يغشّي خارجها عدد من الحواجز القتالية، وفي الداخل وُضعت تلك المستعمرات الثلاث الثمينة من نحل النقوش الزرقاء
وفي عربة أخرى كان ليكسير مستلقيًا بهدوء على نقالة مبطّنة بجلود حيوانات ناعمة وأكياس أعشاب، وجهه لا يزال شاحبًا، وآثار سوداء قاتمة تلوح حول جرحه
لم يستيقظ بعد، لكن لويس كالفين لم يتردد وقال: خذوه معنا إلى إقليم المدّ الأحمر
فهو الهدف الرئيس من هذه الرحلة، وكيف يُترك في إقليم هان شان
ولتفادي ضجّة أو شكر زائد من السكان، اختار لويس كالفين المغادرة بصمت، فانطلق موكب غير لافت في جوف الليل يتبع الطريق الجبلي
وبعد 3 أيام كاملة ظهرت قلعة الطين التابعة لإقليم المدّ الأحمر عند حافة الرؤية، كأنها ترحّب بسيدها الغائب منذ حين
رفع لويس كالفين الستار من داخل العربة وحدّق في باب المدينة المألوف وهو ينفتح ببطء، كصديق قديم انتظر أيامًا يرحّب بعودته بلا ضوضاء
تمتم: أخيرًا عدت
أسند ظهره إلى الوسادة الناعمة في العربة وما زال يمسك دفترًا مفتوحًا بيده، لكن نظره انفلت من الصفحات وغاص في التفكير العميق
كان أمامه كثير من المهام، تكفي كل واحدة منها لسرقة نوم حاكم
وإذ بذبيحة سنابك مسرعة تقترب، وظهر فارس فتيّ عند نافذة العربة لاهثًا لا يخفي حماسته وقال: تقرير يا سيدي، المصاب الذي أنقذته من الكهف، لقد استيقظ للتو
حدّ لويس كالفين نظره ونهض على الفور
وفي مؤخرة الموكب كانت عربة طبية صغيرة تسير ببطء، بطّن داخلها بجلود نظيفة، فرفع لويس كالفين الستار فرأى الساحر
كان ليكسير مستلقيًا بهدوء، وجهه شاحبًا وجبينه يلمع بعرق بارد، وشفته تميل إلى الزرقة، عيناه نصف مفتوحتين ونظراته ما تزال شاخصة قليلًا
تمتم بصوت مبحوح يكاد لا يُسمع وهو ينظر إلى الحُلي المعلّقة في سقف العربة: ما هذا
قال لويس كالفين وهو يقرفص ليلاقيه بنظره وبصوت منخفض لطيف: لقد استيقظت، أنا لويس كالفين، فيكونت، وقد صادف أن أنقذتُك في أحد الكهوف
ارتجفت عينا ليكسير كأنه تذكّر شيئًا، وقال شاكرًا: شكرًا لك يا لورد لويس، اسمي ليكسير، أعتذر فذهني مشوّش قليلًا الآن
ثم عضّ على أسنانه وارتسم على وجهه شعور مركّب، كأنه تذكّر أمرًا ويحاول في الوقت نفسه ألّا يستعيده
قال بصوت منخفض يرتجف لكنه واضح: شكرًا لك، مهما كنت ومهما كان السبب، فأنا مدين لك بحياتي
حرّك الهواء الخارجي الستار، وتناثرت أشعة شمس مرقّطة بينهما، فقال لويس كالفين ببطء: هل تستطيع أن تخبرني ما الذي حدث بالضبط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
⚠️ تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك 🙏.
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة ✨، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها 🌸.
🤲 المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي 💐، وبالشفاء العاجل لوالدتي 💖، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية 🌙.
📢 ندعو قرّاءنا الكرام القادرين إلى دعمنا ودعم فريق العمل من أجل الاستمرار في ترجمة الروايات بأفضل جودة ممكنة.
📚 بفضل دعمكم، سنواصل نشر 5 فصول يوميًا بشكل ثابت ✨، ومع كل 1 دولار من الدعم 💖 سنضيف فورًا 10 فصول إضافية 📖 إلى الرواية فوق الفصول اليومية المعتادة.
💳 الدعم يتم عبر PayPal للراغبين فقط، وهو غير إلزامي إطلاقًا. 🙏 نحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم ترجمات دقيقة، خالية من المصطلحات الغريبة، لتكون مناسبة وملائمة للقراء المسلمين 🌙، وتصل إليكم بأبهى صورة 🌸.
💳 PayPal : https://www.paypal.me/Ahmed0Jebbari
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ