🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
"﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾ — سورة طه، الآية 114"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
"أتعني—"
رفع ليكسير رأسه برفق، وعلى وجهه لمحة تردّدٍ ودهشة وقال بصوت منخفض: "تريد أن تتعلّم السحر؟"
"نعم"
لم يتهرّب لويس من السؤال، بل أومأ برأسه
في تلك اللحظة تجمّدت ملامح ليكسير قليلًا
فهذا ليس سؤالًا يمكن الإجابة عنه بسهولة
إذا أراد شخص عادي أن يخوض مجال السحر، فعليه أولًا أن يمرّ بطبقات من التحقّق من الهوية وشهادات الموهبة
وفوق ذلك، تعليم السحر للآخرين—خصوصًا لمن لا ينتمون إلى غابة السحرة—مخالفة صريحة
وهذا أمر لا يستطيع تحمّل تبعاته بمفرده
لكنّه—لم يستطع الرفض
لو لا هذا الرجل، لربما كان الآن جثة باردة تنهشها الوحوش البرية
ولإنقاذه، لا بدّ أن لويس قد استهلك موارد كثيرة، فهو يعرف تمامًا نوع الإصابات التي تعرّض لها
"السحر ليس مهارة عادية"، بدأ ليكسير بحذر وكأنه يبحث لنفسه عن عذر "إنه يتطلّب موهبة عالية جدًا، وإدراكًا ذهنيًا يتجاوز الناس العاديين، وألفةً مع العناصر. معظم الناس لا يستطيعون اجتياز تلك العتبة"
"فلنختبر أولًا إن كانت لدي «موهبة تعلّم السحر»" رفع لويس نظره إليه بجدية كأنه توقّع مسبقًا هذا الجواب
"......"
شعر ليكسير بصداع مفاجئ
لقد كان جادًا فعلًا
لكن عند التفكير جيدًا، فاختبار السحر ليس صعبًا في حد ذاته
والذين يمتلكون الاستعداد نادرون، واحد في الملايين، لذا فالأغلب أن لويس ليس لديه موهبة سحرية
وبما أنه مصرّ إلى هذا الحد، فلن يضرّ الاختبار
وربما كان الأمر مجرد نزوة؛ فإذا لم يحدث أي تفاعل فسيتراجع هذا النبيل الشاب تلقائيًا أمام الصعوبة
كان ليكسير قد استعدّ نفسيًا، ونظر إلى لويس وفي عينيه اعتذار خافت: أخشى أن أُخيّب أملك قريبًا
لكن لويس اكتفى بالإيماء، وكأنه لا يبالي بالنتيجة أصلًا
تأمّل ليكسير عيني لويس وتنهد أخيرًا: "لاستخدام السحر لا بدّ أولًا من امتلاك قوة سحرية، والخطوة الأولى للتأكّد من وجودها هي التأمل"
أومأ لويس بوجه جاد
وهذا بدوره جعل ليكسير أكثر قلقًا، خائفًا من أن يصاب لويس بخيبة أمل كبيرة عند سماع النتيجة
"سأعلّمك تقنية تأمل أساسية. تُستخدم لاستشعار ما إذا كانت القوة السحرية تُحدِث رنينًا معك. لكن الصعوبة الحقيقية في هذه التعويذة ليست في التقنية، بل في حالة العقل"
توقّف ليكسير لحظة وخفَت صوته، يشرح كمعلمٍ يلقي درسًا:
"أولًا، دع وعيك يدخل حالة نقاء تام. كالماء الصافي في بحيرة، كالريح في منتصف الليل. لا شرود ولا قلق
ثم ليس المطلوب أن «تقبض» على القوة السحرية، بل أن تنتظرها لتقترب منك طوعًا
القوة السحرية ليست وحشًا بريًا يُقهَر بالقوة الجافة؛ إنها أشبه بمدٍّ سيغمرُك ببطء حين تصير ساكنًا"
بعد أن أنهى كلامه، بدأ العرض العملي، فأغمض عينيه وأخذ يتنفّس بهدوء
وبعد لحظة فتح عينيه مجددًا وقال: "جرّب يا لورد. وجّه وعيك إلى الأرض تحت قدميك، إلى الهواء، وإلى جريان الريح. إن كانت لديك أهلية سحرية حقًا فستستجيب لك"
أومأ لويس وجلس متربعًا إلى جواره
أغمض عينيه وأخذ نفسًا عميقًا
وبالطبع لم تكن هذه أول مرة يتأمل فيها
بل إنه اعتاد أن يقضي ساعة يمارس فيها القوة السحرية عبر «تقنية التأمل الأصلية»
لكن لا يمكنه كشف الكثير؛ فمصدر تلك التقنية الأصلية خاص قليلًا
كما أنه بحاجة إلى معرفة ما الذي سيعلّمه هذا الساحر العظيم، وإلى أي مدى
باستخدام تقنية التأمل التي علّمها ليكسير، حدث في جسد لويس فعلًا رنين مع القوة السحرية، لكنه أحس في الوقت نفسه بشعور غريب بعدم الانسجام
طريقة عمل هذه التقنية—غريبة جدًا
المسار صحيح، والبنية صحيحة، والإيقاع مقبول، لكن هناك افتعالًا لا يوصف في التفاصيل
بدت مسارات التوجيه وكأنها قُصّت بعناية، فأزيلت منها التعقيدات الدقيقة كلها
ولم يُبقَ إلا طريق رئيسي مباشر، بل أُضيفت عوائق متعمّدة عند عقدٍ مفصلية
كان ذلك المسار أشبه بـ"تقليص متعمَّد"، كأنه رسم مُبسّط جدًا لتعويذة أسطورية لا يحتفظ إلا بالهيكل الخارجي
كان يشبه نسخة «مُخصيّة» من تقنية التأمل الأصلية
ابتسم في قلبه بسخرية خفيفة
مثير للاهتمام
مهما كان من صمّم هذه النسخة من التأمل، فحدسه يقول إنها ليست «نسخة مُبسّطة» تطوّرت طبيعيًا، بل واحدة جرى تشذيبها عمدًا
والقائم بالتشذيب يمتلك بوضوح فهمًا عاليًا جدًا لبنية التعويذات، لكنه اضطر إلى كبته
هل كان يخشى تسريب التقنية الأصلية؟
وقف ليكسير إلى الجانب يراقب لويس المتربّع، حاجباه منعقدان قليلًا، كأنه يحاول دخول حالة التأمل
"هل هي صعبة جدًا في النهاية؟" تمتم لنفسه
كان يعلم جيدًا أن عتبة التأمل ليست منخفضة، خصوصًا على «إنسان عادي» لم يلامس السحر من قبل
فمجرد الخطوة الأولى—قيادة الوعي إلى «سكينة ذهنية»—تكفي لتعطيل أصحاب الموهبة أشهرًا
أما استشعار القوة السحرية فأندر وأندر
لذلك تنهد بخفة وجعل نبرته ألطف ما يكون: "لا داعي للعجلة. ليس كل أحد يستشعر القوة السحرية من المحاولة الأولى. بل—في العادة، معظم الناس لا يستشعرونها طوال حياتهم"
لم يجب لويس
ظلّ مغمض العينين، أنفاسه بطيئة متوازنة، وكله يغوص في حالة تقارب «السكون»
"—؟" ارتفع حاجبا ليكسير قليلًا
كان يظن في البداية أن الآخر يقطّب جبهته من الإحباط لفشله في الإحساس بأي شيء
لكنه لم يتوقع أن الآخر لم يتأثر بكلماته المُعزية إطلاقًا؛ بل كان—يغوص أعمق فأعمق
لم يكن يبدو وكأنه يتظاهر؛ بل كأنه مندمج حقًا
أتُراه يتظاهر بإتقان؟ فكّر ليكسير
لا، بالأحرى—من المستحيل التظاهر بهذا الإتقان
مرّت 10 دقائق ولم يفتح لويس عينيه
ومرت 20 دقيقة، وأنفاسه ما تزال ثابتة كراهب عجوز في التأمل
وبعد 30 دقيقة، زفر أخيرًا ببطء وفتح عينيه
حينها اضطرب ليكسير بحق
"هل أحسست بشيء؟" سأل بصوت خافت حذر
أومأ لويس قليلًا وبقي هادئ الملامح: "قليلًا فقط—شيء بارد خفيف جدًا، كأنه ينساب من الهواء"
—تجمّد ليكسير
كانت ردة فعله الأولى: أتمزح؟
استشعار القوة السحرية؟ نجاح من أول تأمل؟ وتأمّلٌ دام نصف ساعة كاملة؟
أتمزح!
لكن ذلك الأسلوب الجاد البسيط الخالي من المباهاة جعل هذا «الكلام غير المعقول» عصيًّا على النفي
خاصة تلك العينين، هادئتين كالماء، بلا انفعال مبالغ ولا تزلّف
لم يبدُ الأمر مُلفّقًا
شعر ليكسير بجفاف في حلقه. صمت لحظة محاولًا التماسك: "هل يمكنك أن تصف لي ثانية الإحساس الذي شعرتَ به؟"
فكّر لويس قليلًا: "كأنه—حين تتنفس، ما تستنشقه ليس هواءً بل شيء «أخف». كأنه—ضباب؟"
انقبضت حدقتا ليكسير قليلًا
لم يكن يهذي؛ لقد أحسّ فعلاً
ورغم أن الوصف ليس دقيقًا تمامًا، فهذا هو الإحساس النموذجي حين تتخلل القوة السحرية الكيان
لبرهةٍ داخل ليكسير شعورٌ معقّد
كان يريد أصلًا ذريعة للرفض بلطف، لكنه لم يتوقع أن يصادف عبقريًا «يدخل السحر» من المحاولة الأولى
ثم إنه منقذه
ضمّ شفتيه وخخفض رأسه حتى صار صوته همسًا: "هذا جنون"
ومع ذلك لم يقتنع تمامًا، فثبت نظره على لويس وحدّق بعينين أكثر حِدّة
"لويس"، بدأ ببطء "بما أنك تستطيع فعلًا الإحساس بالقوة السحرية، بإمكاننا تجربة تدريب أساسي جدًا"
"ما هو؟" رفع لويس رأسه بفضول وعيناه صافيتان
"تعويذة الإضاءة"
قالها ليكسير بهدوء وهو يعتدل واقفًا
مدّ يده اليمنى، كفّه للأعلى قليلًا، وأصابعه منبسطة طبيعيًا
وفي لحظةٍ صار كلّه سكونًا وتركيزًا
"هذه واحدة من أبسط تعاويذ مدرسة الاستدعاء، نستخدمها لاستشعار جريان القوة السحرية والتحكّم في شكلها الأولي"
وأثناء كلامه بدأ يوجّه القوة السحرية في جسده ببطء: "تخيّل نَفَسًا دافئًا ينهض من صدرك، ينساب عبر ذراعك إلى أطراف أصابعك. لا حاجة للإجبار؛ دعه يجري طبيعيًا"
أخذ نفسًا عميقًا وخفض نظره قليلًا وتمتم: "غوانغ"
وما إن انطلقت المقطع حتى أضاء طرف أصابعه ضوءٌ أبيض طريّ هادئ
كان الضوء كقطرة ندى في الصباح، صافٍ ساكن، لكنه يحمل تموّجات قوةٍ سحريةٍ نقية
طفا كنقطة نجمٍ عند أطراف أصابعه، وبريقه الخافت يرسم تموّجاتٍ دقيقة في الهواء
هذا… «بينيين»؟!
كبح لويس ملامحه ليبدو مركزًا، لكن قلبه كان يغلي كبحرٍ هائج
ثمة شيء غير منطقي؛ أليس هذا هو نطق كلمة «الضوء» بالصينية؟
وفضلاً عن لكنة طفيفة، لا شيء تغيّر
أكان مصمّم هذه التعويذة صينيًا؟
واكتفى باستخدام «بينيين» كتعويذة لفظية؟
نظر لا إراديًا إلى ليكسير، غير أن الأخير بدا طبيعيًا كأن الأمر مألوف تمامًا
لاحظ ليكسير تعبير لويس، فظنه أثر صدمة من يرى السحر لأول مرة
وتابع: "ترى؟ لا يحتاج إلى دفعٍ قسري، بل إلى أن «ترتانسق» مع القوة السحرية وتقودها برفق"
ثم حوّل نظره إلى لويس: "إن كانت لديك قوة سحرية حقًا، فينبغي أن تقدر على فعل هذا أيضًا"
كان صوته هادئًا، وفيه اختبار
قمع لويس اضطراب قلبه مؤجّلًا التفكير إلى لاحق، وركّز الآن على التعلّم
ثم ابتسم قليلًا: "سأحاول"
حاكى حركة ليكسير، فمدّ يده اليمنى وبسط أصابعه قليلًا
لكن خلف ملامحٍ تبدو مركّزة، كان ذهن لويس يفعّل منظومة أخرى
فعّل أولًا الهيكل السطحي لتقنية التأمل، دون تحريك الدارة الجوهرية للقوة السحرية، مستدعيًا فقط القدر القليل العائم في الطبقة الضحلة—وهو الأسهل ضبطًا
وتلك القوة السحرية، كموج تحت نسيم لطيف فوق البحر، انسابت ببطء خلال ذراعه وتكاثفت عند أطراف أصابعه
وفي الوقت نفسه همس بالتعويذة: "غوانغ"
وفي لحظةٍ أبطأ عمدًا جريان القوة وجعل مسارها مضطربًا قليلًا، محاكيًا هيئة «متدرّبٍ مبتدئ»
غدت أنفاسه غير متزنة قليلًا، وضاق جفناه، وحتى أصابعه ارتجفت شيئًا يسيرًا
لكن الحقيقة: أنه لم يستخدم أكثر من 1% من قوته السحرية
ومع ذلك لمع طرف أصابعه بعد ثانيتين أو ثلاث
اتسعت عينا ليكسير حتى كاد يظن أنه يتوهّم
"هذا مستحيل" همس لنفسه
تقنية التأمل لم تُدرَّس إلا منذ نصف ساعة، وإدراك القوة السحرية لم يستقر بعد، ومع ذلك يجرب إسقاطًا سحريًا على مستوى التوجيه؟
وينجح؟
حتى لو كان بصيص ضوء صغير، فهذا يعني أن هذا الشخص لا يستطيع فقط إدراك القوة السحرية حقًا، بل يمتلك أيضًا تحكمًا عالي الدقة وقوة ذهنية دقيقة؛ وإلا فكيف يوجّه القوة لتتجمع عند الأطراف دون أن تتسرب
لا يمكن تفسير هذا بالحظ
أظهر لويس ملامح سرورٍ معتدل، ثم سحب إصبعه وزفر زفرة «متعبة» قليلًا: "لكن يبدو أنه مُجهِد فعلًا"
تحرّك حلق ليكسير
نظر إلى الشاب الذي أكمل تعويذة الإضاءة بـ«شيء من الجهد» أمامه، وللحظة لم يدرِ أهو موهوب على نحوٍ استثنائي أم… محظوظ لدرجة لا تُصدّق
لكن حدسه أخبره بأمر واحد:
إن أراد هذا الرجل تعلّم السحر حقًا، فقد يصير في المستقبل ساحرًا كبيرًا
ظلّ ليكسير ساكنًا في مكانه صامتًا طويلًا. ولم يزل بصره على الوهج الخافت الذي انطفأ، وتعابيره معقّدة. كان يقصد اختبارًا لا أكثر
تعويذة بسيطة صغيرة؛ ولو فشلت لكان المتوقع. لكن ما لم يتوقعه أن هذا الشاب جعلها تتلألأ
لم يكن هذا مصادفة
رغم ضعف الضوء إلا أنه كان مستقرًا جدًا، ولا أثر تقريبًا لتسرّب القوة السحرية
وهذا يعني أن تركيز الذهن ودقة توجيه القوة، بل حتى الإرادة، بلغت حدودًا نادرة لدى المبتدئ
قطّب جبينه ببطء
من يكون أصلًا؟
فطريق الساحر أقسى بكثير مما يتخيله الغرباء؛ يمحّص الموهبة، ويمتحن الإرادة، ويدقّق الخلفية
لا خطوة تُختصر
وهذا الشخص لا يملك قوة سحرية فحسب، بل ينجح أيضًا في إطلاق تعويذة من المحاولة الأولى
والأهم أنه نبيل—لورد—خلفيته نظيفة، وله هوية ومسؤولية ومكانة
إن أراد حقًا أن يسلك طريق السحر، أليس هذا ظرفًا نادرًا؟
لان جبين ليكسير وتمتم بهدوء:
"موهبته بلا شك مؤهلة؛ بل يمكن وصفه بالعبقري
وخلفيته كنَبيلٍ من إمبراطورية الحديد والدم نظيفة بما يكفي
وفوق ذلك—لقد أنقذني"
صحيح أن لغابة السحرة قواعد صارمة، لكن إن كان مجرد «إرشادٍ خاص قليل» فلا بأس بتسويته لاحقًا بعد انضمامه رسميًا
وهكذا أقنع نفسه وقال: "لديك فعلًا قوة سحرية وبذرة القدرة على الإطلاق، لكن السحر ليس شيئًا نتداوله عرضًا"
"إذًا؟" سأل لويس
"إذًا" توقّف لحظة ثم قال بجدية: "قبل أن تصبح عضوًا رسميًا في غابة السحرة، لا أستطيع أن أعلّمك علنًا المزيد من التعويذات، ولا أريدك أن تُشيع الأمر"
لم يتردد لويس إطلاقًا، بل أومأ فورًا بملامح جادة صريحة: "مفهوم، لن أخبر أحدًا"
وحتى أظهر ابتسامة طفولية
"هذا يعني أنني أستطيع المتابعة في التعلّم، صحيح؟"
ارتبك ليكسير، فلم يتوقع هذه الاستجابة السريعة، بلا أثر للشك أو التبرّم
كان يظن أن النبلاء حين يصطدمون بالقواعد والقيود يظهرون شيئًا من الكِبر وعدم الرضا، لكن لويس لم يفعل؛ بل كان سعيدًا بصدق
وهذا جعل ليكسير يشعر بشيء من الحرج
تنحنح وهمس: "لا أستطيع إلا تعليمك قليلاً. على سبيل التحضير"
"مفهوم" خفض لويس رأسه مبتسمًا، وتلألأ ضوء خافت في عينيه أخفاه جيدًا، ولم يبقِ على السطح سوى فرحٍ يكاد يُخفى
وهكذا، خلال فترة نقاهته في إقليم المَدّ الأحمر، كان ليكسير—إلى جانب التعافي—يعلّم لويس أحيانًا بعض أساسيات السحر
في البداية كان الأمر اختبارًا فحسب. بما أن لويس أظهر رنينًا سحريًا وتمكّن من «تعويذة الإضاءة»، قرّر أن يعلّمه بعض تعاويذ الاستدعاء البسيطة فقط
مثل كرة النار، وتعويذة القيد، وتعويذة الشعاع
لم يبدُ تقدُّم الدروس سريعًا. فكل تعويذة احتاج لويس ليتقنها نحو 3 أو 4 أيام
كان عليه أن يفهم ويتدرّب ويعدّل كل شيء على حدة: من التلاوة، وتنظيم النفس، وإيقاع الإطلاق، إلى ضبط خرج القوة السحرية
كان يخطئ ويفشل أحيانًا. مرة يخطئ في اللفظ، وأخرى يطلق قوة زائدة، بل وأحرق رقعة صغيرة من العشب أول مرة جرّب فيها كرة النار
لكن بالنسبة لليكسير كان هذا إيقاعًا مذهلًا. فطلاب غابة السحرة يحتاجون في المتوسط نصف شهر لإتقان تعويذة أساسية
وفوق ذلك كانت «أخطاء» لويس كلّها معقولة جدًا، ونموّه مستقرًا للغاية
وعلى عكس بعض ذوي الحساسية السحرية الضعيفة الذين يعلقون مرارًا في مرحلة واحدة، كان كل 3 أو 4 أيام يكسر طبقة ختم ويعبر عتبة
وبالضبط عند الحد الآمن الذي يكسبه خبرة دون أن يؤذي جسده أو يربك ذهنه
وخاصة بعد أن أتقن كرة النار مبدئيًا، رمى ليكسير تعليقًا عابرًا: "ليست كرة النار مضطرة أن تبقى كرة. القوة السحرية مائعة، والإرادة تشكّلها. يمكنك أن—تمدّدها"
ولم يكن يتوقع أن يفهم لويس، بل أراد منه أن يسمعها للتوسّع الذهني لا غير
لكن بعد 5 أيام، حين استدعى لويس اللهب مجددًا، رأى ليكسير ذلك الخط الذي يكاد يكون مستحيلًا
لم تتفكك كرة النار؛ بل امتدّت واستطالت وصارت رفيعة كحد السيف، ولهيب خفيف ينساب على سطحها، ما تزال غير مستقرة، لكن محيطها واضح، كـ«شفرة نار» بدائية
"...أتممتها؟"
كاد ليكسير أن يفلتها بصوت عالٍ، واتسعت عيناه بدهشة، كمن يحدّق في قطٍّ يقفز مقلوبًا
"هذه—تعويذة شفرة النار—"
كان صوته مشحونًا بمشاعر مركّبة: عدم تصديق، وذهول، ولمحة إعظام
حين أتقن هو بنفسه «تعويذة شفرة النار» قديمًا، استغرق شهرًا كاملًا، واعتمد على ثلاث عروضٍ تعويذية من مُعلّمه وتوجيهٍ ذهني متكرر
ومع أنه كان يُعدّ من نخبة السحرة، بل من العباقرة
فكيف بهذا النبيل الشاب القادم من إقليم حدودي بلا أساس سحري أن يستنبط نموذجها بمجرد تلميحات قليلة وعرضٍ واحد؟
"موهبته—ليست عالية فحسب"
حدّق ليكسير في لويس بنظرة تعيد تقييمه
هذا لم يعد مجرّد «مناسب لتعلّم السحر»، بل بُنيةٌ خُلقت للسحر
إحساسٌ بنيوي، وتنظيم القوة، وتوافق الإرادة مع التلاوة—كل بُعدٍ منها يقارب الذروة النظرية
بل إنه شكّ أنه لو تلقّى تدريبًا منهجيًا، فخلال بضع سنوات سيظهر هذا الشخص في نواة غابة السحرة
"لو عدتُ به، ألن يطمع فيه حتى مستشارو المجلس العالي للأبراج؟" خطرت له الفكرة لأول مرة
وأما لويس الواقف أمامه فخفض عينيه قليلًا وأطفأ اللهب في يده
وتصرّف بكبحٍ واتزان، بلا أثر للكِبر، وتعمد أن يقطّب جبينه ليبدو كأنه «لا يزال غير مستقر»
"ما زال ليس على ما يرام. الخطوط تطفو دائمًا" تمتم بنبرة عتابٍ لنفسه تكاد لا تُلحظ
لقد أخفى لويس قصده
كان قادرًا بالطبع على ما هو أفضل
لكنه أبطأ إيقاعه عمدًا، وأخفى تسعين بالمئة من براعته وعمقه
لا ليتباهى أو يخدع، بل بدافع غريزة حفظ النفس
لا يمكنه أن يدع ليكسير يرتاب ويسأله "كيف فعلت ذلك؟"
ولا أن يدعه يرى مخزون القوة السحرية الفائض عنده بكثير عن المعتاد
ولا أن يعرف أن مصدر تلك الدارة ليس تقنية التأمل التي علّمها، بل «تقنية التأمل الأصلية»
فكفاءة امتصاص القوة السحرية في تلك التقنية تزيد أكثر من عشرين مرة على النسخة التي علّمها ليكسير. وعند تعلّم البنى التعويذية وإحساس العناصر وتشكيل الإرادة، لم يكن يحتاج إلى الحفظ تقريبًا؛ يكفي أن يفهم مرّة واحدة حتى يعيد ذهنه البناء تلقائيًا
وهذه الطريقة في التعلّم كانت أقرب إلى «التذكّر» منها إلى التعلّم
وهذا ما جعله أكثر حذرًا بعد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
⚠️ تذكير مهم: هذه الرواية خيالية للتسلية فقط، فلا تجعل أحداثها أو مصطلحاتها تؤثر على عقيدتك أو إيمانك 🙏.
أنا بريء من محتوى القصة وما فيها من خيال، وقد بذلت جهدي لتغيير كل المصطلحات المخالفة ✨، فاعذرني إن بقيت كلمة لم أنتبه إليها 🌸.
🤲 المرجو الدعاء لي، والدعاء بالرحمة لوالدي 💐، وبالشفاء العاجل لوالدتي 💖، فهذا سيكون جزائي على الساعات التي قضيتها في ترجمة هذا الفصل وتنقيته من المخالفات الإسلامية 🌙.
📢 ندعو قرّاءنا الكرام القادرين إلى دعمنا ودعم فريق العمل من أجل الاستمرار في ترجمة الروايات بأفضل جودة ممكنة.
📚 بفضل دعمكم، سنواصل نشر 5 فصول يوميًا بشكل ثابت ✨، ومع كل 1 دولار من الدعم 💖 سنضيف فورًا 10 فصول إضافية 📖 إلى الرواية فوق الفصول اليومية المعتادة.
💳 الدعم يتم عبر PayPal للراغبين فقط، وهو غير إلزامي إطلاقًا. 🙏 نحن نبذل قصارى جهدنا لتقديم ترجمات دقيقة، خالية من المصطلحات الغريبة، لتكون مناسبة وملائمة للقراء المسلمين 🌙، وتصل إليكم بأبهى صورة 🌸.
💳 PayPal : https://www.paypal.me/Ahmed0Jebbari
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ