هي شريرة اللحظة وتعلم ذلك، هي ما أطلقوا عليه بلقب مكروه مثل «ملكة الشياطين» لكنها إستحقت ذلك وهي أيضًا تعلم أنها تستحق ذلك، سلكت درب الشر ورقصت على إيقاع أولائك الكهنة الجشعون وإستدعت وحش كما أرادو بل حتى ذبحت وسفكت الدماء بما يكفي حتى يطلق عليها «أفظع ملكة شياطين على مر العصور»

لكن...

لكنها لا تفهم أمرًا واحدًا فقط.

فقط أمر واحد جهلته بجُل معاني الكلمة، سألت مرارًا نفسها والسبب بما أصبحت عليه «لماذا؟» لكنها لم تجد أبدًا الإجابة له.

لم تفهم سبب إضطهادها حتى عندما لم تكن بتلك الفظاعة، لم تفهم لماذا كانت صديقتها سابقًا ومن يعرف حاليًا بـ«القديسة» هي المحبوبة، هي المشهورة، هي الأفضل، حتى بالنسبة لها في وقت ما، حتى أنها كانت من تزوجها الشخص الذي أحبته وأيضًا من يعرف حاليًا بـ«البطل» وهو أيضًا من يغرس سيفه في صدرها الآن وينظر لها بكره.

إنزلقت قطرات الدماء السوداء كحبها الفاسد من فمها ورفعت يدها التي ترتعش من الألم ثم أمسكت خد البطل، بطلها سابقًا وقاتلها حاليًا ثم بعيون بياضها سواد وبؤبؤها أحمر ذهبي وامض نظرت له بمشاعر كثيرة.

من الفرح بالموت على يديه للكره لأنه تجاهلها ولم يستمع لها للغضب لكونه أحد أسباب ما هي عليه وصولًا للحب الذي لم يمت بل ذبل عندما طعن قلبها حرفيًا.

حركت أصابعها بخفة تستشعر ملمس خده كما إعتادت في الماضي لكنها توقفت عندما خدشته أظافرها السوداء الطويلة،

فتحت فمها وإبتسمت له كما إعتادت في الماضي

"ميليت، هل ستكون سعيدًا بموتي؟!"

كانت زهرة حبها الفاسدة ترتعش وتتأمل الإجابة لكن سقف التوقعات الذي رفعته سقط عليها وحطمها حتى تلاشت عندما خرجت من شفتيه إجابة موافقة.

"أجل!"

"أوه.."

إختفت اللمعة في عينيها ثم سقطت دمعة متمردة نقية كحبها النقي الذي قادها لطريق الشر ثم فجرت قلبها وإلتوت رأسها وماتت بالرغم من أنها كانت تستطيع النجاة لكنها وحتى النهاية بحماقة تمنت سعادته وماتت.

من بعيد نظر بعيونه الحمراء التي تتوهج بجشع إلى سيدته الميتة، كان بينهما عقدٌ عندما إستدعته.

تذكر نظرتها الباردة والامبالية له عندما قالت بصوت بارد لا يدل على طلبها لخدمة

"إن وافقت على تنفيذ طلبي سأحرق روحي حتى تبقى في هذا العالم بعد موتي"

إبتسم ثم نظر لذاك المشهد بهوس وأطلق ضحكة سخيفة بنظرة طفل وجد لعبة صغيرة مسلية

"منذ أول لقاء بيننا كنت فضوليًا لرؤية نهاية حبكِ اليائس"

رأى بأم عينيه كيف سحب البطل سيفه من جسدها

"لكنكِ أحببتِ جشع يركض خلف مصالحه لن يلتفت لكِ أبدًا"

سقط جسدها على الأرض ببرود

"دومًا سألتكِ وتحججتِ.."

ظهرت شرارة على قرنه وسرعان ما بدأ يحترق

"لا أستطيع السماح بإندثارك بعد"

إختفت الإبتسامة على وجهه وأصبح صوته باردًا يدب الرعب في قلب سامعه مصدرًا قشعريرة بكافة الجسد.

رفع يده ثم بدأت دوامة بيضاء تتكون وسرعان ما تكثفت

"لو إختلف الزمان والمكان"

أصبحت تلك الدوامة حمراء وإبتلعت كل شئ من حوله

"لو إختلف الموقع واللقاء"

إبتلعته ومع صوت فرقعة أصبح كل شئ أسود لكن قلبه كان ممتلئ بالتساؤل

"هل ستظلين تقعين في حبه؟"

.

.

.

.

.

فتحت عينيها على سماء زرقاء صافية خالية من السحب وفي منتصفها شمس متوهجة ترسل الضوء لكل مكان بتفانٍ لكنها نظرت بضياع وشرود لتلك الغابة الطويلة ولفروع الأشجار الكثيفة.

"هناك شئ مفقود"

وضعت يدها على قلبها الذي ينبض بشكل طبيعي وقوست حاجبيها مستشعرة الخطأ حولها دون تحديده.

تحركت أنفها وأخذت نفسًا عميقًا ورفعت حاجبها بفضول

"رائحة الدم؟"

نظرت حولها تبحث عن مصدر الدم دون أن تتفاجئ او تتسائل عن مقدرتها تحديد هذه الرائحة وكأنه أمر طبيعي، كأنها عاشت وهي تشم تلك الرائحة كثيرًا حتى حفظتها.

ثم توقفت عن النظر حولها ورفعت يدها تتلمس جبهتها ورأت الدم ثم وسعت عينيها بذهول لكنها سرعان ما تقبلت الأمر بأنه لا عجب أنها شمت رائحة الدم فهي منها.

نظرت للخلف إلى المباني، منها الخشبي ومنها ذا القرميد وهناك المصنوع من طين على طراز الأسلوب القديم في الدول الأوروبية.

نظرت للمنزل الخشبي والذي يبدو سيتهدم في لحظة ونبض قلبها وأخبرتها غريزتها أن تذهب لهناك ودون حتى أن يعطي عقلها الإشارة تحركت قدميها وسارت نحوه.

تأملت المنزل تحاول إستيعاب لماذا هو مألوف، توقفت أمام الباب وبدلا من الدخول تسللت وأخذت نظرة، حدقت بعينها جيدًا لترى ما إن كان هناك أحد لكنها وجدت كل شئ مظلم وفي لحظة فتح أحدهم الباب.

جفلت ومال جسدها الصغير وكادت تقع لتحملها يد إنثوية قوية ثم جعلتها تقف جيدًا وكانت تبتسم لكن بالنظر لتلك العروق البارزة على جبهتها فلابد من أنها غاضبة

"أين كنتِ للآن؟ ماذا لو رآكـ--"

لم تكمل ووسعت عينيها ثم بسرعة نظرت إلى رأسها وصرخت

"من جرحك؟ هل تتألمين؟ لماذا لاتتكلمين؟ ردي علي!"

مالت الفتاة رأسها

"من أنتِ؟"

دُهشت الإمرأة وحدقت في الفتاة لكن الوجه المتسائل جعلها تشهق

"مون! لا تخيفيني!"

رمشت الفتاة للحظة وكان هذا الإسم غريبًا على مسمعها و كأنهم كانوا يطلقون عليها إسم آخر وبالفعل في لحظة سألت

"من هي مون؟"

سقطت الإمرأة على ركبتيها ومع إحمرار عينيها إستنشقت ونظرة الذعر عليها واضحة لكنها خبأت بين طياتها الذنب والندم

"هل نسيتِ إسمكِ ونفسكِ؟ يا ويحي!"

وضعت الإمرأة يديها على رأسها وإهتز جسدها عندما بدأت البكاء بشدة حتى أن صوت نحيبها وإستنشاقها أزعج مون التي دخلت وتجولت في المنزل.

لاحظت فتاة تقلدها في إيطار مستطيل طويل لتتوقف ورفعت يدها وكأنها لا تصدق أن ما تراه هو إنعكاسها في المرآة بخصلات شعر بيضاء كالسحب في السماء كلمعان ضوء القمر عندما يكون بدرًا وعيون أرجوانية متألقة كأنها حجر كريم وبشرتها بيضاء صحية.

عبست مون وكذلك عبست الفتاة في المرآة، لتتقدم ثم أمسكت مون خدها بيد وبالأخرى أمسكت بيد إنعكاس المرآة

"هذا ليس صحيحًا"

نطقت بذهول فمن الواضح أن شكلها ليس هكذا، من الواضح أنها إمتلكت شعرًا كغراب الليل في قتامته وعيون سوداء شبيهة بالأموات وبشرة شاحبة وكانت دومًا عابسة لا تبتسم إلا له هو....

هو...

رمشت مرتين ثم قوست حاجبيها بقوة مكونة عقدة شديدة من التفكير

من هو من إبتسمت له؟

"من الواضح أن عيوني ليست هكذا"

وعندما كانت تريد ذكر لون عيونها توقفت بفراغ وكأن ذاك اللون مُحي من ذاكرتها بل حتى عندما أرادت تذكر شكلها الضبابي في الأصل لم تستطع.

ماذا كان لون عيوني؟

نظرت في المرآة وكأنها كانت هكذا طوال حياتها البالغة من العمر أحد عشر...

نظرت لنفسها في المرآة بشك، فهي واثقة أنها أكبر من هذا الرقم لكنها لا تعلم.

تنهدت بإحباط ثم عادت للمرأة التي تبكي أمام عتبة الباب ولم تتوقف بعد ثم أمسكت كتفها وهزتها

"يا أنتي..."

رفعت المرأة رأسها ونظرت إلى مون ثم إنفجرت في البكاء مرة أخرى وإنقضت عليها تحتضنها.

كافحت مون بين ذراعيها ولم تتوقف عن الصراخ بـ

"يا أنتي..!"

توقفت الإمرأة ثم ربتت على رأس مون وعيونها حمراء وكانت تعض شفتها لتمنع نفسها عن البكاء وبعد عدة عمليات من الشهيق والزفير هدأت تقريبًا ثم باشرت الحديث

"إن لم ترغبي في الذهاب فلا تذهبي. لكن لا تتصرفي هكذا وتقلقي أمكي حسناً؟"

رمشت مون ونظرت إلى الإمرأة أمامها، أمها، شعرت بالنفور بقدر ما شعرت بالسعادة وبدى أن حنان والدتها هذا غير مألوف لها بدى كما لو أنها تعرضت للتعذيب؟

زمت مون شفتها ثم ردت ببساطة

"حسنا، لن أذهب"

لتبتسم والدتها وقالت بصوت مهزوز وفي عيونها خوف

"على مون أن تخبر أمها عندما تواجه مشكلة بدلا من محاولة الموت. حسنًا؟"

نظرت مون لهذه الوالدة التي تنظر لها بقلق إستغرقت وقت لتفهم معنى الجملة، لابد أنها قبل فقدان ذاكرتها أُجبرت على الذهاب لمكان ما ولم تتوقع أن والدتها ستقف بجانبها لهذا ذهبت لتنتحر والذي نتج عنه فقدان الذاكرة.

كان هذا المعنى واضح جدًا لكن مون شعرت أنه غُرس فيها ولم تستوعبه لوحدها لكنها ألقت هذه الأفكار بعيدًا وبدأت تسأل عن نفسها قبل فقدان الذاكرة ولم تقصر والدتها وأخبرتها وقصت عليها كل شئ حتى نامت مون بين ذراعيها وتشبثت بها وكأنها تخاف أن تستيقظ ولا تجدها.

أخذتها والدتها وجعلتها تنام على السرير ثم قبلت جبينها

"تصبحين على خير"

"مون"

يتبع~

ملاحظة/ أي أحد من الإدارة أو عنده خبرة يبلغني أغير ازاي انها مترجمة لمؤلفة لأنها من تأليفي وشكرًا~

2024/04/26 · 7 مشاهدة · 1227 كلمة
Raghd_Salem
نادي الروايات - 2024