- "هل تعتقدين أن الأموات مخيفون لهذه الدرجة" ؟

سألني ذلك الشيطان بعد أن رمي في وجهي أوراق قصة

"المراقب" حاولت أن أكبح خوفي لكنني كنت أرتعش يبدو أن القصة لم تعجبه؟ ولم تخفه لا أعرف ما الذي سيخيف شخصاً مثله ؟ ؟

- أعتقد أنهم مخيفون إلى حد ما ...

أجبت بصوت مخنوق ...

- - "مضحك ومبتذل أيضاً هل تعرفين ما هو الشيء الأكثر رعباً من الأموات ؟"

- ما هو ؟ ؟

" الأحياء بالطبع هم أكثر إخافة من الأموات"

أصبح قلبي يدق بشدة وأنا أنتظر مصيري والعقاب الأول، يبدو أنه لم تعجبه القصة ما الذي سأفعله الآن وكيف سأنجو ؟

نهض من على مقعده وتوجه إلي بخطوات سريعة ومخيفة قلت بكل توسل ورجاء وخوف

- أرجوك أعطني فرصة فقط فرصة واحدة ...

مسكني من يدي كالعادة التي شعرت بأنها ستنخلع، سحبني وأنا ما زلت مستمرة في التوسل والبكاء، حتى وصلنا إلى سلالم الخروج من المكتبة ثم قال:

- "يؤسفني أنه لا يوجد فرص هنا كما اتفقنا العقاب الأول هو لعبة "أوزيس وأوريس"، عليك أن تخرجي إلى المنزل وابدئي بالهروب والاختباء جيداً المنزل سيساعدك لأنه عبارة عن قصر لذلك ستكون لك فرص كثيرة للاختباء إذا كنت ذكية، ولكن احذري من أن أجدك أنا أو ...

- أو ماذا ؟ ؟

سألته بعد أن سكت

- "أو سيجدك غيري أيضاً هناك دخلاء في اللعبة لذلك يجب أن تختبئي جيداً لمدة عشر دقائق ..

هناك من ؟ ؟

لم أنته من تساؤلاتي إلا وفتح باب المكتبة ورماني بالخارج أخذت لحظة من الصمت والاستيعاب لكي أرى ذلك القصر المخيف المرعب المظلم، كان الهدوء قاتلاً ذلك الهدوء الذي تظن أنك أصبحت فيه أصم، تقدمت إلى الرواق بخطوات بطيئة مرعوبة كل مخاوفي الآن تتمركز في عقلي، العرق يتأرجح على بشرتي، أنفاسي أكتمها من شدة الخوف حتى شعرت بأني سأختنق، قدماي لم تعودا تعرفان أين ستذهبان وماذا ستفعلان وكيف ستتحركان؟ حتى سمعت صوت امرأة تضحك هنا قفز قلبي وبدون شعور ركضت بسرعة لا أعرف إلى أين؟ استمررت بالركض بحذر بشكل دائري في الطابق الثالث حتى وصلت عند مزهرية عملاقة جلست خلفها منطوية على نفسي وأنا أضع يدي على فمي ودموعي تكاد تغرقني كنت أدعو أن تنتهي الدقائق العشر بسرعة لكن أعلم جيداً بأنها ستكون بالنسبة لي عشر ساعات أو عشرة أعوام....

- "ماريانا"!!!

سمعت صوت ذلك الشيطان يناديني علمت أنه بدأ بالبحث عني مستمتعاً بهذه اللعبة ..

"هل تخافين من الأموات لهذه الدرجة؟ محبط .. أنا محبط كنت أظن أنكِ متمرسة في كتابة الخوف بشكل أفضل من المسرحية التي كتبتها ...

يبدو أنه كان يمسك بعصاً حديدية لأنني أسمع ضربتها على سور الطابق، سمعت أنه اقترب مني علي أن أنزل إلى الطابق الثاني، تحركت بهدوء وأنا أزحف على ركبتي ويدي وكأنني بالفعل فأر يهرب من قط، زحفت بشكل أسرع حتى وصلت أخيراً إلى السلالم وهنا نهضت على قدمي ونزلت بسرعة ....

- "رأيتك"

69

قالها وهو يضحك وينظر إلي من الأعلى أكملت الركض بسرعة وأنا على وشك أن أفقد قلبي وعقلي وروحي معاً، أما هو فقال ضاحكاً بطريقة مرعبة:

- استمري في الركض ليس المهم أن أراك المهم أن لا أقوم بالإمساك بك، اختبئي جيداً أنا قادم"

وصلت إلى الطابق الثاني الطابق الذي فيه غرفتي التي أنا حبيسة بها لكن لا أعلم أين هي؟ كان الطابق مليئاً

بالأبواب التي لا تعد ولا تحصى، لا أعرف أين أذهب لذلك ركضت باتجاه باب وفتحته ودخلت أغلقت الباب بهدوء، لكن الهدوء لم يكن موجوداً في الغرفة، فجأة سمعت صوت أحد يتنفس بقوة هنا من دون أن ألتفت زحف الخوف على جسدي، أرغب بالالتفات لأرى على من دخلت وهو يتنفس ؟ أو أخرج وأجد ذلك الشيطان بالخارج؟ هنا قررت الالتفات بهدوء وجسمي كله يرتجف كتمت أنفاسي والتفت بهدوء حتى رأيت غرفة تشبه الغرفة التي أنا كنت بها، سرير وتسريحة وخزانة ملابس الفرق أن هناك جثة مستلقية على السرير تتنفس ؟ ؟

التصقت بجسدي على الباب وأنا أراقب هذه الجثة التي كانت مستلقية بشكل مستقيم على السرير ومغطاة بالغطاء الأبيض، أسمع صوت ذلك الشيطان بالخارج يغني ويدندن، إذا خرجت فسيمسك بي ويقتلني لا أريد أن أموت

لا أحد يريد أن يموت هذا يعني أنه ليس لدي خيار آخر غير أنني أبقى هنا مختبئة مع الجثة التي تتنفس حتى تنتهي العشر السنوات أقصد عفواً العشر الدقائق، لكن فجأة وقع قلبي أكثر وأكثر عندما سمعت صوت طرقات على الباب؟ هل هذا يعني أنه وجدني ؟ لم أنته من تفكيري وخوفي من

الشيطان إلا وفجأة نهضت الجثة واعتدلت في جلستها هنا شعرت بصاعقة خوف حادة أصابت جسدي كله، انتهى وقت الاختباء سأخرج وليحدث ما يحدث أمسكت مقبض

70

الباب وحاولت فتحه لكنه رفض أن يفتح، أسمع صوت طقطقة عظام الجثة هذا يعني أنها وقفت على قدميها وهي قادمة نحوي،

أصبحت أصرخ وأطرق الباب بكلتا يدي حتى شعرت بأن يدي أصيبتا بشدة، أصبحت أشعر بأنفاس الجثة المتعفنة ملتصقة في رقبتي، وأخيراً، فتح الباب ووقعت أرضاً وأنا أبكي وأصرخ لقد جن جنوني من أول اختبار فقط،

بعدها رأيت أنني واقعة عند أقدام ذلك الشيطان رفعت رأسي وهنا من جديد كاد أن يتوقف قلبي ولا أعلم متى سيتوقف وأرتاح

، كان ذلك الشيطان يلبس قناعاً جديداً وكان أشدها رعباً وإخافة من الأخرى كان القناع لونه أبيض شاحب ذا ابتسامة لم أر أرعب منها في حياتي،

ابتسامة عريضة صفراء مع اللثة الحمراء أعين بيضاء زجاجية تجاعيد وتفاصيل مخيفة وغريبة في القناع .. مد يده إلي قائلاً :

تهانينا لقد انتهت العشر الدقائق استطعت النجاة واختبأت جيداً" ثم أكمل حديثه بسخرية:

- "يبدو أنك ماهرة في الاختباء أكثر من مهارتك في الكتابة .."

أما أنا فقد ابتلع الخوف والصدمة لساني، ما الذي سأفعله في الأيام القادمة؟

- " عن أي أيام تتحدثين ؟ يجب أن تفكري في هذه الليلة التي لم تنته بعد الآلة الكاتبة تنتظرك لا تنسي بقي لديك قصتان لكي تكتبيهما لي"

- هذه المرة الثانية التي يسمع فيها أفكاري؟ هل حقاً يسمعها ؟ ؟

أمسك بي من ذراعي كالعادة وسحبني وأنا شبه مستسلمة أشعر بالتعب من الركض والخوف والرعب والدوار والغثيان، أشعر بأنني أعيش آخر ساعات حياتي، عدنا إلى المكتبة وجلست على مقعدى المخصص للكتابة وأنا أنظر

بيأس إلى الآلة الكاتبة، لم أظن يوماً أنني سأشعر باليأس تجاه الكتابة

"انظري الآن الساعة أصبحت الواحدة بعد منتصف الليل لا تخسري وقتاً أكثر وتذكري جيداً ما هو العقاب الثاني للعبة"

قالها وهو يحرك أصابعه الطويلة أمام عيني هذا يعني أنه إذا لم تعجبه القصة الثانية فسيقوم بقطع أصبع من أصابعي سيكون الوضع مؤلماً كثيراً لا أريد أن أفقد أحد أعضاء جسدي أفضل الموت كاملة بدون نقص ..

رفعت رأسي باتجاهه وعيناي كانتا مليئتين بالدموع والحقد والخوف والرعب

- حسناً أنا مستعدة لكتابة القصة الثانية ... -

لكن أولاً يجب أن تخبرني على الأقل بملاحظاتك أليس كذلك؟ أنا من حقي أيضاً أن أعرف معاييرك ما هي ؟

رد متنهداً :

- "أنت تفاجئينني أحياناً لكن لا بأس سأعطيك مساعدة، لم تعجبني هذه القصة لأنها كانت مملة نوعاً ما، مكررة، مبتذلة، أيضاً لقد قرأت جميع رواياتك وكانت كل الشخصيات تموت لماذا سمحت لهذا أن يعيش؟

فجأة أصبحت تتعاطفين،

أو أنك كنت متعجلة وترغبين بتصريفي

بأي قصة، أريدك أن تعلمي أن ليست كل قصة أو رواية يطلق عليها رعب هي مرعبة بالفعل، الرعب هو أن يكون في الشعور أن يجري في دمك ذلك الرعب الذي تشعرين منه بالغثيان وهبوط في الدم وتقلص في المعدة، الرعب نفسه الذي شعرت به في الخارج اكتبيه هنا ...

- ولكنك لا تخاف من أي شيء كيف يمكنني أن أرعبك ؟ مهما فعلت فلن يعجبك شيء

- "ألست واثقة من قدراتك ؟"

- بالتأكيد واثقة لكن ليس مع مختل عقلي..

ضحك بقوة قائلاً:

"نعم هذا ما أقصده المختلون عقلياً يشكلون نسبة كبيرة من الرعب أكثر بكثير من الأشباح السخيفة والسحر والشياطين التي يكتب عنها مؤلفو الرعب، إنه رعب مبتذل وممل وسخيف لذلك أفضل أن أكون مختلاً عقلياً ولا أكون شبحاً ما رأيك أنت ؟؟"

أخرج من جيبه السجائر والقداحة وأشعل واحدة ثم مد لي واحدة:

- "تفضلي ستصفي ذهنك كثيراً هذه أول مرة أفعلها مع كاتب وأشاركه سجائري"

- لا ، شكراً أنا لا أدخن ...

- كاذبة لكن جيد إذا كنت تحاولين المحافظة على صحتك لذلك الآن ابدئي بالكتابة لكي تحافظي على حياتك"

2024/11/20 · 39 مشاهدة · 1281 كلمة
نادي الروايات - 2025