-أخي وصلنا.
قالت هانا بحماس بالغ مربتتة على كتف أخيها، الذي لا يبدو عليه أدنى اهتمام.
هارو بلامبالاة: -وصلنا؟ اوه لماذا يجب أن أعاني من أجلها ااا هذا مرعب حقا..
هانا: -ما الذي تعنيه يالمعاناة؟ -ثم أمسكت يديها بامتنان شديد ناظرة للسماء- نحن سنساعد فالتنظيف فقط من أجل صديقتي العزيزة.
هارو: -بنظري هي عملية معقدة داخل زنزانة، مهما يكن يجب أن لا نستفز زعيم الزنزانة...
قاطعته هانا بنظرة باردة: إذا كان لديك كل هذا الوقت لتدمن الألعاب ألى يفترض بك القيام بمهامك بدل إلقاء اللوم على شخص ما..
أكمل هارو كلامه متجاهلا تعليق أخته وذراعيها بجدية: أختي الصغيرة اللطيفة يجب أن تنتبه لكل كلمة تخرج من فمك أمام زعيم المغارة -ثم أغمض عينيه بخوف وأكمل- سيقضى علينا من أدنى كلمة خاطئة.
أبعدت هانا يديه قائلة: -أنت ممثل جيد حقا، كفاك هراءا ودعنا ندخل.. حسنا من الأفضل أن تلتزم بنصائحك إن لم ترد أن يجعلك يوليوس كيس ملاكمته.
ابتلع هارو ريقه بامتعاض مدركا الخطر الحقيقي الذي يواجهه وتمتم بيأس: -البحر من أمامنا والعدو من ورائنا.. حكم على حياتي بالفشل منذ أمد بعيد.
لم تهتم هانا لتذمر أخيها فقد اعتادت عليه منذ صغرهما، كانت تتطلع لرؤية منزل صديقتها فالبنسبة لهانا كانت هذه علامة لتوطيد صداقتها بأنجي...
توقفت قليلا أمام باب الفناء في حيرة هل تدخل أم تدق الجرس، سيكون من الغريب أن تدخل بدون إذن..
هارو- ماذا هناك هانا؟ لما لا تدخلين؟
هانا: -اممم ألن يكون من الوقاحة أن ندخل هكذا فقط؟
هارو: -ها؟ نحن لسنا فاليابان، ما دام مفتوح ادخلي فقط ، ثم ماذا؟ هذا منزل الشيطانة أليس كذلك؟ كل البروتوكولات والحدود الاجتماعية. تسقط بحضرتها..
هانا: أخيييييي
هارو ضارب الأرض في حركات لا مغزى لها ويديه في جيوب بنطاله: ماذا؟ أشك أنها ستخرج لتفتح الباب على أي، ثم أنهم يعلمون بقدومنا لذا لندخل فقط .
هانا: أظن أنك على حق. لندخل...
أبدت هانا إعجابا واضحا بالفناء الواسع، كان يحتوي على مختلف الورود وتشكيلات متناسقة من الأشجار الصغيرة مع شجرة تين كبيرة في الزاوية الخلفية، ليس من المعتاد رؤية مثل هذه الأشجار في كندا، ربما هي هواية من نوع ما.
لاحظ هارو إعجاب هانا الواضح في عينيها وحركات رأسها الطفولية كطفل يرى البحر لأول مرة ابستم بهدوء وقال:
-يبدو أنهم يملكون فريق بستنة مميزا.. أردف بصوت أعلى- ااا حتى الشياطين يمكن أن تمتلك ذوقا جيدا.
عندها فقط التفت الأخت إلى أخيها محكمة قبضتيها إلى الأسفل: -أخي أين أخلاقك أنت وقح للغاية، أنت في منزلهم ماذا لو كانت عائلتها هنا.
هارو: هل أنت غبية؟ لماذا تستدعينا وعائلتها هنا.
فجأة سمع الأخوان صوتا من أمامها:
-أيها الأولاد توقفا عن الجدال وادخلا الآن.
كان صوت ايريك الذي حمل جاكيته بيده يبدو أنه كان يستعد للخروج.
فتح الباب على مصرعيه متيحا لهما المجال للدخول ولم يلبث أن انطلق لمجرد دخولهما بدون أن يضيف شيئا.
انفجر هارو ضحكا أول ما رأى البيت: ما هذا؟ هل الفناء مجرد تمويه لعرين الشيطان..
بدت هانا على وشك البكاء من تصرفات أخيها المحرجة بينما خرجت إنجي من المطبخ لتتوجه إليهما، وسرعان ما بدت تعابير الصدمة على كليهما...
إنجي: -ماذا؟ هل رأيتما شبحا
نظر الأخوان لبعضهما متسائلين ما قصة ملابس النوم وهذا المظهر الذي يوحي بأنها استيقظت من دقائق قريبة.
بينما تقدم يوليوس حاملا بيده كيس قمامة:
-هانا ألم تشتاق لصديقتك، أظن أنها من بين الفرص النادرة التي تسمح لك إنجي فيها بالدخول إلى منزلها.
فهمت هانا المغزى وتقدمت لتحتضن صديقتها بحماس:
-إنجييييي لقد اشتقت لك
ابتعدت إنجي من طريقها بخفة لترتطم بالجدار، بينما اشاح يوليوس بنظره كاتما ضحكته بصعوبة، أما ذلك الأخ العزيز فلم يكلف نفسه عناء كتم ضحكته، بل قهقه بصوت مدوي ممسكا ببطنه من الألم.
هارو ماسحا دموعه: -إنجي لم تتغير حقا، أنت أسوء غريبة أطوار رأيتها في حياتي.
ضربه يوليوس لمؤخرته مما جعله يجثو على ركبتيه قائلا: - ما الذي تفعله مستلقيا هلى الأرض هل أنت أميرة؟
رد هارو ممسكا بمؤخرته: أنت من ضربني أيها اللئيم
يولويوس: -وقت التنظيف
هارو واضعا يده على جبينه: ااا سندريلا هذه وزوج والدتي-نظر بنصف عينه لإنجي- حتى شيطان كيف يمكنني أن أتحمل هذه الحياة المتعبة.
إنجي بتقزز: -كان سيكون أفضل لو أحضرت شركة تنظيف فقط.
هانا: لا تهتمي له إنجي، هو يجب أن يكون دراميا جدا. إذن أنا سأنظف من هنا وهارو سينظف من هناك
أستمر الأربعة بالتنظيف بهدوء إلا من تعليقات هارو الدرامية التي تلاقاها ضربات يوليوس كرد صامت لها، هانا سعيدة جدا لوجودها مع إنجي بينما إنجي لم تهتم حقا هي فقط تجاريهم.
دق هاتف المنزل الموجود على منضدة في زاوية مظلمة من غرفة الجلوس، انتبه الكل للصوت لكن أحدا لم يعلق، بينما وقف الشعر في جسم هارو من الرعب هو مرتعب لكن لا يدري عن السبب فقط حدسه يخبره أن لا يتكلم عن الموضوع.
ما كاد أن ينبه هانا حتى نطقت: -إنجي الهاتف يرن منذ مدة ألن تجيبي؟
إنجي: -لا يهم سيردون عاجلا أم آجلا
اتسعت عينا هارو في رعب بينما لم تفهم هانا المغزى من رد صديقتها وأكملت التنظيف فقط.
يوليوس عاد من الفناء حاملا بعض مواد التنظيف ربما أحضرها من الملحق، سمع صوت الهاتف من الباب وبخطى متسارعة اتجه لمكان هارو الذي بدى وكأنه يستجمع هدوءه بصعوبة:
-هارو هارو ما الذي حدث؟
لم ينظر لصديقه حتى إلا أنه أجاب:
-لا شيء فقط الهاتف يرن منذ مدة
يوليوس بقلق بالغ: -لم تقولوا شيئا أليس كذلك
هارو: -نبهتها هانا بأن الهاتف يرن فقط
جحظت عينا يوليوس ناظرا للهاتف الذي لا زال يرن وتمتم: هذا خطأي كان يجب أن أنبهها
هارو: إذن ماذا؟ فقط قل شيئا يوليوس