لوحت آريا باستهزاء، ثم قالت: «أردتُ مُشاهَدتهم يتنازلون».

ابتسم قائلا: «تعالي إذن».

تسلّقت آريا عتبة النافذة وجلست إلى جواره، لتستقبلها جوقة من

الضربات المكتومة والنخير من الساحة في الأسفل.

لكن لخيبة أملها كان الولدان الصَّغيران هما اللذان يُمارسان تمارين

النزال الآن. كان بران يرتدي طبقات و طبقات من الملابس المبطنة حتى

أنه كان يبدو كمن طوَّق نفسه بحشيَّة فراش وربطها بالأحزمة، أما الأمير

تومن - السمين أصلا فقد بدا كالكُرة كانا يلهثان في وجه أحدهما الآخر

وهما يتبادلان الضربات بسيفين خشبيين تحت إشراف قيم السلاح السير

رودريك كاسل ذي العين اليقظة. كان رجلا ضخما مستديرا كالبرميل،

لديه شوارب بيضاء كبيرة مشذبة بعناية على جانبي وجهه. كانت دستة من

المتفرجين من الرّجال والفتيان تُطلق هتافات التشجيع، وصوت روب

الأعلى بينهم. لمحت ثيون جرايجوي إلى جواره وعلى وجهه نظرة

استهزاء ساخِر، وقد طُرِّزَ على سترته السَّوداء الضيّقة الكراكِن الذَّهبي

رمز عائلته. كان كلا المتقاتلين يلهث بشدَّة ويترنَّح، وخمنت آريا أنهما

يتنازلان منذ فترة.

'(1)'

قال چون «نشاط أكثر إرهاقا بعض الشَّيء من شغل الإبرة».

ردت آریا: نشاط أكثر متعة من شغل الإبرة». ابتسم چون ومَدَّ يده

ونف شعرها، وتورد وجه آريا لطالما كان الاثنان قريبين... چون کان

يملك ملامح أبيهما، وكذلك هي، وكانا الوحيدين بين إخوتهما، لأن

روب وسانزا وبران وحتى ريكون الصَّغير كانت لهم ملامح آل تلي،

بابتسامتهم التلقائية وشعرهم النَّاري كانت آريا تخشي وهي صغيرة أن

هذا يعني أنها نغلة ، بدورها وكان چون هو من ذهبت إليه لتفصح عن

مخاوفها، و چون هو من طمأنها.

سألته: «لِمَ لست معهم في الساحة؟».

منحها ابتسامة باهتة وقال: «غير مسموح للتغول بإلحاق الأذى

بالأمراء الصَّغار. أي إصابات تقع لهم في ساحة التدريب يجب أن تأتي

من سيف أحد الأبناء الشرعيين».

«أوه!»، قالت آريا بحرج شديد كان يجدر بها أن تُدرك ذلك،

وللمرة الثانية اليوم فكرت آريا أن الحياة ليست عادلة.

شاهدت أخاها الصَّغير يُسَدّد ضرباته لتومن، وقالت: «يمكنني أن

أبارز ببراعة بران نفسها. إنه في السابعة فقط، وأنا في التّاسعة».

تطلع إليها چون بحكمة سنواته الأربع عشرة وقال: «أنتِ نحيفة جدا»،

ثم أمسك ذراعها ليتحسّس عضلاتها، ثم تنهد وهَزَّ رأسه قائلا: «أشكُ

أنك تستطيعين رَفْعَ سيف طويل حتى يا أختاه، ناهيك عن التلويح به».

انتزعت آریا ذراعها من قبضته وحدقت فيه بغيظ، فنفش شعرها ثانية،

ثم شاهدا معا بران وتومن يدوران في الساحة.

سألها :چون هل ترين الأمير جوفري؟».

لم تكن قد رأته من النظرة الأولى، لكن عندما نظرت مرَّةً أخرى رأته

في المؤخرة، تحت ظل الجدار الحجري العالي. كان محاطا برجال لم

ترهم من قبل، مُرافقي فُرسان شباب في الزي المميز لكل من لانستر

وباراثيون، كلهم غرباء. كان هناك بضعة رجال أكبر سنًا

آريا أنهم فرسان.

بينهم

خمنت

قال چون: «انظري إلى شعار النبالة على معطفه».

ونظرت آريا كان هناك درع منمَّقة مطرّزة على صدر معطف الأمير

المبطن، ولا شك أن شُغل الإبرة فيها كان رائعا بحق. كان الشعار ينقسم

عند المنتصف، وعلى العائلة الملكيَّة المتوّج على جانب، وعلى الجانب

الآخر أسد لانستر.

قال چون مغرورون آل لانستر حقًا. قد يحسب المرء أن الرمز

الملك يكف ، لكن لا ، إنه يُساوي في التشريف بين عائلة أمه وعائلة

صاحت اري معترضة: «المرأة مهمة كذلك !».

ضحك قائلا: «ربما يجدر بك أن تفعلي الشيء نفسه يا أختاه، تُزاوجي

بين تلي وستارك في شعار النبالة الخاص بك».

أضحكتها الفكرة بدورها، وقالت: ذئب وفي فمه سمكة؟ سيكون

شكله سخيفا، ثم إنه إذا كانت الفتيات لا يستطعن القتال، فما ضرورة

شعار النبالة؟».

هر چون كتفيه وقال: الفتيات يحصلن على الشعار وليس السيف،

والتغول على السَّيف وليس الشَّعار ليس أنا من وضع القواعد يا

أختاه » .

سمعا صيحة .

منا الساحة في الأسفل. كان الأمير تومن يتدحرج في

التراب، يُحاول النُّهوض ويفشل، وقد جعلته ملابسه الثقيلة المبطنة

بكثافة يبدو كسلحفاة مقلوبة على ظهرها وبران يقف فوقه بسيف

مستعدا لأن يضربه مرَّةً أخرى بمجرَّد أن ينهض على قدميه،

مرفوع،

والرجال يضحكون.

صاح السير رودريك: «كفى!»، ومَدَّ يده للأمير وجذبه إلى قدميه

قائلا: «أحسنتما القتال... ليو، دونس، اخلعا درعيهما»، ثم تطلع حوله

وقال: «هل سيخوض الأمير چوفري وروب جولة ثانية؟».

كان روب لا يزال مبللا بعرق النزال السابق، لكنه تقدم قائلا بحماسة:

بكل سرور».

تقدَّم جوفري من موضعه الظليل إلى نور الشمس مع نداء رودريك،

فتألق شعره كالذهب المغزول، وبدا عليه الملل وهو يقول: «هذه لعبة

أطفال يا سير

رودريك».

أطلق ثيون جرايجوي ضحكة مباغتةً وقال بتهكُم: «أنتم أطفال!».

قال چوفري روب قد يكون طفلا، لكني أمير، وأنا أصابني الضَّجر

من ضرب أطفال ستارك بسيف لعبة».

قال روب: أنت تلقيت ضرباتٍ أكثر مما سددت. چوف، هل أنت

خائف؟».

رمقه الأمير چوفري قائلا: «أوه، إنني أرتجف رُعبًا! أنت أكبر مني

بكثير!».

أطلق بعض رجال لانستر ضحكاتهم، بينما راقب چون المشهد من

:

أعلى بعبوس، وقال لآريا جوفري هذا قطعة خراء صغيرة حقا».

شَدَّ السير رودريك شواربه البيضاء مفكرًا، وسأل الأمير: (ماذا تقترح

إذن؟».

الفولاذ الحقيقي.

صاح روب: «اتفقنا... سوف تأسف!».

وضع قيم السلاح يده على كتف روب ليُهَدِّئ حماسته، وقال:

«الفولاذ الحقيقي خَطِرٌ جدًّا. سأسمح لكم باثنين من سيوف المباريات

بحواف غير حادة».

لم يقل جوفري شيئًا، لكن رجلاً غريباً على آريا، فارسا طويلا ذا شَعرٍ

أسود وآثار حرق على وجهه، اندفع ليقف أمام الأمير قائلا: «هذا أميرك.

من أنت لتقول له إنه غير مسموح له بسيف حاد يا سيدي؟».

«أنا قيم السلاح في وينترفل يا كليجاين، وخير لك ألا تنسى هذا».

قال الرجل المحروق: هل من تُدَرِّبهم هنا نساء إذن؟». كان مفتول

العضلات كثور.

قال السير رودريك بصرامة: من أدربهم فُرسان. يُمكنهما النزال

بفولاذ حقيقي عندما يكونان جاهِزَيْن، عندما يبلغان».

نظر الرجل المحروق إلى روب وقال: «كم عُمرك يا فتى؟».

أجاب روب: أربعة عشر عاما».

«لقد قتلتُ رجلا وأنا في الثانية عشرة، ولك أن تثق بأني لم أفعلها

بسيف غير حاد.

رأت آريا أخاها يتّخذ وقفةً عدوانيةً كانت كبرياؤه على المحك،

والتفت إلى السير رودريك قائلا: دعني أفعلها، يُمكنني أن أتغلب عليه.

قال السير رودريك تغلب عليه بسيف من سيوف المباريات إذن».

هَزَّ چوفري كتفيه قائلا: «تعالَ وزُرني عندما تكبر يا ستارك، إذا لم

تكن أكبر من اللازم. مرَّةً أخرى تردَّد ضحك رجال لانستر.

دوت شتائم روب في الساحة، فغطت آريا فمها بيدها مذهولة، بينما

أطبق ثيون جرايجوي على ساعد روب كي يُبقيه بعيدا عن الأمير، وشَدَّ

السير رودريك شواربه بارتباك.

تظاهر جوفري بالتثاؤب والتفتَ إلى أخيه الصغير قائلا: «هَلُمَّ يا

تومن، انتهى وقت اللعب. لتترك الأطفال لألعابهم».

جلب هذا المزيد من الضّحك من رجال لانستر والمزيد من الشتائم

من روب، واحمر وجه السير رودريك كثمرة البنجر من فرط الغضب

تحت بیاض شواربه. ظَلَّ ثيون يُطَوِّق ساعِد روب بقبضة من حديد حتى

ابتعد الأميران ومجموعتهما تماما.

راقبهم چون يُغادرون وراقبته آريا كان وجهه ساكنا تماما كالبركة

التي في قلب أيكة الآلهة أخيرًا نزلَ من فوق عتبة النافذة قائلا: «انتهى

العرض، ومالَ ليَحُكَ جوست وراء أذنيه، فنهضَ الذِّئب الصغير وحَكَ

نفسه به يحسن أن تعودي إلى غُرفتكِ يا أختاه. لا بُدَّ أن السبتة موردن

تترقب عودتكِ، وكلما اختبأتِ أكثر كان العقاب أشد. ستجدين نفسك

تمارسين الخياطة طوال الشّتاء، وعندما تذوب الثلوج في الربيع سيجدون

جنتك والإبرة ما زالت متجمدة بين أصابعكِ».

لم تحسب آريا ما قاله طريفًا، وقالت بحرارة: «إنني أكره شغل الإبرة

حقا! هذا ليس عدلا!».

قال چون: «لا شيء عادلا»، ونفش شعرها من جديد، ثم ابتعد عنها

وجوست يتحرك بصمتٍ إلى جواره. بدأت نايميريا تتبعهما، لكنها

توقفت وعادت لما رأت أن آريا لن تلحق بهما.

وعلى مضضي تحركت آريا في الاتجاه الآخر.

كان الأمر أسوأ مما توقع چون فلم تكن السيتة موردن فقط تنتظرها

في غرفتها، بل السيتة والسيدة والدتها معا.

2024/04/15 · 29 مشاهدة · 1175 كلمة
AMON
نادي الروايات - 2025