🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿

📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة

🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كان الورشة مليئة برائحة العرق، وأصوات الطرق المتنوعة تتردد في الأجواء

كان جميع الحرفيين يعملون بتركيز ونظام في مواقعهم المحددة

حتى المتدربون أُقحموا في أعمال مزدحمة

كانت الورشة بأكملها مثل آلة تعمل بدقة، وكل جزء فيها منسجم مع الآخر

النموذج الصناعي لمقاطعة المد الأحمر كان يتشكل بهدوء

نظر لويس إلى كل ذلك وأومأ برضا

كان هدفه هذه المرة واضحًا، فاتجه مباشرة إلى أعماق الورشة ووجد رئيس الحرفيين ـ مايك

كان مايك يطرق على لوح خشبي، متظاهرًا بالانشغال ليغطي على حقيقة أنه كان يتكاسل قبل قليل

وحين اقترب لويس، وضع أدواته وأظهر تعبيرًا متحمسًا: "سيدي، ما الذي أتى بك إلى هنا؟"

قال لويس مباشرة، دون مقدمات: "حان وقت بناء القلعة"

"بناء قلعة؟!" تحمس مايك على الفور، فقد كان ينتظر هذا اليوم منذ زمن

"سيدي، امنحني خمسين سنة! سأبني لك أكبر وأعظم قلعة في إمبراطورية الدم والحديد في الإقليم الشمالي"

قال لويس بلهجة متعجبة: "خمسون سنة؟ سأكون قد بلغت السبعين، وأنت على الأرجح ستكون في نعشك"

كان يشك أن مايك من هواة المعجزات

ضحك مايك بصوت عالٍ: "إن متُّ فسوف يبنيها تلميذي، وإن مات تلميذي فسوف يبنيها تلميذ تلميذي"

ارتعشت شفتا لويس قليلًا وقال ساخرًا: "هل أنت يوجونغ؟ ذريتك لن تنتهي"

حك مايك رأسه: "من هو يوجونغ؟"

لوّح لويس بيده بلا مبالاة: "ليس مهمًا، لنكن واقعيين، لا وقت لدينا. يجب أن تُبنى القلعة بأسرع وقت، وتكون مزودة بالوظائف الضرورية، والدفاع هو الأهم"

وبينما كان يتكلم، أخرج تصميم قلعة كان قد رسمه من حقيبته وسلمه لمايك

كانت الخريطة تحدد وظائف كل منطقة في القلعة بتفصيل كبير

قال لويس وهو يشير إلى الملاحظات المفصلة: "القلعة يجب أن توازن بين الفعالية الدفاعية، والتكامل الوظيفي، والمظهر الجمالي، لكن الأهم هو الدفاع. 80% من التركيز على الدفاع، و20% على قابلية السكن، ولا يمكن أبدًا التضحية بالدفاع من أجل الراحة"

نظر مايك إلى الخريطة، وبدت على وجهه علامات الحرج قبل أن يقول بصعوبة:

"سيدي، التصميم رائع… لكن قلعة حجرية كهذه ستحتاج على الأقل لعشر سنوات، ومع هذه الدرجة من التعقيد ربما لا تكتمل حتى بعد ثلاثين أو أربعين سنة"

صُدم لويس: "عشر سنوات؟ ثلاثون أو أربعون سنة؟"

لقد ظن أنه أخذ مسألة الكفاءة في الحسبان جيدًا، لكن تبين أن خطته غير عملية تمامًا

كان يخطط لبناء قلعة قوية بما يكفي في أسرع وقت، لكنه لم يتوقع أن حتى ثلاثين أو أربعين سنة لن تكفي

ابتسم مايك ابتسامة محرجة: "بصراحة، مع تقنيتنا الحالية وعدد العمال، للوصول لهذا المستوى، نحن بحاجة فعلًا لوقت طويل"

عقد لويس حاجبيه وبدأ يفكر

كانت مقاطعة المد الأحمر قد بلغت مستوى معينًا من التطور، لكنها ما زالت معرضة للتهديدات الخارجية

فالقلعة ليست للعيش المترف، بل هي حاجز للبقاء

قبيلة هان يوي في حالة اضطراب حاليًا، لكن متى ما توحدت فسوف تتحرك جنوبًا بلا شك

وفوق ذلك، فالإقليم الشمالي لا يتهدده هذا الخطر وحده، بل هناك أيضًا وحوش الجليد شمالًا، والمتمردون القدامى من بلاد الثلج، وأزمات أخرى

تلك الأزمات كانت كأنها شاحنة مسرعة تصطدم بمقاطعة المد الأحمر

لم يكن لدى لويس عشر أو ثلاثون سنة لينتظر

كما أنه لم يستطع الانتظار حتى يشيخ لينتقل إلى هذه القلعة المثالية

فغير سؤاله: "هل هناك بديل أسرع؟"

تجمد مايك لحظة، ثم تمتم: "أمم… حسنًا…"

نظر إلى المطرقة في يده، ثم إلى الحرفيين المشغولين من حوله، محاولًا إيجاد حل معقول، لكنه في النهاية هز رأسه بلا حول

وقال بابتسامة مُرة: "أنا لم أدرس، ولا أملك الكثير من التفكير الإبداعي"

تنهد لويس ولوّح بيده: "لا بأس، سأجد الحل بنفسي"

ثم أغمض عينيه وبدأ يستحضر في ذهنه الأشكال المعمارية الكلاسيكية التي رآها في حياته السابقة

كانت جدران القلاع العالية، والأبراج الصلبة، والحصون الثقيلة تمر في عقله، لكن كل ذلك كان يتطلب وقتًا وموارد كثيرة للبناء

"ليس جيدًا بما يكفي، ولا سريعًا بما يكفي…" تمتم لنفسه

وفجأة، ومضة فكرة اخترقت الظلام في عقله كالبرق

"البناء الترابي!" نطق بها مباشرة

تذكر ذلك النوع من المباني في مسقط رأسه في حياته السابقة

كان مسكنًا فريدًا بناه شعب الهاكا للهرب من الحروب، بجدران من كل الجهات، صلبة ومتينة، وكبيرة بما يكفي لاستيعاب مئات الأشخاص

وكان يُعرف بـ "القلعة الشرقية القديمة"

والأهم أن البناءات الترابية يمكن تشييدها بسرعة

"نعم! هذا ما أحتاجه!"

أمسك بقلم وعدّل الخريطة بسرعة، محولًا التصميم المعقد للقلعة إلى هيكل دائري ضخم

وقف مايك بجانبه عابسًا: "إنها عارية جدًا، ليست جميلة"

رد لويس بعينين متضايقتين: "الجمال؟ ما فائدة الجمال؟ العملية هي الأهم! القدرة على صد الأعداء واستيعاب الجميع، هذا هو الأساس"

وأشار بقلمه إلى الخريطة يشرح: "انظر، هذا الهيكل الدائري يمكنه تفريق الضغط الخارجي لأقصى حد، مما يمنح دفاعًا قويًا

وفوق ذلك، باستخدام مواد ترابية، سيكون التكاليف منخفضة والسرعة عالية، ولا يتطلب الأمر وقتًا أو موارد كثيرة"

حك مايك شعره بلا حول، وبدأ يدرس "القلعة" التي صممها لويس بعناية

وسرعان ما أدرك أن لويس كان محقًا

فعلى الرغم من أن "البناء الترابي" بدا بسيطًا وخشنًا، إلا أنه كان خيارًا عمليًا وفعالًا بلا شك

وقف لويس وسط ورشة الحرفيين، يلوّح بالخريطة في يده، وبدأ يشرح خطته للبناء للحرفيين واحدًا تلو الآخر

"أولًا، الموقع مهم جدًا"، قال مشيرًا إلى نقطة محددة على الخريطة

"من الأفضل أن تقع القلعة قرب منطقة ينابيع ساخنة، لكن ليس بدرجة حرارة عالية جدًا. يمكن للطاقة الحرارية من الينابيع أن توفر تدفئة طبيعية للمبنى

وفي الشتاء، يمكننا تمرير ماء الينابيع الساخن تحت الأرض عبر أنابيب، ليولد حرارة تحت الأرض، مما يبقي أقدامنا دافئة في الشتاء، مثل سرير دافئ طبيعي

بهذه الطريقة، لن نقلق من البرد شتاءً"

اتسعت أعين الحرفيين، فلم يتخيلوا يومًا أن مثل هذه الفكرة ممكنة

ورأى لويس رد فعلهم، فابتسم بفخر وأكمل: "ثم هناك الجدار الخارجي الدفاعي، سنستخدم جدارًا حجريًا بسماكة متر لتشكيل هيكل دائري، ثم نضيف طين الينابيع لصب جدار ترابي دائري. سيكون قويًا بما يكفي وعالي الدفاع

أما الدائرة الداخلية فستكون منازل بهيكل خشبي، بأعمدة من جذوع ضخمة، مدعمة بعوارض، ومقسمة إلى عدة مناطق سكنية

الطابق الأول سيُستخدم للتخزين، والطوابق الثاني والثالث والرابع للسكن. السلالم الخشبية ستكون بخطوات مصنوعة من جذوع الأشجار المقطوعة، وهي بسيطة وعملية"

ورسم هيكلًا داخليًا بسيطًا على الخريطة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انتهى الفصل

شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

2025/08/15 · 341 مشاهدة · 984 كلمة
AHMED JB
نادي الروايات - 2025