202 - اختبار جدارة وتضحية

202 – اختبار جدارة وتضحية

عادت بعض الذكريات إلى ذهن شيطان اليأس، فامتلأ ذهنه بتلك اللحظات التي مرّت عليه صعبة للغاية. تردّدت بعض الأصوات التي آلمته كلّما سمعها في عقله فكانت تجعله دائما يجدّد قسمه على إتمام ذلك الأمر وإنهاء ما بدأَتْه وما خلَّفتْه وراءها له. لقد كانت تلك التي تملأ عقله في هذه اللحظات هي السبب الأصليّ في دخوله إلى عالم من الألغاز التي لم يكشف أحد عبر الأزمان الغطاء عنها.

وأخيرا بعد مدّة طويلة للغاية، لمح دليلا في مكان غير متوقّع. لقد أحسّ مباشرة بالنيّة العظيمة التي تتكلّم من خلال باسل، لذا فهم بعض الأشياء بعدما بصرها بعينيْ حقيقته بسرعة كبيرة، إلّا أنّ الأسئلة الهامّة ما زالت بلا أجوبة.

تكلّم بعدما هدّأ نفسه: "ليس جيّدا، ليس جيدا؛ مجرّد نيّة تتجرّأ على التكبّر أمامي؛ لربّما لو كانت إرادتك أو روحك على الأقلّ لكنت أعطيتهما بعض الاعتبار، لكنّ مجرّد نيّة، وليست حتّى كاملة بل مجرّد جزء منها يجرؤ على التعجرف."

"هاهاها!" ضحك الصوت الغريب قبل أن يجيب: "إنّك تثق في بصرك بشكل أعمى. هناك حقائق عدّة في هذا الكون الشاسع لا يمكن لأعين حقيقتك أن تبصرها."

عبس شيطان اليأس ولم يزد كلمة أخرى حتّى كان قد شحن الصحن الفخار من جديد، فلطّخ السماء بالأحمر واستعدّ لإلقاء هجمة أخرى.

انشقّت السماء فجأة، وظهر فضاء أسود لا يُرى قعره أبدا، ولم يكن بداخله شيء سوى أصوات تتردّد مرارا وتكرارا. كانت تلك الأصوات تصرخ وتنادي طالبة النجدة، لكنّ لا شيء استطاع الدخول إلى ذلك الفضاء أو الهروب منه بمحض إرادته. كان ذلك الفضاء كسجن أبديّ مفصول تماما عن أيّ فضاء وبُعد آخريْن، وبه عانت الأرواح الأمريّن لسنوات لا تُعدّ ولا تُحصى كحصى تُسحق بجبل أقسى.

قطب إبلاس بعدما حدّق إلى ذلك الفضاء ثم صرّح: "يبدو استخدام سلاح روحيّ من درجة سلطان أصليّ لمرّة ثانية قد شغّل اختبار العالم. يبدو أنّه لديّ هجمة واحدة قبل أن أُختبَر."

رمق باسل، أو للدقّة، رمق الشيء الذي يتحكّم في جسده حاليا ذلك الفضاء وصرّح: "سجن الظلام الأبديّ. يا له من شيء بغيض."

كان هناك شيء يمنع السلاطين في العوالم الروحيّة من الحكم إطلاقا كما يشاؤون؛ فلو شاء سلطان ما، لأباد أمما وإمبراطوريّات برمّتها بسهولة كبيرة مهما كان عدد السحرة الروحيّون الذين يجب عليه مواجهتهم، إلّا أنّه كان هناك قمع حرمهم من فعل ذلك.

كان على السلاطين خوض اختبارات عدّة من أجل الخروج إلى العالم في الواقع، فعندما يصل الساحر الروحيّ إلى مثل ذلك المستوى، يصبح هو بنفسه شيئا غريبا يخرق قوانين العالم بشكل كبير، فيُقمع بشكل أكبر، أو بالأصحّ، يُختبَر إن كان كفؤا للكينونة التي أصبح عليها.

عدد قليل للغاية من نجح في تلك الاختبارات، وأقلّ من تجاوز معظمها، ولا أحد تخطّاها كلّها، فبقيت تلك القمّة الخرافيّة غير مبلوغة على مرّ العصور.

اتّضحت صوره باسل بعدما انقشع كلّ الغبار واختفى الضوء المشع أخيرا، فكان شكله عاديا إلّا أنّ الضوء في عينيه كان باهتا، فكان واضحا أنّه غير واعٍ. لقد كان حاليا تحت سيطرة نيّة ما.

تكلّمت تلك النيّة بصوتها الغريب مرّة أخرى: "يا شقيّ، لديك خيارين. تُسلّم ذلك الصحن إليّ، تمُت بهناء؛ تجعلني آخذه عنوة، تمُت بشقاء."

"لا هذا ولا ذلك." أجاب إبلاس مباشرة بينما يستعدّ لإطلاق هجمته. كانت السماء دامية، وفي لحظات فقط ساحت كلّها ثم تشكّلت لتصبح رمحا عظيما. كان هذا الرمح شيطانيّا للغاية وحمل معه قوّة روحية هائلة لا يمكن تصوّرها. لقد كان ذلك أفضل هجوم يمكن لإبلاس القيام به بالصحن الفخّار.

سقط الرمح وفي لمحة عين كان قد بلغ باسل بالفعل. كان كلّ شيء عديم الفائدة أمامه، لم يهمّ إن كان إمبراطورا روحيّا أو حتّى روحانيّا مباركا، فكلاهما تحتّم عليه أن يموت وقُرٍّرَ مصيره لمّا واجه سلاحا روحيّا بمستوى سلطان أصليّ يتحكّم فيه روحانيّ مبارك.

ولكن على عكس المتوقّع، توقّف الرمح أمام أعين باسل التي لم تكن تبصر شيئا في الواقع. لقد كان باسل مجرّد ساحر في مستويات الربط في الأصل حتّى لو كان يختلف قليلا بسبب الميزة المدهشة التي يملكها، إلّا أنّ هذه النيّة كانت قادرة على إيقاف مثل ذلك الهجوم المرعب.

استغرب شيطان اليأس كثيرا وزادت تساؤلاته وشكوكه مع الوقت؛ فمهما نظر إلى الأمر وجده غير معقول، وليس هو فقط، بل حتّى إدريس الحكيم الذي كانت روحه تُستنزف بسبب الصحن الفخّار اتّسعت حدقتا عينيه ولم يرمش قطّ.

كان الصحن الفخّار سلاحا روحيّا بمستوى السلطان، وحتّى مع محاولات إدريس الحكيم المتتابعة إلّا أنّه لم ينجح في الهروب من القيد الذي وضع عليه فكانت روحه نفسها تصبح تغذية للصحن الفخّار ومالكه، إبلاس. لقد كان في وضع لا يُحسد عليه أبدا.

تكلّم الصوت عبر باسل مرّة أخرى: "لا تجرُأنَّ يا شقيّ. أنا سلطان الأزمان، لا أقع في نفس الخطأ لمرّة ثانية. في ذلك العصر، كنت صغيرا طموحا وهرعت وأسرعت إلى تلك القمّة، لكنّني أخطأت. أنا لن أعيد نفس الأخطاء هذه المرّة. فلأجعلنَّ من الأربعة عشر تعود إلى أربع عشرة؛ ولأبلغنَّ الأصل!"

لم يفهم أحد ما كان يتكلّم الصوت عنه، إلّا أنّه بدا عازما ومصمّما بشكل مخيف. لقد كان صوته عميقا وحمل معها تاريخا عتيقا. الألم والأمل والشجاعة واليأس والصبر وكلّ شيء آخر احتاجه الساحر الروحيّ حتّى يعبر مساره الروحيّ كان مضمونا في كلماته تلك.

"إنّه صحني، ولن يؤثّر عليّ يا شقيّ."

ظهرت ثلاث مخطوطات فوق رأس باسل وتحرّكت الحروف بها حتّى كوّنت أنماطا مختلفة تماما عن التي كانت عليه سابقا، فأصبحت غير مفهومة لأيّ شخص مهما كان. لقد كانت تلك الأنماط غريبة جدّا ولم يعلم عن حقيقتها سوى تلك النيّة.

تكوّنت عدّة قوانين فجعلت العالم بأكمله ينقلب رأسا على عقب، وكما لو أنّ الطبيعة نفسها أصبحت تستجيب للمخطوطات الثلاث.

نطق الصوت مرّة أخرى: "طغيان السلطان!" كانت لهجة النيّة طاغية بالرّغم من أن صوته كان هادئا.

وفجأة، ظهرت تشقّقات على الرمح الذي كان أمام عينيْ باسل، وفي اللحظة التالية انكسر ثمّ تحوّلت شظاياه إلى فتات ثم غبار حتّى اختفت مندمجةً بذلك مع الهواء الطلق.

ارتعب إبلاس من هذا المشهد، وقبل أن يستجمع أنفاسه، تزلزل العالم مرّة أخرى واتّجهت أنظار الجميع إلى السماء، إلى حيث وقع سجن الظلام الأبديّ.

أفرز ذلك الفضاء الأسود دخّانا أسودا كثيفا بدا، وبعد لحظات بدأ الدخّان الأسود يتّخذ أشكالا كلّ واحد منها شابه الآخر، أو يجب القول كانت متماثلة تماما. كانت هذه الأشكال السوداء كتجسيد للموت لِما خلّفته من هالة مشؤومة وشعور حانق يجعلان الأنفس تضيق صدورها وتُغمَر بظلام أبديّ.

هلع إبلاس، وإدريس الحكيم، وحتّى تلك النيّة. لقد كان ذلك اختبار من درجة كبيرة في الواقع ولا يمرّ به سوى سحرة روحيّون بلغوا درجة رفيعة كالروحانيّين السامين أو الأسطوريّين. كلّ هذا حدث بسبب ظهور سلاح روحيّ لسلطان أصليّ، ونيّة لا يعلم أحد عن مستوى صاحبها الحقيقيّ، إضافة لتلك المخطوطات التي كانت كنزا عتيقا حتّى عينيْ حقيقة إبلاس لم ترَ من خلالها.

بلغ عدد تلك الأشكال السوداء سبعة، وكانت تبعث دخّانا أسودا يبدو كسمّ فتّاك بحدّ ذاته، وعندما يدقّق المرء في أوجهها يرى جماجمَ سوداء تكاد لا ترى في ذلك المعطف الحالك الذي يغطّي بقيّة الجسد إن كان هناك جسد تحته أصلا.

لقد كانت تلك كائنات مجهولة المصدر ولم يعلم أحد عن مصدر طاقتها لأنّها لم تستخدم الطاقة السحريّة ولا الروحيّة ولا أيّة قوانين من الوجود. لقد كانت طاقتها تلك غامضة جدّا. كلّ ذلك جعل الناس تتساءل وتضع نظريّات واحتمالات.

كانت تلك كيانات مجهولة، إلّا أن حقيقة فتكها وكونها ما اتُّخذ كمشرف عن اختبارات الجدارة، جعل السحرة الروحيون يلقّبونها بهذا الاسم: "ممتحِنوا الظلام" وهناك من لقّبهم بحاصدي الأرواح لكونهم غالبا ما يحصدون أرواح السحرة الروحيّين عند اختبارهم.

"عديمو الروح الملاعين!" صرّحت النيّة وردّد بصوت غاضب.

"هذا سيّئ!" قالها إبلاس وحدّق إلى إدريس الحكيم مرّة أخيرة ثم إلى باسل. راودته بعض الأفكار فعضّ شفته السفلى وتحسّر.

"يا حكيم، إنّها نهايتك. أنا مضطرّ للمغادرة الآن لكنّ روحك ستكون دوما معي، يائسةً خائبةً. لقد كانت هذه أوّل مرّة أستخدم فيها هذا الصحن الفخّار، وكانت عليك. لقد رأيت النظرات التي أردتها في عينيك، لكنّني في الواقع ما زلت غير مقتنع، لكنّني لن أنغمس في الجشع؛ لقد وجدت لعبة جديدة!"

انتهى إبلاس من كلامه واختفى بسرعة البرق إلى توابعه، فشقّ الفضاء بكنز ما كما فعل عندما أتى إلى العالم الواهن، وفي اللحظة الأخيرة، رمق أنمار وباسل، ثم غادروا عبر ذلك الفضاء البنفسجيّ الذي انغلقت كلّ الممرّات إليه بعد ذلك.

رأت النيّة كلّ ما حدث ولم يسعها سوى أن تصرخ غاضبة: "أيّها الشقيّ اللعين، لم تهرب بصحني فقط، بل وتركت عليّ التعامل مع عديمي الروح البغضاء هؤلاء. لن أنسى هذا أبدا."

كان ممتحِنوا الظلام في طريقهم آنذاك إلى باسل، وكلّ ما استطاع الناس فعله في تلك الأثناء هو المشاهدة. مشاهدة اختبار الجدارة لأوّل مرّة يحدث في العالم الواهن.

***

مرّ الوقت، وكان هناك أناس غائبين عن الوعي في أرض قاحلة لا يمكن رؤية أيّ إشارة للحياة فيها غير أولئك الناس النائمين. من بينهم، كان هناك شخصان فقط مستيقظين، ولم يكن هذان سوى إدريس الحكيم الذي كان يزحف حتّى يصل إلى المستيقظ الآخر.

وفي الواقع، المستيقظ الآخر لم يكن واعيا أيضا، وإنّما كان هناك شيء يحرّكه فقط. لقد كان ذلك باسل الذي تحرّكه تلك النيّة. كان جسد باسل داميا، وأحسّ إدريس الحكيم بروحه الضعيفة التي تطغى عليها تلك النيّة بشكل كامل.

لقد كانت روح باسل في تلك الأثناء ككرة في يد تلك النيّة. لم يكن هناك ما يمكن فعله وخصوصا بالنسبة لإدريس الحكيم في حالته تلك. لقد كان حيّا بالكاد، وكانت روحه تتآكل بسبب الصحن حتّى الآن. لقد كان ذلك الصحن الفخّار كنزا مرعبا للغاية، وحافظ على تأثيره بالرغم من أنّه بعيد بعوالم.

اقترب إدريس الحكيم كفاية ثم تطلّع إلى باسل، حدّق إليه كما لو أنّه يحاول النظر إلى النيّة التي تقبع داخله. بقي على ذلك الحال لمدة كافية حتّى قال أخيرا: "أعِد لي ابني."

حدّقت إليه النيّة عبر عيني باسل ثم ابتسمت كما لو كانت تسخر منه، قبل أن تقول: "لقد مات هذا الصبيّ مرّتين بالفعل، وفي الأولى نجح في استرداد جسدي منّي لأنّني أرخيت دفاعي لأنّني وصلت إلى ما انتظرته لعصور، لكنّني لا أخطئ نفس الخطأ لمرّة ثانية. هذه المرّة لن ينجح أبدا. إنّه جسدي، كان كذلك وسيظلّ كذلك."

صمت إدريس الحكيم كما لو كان يفكّر في بعض الأشياء، وقال أخيرا: "وأنا، إنّه ابني، كان كذلك وسيظلّ كذلك."

سطع جسد إدريس الحكيم فجأة، إلّا أنّ ذلك لم يصاحبه دمار ولا أيّ شيء، فقط السكينة والطمأنينة غمرت جسد باسل الذي تعرّض لذلك الضوء. ارتعبت النيّة حتّى أنّها صرخت: "ما الذي تحاول فعله؟! ألا تدري ما أنت مقدم عليه؟!"

"هوهوهوهوهوهو!" ضحك إدريس الحكيم لمدّة طويلة جدّا، ثم سقطت دمعة من عينه اليمنى، فسقطت دمعة أخرى من العين الأخرى، فنزلت دموع من كلتا العينين بشكل متتابع حتّى صنعت مجرى من الماء المالح الذي سقط في فم إدريس الحكيم المفتوح من الضحك.

امتزجت مرارة الدموع بحلاوة الضحك، وجعلت من قلب إدريس الحكيم يتقلّب. لقد اختلطت مشاعره كثيرا في تلك اللحظات عندما قرّر إنهاء هذا الأمر كلّيّا.

"أعلم أنّه لا يمكنني إكمال مسيرتي في المسار الروحيّ حتّى لو تعافيت من هاته الجروح الجسديّة بمعجزة ما، ومتيقّن من فشلي في إنقاذ ابني لو حاولت وأنا على هذه الحال. أنا لا أستطيع السماح لنفسي وأفشل في كوني دائما الأفضل. إنّه يعدّني الأفضل، فما عليّ سوى أن أكون أكثر من ذلك لا أقلّ."

"لقد كانت ألف سنة مديدة مجيدة. لديّ العديد من الأشياء التي ما زلت أريد بلوغها وتحقيقها، لكنّها كلّها لا شيء مقارنة بابني. لقد راقبته لخمس عشرة سنة، فأحببته، وكسب احترامي وتقديري، ولطالما تخطّى توقّعاتي. لن أتركه يذهب هكذا وأنا أعلم أنّه في يوم من الأيّام سيبلغ ما أردته يوما، ويحكم العوالم الأربعة عشر كلّها، كما سيفكّ كلّ ألغازها وألغاز ما يقبع وراءها."

قالت النيّة بسرعة: "هل أنت في رشدك أم فقدت عقلك يا أيّها الشقيّ؟! قد تكون تلك أرض الوهب، لكن لا تنسى أنّها أيضا تبقى أرض السلب!"

"هوهوهوهو!" أكمل إدريس الحكيم ضحكه ثم قال أخيرا: "ابني أهمّ من روحي!" كانت جملته الأخيرة تلك نابعة من قلبه كلّيّا، ولم تحمل ذرّة شكّ أو تردّد، حتّى جعل تلك النيّة تهلع.

قالت النيّة بسرعة كبيرة: "حسنا، حسنا! ما رأيك في هذه الصفقة؟ لقد بلغتُ ما بلغتُ سابقا في خمس آلاف سنة، لكنّني واثق من فعلها في خمسين سنة هذه المرّة وأفوق ذلك حتّى. عندئذ سوف أتخلى له عن هذا الجسد وأمنحه ما يتمنّى حتّى."

كان الصوت متوتّرا كثيرا. ضحك إدريس الحكيم أكثر فأكثر ثم قال: "إنّي لست بتاركك تمكث هناك متحكّما في ابني ولو لدقيقة أخرى."

"اللـــــعنة!" صرخت النيّة وأرادت أن تهاجم إدريس الحكيم إلّا انّه لم يستطع اختراق ذلك الضوء قطّ. لقد كان جسد باسل حاليا ضعيفا للغاية وروحه قاست كثيرا بعدما واجه أولئك الممتحنين الظلاميّين. كان عاجزا عن فعل شيء أمام كلّ تلك القوّة الهائلة التي قدمت مع ذلك الضوء من إدريس الحكيم.

كان جسد إدريس الحكيم يتحلّل مع ذلك الضوء في نفس الوقت كورقة تحترق، إلّا أنّ رماده كان زاهيا مشعّا. كانت كينونته بنفسها تتبدّد، وشمل ذلك روحه وجسده وإرادته ونيّته حتّى. كلّ شيء كوّن إدريس الحكيم يوما كان يختفي. من كان ليتخيّل آلام تلك اللحظات؟ إلّا أنّ إدريس الحكيم ظلّ صامدا، مجاهدا، من أجل أن يكون ذلك الأفضل.

"لــك كــلّ مــلــكــت يــومــا يــا ابــنــي!"

اختفى جسد إدريس الحكيم تقريبا كلّه في هذا الوقت، تبدّدت روحه، ثم إرادته، وكلّ ما تبقّى هو قليل من نيّته.

"لقد وهبتِني لكنّني خنتكِ، فـــها أنا ذا اسلبيني!"

كان ذلك آخر ما قاله إدريس الحكيم قبل أن يختفي تماما من الوجود.

من تأليف Yukio HTM

أتمنّى أن يعجبكم الفصل. أرجو الإشارة إلى أيّ أخطاء إملائية أو نحوية.

إلى اللّقاء في الفصل القادم.

2019/01/18 · 1,196 مشاهدة · 2076 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024