32 – التاجر ناصر

بقي التاجر ناصر و القاضي فاتحين فهما مدة طويلة بعدما انتهى باسل من أمر الأمير الأول. أما شاهداه للتو حقيقة؟ فتى في الرابعة عشر يهزم ساحرا بالمستوى الرابع بكل هذه البساطة و السهولة؟ ما هذا الفتى بالضبط؟

التاجر ناصر عرف أن باسل ليس بفتى عادي بما أنه قد كون علاقة متساوية الطرفين مع عائلة بحجم عائلة كريمزون، لكنه ظن أن هذا بسبب أساليبه المبتكرة و الجديدة عليهم و حِذْقه

ما رآه الآن رفع من شأن باسل في قلبه أكثر، في الأول احترم باسل لطريقة تعامله مع النبلاء، كان باسل يعامل النبلاء فقط كما يعامل العاميين، لم يكن يفرق بين الآخرين سوى 'بهذا أعجبه و ذاك لم يعجبه'، و هذا جعل من قيمة باسل ترتفع عنده بكثير

التاجر ناصر منذ صغره و هو يتلقى المعاملة السيئة، أبيدت عائلته كلها بالدمار الشامل، و عندما سمع من السيد الصغير باسل أن دافعه في القيام بكل هذا هو في الحقيقة من أجل جعل هذا العالم في أتم الاستعداد لمواجهة الشياطين من جديد، لم يستطع منع نفسه من القفز متحمسا و أقسم على اتباع السيد الصغير باسل، فبهذا سيكون أقرب إلى تحقيق انتقامه لعائلته

عندما سمع كلام باسل عن الخروج من معقل الأمير الأول تنفس الصعداء، و أخيرا انتهت مهمته، كم كان شاق و مخيفا التظاهر بأنك مختطف، و كيف لا ترتعد عندما تظن أنك ستموت بسبب تمثيليتك

حمل الجنرال منصف الأمير الأول و تبع باسل الذي وصل أمام التاجر ناصر وقال "لقد لعبت دورك بشكل جيد، لقد كان أفضل مما توقعت"

حك التاجر ناصر رأسه ثم قال "هيهي، لم أقم بأي شيء سوى ما قلت لي أن أفعل، لكن عندما تبعنا ذلك الشخص 'كين نبيل' ظننت أن الخطة سوف تذهب هباء. من الجيد أن الخاطف أوصلني و أكمل مهمته، فبهذا كنت قد أكملت مهمتي أيضا"

حدق باسل في التاجر ناصر مطولا ثم قال بعد أن كان يبدو كما لو أنه فكر في أمر ما و قرر ما سيقوله "أيها التاجر ناصر، فلنتكلم لقليل من الوقت عندما نعود"

تعجب التاجر ناصر لكنه أماء رأسه فقط

خرج الأربعة و الأمير الأول الفاقد الوعي من معقله، ثم قال باسل "أيها العم منصف، أنا سأذهب الآن مع التاجر ناصر لقصر العائلة، عندما توصل القاضي للمحكمة المركزية و تأخذ ذلك الحثالة للسجن المركزي عد للقصر أنت أيضا، فأنا أريد التحدث معك، بالأحرى، مع جميع الكبار في العائلة"

أجاب الجنرال كريمزون بالموافقة ثم رحل مع القاضي

ذهب باسل و التاجر ناصر قاصدين قصر عائلة كريمزون، و في هذه الأثناء كان هناك ظل متربص بهم من بعيد و عندما رآهم يغادرون أسرع هو الآخر بالمغادرة لمكان آخر

(في غرفة مظلمة)

صدمت الأميرة الخامسة 'غرين شارلوت' أولا من الذي حدث لأخيها الأكبر لكنها صدمت ثانية عندما أكمل التابع

"سيدتي، يبدو أن ذلك الفتى لديه علاقة وطيدة مع عائلة كريمزون بما أنه ساعدهم في القبض على الأمير الأول، يبدو أنه بعد حادثة النبيل جورج قد تطورت العلاقة بينهم"

بقيت الأميرة الخامسة 'غرين شارلوت' مشتتة الذهن عند سماعها بالأمر و قالت مع نفسها "هل يمكن أن ما ظننته تزييفا نافعا كان حقيقة مؤذية؟" ثم أشارت للتابع بيدها و أكملت "ابحث جيدا و اعرف ما نوع العلاقة التي تجمعه بعائلة كريمزون بالضبط"

"حاضر" *ووش* بعد أن أجاب التابع اختفى في الظلال

(قصر عائلة كريمزون)

"أيها الكبير أكاغي، لقد أنجزنا خطوتنا الأولى على أكمل وجه و كانت نجاحا مكتملا، لكن هذه لم تكن سوى الخطوة الأولى، و كما نعرف جميعا ما يأتي بعد الخطوة الأولى يكون دائما الخطوة الثانية، خطوات مشينا و جرينا مترابطة، واحدة تتبع الأخرى في تسلسل تام، و يجب أن تراوغ العراقيل و العوائق من أجل التقدم، و إن لم يكن هذا ممكنا ليس عليك إلا إزاحتها عن الطريق بالقوة و إكمال السير في هناء. كذلك ماهية خطتنا، أولا لقد أزحنا ما قد يسبب لنا الإزعاج خلال بيعنا، و الآن سيكون بإمكاني تقرير الأثمان من دون التعرض للمضايقة، سنبيع جميع الأدوات التي علمت الحدادين كيفية صنعها و نكسب قدر ما استطعنا من المال"

بينما باسل يتحدث كان الرئيس أكاغي و جميع الشيوخ في العائلة يسمعون لكلامه بكل عناية، فهذا الطفل الذي أمامهم قام بم عجزوا عنه، لا يمكنهم التقليل من شأنه بعد الآن. التاجر ناصر و الجنرال منصف الذي عاد كانا من بين المستمعين، فالتاجر ناصر الآن يملك اسم عائلة كريمزون و لن يتجرأ أي أحد على معاملته بسوء مرة أخرى، شكر التاجر ناصر باسل على هذا من أعماق قلبه، و عرف أنه قام بالخيار الصحيح

الرئيس أكاغي بدأ يحس بالغرابة أكثر و أكثر، لماذا هذا الفتى يذكره بذلك الشخص مرارا و تكرارا، ليس في سلوكه فقط، بل حتى وجهه يتشابه معه، فلا يلبث لدقائق إلا و جاءته صورة ذلك الشخص بسبب باسل. توقف الرئيس أكاغي عن التفكير و ركز على كلام باسل

أكمل باسل "حسنا، لقد قررت البدء في تقوية الجنود و تعزيزهم بالإكسيرات"

تحمس كل من في الغرفة، لقد جرب كل شخص في هذه الغرفة عدا التاجر ناصر هذه الإكسيرات و صدموا من مفعولها فأرادوا الإسراع في إعطاءها للجنود، لكن باسل منعهم من هذا و قال أنهم غير مستعدين بعد، و الآن يخرج من فمه الإذن

قال باسل بادئا كلامه باستثناء "عدا أن من سيجرب هذه الإكسيرات سيكونون الجنود الذي تدربوا تحت إمرتي فقط"

تعجب الجميع فأكمل باسل "أنا دربت كل هؤلاء الجنود مقويا جسدهم و أعطيتهم تدريبا خاصا في كيفية التحكم ببحر روحهم بشكل أفضل لكي يستطيعوا شرب أكبر قدر من إكسيرات التقوية، أما إن حدث العكس في الترتيب، فسوف يكون على الشخص التدرب لمدة أطول و القيام بتدريبات جسدية أصعب"

أكمل باسل بعد تفهم الجميع "عندما أرشد هؤلاء الجنود جيدا سوف أختار قادة منهم سوف يقومون بتدريب بقية الجنود بدلا عني"

فرح الشيوخ، ثم التف باسل لجهة الجنرال منصف و التاجر ناصر ثم قال "أيها الكبير أكاغي، أنا سوف أنعزل لأتدرب مرة أخرى، لكن هذه المرة سآخذ معي التاجر ناصر و الجنرال منصف، سأغيب هذه المرة لمدة شهر، آمل أن تكون هذه الفترة كافية ليصنع الحدادين آلاف الأدوات التي سبق علمتهم إياها. عند خروجي من الانعزال سوف أعود أنا و التاجر ناصر للبيع من جديد، أنتم واصلوا فقط بيع الأسلحة و الدروع السحرية و الغير سحرية، فلا أظن أن التجار سيستسلمون بسرعة و يخفضون من أثمان سلعهم مثلنا، أما الجنود فسوف يكونون في رعاية أنمار للوقت الحالي، فهي تعرف غالب ما سوف يحتاجونه من توجيهات"

لم يحاول أي أحد المعارضة على كلام باسل و أماءوا رؤوسهم بالموافقة فقط. غادر باسل فتبعه الجنرال منصف و التاجر ناصر إلى غرفة الانعزال التي جهزها الرئيس أكاغي لباسل

دخل الثلاثة للغرفة، فكانت كبيرة و فارغة تماما، حوائطها كانت معززة بالطاقة السحرية، كانت مصنوعة بطريقة خاصة حيث تعمل كالدرع السحري، يمكنها تخزين السحر و تعزيزه، فبهذا كانت قادرة على احتمال جميع الصدمات من كل المستويات

قال باسل بعد أن دار في الغرفة "أممم، نعم هذه الغرفة كافية للآن" ثم التف نحو الاثنين اللذين ينتظران معرفة سبب قدومهما إلى هنا

"أيها التاجر ناصر، ألم تحلم يوما نفسك قد أصبحت ساحرا؟"

تعجب التاجر ناصر و قال "هيهي، من لم يفعل أيها السيد الصغير باسل، الكل يتطلع للسحرة، فهم يملكون المكانة و المال، هل هناك من يكره هذين الشيئين الاثنين في هذا العالم؟"

ابتسم باسل و قال "معك حق، فالمال عامل مهم حتى في خطتنا، إذن قل لي، هل لا زلت تحلم بأن تصبح ساحرا حتى الآن؟"

قال التاجر ناصر "إنه ليس كما لو أنني كنت أحلم بأن أصبح ساحرا، لكنه أقرب للإعجاب و الشوق و التطلع للسحر، منذ صغري و أنا أطمح لأكون ساحرا، لكن عائلتي قتلت في الدمار الشامل و أصبحت يتيما، كدت أصير عبدا، لكن كان هناك تاجر ما لن يكون بإمكاني شكره حتى لو أردت، كان هو من أنقذ حياتي و عاملني كالابن له، علمني كل تقنياته في التجارة و بعد سنين مات، فورثت ماله و تجارته. و إن سألتني عن 'هل لا زلت أتطلع للسحر؟' فجوابي هو 'نعم'، فكما قلتَ أيها السيد الصغير، الشياطين قد تعود في أي وقت، و لن أكره أن تكون لي المقدرة على الدفاع عن نفسي و عن أحبابي و الانتقام للأموات منهم"

"انتظر لحظة، هل تخليت عن التجارة التي ورثتها من أبيك و انضممت لي؟" تعجب باسل عندما سمع هذا الأمر و لم يستطع منع نفسه من السؤال

أجاب التاجر ناصر "نعم، و لقد كان خياري صحيحا، مع أن تقريري التخلي عن ورث أبي كان صعبا، لكن أنا متأكد أنه لو كان حيا لكان دفعني للقيام بنفس الاختيار، و لهذا أنا لست نادما بتاتا"

حدق باسل في التاجر ناصر مطولا ثم قال بجدية كبيرة "أيها التاجر ناصر، لقد قررت، سأجعلك ساحرا"

"هاه؟" لم يصدق التاجر ناصر ما سمعه للتو لكنه كان يثق بكلام باسل و لم يكن لديه خيار سوى التصديق، سأل بتوتر "هل هذا ممكن حتى، أنا عمري خمسة و عشرون عاما الآن، ألا تظن أن الوقت قد تأخر لأبدأ في تعلم السحر؟"

"تأخرت عن تعلم السحر؟ من قال هذا الشيء؟ لقد تعلمتُ أن كل شخص لديه الإمكانية لتعلم السحر، خمسة و عشرون سنة؟ و ماذا في ذلك؟ ليس عليك إلا العمل بكد من أجل تعويض الوقت الذي فاتك، و بما أني هنا فلا تقلق، سوف أحرص على أن تكد و تعمل بجد حتى تختار الموت على التدرب أكثر، أنت لديك كل المتطلبات التي تحتاجها لتصبح ساحرا. أن تكون تملك نقط أصل يجب فتحها، دافع قوي يساعدك على النمو، معلم يرشدك بشكل جيد. و أنت لديك كل هذه الشروط، فماذا ننتظر؟"

رفع باسل من معنويات التاجر ناصر، ففرح هذا الأخير و قال "أيها السيد الصغير، أنا مستعد للقيام بكل ما تأمرني به، لاسيما أمر في مصلحتي، فلنبدأ رجاء"

ابتسم باسل و قال "حسنا، لكن قبل هذا" التف للجنرال منصف ثم قال له "أيها الجنرال منصف، أتعرف لم أتيت بك إلى هنا؟"

قال الجنرال منصف "أظن أنني أيضا سأُرشَد من قبلك"

أجاب باسل "حسنا، قد يكون هذا صحيحا، لكن هذا ليس السبب الرئيسي" تعجب الجنرال منصف ليكمل باسل "أنت سوف تقاتلني للشهر القادم كله لأخترق للمستوى الخامس"

من تأليف Yukio HTM

أتمنى أن يعجبكم الفصل، و أرجوا الإشارة لأي أخطاء إملائية أو تركيبية

و إلى اللقاء في الفصل القادم

2017/07/21 · 1,361 مشاهدة · 1576 كلمة
yukio
نادي الروايات - 2024