24 – عائلة كريمزون

لكن مع أن الجنرال رعد لم يأخذ لقب النبيل، أخذ حق تلقيب نفسه، فجعل 'كاميناري' كلقب له

كان كل نبيل يملك لقبا عائليا، و لا يحق للعاميين و القرويين امتلاك واحد خاص بهم، و من بين كل العائلات، هناك ثلاث يقفون فوق قمة إمبراطورية 'النضير الوهاج'

تأتي العائلة الإمبراطورية 'غرين' في القمة و تليها عائلة 'كريمزون' ثم تأتي في المرتبة الثالثة عائلة 'كين'

هذه الثلاث عائلات هي التي تحكم العاصمة و لها نفوذ أكبر من الأخريات، عائلة 'غرين' الحاكمة للإمبراطورية، أصبحت تحمل هذا اللقب منذ خمسين عام، حيث استولت على حق عائلة "كريمزون' في الحكم و جعلته لنفسها، أما عائلة 'كين' فقد أنشئت قبل تسعين سنة على يد الجنرال 'كين تشارلي' و نمت قوتها إلى أن أصبحت معروفة في جميع أنحاء العالم

بعد أن سلب منها الحق في الحكم، ضعفت قواتها نتيجة للحرب، و لهذا حاولت عائلة 'كريمزون' بكل ما تملك تنمية قوتها من جديد لاسترجاع حقها. و في هذه الأثناء أُنشِئت معاهدة بين عائلة غرين و عائلة كريمزون تنص على عدم مساس أفراد الآخر أو التدخل في أمرهم، و إن خالف أي أحد من الطرفين هذا الاتفاق، فسوف يطبق عليه عقوبة قاسية قد تصل للإعدام

كل هذا كان من أجل ضمان أن عائلة كريمزون لن تحاول التمرد و القيام بانقلاب، لكن مع أن المعاهدة كانت في صالح عائلة غرين الإمبراطورية، كان الأمر جيدا لعائلة كريمزون لأنها سوف تستطيع تنمية قواتها من جديد، و لهذا وافقت على هذه المعاهدة بالرغم من أن حقهم كان قد سلب منهم بالقوة للتو فقط، فإنْ لم يوافقوا على المعاهدة فلن يكونوا موجودين على هذا العالم اليوم

لكن و بعد أن ظهر الوريث المناسب بعد خمسة عشر عاما، اغتيل في عمر العشرين، كان بالفعل قد وصل للمستوى الرابع، لكنه مات مسموما

كانت العائلة تملك ولدين، و لهذا أصبح الأمل معلقا على الأخ الأصغر الذي كان في عمر الثالثة آنذاك، كبر هذا الطفل و كانت موهبته لا تقل عن أخيه الأكبر، و عندما وصل لعمر الثالثة و العشرين صدم عائلته بقرار مفاجئ

قرر المغادرة مع حبيبته التي لم يقبل رئيس العائلة بزواجه منها لأنها كانت عامية و بدون منفعة للعائلة، اختفى الوريث و لم يستطيعوا إيجاده أبدا

كانت قد ولدت طفلة بعد وصول الوريث الثاني لعمر الثانية عشر، و الآن، بعد خمسة عشر سنة من اختفاءه، كبرت الطفلة لتصبح سيدة و أمّاً في عمر الستة و العشرون حيث رزقت بمولود قبل أربع سنين

و لهذا على عائلة كريمزون الانتظار إلى أن يكبر الفتى الصغير آملين أن يكون موهوبا، و حارصين عليه كل الحرص، فالعائلات الأخرى بدأت تضع عينيها على المركز الثاني الذي تملكه، و لهذا لن تتحمل فقدان وريث آخر، فالرئيس الحالي بدأ يصل لحدوده

لولا رئيس العائلة 'كريمزون أكاغي' لكانت وصلت للحضيض بالفعل، فهو الذي حكم العائلة لمدة خمسين عام بالفعل و كان شخصا قاسيا و صارما جدا، و كل ما يفعله يكون من أجل مصلحة العائلة و لا شيء آخر

(في سوق ما)

كان باسل و أنمار في السوق يبيعان أحجار الأصل، ينتقلان من محل لآخر، لم يبيعا كل شيء لمشتري واحد، و لكنهما ركزا على اختيار أحسن التجار و التعامل معهم

فلقد قضيا البارحة كلها في جمع المعلومات حول طريقة سير الأمور هنا و من يترأس العمل على من، و عرفوا تسلسل القوى هنا، و من سيكون هدفا جيدا لهما لاستخدامه كوسيلة في سبيل تحقيق هدفهما

"سأجعلها لك بقطعة أصلية ذهبية للواحدة، ما رأيك؟" كان باسل يحاول بيع أحجار أصل من المستوى الثالث

فتح التاجر عينيه متفاجئا و قال "هل تتكلم بصدق؟ هل سوف تنقص لي عشر قطع فضية من ثمن كل واحدة؟"

أماء باسل رأسه موافقا فأكمل التاجر كلامه "سأشتري كل ما تملك"

ابتسم باسل ثم قال "حسنا أيها الأخ" ثم فتح الكيس و أفرغه في كيس التاجر

"خذ، ها هي ذي خمسة و عشرون قطعة أصلية ذهبية، و إن كان هناك المزيد فالتأتي، سأشتري كل ما تملك"

أماء باسل رأسه و ابتسم بعد كلام التاجر ثم قال "شكرا لك أيها الأخ، و ستدينني إن فعلت معروفا من أجلي"

قال التاجر "حسنا، أطلب ما تشاء، فأنت الآن أمسيت صديقا لي في العمل"

ابتسم باسل ثم قال "أريد منك نشر اسمي عند كل تاجر جيد تعرفه و قل لهم أنني أبيع بأقل من الثمن الأصلي، و لا تقلق، فأنت ستكون من أوائلي، و ستكون لك دائما الحصة الأكبر و الثمن الأرخص عندما أريد أن أبيع مرة أخرى"

ابتسم التاجر بفرح ثم قال "هذا طلب سهل، ما اسمك بالمناسبة أيها السيد الصغير؟"

التوت زاوية فم باسل ثم قال "باسل، تشرفت بمعرفتك، و أرجوا أن لا تقول لأي شخص آخر عن الاتفاق الذي دار بيننا"

ضحك التاجر بينما يقول "هاها، لا تقلق من هذه الناحية أيها السيد الصغير، و أيضا أريد منك معرفة اسمي إن احتجتني في أي وقت، اسأل عني و ستعرف مكاني، اسمي هو 'ناصر' "

فهم التاجر ناصر المعنى وراء كلام باسل، فباسل أراد أن يخفي الاتفاق لكي لا يعرف التجار الذين سيتعامل معهم مستقبلا أنه يفضل أحدا عنهم و يبيع له أحجار الأصل أرخص مما يبيعها لهم، فهذا سيسبب له في الإفلاس بحيث لن يريد تاجر آخر الشراء من عنده إلا إذا باع لهم بنفس الثمن

و من جهة أخرى كان الأمر في مصلحته، لأنه إن عرف التجار الآخرين بصفقته مع باسل سيحاولون بكل ما يستطيعون إنقاص ربحه، و إغراء باسل بعروض و أشياء أخرى، ببساطة كان باسل محفظة للنقود جاءت إليه على طبق من ذهب و لن يريد تضييعها أو الاستغناء عنها

ذهب باسل و أنمار مكملان عملهما و في نهاية اليوم عادا لمنزلهما

قال باسل "لقد بعنا تقريبا نصف أحجار الأصل التي نملك و جعلت كل تاجر يعدني بنشر اسمي بين التجار الآخرين، لقد جعلتهم يغلقون أفواههم لكي لا يعرفوا أنهم اشتروا كلهم بنفس الثمن مني، و تركهم يعتقدون أنهم قد أنشئوا علاقة عمل خاصة معي"

قالت أنمار بنظرة استهزائية "الشخص إن تركته يعتقد أنه خاص، سيفعل كل ما تطلبه منه" ثم أكملت "إذا ماذا ستفعل بعد هذا، لا أظن أن اسمك سينتشر بين ليلة و ضحاها"

كان باسل يجلس فوق السرير، فأغمض عينيه و اتكأ ثم قال "ليس هناك شيء أفعله سوى الانتظار و المراقبة، فعندما يحين الوقت سأمر للمرحلة الثانية، هذا كل ما في الأمر"

قالت أنمار "حسنا" ثم نهضت من الكرسي الذي كانت تجلس عليه و فتحت الباب بينما تقول "تصبح على خير، أنا ذاهبة لغرفتي"

لم يجبها باسل و أكمل استرخاءه إلى أن نام حتى جاء الغد

*دق، دق، دق*

فتح باسل الباب للطارق فوجد أربعة أشخاص، شخص كان يتقدمهم و كان يرتدي ملابس فاخرة و يبدو عليه النبل

تكلم النبيل عندما فتح له باسل الباب بينما تعتلي وجهه نظرة متفاخرة "أيها الطفل، فلتأتي معنا من دون نقاش، أنت لا تريد أن يتم سلخك هنا في العلن، ستتسبب في إحراج نفسك فقط"

تثاءب باسل و بينما عينيه ما زالتا مغمضتين تكلم قائلا "أولا، لا أريد الذهاب، ثانيا، لست في مزاج للنقاش حتى لو طلبته مني، ثالثا، لا أريد أن يتم سلخي، و رابعا، لا أريد إحراج نفسي، و بهذا سأقول لك أن تعود أدراجك، فأنا لا أحب من يعكر مزاجي بالصباح الباكر، فهناك شخص حاول فعل هذا في السنة الماضية و تلقى مني غضب لا تحمد عقباه، آه، على ما أذكر فهو لم يكن شخصا، بل وحشا سحريا"

ارتفع حاجب النبيل ثم تفوه قائلا "يبدو أنك كما سمعت، لا تعرف العالم جيدا أيها الفتى" ثم رفع يديه و أكمل كلامه بإعطائه أمرا للثلاثة الذين وراءه "علموا الصعلوك درسا"

أجاب الثلاثة معا "أمرك يا سيدي"

ابتعد النبيل عن الطريق و اقترب الثلاثة لباسل الذي خرج بينما يحك رأسه و هو يقول "أ ناس هذه المدينة كلهم هكذا؟ لا يفهمون ما معنى التحذير؟" ثم أكمل قائلا مع نفسه "أنا لا أريد منهم تدمير المنزل، فلقد كان أمرا شاقا علي إيجاد واحد لأشتريه"

أحكم واحد من الثلاثة و الذي كان متوسط البنية قبضتيه و ضربهما ببعضهما ملصقا إياهما، ثم صرخ و فتح قبضتيه في اتجاه باسل "سكاكين الماء"

ظهرت عشرات السكاكين المائية أمام قبضتي العدو و اتجهت نحو باسل بسرعة كبيرة بينما يقول مطلقها "كاكاكا، لن تخرج من هنا سالما أيها الفتى"

"يا له من إزعاج، لننهي هذا بسرعة" انتهى باسل من جملته و اختفى من مكانه ليظهر أمام العدو و لكمه ببطنه فجعله يتقيأ الدماء و أغمي عليه فورا

استخدم باسل سحر التعزيز مرة أخرى، في المرة السابقة، ضد المبعوث رضا، لم يستخدم سوى أربعين في المئة من قوته الكاملة و جعله عاجزا ببنيته التي يتفاخر بها، لكنه الآن استخدم حوالي سبعين في المئة من سحر التعزيز بلكمته، فجعل متوسط البنية نصف ميت في لحظة

قال باسل بوجه جدي "أنا لا أحب الانتظار، و لا أحب أن أُنتظر، و لهذا أرجوا ألا تكونا في مثل بطء صديقكما السابق، و إلا فإنكما ستواجهان نفس مصيره"

قال النبيل بغضب "أيها الشقي، لا تغتر بنفسك، فذلك الحثالة لم يكن سوى ساحر بالمستوى الثاني، الصفقة الحقيقية هي هذان الاثنان، فهما يُسمَّيان ب'إخوة القطْع'، هما ساحران بالمستوى الثالث، و لن يتركا منك مكانا سالما إن لم تطع أمرنا و تذهب معنا بهدوء"

"إخوة القطع؟ ما هذا؟" عندما انتهى باسل من كلامه رفع الأخوين يديهما للأعلى، و قال في نفس الوقت "زوبعة الموت"

ظهرت رياح و بدأت تدور في شكل دائري بينما تتسارع بشكل كبير فتكون في ثواني إعصار بارتفاع عشرة أمتار و اتجه نحو باسل

لم يتحرك باسل من مكانه و انتظر الإعصار ليأتي إليه ثم قال "زوبعة الموت؟ و أنا من ظننت أنها شيء مثير يستحق الرؤية، لكنها لم تكن سوى مضيعة للوقت"

عندما اقتربت الزوبعة من باسل أحكم قبضته و فعل سحر التعزيز في كامل قوته بذراعه اليمنى و رجليه معا، ثم لكم زوبعة الموت *بوووم* اختفت الزوبعة كما لو أنها لم توجد من قبل

مشي باسل في اتجاه إخوة القطْع بينما هما منصدمان مما ريا، 'زوبعة الموت'، سمياها بهذا الاسم بعد أن جرباها على العديد من السحرة و كل من تلقاها لقي مصرعه، لكن الآن شقي لا يعرفان من أين أتى دمر تقنيتهما الموحدة بسهولة

نظر باسل في وجه إخوة القطع و قال "أنتما لا تبدوان كالشخص السابق، من وجهكما أنا أعرف أنكما لستما بشخصين سيحاولا فعل شيء كهذا لفتى في عمري" تكلم باسل سائلا "هل يبتزكما ذلك الحثالة؟ أم يحتفظ برهينة تهمكما؟ إن أردتما المساعدة بإمكاني تقديم واحدة"

كان الإخوة يستمعان و عاقدين حاجبيهما ثم قالا في نفس الوقت عندما انتهى باسل من الكلام "هذا ليس من شأنك أيها الفتى" ثم ألصقى ذراعيهما ببعضهما و أنزلاها للأسفل ثم قالا "سيف الحكم"

تكون سيف ضخم من الرياح في الحال و نزل على رأس باسل. هذا الأخير لم يتحرك و قال "للأسف" ثم وجه قبضته للأعلى نحو السيف فدمره و انطلق نحو إخوة القطع و لكمهما في نفس الوقت ببطنهما فجعلهما يسقطان غائبين عن الوعي

وجَّه باسل نظره للنبيل ثم قال "لقد سبق و حذرت تلك الأميرة عن طريق رسالتي، أنا لا أحب اللف و الدوران، لكن على ما يبدو أنها ستكون ألما في المؤخرة إن لم أسرع في معالجة هذا الأمر"

وثب باسل نحو النبيل و حمله من عنقه للسماء ثم قال "ستخبرني بمكانها الحالي، إن لم تفعل سيكون مصيرك الموت، و بالتأكيد سيكون بعد تعذيب طويل"

تكلم النبيل بارتعاد "أيها الوغد، ألا تعرف من أنا؟ إنني جورج الرئيس التالي لعائلة..."

خنقه باسل و لم يتركه يكمل كلامه ثم قال "أنا لا أهتم بمن تكون، ألم تسمع كلامي؟ لقد قلت لك أخبرني عن مكان تواجد تلك ال***** أو سأقتلك"

بلل النبيل جورج سرواله و بدأ يبكي على وضعه، قالت له الأميرة أن يتولى أمر هذا الفتى الذي أمامه، و لهذا جلب معه ثلاث سحرة متوسطين فقط ظنا منه أنهم كافيون، لكن كل شيء صار عكس ما توقع

"ح..حس..."

حاول النبيل جورج الموافقة فقاطعه صوت عميق "توقف"

التف باسل للوراء ليرى من المتكلم فوجد رجلا يبدو في منتصف الثلاثينيات من عمره و وراءه عدة أشخاص، كان هذا الرجل يرتدي درعا فضيا و لديه ندبة كبيرة على أنفه

تكلم النبيل جورج بفرح " 'الجنرال منصف'، أنقذني أرجوك، هذا الوغد هنا يحاول قتلي"

نظر 'الجنرال منصف' لباسل ثم لأجسام الثلاثة المغمى عليهم و قال "أيها الفتى، سأريد منك ترك هذا الأمر قبل أن يكبر أكثر مما هو عليه"

حمْلق باسل في وجه 'الجنرال منصف' ثم قال "و من أنت بالضبط لتأمرني؟"

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل الذي كان أطول من العادة ، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/07/06 · 1,407 مشاهدة · 1941 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024