6 - "الفصل الثالث" " في أحضان الشيطان"[1]

كل أحد في هذا العالم يظن أن الكتابة سهلة جداً، جميع الناس يظنون أن الكتابة كشرب الماء، لكن لا يعلمون بأن الكتابة تأخذ من الكاتب أشياء كثيرة، مع كل كلمة يكتبها هناك مقابل تأخذ من أرواحنا شيئاً ومن نفسيتنا شيئاً آخر، تأخذ من راحتنا من نومنا من تفكيرنا، كل شخصية تتأذى يتأذى الكاتب معها

، كل شخصية تقتل غيرها يصبح الكاتب قاتلاً معها، مع كل كلام قاس يخرج من لسان الشخصية يصبح الكاتب بلا قلب مع كل عالم يخترعه فهو ينسى أن هناك عوالم حقيقية حوله لذلك يفقدها بالكامل، مع كل شخصية يصبح لديه أمراض نفسية فتنتقل العدوى للكاتب ويصبح مريضاً نفسياً،

مع كل شخصية مجنونة فيجب على الكاتب أن يكون مجنوناً، مع كل شخصية حزينة أو سعيدة على الكاتب أن يمتلك أيضاً مثل مشاعرهم نحن المؤلفين

نعيش مليون شعور ونتقمص مليون دور في ساعة واحدة

....فقط

إن الكتابة تذهب وتسلب العقل في بعض الأحيان كالكاتب الذي قتل زوجته حتى يستطيع كتابة مشهد القتل في روايته دون أخطاء كالكاتب الذي كان يكتب عن الموتى ولكن شعر بأن الجلوس في مكتبه لا يحصل به على أي إلهام لذلك قرر أن يحفر له قبراً في وسط المقابر ويجلس فيه ويكتب كالكاتب الذي كان لا يستطيع أن يكتب حتى يضع طعاماً فاسداً وأشياء رائحتها عفنة لأن رائحة العفن تلهمه للكتابة

وعن الكاتبة التي دفعت ابنتها من أعلى السلالم حتى تسمع صوت تحطم العظام لكي تستطيع أن تشرحه في روايتها وغيرهم وغيرهم هذا يدل أن كل المؤلفين في هذه الحياة هم مجانين وغير أسوياء، لكن

العقول تختلف والجنون يختلف من شخص إلى آخر ولنعد إلى الأهم عندما تقع في أيادي كاتب ومجنون وقاتل وساحر هذا هو الأسوأ صدقني ....

أشعر بدوار غير محتمل رأسي ثقيل أشعر بأنه يحمل فوقه طبقات من الحديد، أحاول أن أفتح عيني لكن لا أستطيع مع كل محاولة أشعر بأنها ستقع من مكانها، أشعر بأن كل الدماء التي في جسدي متجمعة في رأسي هذا لأنني مقلوبة نعم أنا مقلوبة رأسي على الأرض وجسدي في الأعلى

، هذا يعني أن أحداً ما يحملني فوق كتفه وكأنني أضحية، أبدأ بفتح عيني اليمني قليلاً لكن الرؤية ضبابية لا أعرف أين أنا وكل ما أعرفه أن هناك أحداً يحملني فوق كتفه ويسير بي لا أعرف إلى أين؟

أسمع صوت باب يفتح على ما يبدو وصلنا إلى غرفة وضعني على السرير كنت

أشم رائحة غريبة لكن لا أستطيع تمييز أي شيء الآن

بعدها فقدت الوعي مرة أخرى ..

صوت الرعد يضرب في أذني فتحت عيني بثقل اعتدلت في جلستي وأنا أمسح على رأسي وعيني على أمل أن تزول هذه الرؤية الضبابية، بدأت أتفحص المكان برؤيتي غير الواضحة ما زلت غير مدركة وغير مستوعبة أنه تم

اختطافي أشعر بغثيان ودوار شديدين حاولت النهوض من على السرير لكنني فشلت قررت أن أركز قليلاً أستجمع

شتات أنفاسي وقوتي ورباطة جأشي، استغرق الأمر مني تقريباً خمس دقائق حتى بدأت الرؤية تصبح واضحة أنا في غرفة واسعة جداً يقع في المنتصف السرير الذي أنا عليه وعلى الجهة اليمنى خزنة ملابس تبدو عليها الغرابة وبجانبها باب يبدو أنه باب دورة مياه لأن باب الغرفة مقابل السرير على الجهة اليسرى نافذة عملاقة وكأنها باب شرفة لكنها مغطاة تماماً بالستائر السوداء، الغرفة فارغة وهذه الأشياء التي توجد بها فقط وبما فيها أنا

بالطبع، قررت أن أنهض وأنزل من على السرير مرة أخرى

لكن عندما تحركت سمعت صوتاً مألوفاً صوتاً أعرفه ؟

إنه صوت سلاسل أبعدت الغطاء من على قدمي إذ أرى

قدمي مقيدتين بسلاسل طويلة تمتد إلى داخل فتحة تهوية

وهذه الفتحة تقع بجانب السرير من الجهة اليسرى، هنا

أدركت تماماً أنني مخطوفة ولست في كابوس، نهضت

بسرعة وكانت قدماي ثقيلتين من شدة ثقل السلاسل سرت

باتجاه الفتحة أحاول أن أفتحها لكن دون جدوى، أصبحت

أسحب السلاسل بشكل هستيري لكن بالطبع من دون أي

نصف فائدة، انتقلت إلى قدمي حاولت أن أفك السلاسل منها وأحررها وأنفاسي متسارعة وقلبي يدق بقوة لدرجة أصبحت أسمع صوته بدأت بالصراخ والبكاء والاستنجاد لكن لا شيء لا شيء سوى صوت الرعد الذي يدفن صوت صرخاتي ويبتلعها بشكل كامل، انهرت على الأرض أبكي بشدة وأنادي

"أمي" نعم أنا واثقة بأن أي أحد في هذا العالم يمر بأزمة أو مشكلة أو موقف مرعب أول شيء يفكر به

ويناديه هو والدته ....

فتحت عيني مرة أخرى بعد نوبة بكاء وصراخ، شعرت بأن كل عظمة في جسدي منفصلة عن الأخرى وأن صداع العالم أجمع يتجمع في رأسي، أشعر بالعطش والجوع والخوف والغثيان، أنا هنا في المجهول من قبل خاطف مجهول أنا حتى لم أره سأبقى في هذه الغرفة على ما أظن عدة أيام هل قام باختطافي ونسيني ؟؟

لم أنته من تساؤلاتي إلا وانفتح باب الغرفة لأول مرة سمعت صريره المرعب قلبي يخفق بشدة لدرجة أنني أشعر بأنه سيخرج من مكانه أنفاسي أصبحت بطيئة جداً، اعتدلت في جلستي وتراجعت للخلف

حتى التصقت في الزاوية اليسرى للغرفة كالفأر الخائف

من أن يتم اصطياده، عيناي تراقبان أقدامه وهو يدخل إلى

الغرفة بخطوات مرعبة صوت أقدامه وهي تقترب.

2024/10/22 · 59 مشاهدة · 773 كلمة
نادي الروايات - 2025