كان يحمل سو هينغشان، في اللحظة التي سقط فيها يون شي على الأرض، محاطاً على الفور بمجموعة كبيرة من الناس.
لا شك أن الناس الذين حاصروهم كانوا جميعاً تلاميذ لعشيرة جبل الصحوة. عندما رأوا سو هينغشان مغطى ببقع الدم وشعره المجعد، على الرغم من أن البعض كانت لديه تعبيرات معقدة ومكتظة للحظة، الا انهم حاصروهم بدون أدنى تردد. كانت صفوف من الأسلحة المتلألئة موجهة اليهم مباشرة.
"أنت ما زلت تتمنى الركض… دعني أرى إلى أين ستهرب! "
تردد صدى صوت متعجرف من الزنزانة المنهارة. بسماع هذا الصوت، ومض اسم "سو هوران" في ذهن يون تشي.
الإبن الوحيد لسو هينغشان، شقيق لينغ إير من أم مختلفة… شخص كان مشمئزًا منه من قبل في "أرض الأحلام" قبل ست سنوات.
انشق الحشد وسار ستة وعشرون شخصاً من بينهم
رجل في منتصف العمر يرتدي رداءً أسوداً بالكامل يمشي على قدميه. كان مظهره على الجانب الرقيق مع تلميح بسيط من الشحوب والجزء الأبرز في جسمه، هو كوكبة من سبعة نجوم موسومة على الرداء الأسود في مقدمة صدره. كانت هذه الكوكبة خضراء جدا، مما يؤكد انه كان يتمتع بمكانة مرموقة في قصر النجوم السبعة الإلهي. بينما كان يمشي، اطلق جسده كله هالة رفيعة من شخص في مركز عالٍ، كما لو انه الملك الذي يشرف على كل شيء في هذه القطعة من الأرض، في حين ان البقية كانوا مجرد نمل.
الهالة العميقة المنبعثة من جسده، كانت في المستوى الثامن من عالم الطاغية العميق.
وكان خلفه رجلان متوسطا العمر يلبسان ثيابا سوداء مماثلة، وكان يوجد على صدريهما كوكبات خضراء فاتحة. لقد كانا بالتحديد الرئيسان الآخران اللذان استشعرا يون تشي... لكن كلاهما كانا طواغي في المرحلة المبكرة
أبعد من ذلك، كانت هناك بعض الوجوه المألوفة.
سو هوران، الذي صرخ في وقت سابق!!
سو هينغيو، الذي تعاون مع معقل الخشب الأسود وأراد إجبار سو هينغشان على تسليم مفتاح الكنز!
سو وانجي- الأكبر سناً صاحب أعلى رتبة في عشيرة جبل الصحوة!
حتى هيمو تشينجيا، سيد معقل الخشب الأسود الذي كان خائفاً من قبل من شيا تشينغيو في ذلك الوقت، كان في التشكيل أيضاً!
علاوة على ذلك، من الطريقة التي دخل بها هؤلاء الناس، يبدو أن سو هوران كان يأخذ زمام المبادرة.
وهؤلاء الناس كانوا مثل حفنة من الملاعين يسيرون خلف طواغي قصر النجوم السبعة الإلهي. كانت اجسادهم مشدودة قليلا، متخذين مواقف محترمة، كما لو ان السير معهم كان مجرد أمر مخيف جدا.
عندما رأيا يون تشي، ذهلا في نفس الوقت أيضا. بعد ذلك، كان سو هوران أول من استدعاه وهتف "إنه ... أنت!"
الرجل ذو الرداء الأسود في مقدمتهم كان يقيس يون تشي بعيون باردة طوال الوقت. عندما سمع صياح سو هوران، قال بخفة. "يبدو أنك تعرفت على هذا الشخص؟"
"آه ... نعم" عندما استجوبه الرجل ذو الرداء الاسود فجأة، انحنى خصر سو هوران بسرعة أكثر. "لقد تقابلنا منذ بضع سنوات، لكنه مجرد شخصية صغيرة نكره. إنه لا يستحق أن يذكر للمبعوث الإلهي"
"شخصية صغيرة؟" الرجل ذو الرداء الأسود الذي دُعي "المبعوث الإلهي" كان يشخر ببرود. "طاغي من المستوى السادس يمكنه أن يكون شخصية صغيرة؟"
عندما سقطت هذه الكلمات، بغض النظر عما إذا كانوا من عشيرة جبل الصحوة أو من قصر النجوم السبعة الالهي، فقد صدموا جميعاً على الفور. حتى أن الأشخاص الذين قابلوا يون تشي قبل ستة أعوام كانوا واقفين هناك بلا حراك، في حين كان سو هينجشان الذي كان محبوساً خلف يون تشي مذهولاً إلى حد كبير.
اتسعت عيون سو هوران ثم تعثر. "سادس ... طاغي من المستوى... السادس!؟ هذا هو ... هذا مستحيل. منذ ست سنوات ... كان فقط في عالم الروح العميقة ... كيف يمكنه ... "
"ماذا؟ أيمكن أن تكون قدرات هذا العظيم على الإستشعار أدنى من قدراتك؟" صوت المبعوث الإلهي ذو الرداء الأسود برد فجأة.
سو هوران أرتعش على الفور، كما قال بخوف. "لا، لا، هذا الصغير قد أخطأ. حتى لو كان هذا الصغير يملك عشرة آلاف جرأة أخرى لن أجرؤ على الشك في المبعوث الإلهي. اتوسل الى المبعوث الإلهي ان يغفر لي"
كان تعبير سو هنغشان، وهو يشاهد ابنه وهو يتذلل كالكلب، غير مبالياً، إذ لم يكن بالإمكان على ما يبدو رؤية أي تلميح من الألم على وجهه… لأنه كان يشعر بالخدر منذ وقت طويل من جراء الألم والحزن الهائلين.
"أيها الشاب، اشعر ان عمرك ينبغي ألا يكون أكثر من ثلاثين سنة" قال المبعوث الإلهي ذو الرداء الاسود بلطف "حتى في قصرنا النجوم السبعة الإلهي، لا تزال موهبة بهذا المستوى من العيار الاعلى. لا يجب أن تكون شخصاً مجهولاً، لكن من مظهرك ليس من المحتمل أن تنحدر من الطائفة المحبطة للسماء أو طائفة السيف السماوية المرتفعة أيضاً. ما اسمك؟ من أي طائفة تنحدر؟ من هو سيدك؟" تعبيره غرق بشراسة. "ومن أعطاك الجرأة لإثارة قصرنا الإلهي؟"
طاغي من المستوى السادس الذي لم يصل عمره بعد إلى الثلاثين. على الرغم من أن المبعوث الالهي ذو الرداء الأسود لم يخف، لم يتمكن من المحافظة على هدوئه في قلبه. لذلك لم يتحرك على الفور وأراد ان يزيل خلفيته. ومع ذلك، مهما كانت خلفيته، كان من المستحيل ان يخاف منه... لأنه كان من قصر النجوم السبعة الإلهي!
حتى لو كان هذا الشخص حقا من الطائفة المحبطة للسماء أو طائفة السيف السماوية المرتفعة، فهو على اقصى تقدير يمكنه فقط أن يقف على مستواهم.
تحت طاقة السماء والأرض التي أتت من يون تشي، سو هينغشان قد استعاد بالفعل قدراً كبيراً من حيويته. لقد ناضل من أجل التقدم إلى الأمام، ودفع يون تشي بقوة بعيداً وزأر خارجاً. "أيها اللص العجوز، هذا الشاب قد أخطأ بيني وبين شخص آخر. أنا لا أعرفه على الإطلاق! إذا كانت لديك الجرأة، فتعال واقتله الآن!"
أدار رأسه بشراسة نحو يون تشي، وبصوت عال، هدر. "انظر بوضوح، أنا سو هينغشان، وليس لينغ داتونغ. هذا المكان هو عشيرة جبل الصحوة وليست العشيرة العميقة الثانية التي تبحث عنها! المسائل المتعلقة بعشيرة جبل الصحوة، هي حياة وموت سو هينغشان، ليست المسائل التي يمكنك، أنت أيها الدخيل الفاحش، أن تتدخل فيها! لماذا لم تغادر بعد؟ انصرف!"
يون تشي: "..."
لقد فهم نوايا سو هينغشان. كان يخبره أن الأشخاص الذين أمامهم ليسوا أشخاصاً يمكنه التعامل معهم. أراده أن يغادر على الفور ثم يبحث عن لينغ إير
عند النظر إلى الوضع الذي أمام عينيه، سو هوران ورجاله، وتلك الجثث التي ترتدي ثياب عشيرة جبل الصحوة التي عثر عليها في غابة الخيزران… بتجميع هذه التفاصيل، كان يون تشي قد أدرك بالفعل إلى حد ما ما حدث في عشيرة جبل الصحوة. لقد أخمد الدافع لقتل الجميع هنا، واتخذ خطوة للأمام وتكلم بلهجة هادئة لا تضاهى. "هل حددتم أي أثر للأماكن التي ذهبت إليها سو لينغ إير؟ اذا كنتم قد فعلتم، فتكلموا الآن حتى اترككم تموتوا بسرعة أكثر"
صُعق سو هينغشان على الفور، راحتيه الممددتان سقطتا بقوة. ضاقت بشراسة عيون المبعوث الإلهي ذو الرداء الاسود، ورددت الأصوات الضاحكة في كل مكان. على ما يبدو أن تلامذة قصر النجوم السبعة الالهي بالذات كانوا يضحكون بشكل خاص، فالحذر المبدئي الذي كان لديهم عند النظر إلى يون تشي قد تحول إلى سخرية لا تضاهى ... وحتى الشفقة.
"هيه" المبعوث الإلهي ذاو الرداء الأسود أطلق ضحكةً باردة خفيفة وقال بتروي "يبدو أن موهبتك جيدة جداً و عقلك ليس بذلك الإشراق… اوه، أنا مخطئ، إنها حماقة"
كان وجه سو هوران مليئا بالشماتة وكان يزأر بتعجرف. "يون تشي، لم أكن أتوقع أنه بعد ست سنوات، كنت في الواقع تبحث عن الموت لحظة عودتك! هل تعرف من هو هذا الرجل؟ إنه مبعوث مبجّل لقصر النجوم السبعة الإلهي! إذا ركعت على الفور وركعت الآن، قد لا تزال لديك فرصة. المبعوث الإلهي شهم ربما يستطيع تركك جثة كاملة"
عيون يون تشي لم ترمق سو هوران حتى ولو بنظرة خاطفة، مع تضيق عينيه ببطء. "سأقولها مرة أخرى، أخبروني بكل المعلومات المتعلقة بسو لينغ إير و سأترككم تموتون بسرور أكثر!"
"هيه" المبعوث الالهي ذو الرداء الأسود أطلق ضحكة خافتة "يبدو أنك تبحث عن الموت عمداً!"
يون تشي لم يحرك جسده. بإصبعه فقط، ركض بخفة نحو ذلك التلميذ في القصر الإلهي على يمين المبعوث الإلهي ذاو الرداء الأسود.
بانج!!
صوت ضجيج متفجر طفيف وكان مصحوباً في الحال بصرخة بائسة للغاية. سقط ذلك التلميذ على الأرض عندما انفجر صدره. انتشر لهب الغراب الذهبي العنيف، مع صدره كنقطة بداية، انتشر نحو كامل جسمه.
"واااه ..."
حتى العاهل بالكاد يمكنه تحمل حرارة نيران الغراب الذهبي، ناهيك عن طاغي مرحلة مبكرة… علاوة على ذلك، هذه الكتلة من لهب الغراب الذهبي اشتعلت من داخل جسمه! صرخ بيأس وتدحرج بيأس واستخدم طاقته العميقة للمقاومة، ومع ذلك، كيف يمكن أن تتأثر نيران غراب يون تشي الذهبية بقوته!
هذا المشهد المرعب الذي حدث فجأة، جعل الجميع شاحب في حالة صدمة، كما تغيرت أيضا بشرة المبعوث الإلهي ذو الرداء الأسود. اندفع التلميذ الذي كان على يساره مسرعا الى الامام، راغبا في إطفاء "النيران العميقة" على جسده. ومع ذلك، حالما لامست يداه النيران، صرخ فجأة لأن يديه كانتا قد تحولتا إلى عظام بيضاء سميكة… وبعد ذلك، أُحرقت العظام البيضاء كاملا بعيدا عن اللهب الحارق، في حين احترقت النيران الشبيهة بالشيطان ببطء على ذراعيه، مما تسبب في سقوطه على الأرض وسط ألم وخوف شديدين. مثل التلميذ الأول للقصر الإلهي، تدحرج بيأس وصرخ.
كانت نيران الغراب الذهبي بطيئة بشكل خاص بينما كانت تلتهم أجسادهم على مهل. كانت هذه العملية مصحوبة بألم أشد قسوة من المطهر في تصورهم. صرخات تلميذي القصر الإلهي كانت تنبعث مثل صرخات الأشباح الحقيرة في الجحيم. كانت اجسادهم تتدحرج بجنون وتتشنج، بدت مقل عيونهم وكأنها على وشك ان تخرج من تجويف عيونهم بسبب الالم، كانت العروق الزرقاء على جباههم تُسلخ بوضوح كديدان الأرض!
"اقتلني ... اقتلني ... أتوسل إليكم جميعاً ... اقتلوني ... ااااه!!!"
أصوات اليأس التي جمعوها بيأس... كانت في الواقع أمنياتهم للموت
بانج!!
في أعقاب التغيير الذي حدث في تعبير يون تشي، انفجرت أعنف النيران في العالم فجأة وفي لحظة، تحطمت جثتا التلميذين في القصر الإلهي إلى أشلاء، تطايرت شظايا نارية لا حصر لها. قبل أن تتمكن هذه الشظايا من الهبوط على الأرض، كانت قد احترقت إلى لا شيء… إنسى أمر الجثث الممزقة، لم يترك ورائه أي ذرة من الدخان. الشرر المشتعل الذي تناثر على الارض احرق فورا آلاف الثقوب كالفقاعات.
كان الجميع عاجزين تماما عن الكلام. وكان كل واحد منهم يحدق بعينين واسعتين، كانت بشرتهم شاحبة كالورق. وبسبب التضخم المفاجئ للدهشة والخوف، بدت عيونهم وكأنها على وشك الانفجار.
كان وجه سو هوران قد استنزف بالفعل كل الألوان، كما انسحب مذعورا وقال وهو يرتجف "شيطاني ... فن شيطاني ... إنه فن شيطاني !!"
وجه المبعوث الالهي ذو الرداء الأسود كان قد تشوه تماما، ولم يعد يحمل اية تلميح الى الهدوء والشغف. شحب وجهه وبرز الخوف السريع في قلبه الداخلي. تقدم للخلف وزأر فجأة "فل يتحرك الجميع ... اقتلوه!"
عندما سقط أمره، ارتعد الحشد من تلاميذ القصر الإلهي الخائفين وهم يتوجّهون نحو يون تشي على ردّ فعل مشروط.
كان وجه يون تشي بارداً كالثلج ولم يرمش حتى بمحيطه. الضوء المشتعل في يده تحول إلى ضوء أزرق
في لحظة، عدة عشرات من الأشجار من الزهرة المتجمدة، تغلف جميع تلاميذ قصر الإلهي المندفعين. امتدت عدد لا يحصى من الأغصان الجليدية التي كانت باردة بشكل مثقوب للعظام. تثقب أجسادهم وتطعنها بلا رحمة… ومع ذلك، تحت الهواء البارد، حتى قبل أن تتدفق دمائهم، كانت قد تجمدت بالفعل. حتى استنزاف حياتهم، تحول بشكل خاص بطيء تحت هذا الهواء البارد.
في فترة قصيرة من لحظة واحدة، جميع تلاميذ القصر الإلهي كانوا قد دفنوا بالفعل داخل أشجار الجليد. كل واحد منهم تم اختراقه بعدة عشرات من اغصان الجليد، مثل الجراد المخترق بالسم. ومع ذلك، لم يسفكوا دما، ولم يقاوموا ولم يستطيعوا أن يموتوا على الفور، بل إن أفواههم كانت تطلق صرخات رهيبة وتنفطر بالبكاء البائس.
عندما تتشابك صرخات اليأس هذه مع بعضها البعض، كان الأمر اشبه بجنازة الموتى التي نشأت من اسفل أعماق الجيحم!