كان لدي شعور بأنها لن تعجبه وأنا أيضاً لم تعجبني لكن أحياناً الكاتب يكتب أشياء لا منطق لها لكي يرتاح فقط من الواجب المنزلي وهو الكتابة...
نهض من مكانه بهدوء في صمت مخيف بعد أن وضع أوراق قصة مانيكان على المكتب بشكل عشوائي، كانت أنفاسي تتسارع وأنا أراقبه إلى أين يذهب؟ وصل إلى خزانة وقام بفتحها وأخرج الشيء الذي كان جاداً بشأنه، لقد أخرج قصاصة كبيرة وحادة تستخدم لقص الحديد والخشب وغيرهما هنا أنا ساد الرعب في عروق جسدي، سرق الخوف كلماتي وبقيت عاجزة عن التعبير أرتعش وأنا أرقبه قادماً باتجاهي بوجه القناع المتجهم المخيف، وصل إلي وأمسك بيدي وسحبني، وأنا أردد:
- أرجوك لا تفعل ذلك، أرجوك أعطني فرصة لا يمكنك أن تقطع أصبعي!!
لكنه كان كالأصم واستمر في سحبي من يدي حتى أجلسني في وسط المكتبة، أمسك يدي ورفعها قائلاً:
- بسرعة اختاري أي أصبع أقطع"؟
قلت وأنا أبكي:
- أتوسل إليك لا تفعلها ..
- "حسناً إذا أنا سأختار"
وما أن رفع يدي وأمسك بأصبع السبابة لكي يقطعها، صرخت
- هذا غير عادل إنه غش في قوانين اللعبة ...
توقف فجأة، وهو ينظر إلي:
- "ماذا تقصدين؟ كيف تتهمينني بالغش" ؟
هنا أدركت أنني يجب بكل قوتي وروحي أن أستخدم عقلي بذكاء وإلا فسأفقد أصبعي، قلت بجدية وأنا أمسح دموعي:
- يجب أن تطبق العقاب الأول وهو المطاردة، قلت إني إذا أخفقت في قصتين فستقوم بقطع أصبعي أليس كذلك؟ صحيح أن عقاب الخطأ الأول يعني القصة الأولى هو المطاردة أليس كذلك ؟
لم يرد علي وهو يستمع باهتمام.. ثم أكملت حديثي بحماس:
- إذا لم أخفق بالقصة الأولى فهذا يعني أن عقابها يكون للقصة الثانية.
قال بدون مبالاة:
- "لكن أنا قوانيني مختلفة من أنتِ لكي تحددي لي القوانين ؟ "
- أنا لا أحدد لك أي قانون لكن كوني كاتبة لي الحق
أيضاً في قول رأيي ألم تقل سابقاً إن على الكاتب أن يحترم القارئ وأيضاً على القارئ أن يحترم الكاتب ؟!! ...
قلتها وأنا أرتعش خوفاً بداخلي...
أفلت يدي وبدأ بالدوران حولي وأنا جالسة على الأرض مستعدة لأي شيء سيحدث لكنه على الأقل ليس أسوأ من قص أصبعي بقصاصة خشب كانت يداي تتعرقان وجسدي يرقص من شدة الخوف عرقي يكاد يغرقني ويغرق المكتبة, ثم جلس أمامي وهو ما زال صامتاً، وضع يده على قلبي قائلاً :
- اهدئي لماذا أنت متوترة هكذا؟ صوت قلبك من قوته وصل للأموات، أتعلمين بأنك أول كاتبة تجادلني بذكاء هكذا؟ لهذا أنت تعجبينني تعجبني أفكارك لذلك سنلعب لعبة المطاردة بدلاً من قص الأصبع"
هنا أنا شعرت بأن روحي عادت إلى حرفياً لكنني لم أكن أعلم بأن هذا الخبيث سيجهز لي أسوأ الكوابيس في العشر الدقائق في لعبة المطاردة ...
- " ولكن هناك قوانين جديدة يجب أن تفعليها اليوم؟"
كنت أعلم وكنت مستعدة بأنه سيفاجئني بشيء ما لذا قلت:
- حسناً ما هي ؟؟
أخرج ساعة رقمية من جيبه وأمسك بمعصمي وألبسني إياها :
- "هذه ساعة عليها توقيت عشر دقائق سيسهل ذلك عليك حتى لا تقولي عني بأنني مخادع وأني أقوم بتزويد الوقت، إذا انتهت العشر الدقائق فستصدر صوت رنين هناك أيضاً شيء آخرا"
- ما هو ؟؟ سألت بتوتر -
- "كل مطاردة لها عنوان خاص وأنت ملزمة ومجبرة بأن
تطبقيه، وهو حينما تبتعدين بشكل كاف عني عليك أن تقولي بصوت عال ولمرة واحدة هذه الجملة ..."
- ما هي ؟؟
"إذا جئت هنا لقتلي، فصفق بيديك .."
- ماذا ؟؟ هل ترغب أن أقول هذا بصوت عال حتى تمسك بي؟ أليس هذا غير عادل؟
- "لا يوجد لديك خيار آخر كوني ذكية ويمكنك أن تقوليها وتغيري مكانك سريعاً، هذا يكفي لقد أعطيتك اليوم صلاحيات كثيرة لم أعطها سابقاً لأي أحد غيرك، أو سنعود لقص الأصابع"
قالها وهو يحرك أصبعيه الاثنتين بحركة المقص ...
- لا لا حسناً أنا موافقة ومستعدة ...
. "حسناً إذاً هيا بنا"
كالعادة من المستحيل أن أسير وحدي، أمسكني من معصمي وصعدنا سلالم المكتبة فتح الباب وهنا أدركت أنه يجهز لي أشياء لا مثيل لها في الرعب، عندما رأيت القصر مظلماً بشكل غير طبيعي أنا حتى لا يمكنني رؤية كفي، عندما لعبت ليلة البارحة أول مطاردة كانت أضواء القصر طبيعية صحيح أنها خافتة لكنها كانت موجودة أما اليوم فمن الواضح أنه أغلقها متعمداً يبدو أنه يريد التخلص مني في أي فرصة
، كنت ما زلت أقف عند باب المكتبة التي ما زال نورها يشع قليلاً وكان هو يقف خلفي مستعداً بحماس للعبته المفضلة، التفت إليه لكي أعترض للمرة العاشرة
على قوانينه لكن عندما التفت إليه والتصق وجهي بوجهه اتسعت حدقتا عيني وشهقت لدرجة كانت روحي ستتيه قبلي في الظلام صرخت حتى وقعت أرضاً من بشاعة منظر وجهه أقصد قناعه كان قبل ثوان فقط يقف خلفي ويلبس القناع الأسود عندما كنت أكتب ولكن الآن يلبس قناعاً
آخر لا أعرف كيف بدله بهذه السرعة بدون أن أشعر ؟ كان القناع وكأنه وجه لرجل بدين ذي عينين سوداوين وأنف كبير واسع مفترش وفم مخيط بخيوط من كلا الجانبين، وقفت بسرعة على قدمي اللتين كانتا ترجفان ولعبة المطاردة لم تبدأ بعد نظرت إليه بشكل مباشر ثم نظر إلى ورفع معصمه لكي يريني الساعة ثم فتح أصابعه الخمسة وأنزل الأصبع الخامس ثم أنزل الرابع ثم أنزل الثالث ثم أنزل الثاني ثم أنزل الأول قفز قلبي من مكانه عندما أصدرت ساعتي رنيناً يشير لبدء وقت اللعبة، ثم قال بصوته الضخم:
- "اركضي" ..
ركضت بكل سرعتي إلى الأمام لا اعرف أين أتجه أو ماذا أمامي وماذا خلفي وماذا يوجد بجانبي؟
كنت أركض
في عمق الظلام بدون مبالغة ظلام وكأنني مغمضة عيني، حاولت أن أبتعد عنه أكثر لكن لا أعرف أين أنا؟ أردت أن أصل إلى السلالم لكنني كنت خائفة أن أقع من تلك السلالم العملاقة وأتدحرج وأسمع صوت عظامي تتحطم وجمجمة رأسي تتهشم بالطبع سيحدث هذا إذا وقعت منها لأنها كبيرة وطويلة بما فيه الكفاية، أتتني فكرة أن أقوم بالضغط على زر الساعة لكي تضيء لكني خائفة أن يرى هو إضاءة ساعتي ويعرف مكاني، لكن أظن أن ذلك المختل يستطيع أن يرى في الظلام كالحيوانات لا أستبعد أبداً، خففت من ركضي وأصبحت أسير بهدوء وأنا أتحسس بيدي وكأنني عمياء
، كان الوضع هدوءاً بطريقة مريبة حتى ذلك المختل لم أسمع له أي حس على عكس المرة الأولى لقد كان يصرخ ويدندن،
لكن يبدو الآن أنه يحضر لي مفاجآت في وسط هذا الظلام، أردت أن أنزل على ركبتي وأزحف مثل المرة الأولى وبالفعل نزلت بهدوء ولا أعرف أين موقعي بالضبط ؟ من الممكن أنني لففت على الدور كاملاً وعدت إلى باب المكتبة كل ما أعرفه
أنني ما زلت في الطابق الثالث طابق المكتبة لأنني لم أنزل من على أي سلالم بعد، أردت أن أجلس في زاوية لكن لا أفرق أين الزوايا في هذا الظلام، استمررت في الزحف بدون توقف حتى يدي لمست قدماً كانت قدماً باردة أنا واثقة أيضاً بدون حذاء أشعر بأنني على وشك الموت، فوق هذا كله لم أصرخ ما زلت متمسكة بالأمل الضئيل لكي لا يجدني وأستطيع أن أنجو هذه الليلة، انسحبت للخلف والتففت بجسدي وعدت زاحفة أدراجي لا أعرف أي أدراج؟ لكن انتهى بي الأمر بالصاق ظهري على حائط قررت البقاء هنا لفترة على الأقل لكن الهدوء مخيف جداً والأكثر أنني لا أسمع أي حس لذلك المطارد المختل، والأدهى أنا لست مستوعبة الشيء الذي حدث قبل قليل هل لمست قدم شخص حاف؟ أم كانت مجرد غرض أو من الممكن أن يكون تمثالاً؟ صحيح هناك الكثير من التماثيل لمحتها سريعاً في المنزل، فجأة سمعت صوته يضحك ؟؟ لقد نطق أخيراً كان صوته يأتي من الطابق السفلي هذا يعني أنه يظنني تحت
- "يجب أن تعطيني التلميح الذي اتفقنا عليه ماريانا وإلا فسيكون هذا غشاً وأنتِ لا تحبين الغش كثيراً ولا أنا أيضاً لذلك ستكون هناك عواقب
قالها بصوت عال لكي أسمعه، تباً لقد نسيت أنني من المفترض أن ألمح له، كيف ألمح له حتى يمسكني ويقتلني ؟ لكن يقول إذا لم أفعل فستكون هناك عواقب، حسناً يجب أن أقول الجملة بعدها سأغير مكاني بهدوء، أخذت نفساً عميقاً وأغمضت عيني وأنا أسمع صوت نبضات قلبي الذي يكاد أن يخرق صدري ثم قلت بصوت عال:
- "" إذا جئت هنا لقتلي، فصفق بيديك"
حل الصمت بعدها لم أسمعه يصفق هل سمعني؟ أو أنه لم يسمعني ؟ لكن فجأة بحركة سريعة خرجت أياد عديدة
من خلفي من المجهول من وسط الظلام وقامت بالتصفيق هنا ارتعبت كثيراً وبدون شعور صرخت بقوة ونهضت أركض بسرعة كبيرة وأنا أسمع صوته يقترب مني:
" وجدتك!"
استمررت بالركض وأنا لا أعلم أين وجهتي أركض فقط في الظلام وأسمع صوته يقترب مني وهو يضحك ويدندن ویردد
- "للأسف يبدو أن أيامك القصيرة ستنتهي ولن أستمتع بقصصك"
ما زلت أركض بشدة حتى سمعت أخيراً صوت رنين ساعتي!! لقد انتهت العشر الدقائق أخيراً لكن من سرعتي القصوى وفي الوقت نفسه تعثرت قدمي في شيء ما وحدث الشيء الذي كنت أهرب منه باستمرار طوال العشر الدقائق سقطت من على السلام ولكن شعرت بأياد تمسك بي بعد أن ضربت برأسي على حافة سور السلالم وبعدها فقدت الوعي كالعادة...