🌿 تنبيه وإهداء قبل القراءة 🌿
📿 اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
🕌 هذه الرواية للتسلية، فلا تجعلها تشغلك عن الصلاة
🕊️ اللهم انصر أهلنا في غزة، وفرّج كربهم، وداوِ جراحهم، وارفع عنهم الظلم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فرق من العبيد، مقيدين بالسلاسل والحبال، وطأت أقدامهم أرض إقليم المد الأحمر تحت إرشاد تجار العبيد
كانت عيونهم مليئة بالقلق، يتساءلون عن المصير الذي ينتظرهم
لكن عندما دخلوا الإقليم، تجمدوا في أماكنهم
بيوت نظيفة، طرق مرتبة، ورائحة دخان الطهي تنتشر في الهواء
كان هذا مختلفًا تمامًا عن معسكرات العبيد التي تخيلوها
لم تكن هناك خيام قذرة موحلة، ولا طعام فاسد ذو رائحة كريهة
حتى الجنود الذين يحرسونهم لم يُظهروا الاحتقار والازدراء المعتاد، بل اكتفوا بالمحافظة على النظام بهدوء
لم يستطيعوا منع شعورهم بزيادة القلق، فكلما كان الأمر مختلفًا، كان أكثر إرباكًا
لكن هذه كانت مجرد انطباعات أولية؛ أما ما صدمهم حقًا فكان كلمات الحاكم في الساحة في اليوم التالي
في الصباح الباكر، كانت ساحة إقليم المد الأحمر تعج بالناس
أُوقف ألف وخمسمائة عبد وصلوا حديثًا في صفوف منتظمة هناك
ترددت كلمات لويس في الساحة: "مرحبًا بكم في إقليم المد الأحمر"
هذه الكلمات أدهشت الكثيرين، فقد تم بيعهم إلى هنا، ومع ذلك يتم "الترحيب" بهم؟
تابع لويس: "يمكنكم التعامل مع هذا المكان كما كان من قبل، لكني آمل أن يصبح هذا المكان بداية جديدة لكم"
تبادل العبيد النظرات، وعيونهم ما زالت حذرة
"لن أجعلكم تعملون بلا مقابل، إقليم المد الأحمر سيوفر طعامًا مستقرًا، ومأوى، وعملًا، ولن يضيع جهدكم، وعرق الجميع سيكون ذا معنى"
"والأهم"، توقف لحظة، ثم نطق ببطء:
"هنا، طالما عملتم بجد كافٍ، يمكنكم التحرر من العبودية"
دوّيَ الصوت في قلوب العبيد، واشتعلت الساحة بضجة
"...ماذا؟!"
"ماذا قال للتو؟"
"هل هذا ممكن؟!"
الحرية؟
هل ما زالت هناك فرصة لنيل الحرية؟
هل يمكن أن يوجد حقًا حاكم في هذا العالم مستعد للتخلي عن العبيد؟
لقد تم شراؤهم وبيعهم وطردهم، واعتادوا على قيود السلاسل، ولم يعودوا يجرؤون على الأمل في تغيير مصيرهم
كان هذا وعدًا جميلًا جدًا، بل وحتى غير معقول
تصاعدت الهمسات في الساحة أكثر فأكثر؛ بعضهم كان متحمسًا، وبعضهم في حيرة
لكن معظمهم سخر، وامتلأت عيونهم بالشك، فقد سمعوا الكثير من الأكاذيب
رأى لويس كل هذا، لكنه كان يؤمن أن الزمن سيثبت كل شيء
…………
مضت بضعة أيام، وبدأ العبيد يعتادون على بيئتهم الجديدة
أشرقت شمس الصباح على شوارع إقليم المد الأحمر، جالبة دفئًا نادرًا إلى العالم الشمالي
وقف عبد شاب، ممسكًا بوعاء من عصيدة القمح الساخنة، أمام بيت خشبي، شارد الذهن قليلًا
كانت هذه وجبة إفطاره، وجبة سخية، أكثر من حصته اليومية الكاملة في الماضي
غير بعيد، خرج عبيد آخرون من بيوتهم واحدًا تلو الآخر، مجتمعين في مجموعات صغيرة، متحلّقين حول مواقد النار طلبًا للدفء
"الأسِرّة هنا أريح حتى من الحصائر التي كنت أنام عليها"، همس عبد مسن
"بالفعل"، أجابه آخر بتعبير معقد
هنا، لم يكن هناك جلد وإهانات بلا نهاية، كان الطعام وفيرًا كل يوم، والمساكن أفضل من معسكرات العبيد السابقة وكأنها السماء
وما صدمهم أكثر أنهم رأوا مواطنين أحرارًا بأعينهم
"مرحبًا، هل أنت عبد؟" سأل عبد شاب بخجل أحد الحرفيين الذي كان يصلح الطريق
توقف الرجل عن ضرب الحجر بمطرقته، مسح العرق عن جبينه، وابتسم: "كنت كذلك"
اتسعت عينا العبد الشاب: "لكن... لكنك الآن..."
ابتسم الحرفي: "لأني عملت بجد، منحني الحاكم صفة المواطن الحر"
"حقًا؟" ارتجف صوته
"بالطبع"، ربت الحرفي على كتفه، "طالما أنك تعمل جيدًا، لن يظلم الحاكم أحدًا"
صارت مثل هذه الأمثلة أكثر فأكثر
رأوا مواطنين أحرارًا في الحقول، وفي ورش الحدادة
أولئك الذين كانوا عبيدًا في السابق يعيشون الآن بكرامة، يرتدون ملابس لائقة، ويرفعون رؤوسهم عاليًا
اهتزت شكوك العبيد في تلك اللحظة
وبدؤوا يصدقون أن الحرية ربما... لم تكن وعدًا فارغًا
ومع مرور الوقت، تلاشى خوف العبيد تدريجيًا، وحل محله التكيف مع إقليم المد الأحمر والتطلع للمستقبل
"طالما عملنا بجد، يمكننا نحن أيضًا!"
بدأت هذه الفكرة تنتشر بهدوء بين مجتمع العبيد، مشعلة شرارة أمل شيئًا فشيئًا
لم يعودوا يطيعون بشكل سلبي فقط، بل بدأوا يستثمرون أنفسهم حقًا في عملهم
وبدؤوا يقدرون حقًا الشخص الذي منحهم هذه الفرصة، الحاكم الشاب
كلما تفقد المناجم أو الورش، كان العبيد يتوقفون عن العمل دون وعي
ينظرون إليه وهو يغادر، وعيونهم لم تعد مليئة بالرهبة فقط، بل بنوع من الثقة والاحترام الذي لا يوصف
بالطبع، فإن تدفق عدد كبير من السكان جلب معه، إلى جانب الأيدي العاملة، تحديات لا مفر منها
لم تكن مشكلة الغذاء مقلقة؛ فالمخزون السابق ودعم العائلات ضمِنا توفر الحبوب بكثرة، لكن السكن أصبح مشكلة شائكة
كان إقليم المد الأحمر في الأصل قليل السكان، وكان بناء المساكن يتم حسب الحاجة
أما الآن، ومع إضافة ألف وخمسمائة عبد فجأة، فقد أصبحت المساكن التي كانت واسعة نسبيًا ضيقة على الفور
لكن مع بعض الاكتظاظ، كان بالإمكان التكيف مع العيش فيها
تم توزيع العبيد في البيوت الطولية شبه المدفونة الموجودة، ليتشاركوا مؤقتًا أماكن المعيشة مع السكان الأصليين
في أماكن أخرى، كان هذا الوضع سيسبب على الأرجح استياء أو حتى صراعًا، لكن الوضع في إقليم المد الأحمر كان مستقرًا على نحو مدهش
لأن الجميع كانوا يثقون بأن الحاكم وعد بتسريع بناء المساكن الجديدة
وليس هذا فقط، بل إن الحرفيين كانوا قد بدأوا بالفعل بوضع الأساسات في المناطق الخارجية، وكان البناء الجديد يتقدم أسرع مما توقع أي أحد
لكن لويس قال: "تحملوا قليلًا بعد؛ ستتوفر البيوت قريبًا"
لذلك، ورغم أن ظروف السكن كانت مكتظة بعض الشيء، فإن التذمر بين العبيد كان قليلًا جدًا
كانت أزمة السكن مجرد مشكلة آنية؛ ما كان يقلق لويس حقًا هو مسألة النظافة
في أحد الأيام بعد الظهر، خصص لويس وقتًا لتفقد المنطقة السكنية الجديدة
كانت البيوت هنا قد بُنيت مؤخرًا فقط؛ ما زالت العوارض الخشبية تحتفظ برائحة نشارة الخشب الطازجة، والأرض طريق ترابي جديد
من بعيد، كانت صفوف البيوت منتظمة، وهو من أكبر إنجازات إقليم المد الأحمر مؤخرًا
لكن عندما مشى لويس أعمق في الممر، لاحظ شيئًا غير طبيعي
على جانبي الطريق، كان يمكن رؤية أكوام مختلفة من القمامة بين الحين والآخر، وكان الهواء مليئًا برائحة عفنة
خصوصًا تلك البركة ذات اللون البني المصفر عند زاوية الشارع، التي كانت تلمع تحت الشمس، وجعلت حلق لويس يتحرك لا إراديًا
مثل هذا الوضع قد لا يسبب مشاكل على المدى القصير
لكن مع ازدياد عدد السكان، ستصبح مسألة مياه الشرب والصرف الصحي والنظافة البيئية عاجلًا أم آجلًا مصدر خطر خفي
وإذا تُركت دون معالجة، فعند انتشار الأمراض، لن يكون لدى إقليم المد الأحمر ما يكفي من الأطباء للتعامل معها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انتهى الفصل
شاركنا رأيك واقتراحاتك في التعليقات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ