"إذاً حسناً دعينا نتفق أرغب بأن أكون شخصية خيالية في إحدى روايتك المروعة، لكن من فضلك لا تجعليني أموت اجعليني أنا الموت"!
- من الجيد أنك تعرف نفسك أنت ستكون الوحش في قصصي دائماً ...
- "لذا من فضلك بعد الانتهاء من الرواية لا تنسي أن تخبري الجميع في أي فصل يقبع الوحش"
. بالتأكيد سيكون لك فصول كثيرة أليست الوحوش دائماً
ما يكون البقاء لها ؟ ...
قال بطريقة ساخرة:
"شكراً لك على الإطراء الجميل، كلي طعامك الآن ونالي قسطاً من الراحة وتوقفي عن الأسئلة التي ليس لها معنى ولا تحاولي أن تلعبي دور الذكية يجب أن تلعبيه فقط في الساعة الثانية عشرة أثناء الكتابة"
خرج وتركني في حيرة من أمري وإحباط وتشتت من يكون هذا ؟ هل هو قاتل متسلسل ؟ هل هو شبح؟ هل هو شخصية خيالية ؟ هل هو وحش على هيئة إنسان ؟؟ لا أعرف حقاً كل ما أعرفه أنه يجب أن أفكر كيف أستطيع الخروج والهروب من هنا ؟؟ أحتاج إلى هاتف لكن من أين؟
انتهيت من تناول الطعام وتحممت وبدلت ملابسي، نظرت إلى العطور بالتأكيد واحدة مثلي في وضعي مخطوفة وعلى حافة الموت لن يكون لها أي نفس وأي نية وشغف أن تضع العطور على جسدها، لكنني فعلتها ولا أعرف
لماذا ؟ بعدها تأملت الغرفة بتركيز للمرة المئة على أمل أن ألمح شيئاً جديداً فتحة تهوية أو سلاحاً ينفعني أو أي شيء لكن لم أجد شيئاً، ثم تذكرت الحمام لم أتفحصه بالشكل المطلوب ذهبت إليه مسرعة ودخلته بدأت بتفحص السقف كانت هناك فتحة تهوية مع مروحة لكنها بعيدة السقف يأخذ مساحة كبيرة في الارتفاع حتى لو أحضرت شيئاً الأصعد فوقه لن أنجح بالوصول أبداً، حسناً يجب أن أنسى الآن أمر الهروب يبدو أن المساء اقترب يجب أن أفكر في كيفية كتابة قصص تناسبه، حتى لا أفقد أصابعي ولا حياتي يجب أن أصمد ليوم آخر أيضاً، كنت أحتاج ورقة وقلماً لكي أكتب أفكاري لكن على ما يبدو ممنوع الغش في هذه المدرسة التعليمية، فجأة سمعت صوت دقات أو كأن أحدهم يضرب في الحائط من الاتجاه المقابل، الحائط الذي يقبع
أعلى السرير نهضت بسرعة وتوجهت إليه ووضعت أذني
على الحائط لكن اختفى الصوت مضت ساعات النهار بسرعة البرق على عكس ساعات الليل التي وكأنها تتعمد أن تطول أكثر وأكثر، بدأ قلبي بالخفقان أنا من شدة الخوف حتى لم أحصل على فكرة أو إلهام لكي أكون منه قصة رعب تعجبه ما الذي أفعله؟ هل ستكون هذه آخر ساعات في حياتي ؟ فجأة تذكرت حديث أمي عندما أخبرتني قبل سنوات في بداية مسيرتي ككاتبة، أتذكر عندما رفض جميع الناشرين أول عمل لي بحجة أنه لم يكن بالمستوى المطلوب، لكن جميعنا نعلم بأن الناشرين ليس هذا هو سببهم الحقيقي بل السبب الحقيقي أنه لا أحد يعرفك، من المعروف أن الناشرين يسيرون على هذا النهج الذي أسميه غبياً وأنانياً وغير احترافي هم لا يقدرون الموهبة بل يقدرون الشهرة فقط، إذا كنت مشهوراً ولديك الكثير من المعجبين والمتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي حتى لو كانت مهنتك حفار قبور فسيقومون بنشر كتاب لك بدون تردد أما الكاتب الحقيقى الموهوب الذي ليس لديه شهرة
واسعة فسيرفضون عمله بسرعة كبيرة كل شيء يعتمد
على التسويق هنا، لذلك أخبرتني أمي بأن لا أستسلم ويجب
علي أن ألعب لعبة المماطلة، سألتها: وما هي المماطلة؟
قالت: مثلاً إذا الناشر رفض عملك وأرسل لك رسالة مبتذلة
مثل: أنتِ موهبة وعملك جميل لكن لا يناسبنا فقومي
بإرسال رسالة لهم وأخبريهم فيها: حسناً سأجعله يناسبكم
وأرسلي لهم العمل مرة أخرى بدون أي تعديل سيظنون أنك
قمت بالتعديل من أجلهم لكن هذا لم يحدث، إذا رفضوا
مرة أخرى وكتبوا سبباً آخر مثل اكتفينا، فقومي بالإرسال
لهم مرة أخرى بعد أن يفتتحوا استقبال النشر مرة أخرى
أخبرتها : لكن أمي أنا لدي كرامة والذي يرفض عملي لن
أعود وأرسل له العمل مرة أخرى، أخبرتني بأنه يجب أن
أضع كل شيء على جنب المشاعر الخوف الكرامة الخجل
القلق الإحباط، إذا كنت ترغبين بأن تصلي إلى مكان عال
في هذه الحياة يجب أن تكتبي أكثر ومع كل عمل ستجعلين
جميع الناشرين يحترمون كتابتك وعوالمك وشخصياتك
ويحترمونك أنتِ ستجعلينهم يركضون خلفك وهم يتمنون
أن ينشروا لك قصة واحدة على الأقل وأنت في ذلك الوقت
سترفضينهم أنتِ وليسوا هم من يقومون برفضك الحياة
يوجد فيها رفض كثير والرفض لا يتعلق أبداً بالكرامة، وهو بالفعل أصبح الآن جميع الناشرين يركضون خلفي لكن لم أكن أعلم بأنه سيكون هناك أيضاً شخص غريب مهووس يركض خلفي معهم!!
لذا يجب أن أستخدم معه أسلوب المماطلة يجب ألا أستسلم أبداً، إذا أخفقت في قصة وخصوصاً إذا أخفقت للمرة الثانية فلن أسمح له بقطع أصبعي، يجب أن أفكر بتركيز وذكاء يجب أن أفعل أشياء تجذبه؟ وبأي طريقة أقوم بالمماطلة لكن كيف؟ وهو يفاجئني بأفعاله المروعة ؟
لم أنته من التخطيط حتى انفتح باب الغرفة على
مصراعيه، يبدو أن الساعة أصبحت الحادية عشرة، كان يقف في عتبة الباب كالموت الذي أتى ليسلب روحي، وهو يلبس القناع أيضاً تساءلت: ألا يتعب من لبس الأقنعة؟ لا أعرف يجب أن أفكر الآن في نفسي وحسب...
قال بصوته العميق الذي أشعر بأنه يزداد عمقاً وخشونة أكثر في الليل:
- "لقد حان الوقت هل أنت مستعدة" ؟
نهضت بكل استسلام
- مستعدة . .
أمسك بيدي من معصمي وخرجنا معاً متوجهين إلى
المكتبة في كل مرة أرغب بتأمل هذا البيت أو القصر
المرعب لا أستطيع لأنني أكون سريعة ومتوترة، لكنني هذه
المرة ونحن نسير متوجهين إلى المكتبة في الدور الثالث
لمحت أشياء بسيطة من القصر، صحيح أنه كان مظلماً
وبشدة لكن لفت نظري أن هناك الكثير من التماثيل فيه
أيضاً ديكوره غريب لكن لم أستطع أن أحدد لأنه مظلم جداً،
وصلنا إلى الطابق الثالث بعد أن صعدنا السلالم الملتوية
الضخمة ما استنتجته أن القصر ضخم جداً ولم أر منه
إلا واحداً بالمئة، فتح باب المكتبة ودخلنا إليها كان لدي
فضول بشأن الرفوف وبشأن القصص الموجودة بها، لدي
فضول تجاه هذه السلالم الملتوية التي تقع في المنتصف
والباب المعلق المجهول في الهواء، يا إلهي أفكر كثيراً في
أشياء أخرى يجب أن أفكر في حياتي وحسب،
- "حسناً سأخبرك بأنك اليوم لن تكتبي إلا قصتين يجب أن تكوني سعيدة بسبب تعاطفي أو بالأحرى يجب أن ننتهي بسرعة لأن هناك شيئاً يجب أن أقوم به"
ثم استرسل في حديثه وهو يلتقط قصة من أحد الرفوف:
- "هل تعرفين أطول فترة لكاتب بقي على قيد الحياة كم
كانت ؟ ؟ "
قلت بفضول:
- كم ؟ ؟
- "لقد صمد لمدة ثلاثة أشهر، بعدها نفد مخزون عقله من الأفكار وانتهت حياته للأسف، لقد استمتعت كثيراً بقصصه كانت ممتازة ومرعبة
- حسناً إذاً ألا يوجد فترة محددة؟ أقصد كم علينا البقاء للكتابة؟ ألن يأتي يوم وتكافئنا بالخروج ؟؟ ضحك بسخرية
- - "مكافأة!!؟ أنا لم أحضركم هنا لكي أعطيكم مكافأة لقد أحضرت الجميع هنا للكتابة فقط لا يوجد غير الكتابة من أجلي"
- حتى متى ؟؟ حتى متى يتوجب علي كتابة القصص من أجلك ؟ ؟
"للأبد"
أنت كلمته علي كالصاعقة على قلبي وعقلي، هل سأبقى هنا للأبد؟ وهذا فقط إذا نجحت في كتابة القصص أو سيكون الموت مصيري خياران لا ثالث لهما الكتابة بشكل جيد سأبقى طوال حياتي محتجزة هنا وأكتب، الكتابة بشكل سين سأموت في كلتا الحالتين أنا ميتة لكن بشكل آخر،، شعرت بجميع أنواع الإحباط والاكتئاب تتدفق إلى عقلي
وروحي، لقد كنت أشجع نفسي قبل دقائق والإيجابية التي اكتسبتها اختفت بكلمة واحدة منه
- "حسناً أرى من ملامحك أنك شعرت بالإحباط وخيبة الأمل، هل تحبين المكافآت لهذه الدرجة ؟"
لم أرد عليه واكتفيت بالجلوس إلى المكتب مقابلة الآلة الكاتبة مسلمة أمري ..
أكمل حديثه بسخرية :
- "حسناً إذاً حتى لا أرغب برؤية هذه الملامح الحزينة إذا نجحت في كتابة قصتين جيدتين اليوم فسأقدم لكِ مكافأة" ... ..
قلت بحماس:
- ما هي ؟؟
- "بالطبع لن أجعلك تقومين بزيارة عائلتك"
قالها وهو يضحك ...
- تباً لك انس الأمر لا أرغب بشيء
- "ماذا قلت" ؟ ؟
- قلت لا أريد أي شيء ..
- "يمكنك أن تطلبي مني أي شيء إذا نجحت في كتابة قصتين تعجبانني سنناقش هذا الأمر بعد أن تنتهي"، ثم صفق بيديه بحماس
- "هيا لنبدأ ولنر ما العوالم والشخصيات التي تنتظرنا اليوم لقد بدأ وقتك الآن ولا تنسي ما هي العقوبات التي تنتظرك إذا فشلت في الكتابة"
اقترب مني كالعادة وهمس في أذني بنبرة تهديدية:
- "وأهم شيء لا تنسي أنك تحتاجين أصابعك العشرة كاملة حتى تكتبي، انطلقي .."
فكرت إذا أخفقت يجب أن أخفق على الأقل في المرة الأولى لأن المرة الأولى عقابها لعبة الفأر والقط، سأحاول أن أصمد في لعبة المطاردة المرعبة، لكن المرة الثانية يجب ألا أخفق أبداً لأنه ليس هناك فرصة أو خيار آخر غير قطع أصبع من أصابعي ..