الفصل 78: إحاطة المهمة [1]
-------
إستغرق الأمر بضع دقائق حتى تهدأ الأمور، حتى بعد انتهاء الاختبار.
وسط اندفاع المعركة والرغبة الحارقة في تدمير أعدائهم، لم يتوقف المتدربون عن القتال فورًا.
لم يسمع معظمهم الإعلان حتى، منشغلين بضرب وجوه خصومهم... أو بتلقي الضربات على وجوههم.
اضطر أعضاء الطاقم الذين كانوا في الانتظار إلى التدخل وإيقاف بعض المعارك شخصيًا.
أخيرًا، بعد خمس عشرة دقيقة، عاد كل شيء إلى طبيعته.
ظهرت بوابات بالقرب من كل متدرب واحدًا تلو الآخر، تتيح لهم الخروج من القبة.
كانت سيلين فالكرين تنتظرنا في ساحة الأكاديمية عندما خرجنا من البوابة. نظمتنا في صفوف مرتبة، غير مبالية بمدى إرهاقنا، وأعطتنا نظرة عامة موجزة عن أدائنا.
نعم، كما هو متوقع، كانت تراقب كل ما يحدث داخل القبة.
فشل أكثر من نصف الفرق في إكمال الهدف الأول — بعضهم لم يتمكن حتى من قتل أكثر من ثلاثة وحوش روحية.
إضطر طاقم الأكاديمية إلى التدخل في الاشتباكات بين الفرق ووحوش الروح عدة مرات لإنقاذ بعض المتدربين.
كما اضطروا أكثر من مرة إلى سحب المتدربين الذين فقدوا الوعي بسبب السموم في الهواء الجاف إلى مكان آمن.
قالت سيلين إن ذلك محرج، وأن هؤلاء المتدربين سيتعين عليهم حضور دروس إضافية تحت إشرافها وإشراف المدرب ريخاردت — شيطان التربية البدنية، كما أطلق عليه طلاب السنة الأولى — في المستقبل.
لحسن الحظ، أدت معظم الفرق أفضل قليلاً مما توقعت، لذا كانت راضية إلى حد ما عن أدائها.
وأخيرًا، كان هناك فريقي — الفرقة 9.
قالت سيلين إنها ستكافئنا شخصيًا بمهمتنا الأولى خلال أيام قليلة، لكن مجرد فوزنا لا يعني أن بإمكاننا التهاون.
أوضحت أننا لم نفز لأننا نستحق ذلك أو لأننا أفضل من الجميع، بل لأن الآخرين لم يكونوا كفؤين بما فيه الكفاية.
بكلماتها — لم نكن استثنائيين، فقط مخيبين للآمال بدرجة أقل.
في العادة، كنت سأعترض إذا وصفني أحدهم بالمتوسط، لكنني تركت الأمر يمر لأنني كنت في مزاج جيد... ومرهق إلى أبعد الحدود.
قريبًا، تم تسريحنا.
•••
كانت الكافتيريا شبه خالية عندما دخلت.
كان من المفترض أن يكون هذا استراحة الغداء، لكن معظم متدربي السنة الأولى كانوا لا يزالون عالقين في مبنى العيادة.
كانوا منشغلين بشراء مضادات السموم للتخلص من كمية وفيرة من الإيثيلورين في أجسادهم.
أوه، نعم. كان عليهم شراء ذلك.
الأكاديمية عادلة جدًا، أليس كذلك؟
يا لها من طريقة عبقرية لاستنزاف المزيد من أموال المتدربين.
على أي حال، بما أنني الآس، لم أكن مضطرًا للتعامل مع هذا الهراء.
على عكس الآخرين، لم أحتج للوقوف في طابور للحصول على قارورة دواء تافهة.
لا، كان لديّ إمكانية الوصول إلى الأشياء المميزة — النوع المخزن في القسم الطبي الحصري للأشخاص الذين يهمون فعلاً.
أشخاص مثلي.
...وغيرهم من المتدربين ذوي التصنيف العالي، بالطبع.
لكن في الغالب، أنا من يهم.
بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى الكافتيريا، كنت أشعر بتحسن كبير.
كان القسم المميز قد إعتنى بي جيدًا — مضادات السموم، السوائل المرطبة، وحتى فحص كامل للجسم للتأكد من عدم وجود أي ضرر داخلي.
عالج معالج جروحي شخصيًا وأعطاني مسكنات ألم مُعدة خصيصًا وفعالة للغاية.
امتيازات كوني الآس لا يمكن إنكارها.
بعد أن كدست صينيتي بالطعام، اخترت مقعدًا في الزاوية وتركت نفسي أغوص في الكرسي بكسل.
بدأ الإرهاق يلحق بي أخيرًا.
لم يعد شيء يؤلمني، لكنني لا زلت أشعر بالإستنزاف.
للأسف، كان عليّ تحمل بضع دروس أخرى قبل أن أتمكن من العودة إلى المنزل.
" ...إنتظر لحظة. أنا الآس. لست مضطرًا للذهاب إلى الدروس. "
ضربني هذا الإدراك كالصاعقة.
نعم، هذا صحيح!
ميزة أخرى لكوني الآس هي أنني أستطيع تخطي الدروس متى شئت، على عكس بقية المتدربين الذين يُجبرون على حضور كل دورة إلزامية إذا لم يرغبوا في الرسوب.
"ها!" صرخت، مبتسمًا بجنون. "أحب حياتي!"
إمتلأت الكافتيريا فجأة بطنين خافت من الضجيج.
كان بعض المتدربين يرمقونني بنظرات غاضبة. ربما كان إنفجاري أكثر حدة مما قصدت.
ومع ذلك، لم أستطع إلا أن ألاحظ أنهم كانوا ينظرون إليّ بغضب أكثر مما أستحق لمجرد الصراخ بصوت عالٍ قليلاً.
همم. ربما بدأ فينس كليفرلي بالفعل في نشر شائعات عني — فكرت في نفسي.
وضعت ملاحظة عقلية لمعرفة ما هي لاحقًا. إذا كان الناس سيتحدثون، فقد يكون من الأفضل أن أعرف ماذا يقولون.
في الوقت الحالي، هدأت وأعدت انتباهي إلى الطعام.
كنت قد بدأت للتو في تناول قضمة من وعاء الحساء المتصاعد بخاره عندما جلس صديقي العزيز جيك في المقعد المقابل لي، دون دعوة كالعادة.
"مرحبًا، سام،" حياني جيك ومد يده نحوي.
نظرت إلى يده الممدودة فوق طعامي. ثم إلى وجهه.
كان يبدو وكأنه خرج للتو من منطقة حرب.
شعره محترق، زيه الرسمي ممزق، وصدره لا يزال يعلو ويهبط كما لو كان قد ركض ميلاً لأول مرة في حياته.
ومع ذلك، كانت تلك الابتسامة الغبية المميزة لا تزال ملتصقة بوجهه المتعرق الشبيه بالخنزير.
إنخفضت عيناي إلى صينيته.
كانت مكدسة بكمية طعام عالية لدرجة أنها كادت تكون جبلًا. بصراحة، كان من المدهش ألا تنهار صينيته تحت ثقل شراهته.
"ماذا تريد، جيك؟" سألت بصراحة، متجاهلاً يده. "إذا كنت هنا من أجل طعامي، يمكنك أن تختنق بطعامك. "
إتسعت إبتسامته، إن كان ذلك ممكنًا. "طلبت منك أن تأخذ لي قارورة مضاد سموم من القسم المميز، أتذكر؟"
أوه، تذكرت.
لم أتذكر شيئًا كهذا يحدث أبدًا.
صفع يده بعيدًا وأخذت قضمة أخرى من الحساء.
"أنا آسف،" قلت بكل الذنب في قلبي — وهو لا شيء — و إبتلعت. " لا بد أنني نسيت. "
تلاشت إبتسامة جيك، وبدأ يتذمر. "ماذا؟ لكنني أرسلت لك رسالة! أنت لا تتحقق من رسائلي بعد الآن! في اليوم الآخر، أرسلت لك مقطع فيديو مضحكًا لشخص يأكل بيضة وحش روحي رضيع نيئة. لم تكن قد تطورت بالكامل، لذا في منتصف المضغ، فقست في فمه!"
رمقته بنظرة غاضبة. "جيك، أنا آكل. هل يمكنك ألا تخبرني بشيء مقزز كهذا؟"
"لم يكن مقززًا. كان مضحكًا!" جادل، موجهًا يده بإستخفاف. "كان هناك مخاط، ومواد لزجة، ودم في كل مكان، وهذا الشيء الصغير الزلق الشبيه بالسحلية بدأ يخدش طريقه خارج حلقه. ضحكت بشدة حتى لم أستطع التنفس!"
تجمدت، ملعقتي معلقة عند مدخل فمي المفتوح.
تشكلت الصورة الحية المثيرة للغثيان في ذهني دون إذن.
مقاومًا الرغبة في التقيؤ، ألقيت ملعقتي في الوعاء بتأوه مستسلم.
"ما الخطأ معك؟" إنفجرت. "إذا كان ما سمعته صحيحًا، فقد فقدت وعيك بعد عشر دقائق فقط من دخول القبة! أخرجك الطاقم على الفور! أنت لا تحتاج حتى إلى مضاد سموم لأنك لم تبقَ هناك طويلاً بما فيه الكفاية!"
شهق جيك كما لو أن كبرياءه غير الموجود قد جُرح بعمق. " تعلم، سام، أنت قاسٍ جدًا! يجب أن تعمل على مهاراتك الإجتماعية! لا عجب أن الناس يتحدثون خلف ظهرك. "
رفعت حاجبًا. "حقًا؟ ماذا يقولون؟"
عادت تلك الإبتسامة الغبية إلى وجهه.
صحيح. في المدرسة الثانوية، ضربت أكثر من بضعة أشخاص لتحدثهم عني بشكل سيء.
ربما ظن جيك أنه سيتمكن من خوض معارك بإسمي مجددًا.
"أوه، الكثير من الأشياء!" قال بحماس. " مثل كيف أنك تبتز المتدربين، ودفعت للأكاديمية لتجعلك الآس، وغششت خلال المقابلة لأنه لا توجد طريقة كنت لتنجح، وأنك مجنون، و... أوه، تشارك في هوايات خاصة غير عادية خلف الأبواب المغلقة. "
كانت إبتسامة جيك تستحق اللكم، لكن كلماته أثارت إهتمامي أكثر من كفاية لأتركه يمر.
إتكأت في مقعدي، أصابعي تضرب بحرية على حافة الطاولة بينما هضمت قائمته من الشائعات السخيفة.
إبتزاز؟ شراء لقبي؟ غش؟
نعم، معظمها صحيح بطريقة أو بأخرى.
لكن هوايات خاصة غير عادية؟ تلك جرحتني!
ورغم أن هذه الشائعات لم تكن شيئًا يُذكر الآن، مع معرفتي بفينس كليفرلي، ستصبح قريبًا مبالغًا فيها بشكل كبير.
قاطع صوت جيك أفكاري. "إذن، هل تريد مني أن أتجسس؟ أكتشف من ينشر كل هذه القمامة وأعطيهم درسًا في الأدب لن ينسوه!"
"لا،" قاطعته، بقوة أكبر مما قصدت. " أترك الأمر. لا يهمني. "
في الواقع، كنت أكثر من راضٍ عن الوضع بأكمله. فينس يعمل بسرعة حقًا.
تحول وجهه إلى عبوس كوميدي طفولي، بالنظر إلى أنه كان لا يزال يرتدي بقايا ما كان يفترض أن يكون زيًا جاهزًا للمعركة.
"لا يهمك؟ الناس يجرون إسمك في الوحل، سام. هل ستجلس هناك وتتحمل ذلك؟ أنت؟! سمائيل ثيوسباين؟!"
" نعم. "
تعمق عبوسه إلى تجهم، وكان صوته مشوبًا بالإحباط.
"ما الذي حدث لك؟! لماذا تتصرف بكل هذا الهدوء هذه الأيام؟! هذا ليس سمائيل الذي أعرفه. لم تكن لتسمح لأحد أبدًا بالتحدث عنك بسوء في الماضي! كُنْتَ شخصًا يخشاه الجميع، والآن—"
لحسن الحظ، قبل أن أتمكن من إسكاته، توقف عن الكلام من تلقاء نفسه. لكن لسبب ما، بدا غاضبًا.
عندما تتبعت نظرته ونظرت إلى يميني، فهمت السبب.
كـــان مـــايــكــل يــقــف هــنــاك. و بـــدا غـــاضــبًــا لــلــغــايــة عــنــدمـــــا قـــال لـــي، " نـحـتـاج إلـى الـتـحـدث. "