118 – خطيئتان

استخدم القاضي الأكبر خاتم التخاطر بينما يحدق في أنمار المشوشة، ثم بعدما انتهى، شهق كما لو أنه كان يغرق قبل أن يقول "و الآن، بعدما يختفي ذلك السائق الذي أتى بك إلى هنا، لن يعرف أحد آخر أنك توجهت إلى هنا أبدا"

انحنى قليلا و وجه يده نحو وجنة أنمار كما لو أنه يود حملها بينما يتحدث "بعدما أنتهي من كريمزون أكاغي، ستكونين أنت بابي لأصبح الإمبراطور بشكل شرعي"

كانت عينا أنمار توحي أن هذه الأخيرة ترتعد من الخوف، كانت عيناها تهتز و تحدق في اليد التي تحاول لمس وجنتها. في هذه اللحظة، تكلمت أنمار بصوت مرتجف "ما الذي تحاول فعله؟ هل جننت؟ هل نسيت أنني قلت أن الجنرال الأعلى باسل يعلم عن قدومي إلى هنا؟ بل و سيأتي بعد قليل ليقرر نهاية الموضوع المفترض بنا التحدث عنه ! "

توقفت يد القاضي الأكبر فبدا على أنمار كما لو أنها هدأت قليلا، صنعت تعبيرا على وجهها يشير لفرحتها باقتناع القاضي الأكبر بكلامها. برؤيته لهذا الوجه، استقام القاضي الأكبر مرة أخرى ثم ضحك بصوت مرتفع جدا "هاهاهاها" ضرب بيده على جبهته من شدة الضحك فازدادت حدة و شدة صفعه لمقدمة رأسه كما ارتفع صوت ضحكه

أصبح صوته يدب في القاعة الرئيسية بالكامل. بدا كما لو أنه قد سمع النكتة الأكثر إضحاكا في حياته على الإطلاق، فحتى هو كان متأكدا من أنه لم يضحك هكذا و لو لمرة في عمره الطويل أبدا

اهتز جسد أنمار الجالسة في مكانها مع اهتزاز الغرفة بسبب صوت الضحك و الهالة القاتلة التي بدت تنسل من القاضي الأكبر. كانت هذه الهالة مليئة بالحقد و الكراهية، و كما انسلت من القاضي الأكبر، امتدت و انتشرت نحو أنمار ثم بدأت تلتصق بها، صعدت مع قدميها ثم إلى فخذيها كما لو أنها تتحسسها

توجهت الهالة المشؤومة نحو المناطق الحساسة الخاصة بأنمار مما أعطى هذه الأخيرة شعورا غير مريح على الإطلاق، فبدأ جسدها يهتز أكثر و أكثر، و بدت كما لو أنها قد وصلت لقمة درجات الهلع و الفزع

بمشاهدتها، توقف القاضي الأكبر عن ضرب جبهته كما هدأ صوته ثم امتدت أنظاره نحو صدرها المغري، و سال ريقه بسبب ساقيها الطويلتين و البيضاويين قبل أن يقول بينما يلحس لعابه "أ تقولين أن ذلك الغر سيأتي إلى هنا؟ هاهاها، لا تكوني واهمة، ذلك الفتى لن يرى نور الجرم السماوي مرة أخرى، كان ذلك المغيب آخر مغيب يراه في حياته التي يجب أن تكون قد انتهت فترتها بهذا الحين"

أكمل بينما يحدق في أنمار التي تهتز "لقد أرسلت فرقة خاصة و التي سيكون سهلا عليها قتل ذلك الغر المغرور بكل سهولة، لو ظن أنه في قمة هذا العالم فقط ببلوغه المستوى السابع، فهو حقا غر مغرور، هناك العديد من الوحوش المختبئة في الظلال و لا تريد الكشف عن نفسها إلا عند قدوم الوقت المناسب لذلك"

تكلم القاضي الأكبر بعدما قام بمسح جسد أنمار من الأعلى للأسفل بعينيه "لا تقلقي، و لا داع لتخافي هكذا، فلتهدئي و لنبدأ في التفكير بمستقبلنا معا"

اقترب القاضي الأكبر من أنمار بينما يهمس لها "سأطلق زوجاتي الأربع إن أردت، سأكون رجلا لك فقط، لذا لم لا نتوافق فيما بيننا و نوطد علاقتنا ببعضنا البعض أكثر، فبعد كل شيء، سوف تضطرين لعيش حياتك كلها بجانبي كالإمبراطورة. هكذا سأكون قادرا على أن أغدو الإمبراطور بكل الحقوق و القوانين المشروعة"

"لا داع لترتعدي هكذا، سوف تشعرين بهدوء جميل بعد قليل"

كان جسد أنمار يهتز كثيرا، بدت كالفتاة التي وجدت نفسها تحادث الشيطان الملعون نفسه. و مع اقتراب القاضي الأكبر بسبب اعتقاده الشيء نفسه، بدأت هالة مشؤومة أخرى تمتد من جهة أنمار

التقت هذه الهالة بالخاصة بالقاضي الأكبر فجعلته يشعر كما لو أن هناك قطعا من الجليد تنقش قفاه، كما لو أن هذه الأخيرة تُنقش من طرف شيطان جليد ملعون يحاول لعنه

في لحظة، وجد القاضي نفسه يلتصق بالحائط بعيدا عن أنمار و جسده متعرق بالكامل كما لو أنه جرى لعشرات آلاف الأميال من دون توقف. كان تنفسه بطيئا للغاية كما لو أن هناك شيطان جليد ملعون يحاول قطع حنجرته بسيف جليدي ملعون

في تلك اللحظة، أحس كما لو أنه قد لمس شيئا محرما، شيئا لا يجب على البشر الاقتراب منه أبدا. في تلك اللحظة، أراد أن يخترق الحائط و يهرب إلى أبعد مكان ممكن لكنه لم يستطع مهما حاول. في تلك اللحظة، شاهد أنمار تقف على قدميها بينما تطلق هالة قاتمة، هالة سوداء بالكامل كما لو أنها هالة شيطان ملعون لا هالة إنسان، و ليست الهالة فقط، بل هي نفسها، أنمار نفسها التي كانت ترتدي فستانا أسودا، أصبحت كملكة غاضبة من العالم السفلي. و في تلك اللحظة، أدرك القاضي الأكبر أخيرا و متأخرا، أدرك أنه تحت وهم من ساحر بقمة المستوى السابع، كما أدرك أنه عاش جحيما لا يطاق استمر للحظة و مر كألف سنة مديدة

فجأة، وجد القاضي الأكبر نفسه أمام أنمار مرة أخرى، و لا يزال يتخذ نفس الوضعية، نفس وضعيته عندما كان يحاول لمس وجنة أنمار. في حين، كانت هذه الأخيرة هادئة للغاية كما لو لم يحدث أي شيء، قامت فقط بحمل فنجان الشاي مرة أخرى و شرب الرشفة الأخيرة منه

كان القاضي الأكبر عندها متجمدا في مكانه غير قادر على التحرك إطلاقا، حتى أخذت أنمار خطوتها الأولى عبر وقوفها. حينها، قفز القاضي الأكبر للخلف عدة أمتار ثم صرخ "كي... كيف؟ هذا مستحيل، أيتها اللعينة، من أنت بالضبط؟"

تكلمت أنمار عندها بهدوء "ألم أقدم نفسي سابقا؟ إنني الأميرة الثانية لإمبراطورية الشعلة القرمزية، كريمزون أنمار"

"لا تمزحي معي" قالها القاضي الأكبر بارتعاد. حدق في يديه اللتين تهتزان، و في جسمه المتعرق بالكامل، كما وجه نظره لساقيه المرتجفتين. كان جسده بالكامل يرتعش، كما كان قلبه ينبض بسرعة كبيرة

تكلمت أنمار مرة أخرى "أمزح؟ ما الذي تتحدث عنه؟ أ هذا موضوع يمزح به الناس؟"

أخذت أنمار الخطوة الأولى متقدمة نحو القاضي الأكبر الذي قفز للوراء مرة أخرى

ابتسمت أنمار ثم قالت " لا تقلق، و لا داع لتخاف هكذا، فلتهدأ و لنبدأ في التفكير بمستقبلنا معا"

مع حديث أنمار، ازداد توتر القاضي الأكبر أكثر فأكثر، و قبل أن يشعر، وجد نفسه مفعلّا لطاقته السحرية شاحنا إياها لقمتها

"ابتعدي عني أيتها اللعينة ! " بصياحه، رفع يده الحاملة للسيف السحري ثم نزل بها للأسفل بكل ما يملك من قوة

امتدت هالة القاضي الأكبر و سقطت على أنمار فجعلتها تتجمد بمكانها. ثم انطلق القاضي الأكبر عندها بكل ما يملك من قوة مع شحذه لسيفه السحري بطاقته السحرية و الذي وجهه نحو عنق أنمار محاولا قطعه

في لحظة

*ززززن*

وجد القاضي الأكبر سيفه السحري يتلاقى بسيف مليء بالنقوش الغريبة عليه، كان سيفه هذا يحمل معه طاقته السحرية المليئة بعنصر العقل، إضافة لقوته الجسدية كاملة و مع ذلك، تم إيقاف سيفه المعزز بعنصره السحري و المدعم ببنيته الجسدية القوية بدفاع بسيط من أنمار

كل ما قامت به أنمار كان وضع السيف أمام طريق سيف القاضي الأكبر، لكن مع أن الأمر كان بسيطا إلى أنه لم يكن سهلا. سيفها هذا كان مشحونا بطاقتها السحرية المليئة بعنصر الوهم، إضافة لثقل بنيتها الجسدية و مستواها السحري اللذين فاقا الخاصين بالقاضي الأكبر

دافعت أنمار عن نفسها، و آن وقت هجومها، و بمجرد ما أن تحركت حتى تراجع القاضي الأكبر مبتعدا عبر قفز بعيدا مرة أخرى. كان سبب فعله لهذا هو نية القتل التي أتت من أنمار، شعر كما لو أنه يواجه وحشا أسطوريا عرف بالمجازر الخرافية التي قام بها. كانت نية قتلها تجعل الأبدان تخضع لها إن لم تهرب، كما لو أنها قد مرت بمئات آلاف المعارك و المذابح

تكلمت أنمار بعدما ابتعد القاضي الأكبر عنها "لقد تحدثتَ عن الوحوش المختبئة في الظلال، افتخرت بذلك كما لو أنك مطلع على العالم بأجمعه، تصرفت بتكبر و تعالٍ ظانّا أنك تعرف خبايا هذه البسيطة. لكنك مجرد غر مغرور لا يعرف كم هي السماء واسعة"

صرخ القاضي الأكبر "اصمتي أيتها الغرة، أنت لا تعرفين أي شيء عني بتاتا"

شحذ القاضي الأكبر طاقته أكثر. في حين، كانت أنمار تنظر إليه بانحطاط كما لو أنها تنظر لأكثر شيء مشمئز على الإطلاق بالوجود. و مرافقةً لنظراتها المستحقرة، خرجت كلمات جعلت من القاضي الأكبر يهتز من الغضب أكثر فقط "لقد قمت بعدة خطايا أيها الخرف، لكن من بينها كلها، توجد اثنان تهمانني"

رفعت أنمار سيفها الأثري من الدرجة الثالثة للأعلى ثم شحذت به طاقتها السحرية و قالت بنبرة حادة "لقد تجرأت على لمس رَجُلي، و تجرأت على لمس جسدي الذي لا يجب على رجل آخر غير رجلي لمسه. هاتان خطيئتان لا يمكن غفرانهما"

بعدما جعلت أنمار القاضي الأكبر يصمت بسبب كلامها الحامل لنية قتلها الجازرة، أكملت "لقد جعلت هالتك القذرة تلك تتحسسني، و هذا عمل لا يُغفَر. لا رجل بقي أو سيبقى من دون عقاب بعد تجرئه على لمس جسدي المسموح برجلي فقط لمسه"

لم يصدق القاضي الأكبر هذا التحول في الأحداث، و بسرعة، قام باستعمال خاتم التخاطر مرة أخرى و حاول التواصل مع فلايمر الذي ذهب ليغتال باسل. لكنه تفاجأ بعدم وجود أي رد

*باام*

فتحت البوابة عن طريق تدميرها فدخل عدة أشخاص، و بمشاهدتهم، بدا على القاضي الأكبر الفرح و الفرج، فتكلم "أيها القاضي عادل، أوه، هذا جيد، لقد أتيت و معك سحرة المستوى الخامس، فلتساندني ضد هذه الغرة، يجب أن نقتلها قبل أن يتسرب خبر قدومها إلى هنا"

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، أرجو الإشارة لأي أخطاء إملائية أو نحوية

إلى اللقاء في الفصل القادم بعد قليل إن شاء الله

2017/12/19 · 1,228 مشاهدة · 1443 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024