في الوقت ذاته، كان يوشيرو وساجور وليان قد دخلوا غابة كثيفة، الأشجار فيها عالية متشابكة، والهواء مشبع برائحة الطين والأوراق الرطبة.
قال ساجور بصوت خافت وهو ينظر حوله:
"لقد وصلنا إلى المكان الذي يسكن فيه."
نظر يوشيرو حوله باستغراب:
"لكن لا يوجد شيء سوى أشجار وغابة."
أجاب ساجور بثقة:
"هو يسكن في كهف صغير، مع حيوان ضخم. سترى قريبًا."
وقبل أن يُكمل حديثه، ظهر حيوان ضخم فجأة من بين الأشجار، وهجم عليهم بسرعة خاطفة. لكن ساجور انحنى بسرعة وقال بنبرة واضحة:
"نحن نريد رؤية العجوز جاندر!"
توقف الحيوان فجأة بعد سماع الاسم، ثم نظر إليهم وكأنه يفهم، وبدأ يمشي مبتعدًا ببطء، وكأنه يدعوهم ليتبعوه.
قال يوشيرو وهو يمشي خلفه:
"إلى أين سنذهب؟"
رد ساجور:
"إلى العجوز جاندر."
دخل الحيوان كهفًا ضخمًا من الحجر، وكان بداخله رجل عجوز يلف وشاحًا أسود حول عينيه، ويجلس على حصير قديم، بجانبه نيران صغيرة تتقد بهدوء.
نهض العجوز وقال للحيوان:
"أحسنت، يمكنك أن تنام الآن."
ثم التفت إليهم بابتسامة غريبة وقال:
"مرحبًا بكم، أيها الضيوف. اجلسوا."
كان للعجوز هالة غريبة، تشبه طاقة قادمة من عالم آخر، هدوءه يبعث القلق، وصوته عميق كأن الزمن نفسه يتحدث.
قال ساجور باحترام:
"أيها الساحر العظيم، هل تعرفنا؟"
ضحك العجوز:
"بالطبع. أنتم أربعة أشخاص."
قالت ليان بتعجب:
"لا، نحن ثلاثة فقط."
ابتسم العجوز:
"أعلم، لكن هناك جسد فتاة معكم... ليست على قيد الحياة."
همست ليان إلى ساجور بقلق:
"كيف عرف؟"
قال العجوز فجأة دون أن ينظر:
"أنا أعرف كل شيء."
صُدمت ليان وقالت في نفسها:
"حتى همساتي يسمعها...!"
رد العجوز بضحكة خفيفة:
"تحدثي إليّ، لا إلى نفسك."
صرخت ليان بدهشة:
"ما هذا؟ كيف تعرف كل شيء؟!"
أجاب العجوز وهو يمد يديه نحو النار:
"هذه الأرض أرضي، أسكنها منذ آلاف السنين... كل ما فيها يخبرني، من الهواء، إلى الماء، إلى التراب."
قال ساجور:
"أيها الساحر العظيم، نحن نرجو منك أن تعيد جسد هذه الفتاة إلى الحياة."
هز العجوز رأسه:
"لا أستطيع."
غضب يوشيرو وقال بحدة:
"ولماذا لا؟!"
قال ساجور وهو يضع يده على كتف يوشيرو:
"اهدأ قليلًا."
لكن يوشيرو صرخ:
"كيف أهدأ؟!"
قال العجوز بهدوء:
"أنا أستطيع إعادتها... لكن هناك مشكلة واحدة."
نظر إليه يوشيرو بسرعة:
"ما هي؟ إن كنت تريد جسدي، فخذه!"
ضحك العجوز:
"لست بحاجة إلى جسدك. المشكلة أن بعض مكونات جرعة الحياة غير متوفّر."
قال ساجور بسرعة:
"ما هي هذه المكونات؟ سنحضرها."
أجاب العجوز:
"اسمعوا جيدًا، المكونات نادرة، وهي:
أولًا: غصن اليشم.
ثانيًا: عين طائر الرعد.
ثالثًا: غصن شجرة الخوخ.
رابعًا: جوهرة العطاء."
ثم أردف بصوت ثقيل:
"المكون الرابع نادر للغاية. نسبة وجوده على الأرض لا تتعدى 0.1%."
تبادل يوشيرو وساجور نظرات القلق، قبل أن يقول ساجور:
"سنبحث عنه مهما كانت النسبة."
قال العجوز:
"اتركوا الفتاة هنا."
قال يوشيرو بحدة:
"لا!"
ابتسم العجوز:
"لا تخف عليها. أنا لست كما تظن."
قال ساجور:
"ثق بي، يوشيرو."
وبهدوء، أنزل ساجور جسد سونا على الأرض أمام العجوز.
ثم التفت إلى ليان وقال:
"يا ليان، ابقي أنتِ مع العجوز، أما أنا ويوشيرو فسوف نذهب للبحث عن المكونات."
فتحت ليان
عينيها بدهشة وهمست:
"أنا مع عجوز أعمى وحيوان ضخم؟ هل أنتم مجانين؟!"
ابتسم العجوز وقال:
"لا تخافي، أنا لست كما تظنين."