🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
حلّ الليل، وجلس لويس وسيف وعدة فرسان في قاعة الطعام يتناولون العشاء
أُضيئت عدة مصابيح زيتية خافتة، تنير الوجبة البسيطة على الطاولة الخشبية الطويلة
كانت هناك سمكة مدخنة تفوح منها رائحة الحطب، وعصيدة قمح ساخنة، وعدة قطع من خبز القمح الخشن وبعض الخضروات المخللة الحامضة
لم تكن قاعة الطعام مزينة بزخارف فاخرة؛ فهناك طاولات وكراسٍ خشبية، ومصابيح زيتية مائلة للصفرة، وحتى بعض الشقوق الظاهرة على الجدران الخشبية
نظرت سيف إلى كل ذلك بدهشة طفيفة
كان هذا مختلفًا تمامًا عما تخيلته عن حياة النبلاء
في فهمها، يجب أن تكون مائدة النبيل مغطاة بمفرش مطرز بالذهب، والأطباق مكدسة بالمأكولات الفاخرة، والفضة تلمع، وكؤوس النبيذ مليئة بالنبيذ الحلو
لكن الواقع أن عشاء لويس، وإن كان أفضل قليلًا من عشاء عامة الناس، إلا أنه بعيد كل البعد عن الفخامة
لاحظ لويس التغير الطفيف في تعابيرها وقال: "ألا يعجبك؟"
أسرعت سيف بهز رأسها: "لا"
مع أنها كانت يومًا ما أميرة القبيلة وتناولت طعامًا أفضل مما هي عليه الآن، فإن الموارد في الشمال كانت شحيحة أصلًا، لذلك لم تكن هناك رفاهية حقيقية
رفعت عصيدة القمح وتذوقت رشفة؛ انتشرت رائحة القمح الدافئة في فمها، وكان الطعم جيدًا بالفعل
وفي منتصف الوجبة، رفعت سيف رأسها وسألت عرضًا: "ماذا ستفعل الليلة؟"
أجاب لويس وهو يمضغ السمك المدخن: "تدريب الذئب"
"تدريب الذئب؟" تفاجأت سيف لحظة، ثم أضاءت عيناها
أومأ لويس: "نعم"
الآن، كان لويس يقضي عدة أمسيات كل أسبوع في ساحة تدريب الوحوش، لتدريب ذئب الحقول الجليدية "الناب البارد"
بعد عدة أسابيع من التدريب، بدأ الناب البارد يستجيب لأوامر لويس، لكن الأمر ما زال بحاجة إلى المزيد من التدريب للوصول إلى الطاعة الكاملة
كان تدريب اليوم على أوامر الصافرة الخاصة بالصيد
أوامر صافرة الصيد هي نظام صافرات يُستخدم خصيصًا لترويض الوحوش البرية، ويُستعمل عادةً في الصيد أو القتال أو الحراسة
يعتمد على نغمات وإيقاعات مختلفة لجعل الحيوانات تفهم التعليمات وتنفذها
رفع لويس يده ووضع الصافرة على شفتيه ونفخ نغمة طويلة وحادة
توتّر جسد الناب البارد قليلًا، ثم انخفض بجسده، وأطرافه ملتصقة بالأرض، مستعدًا للانقضاض على الفريسة في أي لحظة
ثم نفخ لويس نغمتين قصيرتين وحادتين
قفز الناب البارد فجأة، منقضًا بشراسة نحو الهدف أمامه، وأنيابه الحادة تمزق دمية القماش، ممزقًا إياها بعنف
تمزقت شرائط القماش، وخرج من حلق الذئب هدير منخفض
وأخيرًا، نفخ لويس سلسلة من النغمات السريعة المتتالية
توقف الناب البارد فجأة، وهو يمسح المكان بنظرات يقظة، ثم ترك أنيابه الحادة وتراجع سريعًا إلى جانب لويس
كانت سلسلة الحركات كلها سلسة وحاسمة، وتظهر بالفعل مستوى معينًا من التنسيق التكتيكي
أومأ لويس برضا، ومد يده ليمسح بلطف على عنق الناب البارد
"عمل رائع"، تمتم، ثم أخرج قطعة لحم مقطعة مسبقًا من خصره وقدمها للناب البارد
لحس الناب البارد أنيابه لكنه لم ينقض فورًا
بل نظر أولًا إلى لويس، وبعد أن تأكد من إذن سيده، فتح فمه فجأة وعض قطعة اللحم، يخرج هديرًا منخفضًا مليئًا بالرضا
"لقد بدأ يظهر بعض الانضباط"، تقدم مدرب الوحوش "إيج" باحترام، ونبرته تحمل بعض الارتياح، "تقدمك في ترويضه أسرع مما توقعت
لكن ما زال يلزم المزيد من التدريب ليصبح الناب البارد مطيعًا تمامًا، فذئاب الحقول الجليدية تختلف عن الوحوش المفترسة العادية؛ الثقة والطاعة يجب بناؤهما شيئًا فشيئًا"
"أجل، أعلم"، أجاب لويس
نظرت سيف إلى ذئب الحقول الجليدية في ساحة التدريب، وقد أخذت ملامحها تخفت تدريجيًا
في القبيلة، كان لديها أيضًا ذئب حقول جليدية
"القمر الوحيد"
ذلك كان ذئب حقول جليدية ربّته منذ كان جروًا؛ كانا يصطادان معًا، ويجريان معًا وسط العواصف الثلجية، ويدفئان بعضهما في الليالي الباردة
لكن الآن، ربما كان بالفعل...
شدّت سيف يدها بلا وعي، وأظافرها تغرز في كفها
مات، على الأرجح
منذ أن أفاقت من غيبوبتها، حاولت سيف عمدًا ألا تفكر في هذه المآسي، لكنها لم تستطع منع نفسها
رمقها لويس بنظرة، وكأنه لاحظ قلقها، وسأل بهدوء: "ما الأمر؟"
صمتت سيف لحظة، لكنها في النهاية لم تستطع إلا أن تقول: "كنت أربي ذئب حقول جليدية أيضًا، لكنه مات"
كان صوتها هادئًا، وكأنها تصرح بشيء لا يخصها
فكر لويس قليلًا، ثم أشار إلى مجموعة من جراء ذئاب الحقول الجليدية في حظيرة بعيدة: "إذن هل تريدين اختيار واحد آخر لتربّيه؟"
تجمدت سيف، وكأنها لم تستوعب
نظرت إلى الجراء الصغيرة ذات الفراء الكثيف، بعضها جالس وبعضها مستلقٍ، متجمعة برفق معًا
جالت عيناها بينهما ببطء، حتى توقفت أخيرًا عند جرو صغير في الزاوية
كان فراؤه رماديًا فضيًا باهتًا، وعيناه زرقاوان جليديتان، يشبه قليلًا "القمر الوحيد" في ذاكرتها
تقدمت ومدت يدها برفق
شمّ الجرو أطراف أصابعها بخجل، ثم مد لسانه بحذر ولعق كفها
في تلك اللحظة، كان الأمر وكأنها سُحبت من متاهة ذكرياتها
احمرّت عينا سيف قليلًا، وبدأت أناملها تداعب بلطف فراء الجرو الناعم: "من الآن فصاعدًا، ستُدعى القمر الوحيد"
أطلق الجرو أنينًا خافتًا، وكأنه يجيبها
ضاق حلق سيف قليلًا
فتحت فمها محاولة قول شيء، لكن لم يخرج أي صوت
وفي اللحظة التالية، انهمرت دموع دافئة بصمت، لتسقط على فراء الجرو الناعم
...
وهكذا، أثناء التدريب، تعمق الليل
وقف لويس عند حافة ساحة التدريب، يتمدد بكسل، ثم التفت إلى سيف: "انتهى عمل اليوم، تذكري أن تسجلي جدولي اليومي عندما تعودين"
أومأت سيف، واستدارت عائدة إلى غرفتها الصغيرة
بوصفها واحدة من ثلاثة مواهب خاصة متعلمة في الإقليم، خصص لها لويس غرفة خاصة
لم يُجلب الجرو بعد، لأنه لم يتعرف عليها كصاحبة له تمامًا
تنهدت سيف برفق، وأبعدت أفكارها، ثم مشت إلى المكتب وأشعلت المصباح الزيتي
فتحت دفتر الملاحظات وبدأت تكتب سجلات اليوم سطرًا بسطر
في الصباح، درب السيد بنفسه الجنود، وكانوا يوقرونه كثيرًا
تفقد الأراضي الزراعية ومصايد الأسماك، وقدم اقتراحات للتطوير
أبدى اهتمامه بالفرسان الجرحى ووعد بتوفير دواء أفضل
اكتشف إمكانية إنتاج سكر البتولا وحاول تعزيز صناعة السكر
...
أنهت سيف كتابة جدول لويس لهذا اليوم، وظلت تحدق في الأسطر طويلاً، ومشاعر معقدة تتصاعد في قلبها
كان بوضوح سيدًا، لكنه لم يظهر أي غرور نبيل على الإطلاق
مهما ذهب، كان يحظى باحترام كبير
ضغط طرف القلم بخفة، وكتبت أربع كلمات على ورقة أخرى: "إنه شخص جيد"
بعد أن كتبتها، نظرت إلى الجملة وشعرت فجأة ببعض التحدي، وتمتمت بتعجرف: "على الأرجح تمثيل"
لكن في قلبها، لم تعد تصدق ذلك
وضعت قطعة من سكر البتولا في فمها
ذاب الحلاوة في فمها، تحمل عطرًا خشبيًا خفيفًا مميزًا
استندت سيف على كرسيها، وهمست بهدوء: "ممم، حلو جدًا"
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ