أدرك روب أن ثمة شيئًا ما على غير ما يرام، فقال: «أمي...».
قاطعه چون قائلا: «كانت... شديدة اللطف معي.
بدا أن الرَّدَّ قد أراحَ روب، فقال: «عظيم»، وابتسم مُردِفًا: «ستكون
مدثرًا بالأسود عندما أراك المرة القادمة».
أجبر چون نفسه على الابتسام بدوره وقال: «لطالما كان الأسود لوني.
متى تعتقد أننا سنلتقي مجددًا؟».
قال روب: «قريبا»، وجذب چون إليه وعانقه بقوة وهو يقول: «وداعا
يا سنو.
ضمه چون بقوَّةٍ بدوره وقال: وداعا يا ستارك. اعتن ببران».
سأفعل، قال روب وابتعدا ليتبادلا نظرةً صامتة مرتبكة، قبل أن
يتكلم روب أخيرًا ويقول: العم بنچن قال أن أرسلك إلى الاسطبلات
إذا رأيتك».
قال چون: «ما زال أمامي وداع أخير».
قال روب: لم أرَك إذن». تركه چون واقفًا هناك في الثلج محاطاً
بالعربات والذئاب والخيول. مشى مسافة قصيرة إلى مستودع السلاح،
حيث التقط حزمةً متروكةً في انتظاره، ثم قطع الجسر المغطى إلى داخل
الحصن.
كانت آريا في غرفتها، تملأ صندوقا مصقولا من خشب الصلب أكبر
منها حجمًا بحاجياتها. كانت نايميريا تُساعدها... ما على آريا إلَّا أن تُشير
بإصبعها، فتندفع الذَّئبة عبر الغُرفة لتلتقط لفافة من الحرير في فكها وتأتي
بها، وإن كانت قد تراجعت وجلست على قوائمها ونبحت فيهم عندما
شمت رائحة جوست.
نظرت آريا وراءها، ووثبت إلى قدميها عندما رأت ،چون، وألقت
ذراعيها النحيلتين حول عنقه قائلة بأنفاس متقطعة: «كنتُ أخشى أنك
رحلت. لقد رفضوا السَّماح لي بالخروج لأودعك».
عمد قال چون باسما : ماذا فعلت؟».
حلت آريا يديها من حول عنقه، ولاحَ الضّيق في ملامحها وهي تجيب:
لا شيء. كنتُ قد حزمت حاجياتي وكل شيء»، وأشارت إلى الصندوق
الضخم الذي امتلأ حتى ثُلثه فقط، وإلى الملابس المبعثرة في كل أنحاء
الغرفة وأضافت: «السيتة موردن أمرتني بأن أعيد حزم كل شيء. تقول إن
ملابسي لم تكن مطوية بعناية، تقول إن الليدي الجنوبية الحقيقية لا تُلقي
ملابسها داخل الصندوق كما لو أنها أسمال بالية».
«أهذا ما فعلتِ يا أختي الصغيرة؟».
سوف تتبعثر الملابس على كل حال، فمن يُبالي بطيها؟».
السيتة موردن تُبالي، ولا أحسب أنه سيروق لها أن نايميريا تُساعدك
كذلك». رمقته الذئبة الصَّغيرة بصمت بعينيها الذهبيتين الداكنتين، بينما
تابع چون: «لا بأس. لديّ شيء تأخذينه معك، ويجب أن تحزميه بعناية
شديدة».
أشرقت ملامحها وصاحت: «هديَّة؟».
- يمكنك اعتبارها كذلك. أغلقي الباب.
تطلعت آريا إلى الرواق في الخارج بحماسة حذرة، وقالت: «نايميريا،
هنا، احرسي». تركت الذئبة في الخارج لتُحذِّرهما من مجيء أي متطفل
وأغلقت الباب. كان چون قد فَكَ الخرقة التي لَفَّ فيها الشيء ورفعه
إليها.
اتسعت عينا آريا الداكنتين كعينيه وقالت بصوت خفيض: «سيف!».
كان الغمد مصنوعا من الجلد الرَّمادي ناعما كالخطيئة، وسحب
چون النصل ببطء كي تُلاحظ اللمعة الزرقاء العميقة في الفولاذ، وقال
لها: «هذا ليس لعبة. احذري أن تجرحي نفسك. الحواف حادة بما فيه
الكفاية لأن أحلق بها.
قالت : آریا: «البنات لا يحلقن».
- ربما يجدر بهنَّ أن يفعلنَ . هل رأيت ساقى السيئة من قبل ؟!».
ضحكت آريا قائلة: «لكن هذا السيف رفيع جدا».
- وأنتِ نحيلة جدًّا. لقد طلبت من ميكن أن يصنعه خصيصًا. مُبارزو
البرافو يستخدمون سيوفًا مثله في پنتوس و مير وبقيَّة المُدن الحُرَّة. إنه لن
يطيح برأس رجل من فوق كتفيه، لكن بإمكانه أن يصنع في جسده ثقوبا
عديدة إذا ضربت بالسرعة الكافية».
قالت آريا: «يمكنني أن أكون سريعةً».
سيكون عليك أن تتمرَّني على استخدامه يوميا». وضع السيف في
يديها وأراها كيف تحمله، ثم تراجع قائلا: «ما إحساسك به؟ هل يروق
لك التّوازن؟».
- «أظن هذا».
قال چون: «الدرس الأول: اطعنيهم بالطرف المدبَّب».
هوت آريا على ذراعه بالجانب المسطّح من النَّصل، وعلى الرغم من
أن الضَّربة قد آلمته، إلا أن جون وجد نفسه يبتسم
يبتسم كالأبله وآريا تقول:
أعرفُ أيّ طرف أستخدم!». ثم إن نظرة شَكٍّ اعتلت ملامحها وهي
تردف: «السبتة موردن ستأخذه مني».
فقط إذا عرفت أنه معكِ.
- «لكن مع من سأتدرب؟».
قال چون مُطَمْئِنا ستجدين أحدًا كينجز لاندنج مدينة حقيقية،
أكبر من وينترفل ألف مرَّة. راقبي كيف يتدربون في الساحة إلى أن
تعثري على شريك اركضي واركبي الخيل واجعلي نفسكِ قويَّة.
ومهما فعلت...».
كانت تعرف ماذا سيقول وفي آن واحد ردَّدا ..... لا... تقولي
لسانزا!».
بعثر چون شع
رها وقال: «سأشتاقُ إليكِ يا أختي الصغيرة».
معنا».
بدت فجأة كأنها على وشك البكاء وهي تقول: «ليتك كنت قادمًا
أحيانًا ما تقود الطُّرق المختلفة إلى القلعة ذاتها. من يدري؟». كان
يَشعُر بتحسن الآن، وقرر ألا يسمح لنفسه بالاستسلام للحزن. «يجب أن
أذهب. سأقضي عامي الأول على "الجدار" في إفراغ أوعية الفضلات إذا
تركت العم بنجن ينتظر أكثر».
اندفعت آريا لتلقي نفسها بين ذراعيه مرَّةً أخيرة، فقال چون محذرًا
وهو يضحك: ضعي سيفك أولا). نحت السيف جانبا بخجل، ثم
أمطرته بالقبلات.
وعندما التفت إليها وهو عند الباب، وجدها تحمل السيف مرَّةً أخرى
وتُجَرِّب توازنه، فقال: «كدتُ أنسي. كل السُّيوف العظيمة لها أسماء».
قالت: «مثل "جليد"، ثم تطلعت إلى السيف في يدها وتساءلت:
«ألهذا اسم أيضًا؟ أوه، قُل لي !».
قال چون مُداعِبًا: ألا يُمكنك التخمين؟ إنه نشاطك المفضّل على
الإطلاق».
بدت آريا حائرةً في البداية، ثم استوعبت ما يعنيه. كانت سريعة البديهة
حقا، ومعا ردَّدا الكلمة:
والإبرة ؟؟
وعلى الطريق الطويل شمالا بنّت ذكرى ضحكاتها الصافية فيه
الدفء.