200 - الصميم ضدّ المدمِّر

200 – الصميم ضدّ المدمِّر

ظهر رمح العدم في يد إدريس الحكيم مع ظهور تغيّرات عديدة عليه، فكان يتميّز بأنماط خطّيّة سوداء متداخلة في بعضها مشكّلة أحاجي وألغاز من لغات عتيقة لا يمكن تتبّع أثرها عبر الأزمان والعصور القديمة. صنعت تلك الأنماط السوداء صورة نمر، فتوهّجت فجأة بضوء فضّيّ جاعلة صورة النمر تنبثق إلى الوجود الفعليّ كما لو كانت نمرا حقيقيّا.

طُبِعت صورة النمر على السلاح الروحيّ والتفّت عليه فاندمجت معه. كان هذا شيء لا يستطيع فعله سوى أشخاص محددين؛ وجب أن تكون روح وحشهم قد تأصّلت على الأقلّ سبع مرّات في المجموع، وأن يصقل الساحر كلّ تأصل بتقنية التكامل التأصّليّ على حدة حتىّ يخلق تزامنا بين روح الوحش المندمجة مع روحه وسلاحه الروحيّ.

لقد كان رمحه الخشبيّ في هاته اللحظات يمثل وجوده بنفسه؛ لقد كان روحه الأصليّة، وروح الوحش، وهما معا، فكان روحه المتحوّلة، فحمل كلّ تقنياته السحريّة والمتحوّلة معه. لقد كانت هذه هي صورة سلاح الساحر الروحيّ الحقيقيّ. كان كما لو أنّ الساحر الروحيّ يحوّل روح وحش روحيّ إلى سلاح خاصّ به بعد المرور بعدّة مراحل لا يمكن الاستغناء عنها أبدا.

لقد كان ذلك هو تحوّل السلاح الروحيّ.

ابتسم شيطان اليأس ثم رفع رأسه إلى السماء الشاسعة ووضع يده على وجهه قبل أن يتكلّم: "هاهاها، يا لسخرية القدر؛ يا لسخرية العالم، ويا لسخرية قوانينه وطبيعته؛ على مرّ التاريخ، ظهرت العديد من المواهب العظيمة الثاقبةِ أسماؤُها، لكن ولا واحد منها ملك الحكمة السياديّة واقتصر الأمر على المواهب الضعيفة جدّا أو الميّتة فقط."

رفع سبّابته ثم أشار بها إلى غريمه: "أنت يا حكيم تعلم أكثر منّي ومن أيّ شخص آخر ما أعني بكلامي هذا. أنت تعلم أنّ 'أرض الوهب والسلب العتيقة' اختارتك لسبب، وتعلم أيضا لمَ توجّب أن تكون أنت بالضبط. الأمر لا يتوقّف عند موهبتك الميّتة، بل يفوق ذلك بكثير ويصل إلى حدّ الألغاز المحرّمة."

لقد كان صوت شيطان اليأس كهدير رعد تردّد في السماء لوقت طويل، وبدا كمخلوق جبّار ينطق بكلمة، فتكون الحقيقة.

حملق إدريس الحكيم إليه بعينيه العميقتين وغاب في ذكرياته لقليل من الوقت قبل أن يستدرك نفسه: "قد تكون محقّا، لكن هذا يعني أنّك قد تكون مخطِئا. لربّما اختِرت لسبب، لكنّني أعلم أيضا أنّني أعطيت فرصة، وسأستغلّها في تجاوز الاختبار بكلّ جدارة مهما حدث."

كانت هناك العديد من الأشياء التي ناشدها إدريس الحكيم في حياته ممّا جعله يلج إلى العديد من العوالم الثانويّة ويجوب العوالم الروحيّة باحثا في الكثير من الأمور. كانت هناك ألغاز أراد أن يحلّها، وكانت هناك أهداف أقسم على تحقيقها بوسيلة أو بأخرى.

لقد ظلّت أرض الوهب والسلب العتيقة هناك لعصور لا تحصى، ولم يعلم أحد عن مصدرها أو أصلها، أو عن أسبابها الخاصّة أو أسباب وجودها أصلا، لكنّ كلّ هذا كان مجرّد سؤال وجب على إدريس الحكيم حلّه في الاختبار العظيم الذي وجده أمامه. لقد كان الامتحان الذي يختبره أكبر وأشدّ تعقيدا بكثير.

ضحك إبلاس مرّة أخرى كما لو كان يستهزئ، لكنّه توقّف بسرعة فرمق إدريس الحكيم بنظرات جدّيّة: "يا حكيم، يا صاحب العقل السليم، يا من لطالما كان لي غريم، دعنا لا نراوغ كثيرا بما أنّ هذه نهاية أحدنا. كلانا يعلم أنّنا في الواقع نبحث عن نفس الإجابة. سمِّه اختبارا أم لغزا محرّما، فالإجابة عنهما واحدة. أنت مثلي ومثل ملكنا العظيم، تريد السيادة العظمى وبلوغ القمّة الخرافيّة. على الرغم من أنّ الملك الأصليّ يحاول قدر المستطاع منع كلّ شخص أن يعلم عن كل تلك الأمور، إلّا أنّنا نحن على الأقلّ وبعض الهرمى المقموعين نعلم."

حدّق إدريس الحكيم إليه لوقت قليل، ثمّ انبثقت صورة فتى بشعر قرمزيّ وعينين حمراوين في ذهنه، جاعلة إيّاه يبتسم بشكل عريض، تاركا شيطان اليأس متسائلا عمّا يفكر به؛ فحتّى لو ملك عينيْ الحقيقة، لم يمكنه الرؤية عبر الحكيم السياديّ.

تنهّد إدريس الحكيم أخيرا فأجاب: "لربّما تكون محقّا، لكنّ إجابتك ليست سوى جواب لسؤال آخر من الاختبار أيضا. لربّما هي إجابة مهمّة وتتيح للشخص الإجابة عن الكثير من الأسئلة الأخرى، لكنّها ليست هدفي ولن تكون أبدا يا إبلاس. هناك الكثير من الأشياء التي تغفل عنها يا غريمي، ولا أعتقد أنّها طفيفة. لقد حسبت وحسبت فحسبت بحكمتي السياديّة، ليلا نهارا، لمدّة طويلة جدّا، وأخيرا استطعت اكتشاف بعض الأشياء الطفيفة. فبكلّ بساطة بالرغم من تعقيداته..."

كان كلام إدريس الحكيم غامض حتّى بالنسبة لشيطان اليأس، ومع ذلك لم يضف كلاما أكثر من: "كلّ شيء مقدَّر، وكلّنا نُختبَر!"

سها شيطان اليأس حتّى وجد نفسه يردّد نفس الجملة الأخيرة مرارا وتكرارا في ذهنه. لقد كان تأثيرها على عقله كبيرا، وجعلت من كلّ الغموض ضبابيّا أكثر فقط. لقد كان من الواضح أنّ إدريس الحكيم لا يلاعبه بما أنّ هذه كانت معركتهما الأخيرة، لذا هوسه بالألغاز المحرّمة جعله يتساءل عن كلّ هذه الأشياء لوقت طويل قبل أن يعود إلى الواقع الحيّ أخيرا.

رفع سيفه الهلاليّ ثم فعّل تحوّل سلاحه الروحيّ، فانطلق ضوء ذهبيّ مشكّلا أنماط قوانين عالميّة ظهر منها أسد ذهبيّ زأر فهز العالم، ثمّ التصق بالسيف الهلاليّ حتّى اندمج معه وزاد من هيبته.

انتهى الأقوال وحضر النزال! لقد قيل كلّ ما يجب أن يقال بينهما، ولم يكن هناك حاجة لإطالة ما يجب عليهما إنهاؤه. كانت هناك بعض المشاعر المختلطة تتخلّل قلبيهما، لكنّها كانت خفيفة جدّا حتّى تثقِل مساريهما الروحيّين. لقد كان أحدهما حكيم العوالم الروحيّة السياديّ، وكان الآخر مدبّر الحروب الشيطانيّ.

تمتم إدريس الحكيم بتعويذة ما، وفعل شيطان اليأس نفس الشيء، فأطلقا سلاحيهما في نفس الوقت تجاه بعضهما.

كان هذان السلاحان الروحيّان يحملان كلّ خوّاص هجماتهم السابقة والتي لم يظهراها بعد، وفاقا ذلك حتّى أنّهما اكتسبا قدرتيْ الوحشين الروحيين واستخدماها في نفس الوقت. صوحِبت الفنون القتاليّة في هذا الهجوم أيضا ولم يُترك شيء. لقد كان هذا أقوى هجوم لهذين الاثنين حرفيّا!

صرخ إدريس الحكيم بكلّ يملك: "الصميم عديم الغريم!"

صاح شيطان اليأس في نفس الوقت: "الدمار المدبَّر!"

تجاوز السلاحان الروحيّان قواعد هذا العالم بعدما سخّرا قوانينه لصالحهما، وكانا في هاته اللحظات ككيانين في حد ذاتهما. صاحبتهما العديد من الصور التي أرعبت الناس وأظلمت العالم تارة فأنارته في اللحظة التالية. بدا كما لو أنّ العالم يتشوّش من شدّة القوّة العظيمة لهذين السلاحين.

اخترقا الفضاء نفسه وعبرا المسافات كأنّها لم تكن أصلا، وشقّا السماء أعلاهما والأرض أسفلهما، وبَرَقا ما بينهما بألوان مختلفة ومتنوّعة. لم يعلم أحد ما الذي كان يحدث بالضبط؛ كان هذان السلاحان شيئان يفوقان فهم البشر بكثير.

كان باسل يتحرّك بعيدا بآلاف الأميال، وفي اللحظة التي انبثق فيها السلاحان الروحيّان المتحوّلان إلى الوجود ثقُل تنفّسه وصعُب عليه التحرّك، وغاب كلّ المحيطين به عن الوعي إلّا سحرة المستوى الخامس فما فوق استطاعوا الحفاظ على وعيهم بشقّ الأنفس.

لقد كان أوّل السلاحين بدون خصم، وكلّ ما جابهه كان مصيره العدم، وكان ثانيهما مدمّرا مدبِّرا؛ فلا شيء أضاءته حقيقته أمكنه الفرار منه، وانتظر دوره في التعرّض للإبادة فقط.

صنع سيف الأسد الذهبيّ ممرّات متعددّة وتنقّل عبرها حتّى لا يسمح بتوقّع حركاته، وراوغه رمح الببر الفضّيّ بسلاسة عبر الفنون القتاليّة الثلاثة التي سمحت له بالانتقال عبر الفضاء بسهولة.

كانت المعركة بين السلاحين شديدة وازدادت حدّةً مع مرور كلّ لحظة. لقد كان العالم الواهن ينهار أمام أعين الناس، وحدثت الكثير من الزلازل تلو الأخرى، وعصفت بهم الأعاصير، وجرفهم الطوفان. لقد قلب القتال العالم الواهن رأسا على عقب حرفيّا.

لم يكن ذلك قتالَ ساحرين روحيّين عاديّا، لقد كان في النهاية قتال الحكيم السياديّ ضدّ مدبّر الحروب الشيطانيّ. كانت معركتهما مترقّبة طيلة القرون الماضية، إلّا أنّها قُدِّر لها أن تكون في العالم الواهن الذي لم تُلقِ له العوالم الروحيّة بالا، على أساس ضعفه ووهنه الذي لم يسمح له بالتحوّل إلى عالم روحيّ حتّى.

كانت فنون إدريس الحكيم القتاليّة لوحدها كافية حتّى تخترق الفضاء، وبحكمته السياديّة حسب كلّ ذلك وحللّه ثم رأى عبره فاستخدم أفضل الوسائل ليهجم بأحسن الفعّاليّات.

كان الرمح الخشبيّ ينتقل من مكان إلى آخر عبر الفضاء، بينما تحرّك السيف الهلاليّ عبر ممرّاته الفضّيّة المتعدّدة التي كانت كشعب مرجان ملتصقة ببعضها في بحر عظيم.

ازدادت سرعة الاثنين لوقت طويل واستمرّ هذا الأمر لدقائق دون أن يتدخّل صاحباهما؛ لقد كان جلّ تركيزهما على سلاحيهما؛ لقد كان السلاحين الروحيّين أهمّ شيء في تلك اللحظات، والذي يتفوّق في المعركة بينهما يفُز.

حام الرمح الخشبيّ حتّى بلغ مراده واستطاع أخيرا التوغّل إلى الشعب المرجانيّة دون فشل. لقد كانت تلك ممرّات السيف الهلاليّ الخاصّة وكان بإمكانه التنقّل عبرها بأريحيّة، لكنّ لا شيء آخر لا علاقة له به تمكّن من استخدام هذه الممرّات، لذا كان رمح الببر الفضّيّ في الواقع يستخدم "قضاء الفضاء" كأساس وباقي القدرات الأخرى كدعم حتّى صنع فضاء داخل تلك الممرّات نفسها. لقد كان هذا مستحيلا لأيّ شخص آخر لا يملك ثلاثة فنون قتاليّة وحكمة سياديّة!

وجد إبلاس سلاحه الروحيّ قد أصبح مقيّد الحركة ولم يكن هناك مكان للتراجع غير المواجهة المباشرة. لقد كانت تلك ممرّاته الخاصّة وكان واثقا من تفوّق سلاحه الروحيّ الذي يتفوّق أصلا على سلاح غريمه الروحيّ.

طرأت فكرة في باله، ففجّر كلّ تلك الشعب المرجانيّة مرّة واحدة صانعا تموّجا هائلا في العالم الواهن. أصبحت السماء صافية وأشعّت الشمس بنورها العظيم، فأعمت الناس قبل أن يفتحوا أعينهم من جديد ليروا مشهدا مدهشا، وكلّ ذلك كان من أجل تشتيت انتباه إدريس الحكيم وإضعاف هجومه.

لقد كان السيف الهلاليّ يتّجه بممرّ وحيد تجاه الرمح الخشبيّ الذي كان ينطلق مباشرة نحوه أيضا مخترقا الفضاء.

*باااااام*

اصطدما أخيرا فتحرّكت أراضي العالم الواهن بأكمله دون استثناء، حتّى أن الناس شعروا بابتعاد السماء كما لو كانت فقاعة تنتفخ مع الوقت مشيرة بذلك إلى اقتراب انفجارها. لقد كان هذا القتال أكثر ممّا يمكن للعالم الواهن أن يتحمّله كعالم سحريّ في طريق النموّ.

تصارعت الشموس والنجوم، وتشاحنت الأعاصير والعواصف عند الالتقاء، فغُمِرت تلك المجرّات التي شوهِدت كصور وهميّة بالضوءين الفضّيّ والذهبيّ.

فُعِّلت قدرتيْ الوحشين الأصليتين فكانت قدرة الأسد الذهبيّ تمكنّه من كسر الفضاء نفسه، وكانت قدرة الببر الفضّيّ تخوّله أن يعدم كلّ شيء كما لو لم يوجد من قبل عبر جعل الفضاء المحيط بالشيء المراد إبادته يتبدّد ويختفي.

كان كلّ شيء مختلط، لكنّ شيطان اليأس علم أنّ قوّة الفنون الثلاثة كانت كبيرة للغاية ولاحظ خسارته أمام تلك القوّة الهائلة. لقد كان إدريس الحكيم مرعبا للغاية أكثر من أيّ مرّة قاتله فيها أو أيّ أخبار سمعها عنه من قبل. لقد كان هذا هو خبير الفنون السامي السياديّ الحقيقيّ.

كسر السيف الهلاليّ الفضاء مرارا وتكرارا حتّى يُخسِر الرمح الخشبيّ قدرته في التنقّل عبر الفضاء، لكنّ الرمح الخشبيّ كان يبدّد فضاء ويصنع واحدا آخرَ مرارا وتكرارا أيضا وفاقت سرعته سرعة السيف الهلاليّ في ذلك.

كان توقّع إبلاس صحيحا بعدما رأى من خلال ذلك بعينيْ حقيقته، لكنّه كان متأخرا خطوة على الحكمة السياديّة. لقد حسب إدريس الحكيم كلّ هذا لذا لم يكشف عن ورقته الرابحة هذه إلّا بعدما ترك شيطان اليأس يستخدم كسر الفضاء.

تأكّد إدريس الحكيم من عدم وجود أيّ شيء متبقٍّ في جعبة خصمه، لذا أخرج كلّ ما لديه وضاعف القوّة الروحيّة عبر قدرة الرمح الخشبيّ. لقد كان كلّ شيء مدمجا حتّى تكوّنت مثل هذه التقنية العظيمة. لقد كانت هذه هي تنقيّة رمح الببر الفضّيّ المتحوّلة.

"الصميم عديم الغريم!"

لقد كانت تجعل كلّ شيء يتبدّد عن طريق قدرات الفنون القتاليّة، وقدرة الوحش الروحيّ الأصليّة. كلّ في كلٍّ خَلَق مثل هذه التقنيّة التي مكنتّه من تبديد الفضاء وصنعه كما يشاء بسرعة كبيرة.

شارفت طاقة إدريس الحكيم الروحيّة على الانتهاء بعدما استخدم هذا الهجوم النهائيّ، لذا استخلص كلّ قطرة من أرض روحه ووظّفها.

وفي الجهة الأخرى، كانت طاقة إبلاس تفور وما زال يتمتّع بقدر كبير منها، إلّا أنّه مهما استخدم منها لم يمكنه مواجهة هذا الهجوم العظيم.

عضّ شفته السفلى ثم تغرغرت عيناه بالدموع وأصبحتا حمراوين فجأة، ثم نزلت دمعتان منهما شقّا طريقهما عبر وجنتيه الشاحبتين.

تكلّم بنبرة حزينة بينما تُرى انعكاسات تلك الأضواء التي صنعها السلاحان الروحيّان على الدموع المتجمّعة في عينيه حيث ظهرت صورة إدريس الحكيم بينها: "وداعا يا صديقي!" بدا كأنّه يودّع عزيزا على قلبه.

تعجّب إدريس الحكيم من كلام إبلاس، لكنّ تعجّبه هذا كان لا شيء بعدما أحسّ بالقشعريرة تتخلّل عظامه، وتمرّ عبر روحه، مستنزفةً آماله مستبدلةً إيّاها بيأس عظيم. لقد كان ذلك الشعور مألوفا لشخص مثل إدريس الحكيم، لكنّه كان نادرا للغاية، ولم يتوقّع قطّ أن يحسّ به في هذه المعركة، وخصوصا بعدما وصلا إلى هذه المرحلة فيها.

رفع إبلاس ذراعه، فعاد إليه السيف الهلالي، سامحا للرمح الخشبيّ بفعل ما شاء له. أخفى سلاحه الروحيّ بعد ذلك، فظهر في يده صحنا متصدّعا، بدا فخّارا فقط لا غير، لكنّه لم يكن مصنوعا من الطين في الحقيقة، ولا أحد علم ما أصله أو مصدره. لقد كان مجرّد صحن بمظهره، لكنّه كان الشيء الذي سبّب ذلك الشعور لإدريس الحكيم.

كان ذلك الصحن مملوءا بسائل أحمر قرمزيّ بدا كالدم، وتخلّلته قطرات زرقاء فاتحة للغاية كطاقة روحيّة أنقى من تلك الخاصّة بجوهر العالم. كان مصدر الصحن والمكوّنات التي به مجهولا بما أنّها لم تكن عادية بالرغم من مظهرها البسيط.

اختفت الدموع من عينيْ شيطان اليأس، فقال مرّة أخرى بكلّ برودة: "مت!"

أحسّ عندها إدريس الحكيم بالنيّة العظيمة التي حملتها كلمة إبلاس؛ لقد كانت شيئا مألوفا قليلا له، لكنّه لم يعلم ما مصدرها مَهما حاول التفكير، ولكن كلّ ذلك لم يعد مُهمّا بعدما وجد نفسه أمام شيء جعل روحه تتزعزع حتّى، ويرى نهاية مساره الروحيّ تقترب.

لقد كان ذلك شعوره بالموت القادم نحوه!

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2018/12/23 · 1,118 مشاهدة · 2037 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024