-سأتصل بأريج لأتأكد..
كان هذا رون الي يتحدث باستنكار أعلم يقينا أنه يتصل لمسايرتي فقط.. حسنا بالتفكير في الأمر لا أستطيع أن أتذكر ما حدث على العشاء أو البارحة... هل صحيح أن أريج عادت مع مايكل؟ منذ متى كانت أريج هنا أصلا؟
استيقظت من شرودي على يد تضغط على يدي التي أضعها جانبا على الأريكة حتى بدون أن ألتفت أعرف أنه يوليوس.. الشخص الوحيد الذي يستطيع أن يقترب مني بينما عائلتي لا تهتم أساسا... سيجدون دائما طريقهم لإهانتي..
-إنجي -يوليوس بصوت قلق هامس-
رفعت عيني إليه ببطئ أتأمل ملامحه المتوترة القلقة كأب يحاول تهدأته رضيعه الذي لا يعلم ما يبكيه..
ابتسمت بتكلف : -لا بأس يوليوس ربما خلطت بعض الحقائق كالعادة
يوليوس: -ااا إنجي لا بأس، هل أنت بخير أنت تستمرين بالشرود.. أحس أنك -ثم ابتلع كلمات دون أن ينطق بها وكأنه يخاف أن تأذيني
أبعدت يده بهدوء ثم نهضت:
-ليس هناك داع لأن تتصل بها رون، يبدو أنني كنت أحلم فقط.
قالت والدتي بعد أن ابتعدت قليلا: -يا إلهي هذه الشقية لا تعقل أبدا.. كيف تثير ضجة على مائدة الأكل.. إنها حقا بلا أخلاق...
هانا ساكنة أعلم أنها متوترة نريد أن تتدخل لكنها لا تجد الكلمات المناسبة بينما هارو أعطى زمام المبادرة ليوليوس واكتفى فقط بالمراقبة، أمي دائما هكذا لا داع للانزعاج فقط لأغسل وجهي مجددا وأتوقف عن التفكير في أمور لا طائل منها.
بينما أنا اتقدم داخل المطبخ نحو الباب الخلفي المطل على الفناء تذكرت ما حدث البارحة راودني كابوس أنا متأكدة من أنني هدأت نفسي كما أخبرني، يعني أنني كنت واعية تماما سمعت صوتا ثم اكتشفت أنها أريج بالتفكير في الأمر ذلك الصوت كان صوت شخص آخر وأريج لم تدعني أخرج للفناء حتى أنها دفعتني لخارج المطبخ.... اااا ما الذي أفكر به كيف يعقل أن تتواجد أريج هنا وهي مع مايكل في منزلها.. أبعدت تلك الأفكار من رأسي وقررت أن أتسلل من الفناء للخارج حتى يغادر الجميع ومن ثم أعود، من يريد أن يستمع لتهكمهم علي طول الوقت...
ما إن خطوت خطوة خارج الفناء نظرت لليسار ثم الأسفل.. فجأة صوت رنين الهاتف التفت للخلف وفي نفس الوقت انتابني صداع رهيب وكأنني تلقيت ضربة على رأسي ثم طنين... كل شيئ أبيض أمام ناظري كما لو أن البرق أصاب هذا المكان وبلمح البصر سقطت.. يبدو أنني فقدت وعيي.
............. في غرفة الجلوس..............
سمع الحضور صوت كسر شيئ ما ثم ارتطام يبدو وكأنه ارتطام جسم ثقيل، ساد الصمت للحظة ثم قال رون متعجبا:
-أمي هل وضعت شيئ على الحافة مجددا؟
الام: -امم لا أظن
نهض يوليوس مسرعا:
-إنجي.. أليست إنجي في المطبخ؟
هانا: -أظن أنها توجهت للمطبخ بالفعل
أكمل يوليوس كلامه وهو يبدل القدم بدل القدم:
-سأتفقد الوضع...
رد رون بينما يكمل طعامه:
-نعم من فضلك
بنفس الحركة هارو الذي حشر بفمه قطعة من الكوكيز:
-يوليوس العظيم أعتمد عليك..
كان يوليوس قد وصل إلى المطبخ بالفعل ممتعضا من سلوك اخ ووالدة إنجي لكنه كظم غيضه مراعيا موقف إنجي التي لو أرادت أن ترد عليهم لفعلت..
تفقد المطبخ لكن لا شيء مريب الوضع يبدو طبيعيا وعاديا، فكر بأن الصوت إذن قادم من الفناء توجه للباب الزجاجي للمطبخ ليفتحه.. لكن شيئ ما يعترض طريقه.... أخفض عينيه للأسفل بحذر وكأنه لا يريد أن يرى ما على الأرض.. وفعلا ما رآه جعله يتراجع للخلف ويسقط بكامل جسمه على الأرض من الصدمة.
وضع يده على فمه من هول ما رأى وتمتم وقد جحظت عيناه: -إنجي
ثوان كانت كافية لأن يتمالك نفسه وينهض مجددا ليقف على قدميه ويفتح الباب وهو يقول في نفسه
*تمالك نفسك أيها الأحمق، لنرى أولا مصدر الدم أين جرحت*
خرج للفناء ثم قلب جسد إنجي ليجعل وجهها مقابلا له، كان الألم يعتصر قلبه لكن يجب أن يبقى قوي فهو الوحيد الذي تعتمد عليه إنجي ولن يسقط للحزن هنا والآن..
*نعم دعنا نأجل هذا الرعب لما بعد*
انتبه أن هناك بعض الزجاج على الأرض مما جعله يتنهد الصعداء هذه الجروح بسيطة وهي بسبب الزجاج، رغم حزنه وألمه ألا أنه كان موضوعيا في حكمه فهو يعي من خبراته المؤلمة أن أحسن الشرين يمكن أن يكون مفرحا قليلا.
مسح يوليوس على جبين إنجي بلطف ثم قبلها وقال:
-آسف أعلم أنك ستكونين غاضبة إذا علمت، لكنني لا أستطيع أن اتمالك وجهك البريئ الغارق فالأحلام كرضيع ينام يهدوء.
حملها يوليوس بعد أن تأكد من مواضع جروحه حتى لا يألمها وعاد سريعا إلى غرفة الجلوس متجها إلى الباب...
صرخت هانا برغب أول ما رأت يوليوس حاملا إنجي ثم أسرعت إليه قائلة والدموع بعينيها:
-يوليوس ما الذي حدث؟ ما بها إنجي؟
يوليوس: -افتحِ الباب
شرب هارو ما تبقى من للحليب دفعة واحدة ثم نهض مسرعا: -ألى أستطيع أن أحظى بيوم واحد عادي على الأقل؟
قال رون متبعا خطى هارو: -مابها إنجي؟ مابها أختي الصغيرة؟ -ثم تقدم ليرى وجهها-
بينما مسحت الأم فمها برزانة وقامت تمشي بخطى مستقيمة ثابتة كأنما تمشي على حبل معلق وقالت بصوتها الهادئ العميق:
-وهل كلما غابت عن الوعي ستجرون بها إلى المستشفى؟ -نظرت إليهم واحدا واحدا ثم أضافت ببرود- أعدها إلى غرفتها فقط.. قط ميت وشبح أريج والآن يغمى عليها، أي نوع من الفتيات أنجبت...
نظر يوليوس باستنكار شديد كان سيشعل حربا على الفور لولا تدخل هارو الذي قال:
-أنت أمها وأنت أدرى بحالها -ثم سحب يوليوس من ذراعه مكملا بابتسامة ذات مغزى- كما أن إنجي ستفضل ما اختارته أمها...
قال يوليوس كاتما استياءه: -هل لديكم عدة اسعافات أولية يبدو أنها تعرضت لبض الجروح بسبب الزجاج الذي بالخارج.
أعادها يوليوس لغرفتها بينما تكفلت هانا بعلاج جروح وقد بللت دموعها كل الشاش من الأسى على صديقتها.
كان يوليوس يجلس مع هارو ورون بهدوء حتى كسر هارو ذلك السكون قائلا:
-رون يا صديقي أريد أن أسألك شيئا ما
رد رون: نعم بالطبع فأنت صديقي
يوليوس*منذ متى أصبحا صديقين؟*
هارو باستغراب: -أليست إنجي تفقد الوعي كثيرا؟
صمت رون قليلا وكأنه ينتقي في كلماته فأردف هارو بتوتر:
-لا عليك إنسى ما قلته، كنت فضوليا فقط
رد رون على الفور: -اه ليش وكأنني لا أريد إخبارك، إلا إنجي ضعيفة نوعا ما اممم كيف أصيغ الأمر هي مصابة بنوع ما من أنواع الصرع إلا أن جهازها العصبي سليم لهذا لا ترى ذلك النوع من الحركات الغربية الذي يصحب نوبات الصرع.. -ثم رفع إصبعه مشيرا إلى رأسه- المشكل هنا بدماغها ... فإنجي تعرض لحادث وهي طفلة حيث أصيبت بفقدان ذاكرة مؤقت..
قاطعته هانا التي كانت قد فرغت من علاج إنجي وتركتها لتنام: -إذن هذا يفسر فقدانها للوعي كلما تعرضت لضغط ما.. -حركت يديها بعشوائية وكأنها تحاول إيجاد صياغة سهلة للأمر- مثل أن تجبر على تذكر شيئ ما.. التركيز على الذكريات نعم هذا هو..
نطق يوليوس بعد أن كان يتابع بهدوء:
-ثم لماذا تستمرون بالضغط عليها إذن....
أجاب رون وكأنه يبرئ نفسه من جرم ما:
-ليس كذلك ..أظن أن أمي تريدها أن تتكيف مع الوضع هذه هي طريقتها في جعلها أقوى.
رد يوليوس: هي بالفعل قوية.
سانده هارو قائلا: -نعم أنت لم ترى قبضة البعبع التي دمرت أحشائي، لم ترى حتى مخالبها التي انتزعت سمعتي ودمرتها... مجهوداتي لسنوات ضاعت هباءا منثورا.. اهئ اهئ
ربت رون على كتفه قائلا: -أنا أتفهمك يا صديقي العزيز لك .. أنا وأنت على نفس الكفة.
أمسك هارو قبضة رون في انتصار قائلا: إذا عمت خفت
ثم أضاف: -أخبرني يا صديقي عن أسوء ما فعلته بك تلك الشيطانة
نظر رون إلى هانا وقال وقد أحس بتدفق الدم في أذنيه خجلا: -ليس الآن لا أريد أن تصدم أختك بأفعال صديقتها التي تعبرها "لطيفة" -مشددا على جميع حروفها-
قال يوليوس: -طبعا ليس لأنك لا تريد أن تفضح أمامها
حاول رون تغيير الموضوع قائلا: -إذن سأوصلكم في طريقي إلى العمل.. سيارتي الرانج روفر واسعة
قالت هانا في حرج: -لا بأس سنستقل سيارة أجرة فقط لا داعي لازعاجك..
رد رون بحماس: أي إزعاج أنا أملك وقتا كافيا -ثم غمز باستعلاء قائلا- أنا المدير أستطيع أن أدخل في أي وقت أريد دون أن يلومني أحد.
هارو: -أريد أن أذهب معك أخبرهم أنني مدير من شركة ما أيضا..
قهقه رون ملأ صوته قائلا: فكرة جيدة صديقي لندعها ليوم آخر..
خرج الجميع راكبين السيارة عدى يوليوس الذي توقف أمام الباب ثم أخرج هاتفه ليقول:
-انطلقوا أنتم يبدو أن لدي عمل لأقوم به بالجوار.
قال هارو بطفولية وهو يخرج رأسه من نافذة السيارة:
-ماذا أي عمل هذا؟ يبدو أنك تخفي الكثير من الأسرار عن صديقك الوحيد
يوليوس ببرود: -يمكنك الاستمتاع مع صديقك الجديد بينما أهتم ب"أسراري"
هارو: -يا ولد!! أنت حقا ليس لديك قلب.. الآن تتخلى عني.. ماذا عن العشرة والملح؟
قاطعت هانا الدراما الخاصة بأخيها: -أخي من فضلك دع يوليوس يتنفس بسلام بدون أن تزعجه، هل أنت جدته ام ماذا
التفت هارو لأخته التي تجلس بالخلف بقوة حتى أحس بالعصب في رقبته يتمزق فقال وهو يشد على رقبته من الألم:
-من يزعج من؟ أنا من تم تحطيم صورته على السوشل ميديا، وتم جره لعرين الشيطان.. حتى أنني تعرضت للضرب والتنمر من فتاة تصغرني سننا .... بصف من أنتي؟
ردت هانا بتذمر: بصف الحق طبعا!
ضحك رون: -انتم تبدوان كتوائم، من الرائع أن تكونا مقربين هكذا -ثم أشار ليوليوس من المرآة- بالتوفيق أيها العاشق
بعدها انطلقوا مبتعدين عن يوليوس بينما تسمر الاخير من وقع الكلمة عليه "العاشق"
وضع يده على وجهه ... أحس أن جمرا يشتعل بجسمه ووجهه
*ما الذي يقصده بالعاشق.. أنا لا أحمل مثل هذه المشاعر لإنجي... هذا مجرد ####*
رن هاتف يوليوس فجأة ليعيده للواقع، سمع صوت من الجانب الاخر من الهاتف يقول بدون مقدمات:
-تعال إلى ذلك المكان..
ثم أغلق الخط