-نعم.. أحضر سيارتي إلى المشفى.... تأكد من ذلك... اتصل بهم .. نعم ستكون ساعتان كافية.. حسنا عمل جيد..
أقفل إيريك الخط وأعاد الهاتف إلى جيبه، وقف قليلا ينظر للفراغ ثم أطلق تنهيدة متعبة، نظر ليوليوس نظرة باردة بينما الاخر كان فقط يبادله التحديق بدون تعبير، هذان الاثنان يواجهان صعوبة فالتوافق حقا، لا أحد منهما يهتم بالآخر فقط لكل من هما هدف نصب عينيه.
يوليوس *هل سيذهب بسيارته؟ إلى أين لا أظن أنها ابتعدت كثيرا حتى يستعمل سيارته؟ من هؤلاء؟ بمن يتصل هل هو رجل عصابات من نوع ما؟ ماذا عن انجي؟ أفضل أن لا أسأله سيغضب أكثر فحسب*
ايريك: انهض سنذهب الآن
تبعه يوليوس في هدوء، أستمر بالمشي معه حتى وصلا إلى خارج المشفى وجد رجلا يبدو في منتصف العمر، يقف منتصب القامة كحارس شخصي واضعا يداه خلف ظهره، مظهره يعطي انطباع الجنود السابقين وكاريزما طاغية، تقدم قليلا لمجرد رؤيته ليوليوس وايرك ثم انحنى باحترام أمام ايريك واضعا احدى يديه على صدره للتحية وقدم كف يده الثانية لايريك التي كانت تحمل مفتاح سيارة قائلا:
-سيدي السيارة جاهزة وقد قمت بكل الإجراءات اللازمة التي أخبرتني بها، -التفت إلى يوليوس باحترام- أقدم تحيتي للشاب أولفر.
يوليوس: ؟؟؟؟؟
ايريك -مبعثرا شعره بشكل عشوائي-: أنا لست سيدك وتوقف عن التصرف هكذا~~ اااا سحقا سنتحدث عن هذا لاحقا.
رمى ايريك المفتاح ليوليوس: أنت ستسوق السيارة.
يوليوس ببرود: حسنا.
ايريك: لنركب سأوجهك
انطلق يوليوس مع ايريك ورغم أن الكثير من الأسئلة كانت تجول بخاطره إلا أنه لم ينطق بحرف واحد، يوليوس متأكد أن الكثير من الغموض يحوم حول إيريك وانجي يعلم يقينا أن شيئا غير طبيعي وفوق الاعتيادي يجري بين هذين الاثنين، ومع ذلك فضل أن يعرف كل شيئ في وقته ليس من الحكمة أن يتدخل في عمل ايريك فهو لا يريد أن يتم إقصائه، ايريك يبدو عاديا ووديعا لكن إذا أراد أن يحرك إصبعا فلن يحلم يوليوس برؤية أنجي مرة أخرى في حياته..
كان الطريق مألوفا بالنسبة ليوليوس، أليست هذه هي الطرق الفرعية التي تقود لمنزل أنجي؟ هل نحن متوجهون لمنزل أنجي؟ هذا غير منطقي كيف تستطيع أن تصل إلى هناك بهذه السرعة؟ لا يهم لنثق بايريك فقط..
إيريك يسند وجهه بيده وينظر إلى خارج النافذة بلامبالاة: اسمعني جيدا.. أقول هذا ولن أكرره، مهما كان الوضع لا تستغرب جاريني فالحديث ولا تتفوه بالهراء.
يوليوس: حسنا
ايريك بنظرة ساخرة: ألن تسأل عن التفاصيل؟
يوليوس محافظا على ملامحه الباردة: لا أهتم.
ايريك: جيد ليس وكأنني سأخبرك على أي حال.
خيم الصمت مجددا، ماهي إلا لحظات حتى وصلا لوجهتهما وكما توقع يوليوس كانا قفان خلف الشارع التي يتواجد به منزل إنجي.
ايريك: توقف على ذلك الجانب سنترجل من السيارة هنا..
أدار يوليوس مفتاح السيارة ثم انتزعه ليضعه في جيبه ثم فتح باب السيارة ليخرج وما كاد أن يضع قدمه على الأرض حتى سمع صوت استهجان واضح طبعا ومن غير ايريك الذي يحدثه بتكبر واستعلاء مع الاستنكار:
-من قال أنه يمكنك النزول بدون إذني، هل تريد أن تعود إلى المنزل باكيا..
التفت يوليوس لايريك ويا ليته لم يفعل كان يشعر يتقزز من تعابير وجه ايريك، يوليوس يكره أن يفرض عليه سيطرته ويعامله كدمية في مسرحيته لكنه لا يستطيع فعل شيئ الآن.
يوليوس*اخخخخ وجهه يجعلني أريد أن اضربه*
ايريك: أعد المفتاح لمكانه فالسيارة لا توقف المحرك.. ثم اتبعني.
يوليوس مستغربا *إذن يريد أن يترك سيارته هنا مع المفتاح*
ايريك: لا تتجرأ حتى على رفع عينيك طأطئ رأسك وامش بخزي، لا أريد أن أرى عينيك حتى.
تجاهل يوليوس إهانات إيريك وتبعه كظله...
وصلا بعد دقائق معدودة إلى باب منزل أنجي، منزل أنجي واسع جدا يبدو كمنزل عائلي مع فناء كبير، وحديقة بهية أمامها يبدو أنهم يعتنون بها جيدا، تقدم ايريك بدون مقدمات إلى باب المنزل دق الجرس.. واتنظر قليلا..
التفت إلى يوليوس الذي كان يقف وراءه على بعد خطوتين: ما الذي تنظر إليه أيها الأحمق، اخفض رأسك.
يوليوس: يمكنك التوقف الآن، لقد سئمت من سماع هذا..
ايريك يتمتم بعبارات لم يستطع يوليوس أن يفهمها.
ايريك يضرب الباب بقوة: انجي أنا هنا أعلم أنك بالداخل لذا افتح فقط، أن تجاهلتني فسأبقى هنا فقط، اووو ربما أخبر جاري الميكانيكي أن يفتح القفل، قبل هذا أليست الشرفة من الزجاج، يمكنني كسره كما تعلمين..
سكت قليلا ثم نظر إلى يوليوس وزم شفتيه بامتعاض، وكأنه يستخدم شيئا لم يرغب به.
انجي: احزري من معي، يوليوس هنا، لا تستطيعين أن تتركيه ينتظر هكذا.
لحظات وفتح الباب. لم تخرج انجي لكن ايريك دخل بكل ثقة مشيرا للآخر بأن يتبعه.
البيت يعمه الفوضى، يبدو مهجورا نوعا ما والعديد من الأشياء ملقاة هنا وهناك، تقف إنجي كظل بملابس النوم خاصتها وشعرها المنكوش في زاوية غرفة الجلوس متكأة على الحائط تضع يدها على خزانة وضعت فوقها مزهرية من نوع ما الزهور بها تبدو حيوية وجميلة، على عكس إنجي التي تبدو كالشبح أكثر منه كإنسان.
إنجي بنبرة حادة: إذن ما الذي جاء بك؟
إيريك -بنبرة طفولية-: هيييي لقد جئت للاطمئنان عليك مرت فترة منذ رئيت وجه طالبتي العزيزة، تعلمين من مسؤوليات البروفيسور الاهتمام بطلابهم.
يوليوس: إنجي هل أنت متضايقة من وجودي؟ 😢💔
تقدمت انجي إلى الضوء قليلا: حسنا أنا فقط منزعجة بسبب ضيف آخر غير مرغوب به.
ايريك ملقيا نفسه على الأريكة بحركة درامية: هذا قاس إنجي على الأقل ردي على كلماتي، ثم أنا من أحضرته.
أنجي تتمتم: يبدو أنك تعرف جيدا كيف تلعب بطاقاتك.
جلس يوليوس على الأريكة بجانب إيريك بينما أحضرت إنجي كرسيا لتجلس مقابل يوليوس.
إيريك يسأل إنجي بتعابير لم يفهمها يوليوس: هل هم هنا؟
إنجي بلا مبالاة: لا أعلم؟ هل حدث شيء ما؟
إيريك: مجرد أمور تافهة، على كل حال متى تريدين العودة إلى الجامعة -ثم بعيون مستديرة كبيرة كالقطط الأليفة- ألم تشتاق لهذا الأستاذ المسكين المنبوذ، أنا أمر بوقت عصيب كما تعلمين ومع هذا حرصت على تفقدك.
إنجي: وما دخلي بالسيد المنبوذ، أنت منبوذ بسبب شخصيتك السيئة فقط.
يوليوس ساخرا: إنجي على حق أنت مجرد غريب أطوار يستمتع بالتطفل على خصوصية طالبته بحجة تفقدها.
إيريك بعد أن لف ذراعه محاصرا رأس يوليوس: أيها الشقي
إيريك -سد أنفه موضحا تقززه-: إنجي هل أنت حيوان من نوع ما، ما قصة كل هذه الفوضى، فالواقع حتى الحيوانات تعيش في بيئة نظيفة.
يوليوس: أيها ال@$^*@-
إنجي: إذن أنت هنا للتنمر علي.. سأكون شاكرة إذا خرجت بسبب القذارة هنا..
نكز إيريك يوليوس، فهم يوليوس قصده بلمح البصر ثم تنحنح قائلا:
-سأتصل بهانا وهارو ليساعدانا بالتنظيف على كل حال.
-إنجي ليس هناك داع أستطيع أن أقوم بذلك وحدي كما أن أريج وأمي قادمتان فالسماء.
يوليوس: لا بأس فلديهما الكثير من وقت الفراغ ويبدو أن هانا مشتاقة لك.
................
~في هذه الأثناء انتفض هارو الذي كان غارقا في الأعمال فتعجبت هانا وسألته:
-أخي ما بك هل تشعر بالبرد؟
رد هارو بعيون دامعة:
-أختيييي أنقذيني أرجوك ذلك الفتى لا يهتم بالمشاريع وأنا يجب أن أقوم بكل العمل لوحدي.. -استنشق مخاطه ثم أكمل- يجب أن أحافظ على مستواي ومكانتي على الأقل لا أريد أن يتحطم مستقبلي أيضا بغد أن حطمت تلك الشيطانة سمعتي
ضربت هانا الطاولة قائلة: أتفهم موقفك لكن لا تتحدث بالسوء عن إنجي
..............
إنجي بقلة حيلة: ااااا فقط أفعل ما تريد.
ابتسم إيريك ابتسامة صغيرة إلا أنها تحمل الكثير من المشاعر المتضاربة، ثم قام على عجل ملتقطا بضع قارورات من على المنضدة الزجاجية قائلا:
-أكره التنظيف لكنني سأبقى قليلا حتى يصل الأطفال الباقون.
-تن تن
هانا: أخي يبدو أن يوليوس أرسل رسالة.
هارو ملتقطا هاتفه بابتسامة: يبدو أن صديقي الصدوق قد تذكر فجأة أن لديه صديقا..
تعكرت تعابير وجه هارو وكأنه رأى شيئا مقززا مما جعل هانا تتساءل وهي تنظر بفضول لهاتف أخيها:
-ما الذي يقوله يوليوس؟
ألقى نفسه على الطاولة واضعا وجهه عليها ويديه تنسدل باستسلام لم يجب على أخته التي برقت عينيها بفضول واكتفى بأن أدار هاتفه لوجهها.
على عكس أخيها تهلل وجه هانا وارتسمت تعابير الفرح على محياها بسماع أخبار عن صديقتها، هانا ستذهب لأول مرة لمنزل أنجي مما جعلها متحمسة جدا للفكرة سحبت يد أخيها قائلة:
-أخي أخي سنذهب لمنزل إنجي لأول مرة ألست متحمسا.. أتساءل كيف يبدو.
هارو برتابة: نعم نعم أنا متحمس جدا لتضييق ما تبقى من وقت المشروع..
دفن وجهه بحقبيته التي كانت بجانبه متمتما: أنا مغلوب على أمري.. لقد تحطمت سمعتي والآن درجاتي.. انتهى أمري بالفعل... يوليوس لماذا تفهم هذا بي أليس لديك رحمة..
وضعت هانا يدها على وجهها في حيرة:
-أخي كنت أفكر بأن أخبر كيوكو سينباي بأن تنجز المشروع ثم تشرحه لك. -بنظرة جانبية تفقدت اخاها-
كما هو متوقع أشرقت تعابير وجهه فجأة لكنه تذكر فجأة..
وضع يديه مقابلة وجهه واغمض عينيه بهدوء ما يشبه حركة صلاة البوذيين وتمتم: آسف يا جدي فالسماء أنا مضطر لاستخدام مثل هذه الحيل الرخيصة.
ثم أمسك قبضتيه بإحكام: - وهل هذا خطأي حتى؟ كل هذا بسبب تلك الشيطا~~
قبل أن يكمل كلامه أمسكته هانا من أذنه وسحبته: توقف عن هذه التصرفات الغريبة أنت تحرجني.
هارو متألما: إييتتت إييتتتت هذا مؤلم حسنا دعيني أحزم أشيائي.
استقل هارو وهانا سيارة متوجهين للعنوان الذي أرسله إليهم يوليوس.
فجأة هانا تكلمت بصوت عال وكأنها تذكرت شيئا مهما: ايييه تذكرت
رد هارو فزعا: هيي ماذا؟ ماذا؟ هل أخبرتك أتجي أن تبيعي اعضائي الداخلية لأنها مدينة؟
هانا: ما مشكلتك مع انجي بالضبط.... حسنا فالرسالة ألم يخبرنا يوليوس أن نتأكد من أن لا ننطق بحرف عن أحداث الصباح وكأن إنجي لم تخرج من منزلها.. أخي أليس هذا غريبا قليلا؟
هارو باستهجان: أعتقد أنني سأموت إذا رأيت شيئا واحدا طبيعيا في تلك الشيطانة.
هانا: أنا لا أمزح
هارو: هل تظنين أنني أمزح لا شيء طبيعي بشأنها
هانا: اممم أنت محق نوعا ما، ربما بسبب النسيان الذي تعاني منه.
هارو: يمكن لكن عادة عندما ينسى شخص ما شيئا ما فهو يريد أن يتذكره
هانا: ربما لأنها صغيرة فالسن لا تريد أن تتعرض للضغط بسبب نسيانها المتكرر..
هارو يلعب بهاتفه: ما الفائدة من العيش إن لم تكن تتذكر شيئا
نظرت هانا لأخيها باستغراب من عبارته بالعادة كانت لتجادله، لكن لسبب ما لم تستطع الرد أو بعبارة أخرى هي لم تجرد كلمات لترد عليه، طأطأت رأسها ناظرة لقدميها، وتساءلت ما الذي تعرفه عن هانا حق؟ باسترجاعها لذكرياتها القليلة معها لم تجد الكثير منها، في كل مرة يلتقون بها أو تكون بجوارها هي من تتكلم كثيرا بينما أنجي تكتفي بالاستماع وتقديم بعض الانتقادات الساخرة، ثم أدركت هانا أن إنجي لا تبدو كشخص يريد الحياة بل كشخص مجبر على العيش فقط.