في غابة خضراء مملوءة بالأشجار المشيدة المرتفعة وأجذاعها العملاقة نحتت وحفرت لتصبح منازل ، أصوات العصافير صنعت سيمفونية تريح القلب وتطمئنه وأشعة الشمس اخترقت الاوراق لترسم ظلال على الأرض وكأنها لوحة ، وهناك كان شاب من جان الخشب طويل ونحيف شعره اشقر وعينيه السماويتين اللتان بدتا كأنهما المحيط وبيده يحمل قوس وسهم ويركب على نمر ابيض ببياض الثلج وبخطوط سوداء مزخرفة وعينين كصاحبه سماوية ، كانا يتجولان في الغابة ليبحثا عن بعض الحيوانات لقتالهم .



في هذه الأثناء في نفس الغابة في أحد أكبر الأشجار التي بدت كأنها قصر سمع صوت صراخ


"يا ليونارد انت عار على الجان السامي ، فأنت لا تتدرب أو تبذل جهدك ، وهذه هالة التي تحيطك عادة إنها تجعلني أصاب بعدم الارتياح ، لذلك سنضعك تحت المراقبة وإن رأينا منك خطأ .. " لم يكمل العجوز كلامه ولكن هالة القتل أشعت.


اجاب ليونارد بتجهم " وماذا ستفعل من غير وريث "

توقف ثم اتبع مبررا كلامه

"انت لا تستطيع ايها العجوز ، يولد جان سامي واحد في كل جيل فقط "


رد العجوز وكأنه كان يتوقع السؤال " سنقيم مسابقة لتحديد المختار الجديد لهذا الجيل فمختارنا قد مرض وهو على وشك الموت ولن يولد أي جان سامي في وقت قريب ، الفائز سيرث إرث الأسلاف ويذهب للشجرة المقدسة"


"هههه ، ايها العجوز هلّا توقفت عن إضحاكي ومن سيكون مؤهلا ليقف امام الشجرة غيري " رد ليونارد .


صرخ المعلم العجوز "اذهب من هنا وإلا نفيتك من المملكة"


خرج ليونارد وذهب إلى طريق الغابة ....


الشاب النحيف امسك قوسا واطلق بسرعة وهو يركض كان يطلق على حيوان يشبه الأسد بلون أسود مائل للأحمر هذا الحيوان المهيب بطول يتجاوز المترين وقوة مخالب تستطيع تمزيق شجرة ضخمة بسهولة ، كان يتعرض للضرب من الأسهم كانت تترك جروح صغيرة لم تتجاوز الجروح السطحية التي لم تأثر عليه .


أطلق الشاب سهما ثم بدأ الركض باتجاه الأسد عندما رأى الأسد السهم قادم رفع كفه ليوقفه وبينما هو يرفع كفه وصل الشاب قريبا منه أخرج خنجرا فضيا ثم انزلق تحت الاسد حتى كان أسفل رقبته ، الأسد حيوان قوي وله غريزة عندما احس بالخطر لوح بكفه الآخرى ، هذه التلويحة خدشت رأس الشاب ولكن الشاب لم يهتم ولم يتأخر لثانية قام بطعنه في رقبته ، ولكن الأسد لم يمت فورا بل لوح محاولا اصطحاب الشاب معه إلى قبره ، فجأة ظهر النمر الأبيض أمسك الشاب من ملابسه وجره بعيدا عن الأسد ، الأسد بقي يحاول السعي وراءه ولكنه كان قد نزف الكثير من الدماء ، ولم تمر إلا دقائق حتى سقط ميتا .


سمع الشاب النحيف صوت خطوات من خلفه فالتفت ليجد الشاب ليونارد " هي ، ايها الوضيع هوكين ، لقد سمعت أن العجوز الخرف قد اتخذك تلميذا ، هل تتوقع انك تستطيع اخذ منصب الوريث مني انا جان سامي بالفطرة وانت مجرد صياد اقوى من الجان العاديين بقليل هل لديك فرصة" قالها ليونارد وهو ينظر إلى هوكين نظرة استصغار وازدراء .


قال الشاب هوكين" مهما كنت ضعيفا فانا شخص لدي أخلاق ولست مثلك قمامة ليست أكثر من قطعة قرف "


قال ليونارد وهو يضرب بقدميه الأرض "ايها اللعين انتظر إلى وقت اختيار الوريث سأمسح بكرامتك الارض"


"اذهب من هنا ليونارد فأنا اتدرب ، فكما تعلم أنا لم أولد بملعقة ذهبية في فمي مثلك"


ذهب ليونارد الى مكان ما في حواف الغابة ، هناك قابل شخصية ملثمة بعباءة سوداء تنتظره "هيا يا ليونارد سنذهب لنقابل مبعوث الإله ليرشدك لطريق الصواب"


"حاضر"


........


بعد رحيل ليونارد قام هوكين بتقطيع الاسد ومن ثم جلبه معه إلى المدينة ، عند وصوله كانت الشمس على وشك المغيب هناك كان ينتظره عجوز شاحب البشرة جسده بدى كأنه غصن جاف قد يخاف البعض من لمسه لئلا ينكسر ، هذا الشخص هو الجان السامي من الجيل السابق نيكولس وهو الشخص الذي وصفه ليونارد بالعجوز .


بدى ان هذا العجوز كان في انتظار وصول هوكين . عندما وصل هوكين إليه نزل من على ظهر النمر وركع محييا المعلم العجوز ، لوح العجوز بيده ليرفع هوكين رأسه ثم تحدث إليه بنبرة عميقة " يبدو أن ليونارد يخفي شيئا ، لذلك سنعجل بأمر المسابقة إنها بعد شهرين من الآن " كانت المسابقة في الأصل بعد خمس سنوات للتأكد والتحقيق بشأن ليونارد ولكن لأن ليونارد بدأ يختفي لفترات طويلة فقد تم تقرير تقديم وقت المسابقة .


رد هوكين " أنا سابذل جهدي للفوز ، ولكن ايها المعلم أنا بالكاد اعلم شيئا .." لم يكمل هوكين كلامه حتى ظهر ضوء أعمى العيون وغطاها ، هوكين ذهل وبدى كالاحمق .


العجوز صاح " الإرث القديم على وشك الظهور "



العجوز هرع مسرعا وهوكين صرخ عليه " مالذي يحصل ايها المعلم ، ايها المعلم " المعلم لم يستجب وواصل الركض مبتعدا .


عاد هوكين إلى منزله بعد أن باع اللحم والفراء لأحد التجار المعروف باتصاله بالقارات الأخرى .


في صباح اليوم التالي استيقظ هوكين وكان على وشك الخروج من أجل الصيد من جديد ، أعد قوسه وسهامه ونادى على نمره الأبيض عندما اتى النمر اعطاه قطعة من صيد الأمس ومن ثم امتطاه لينطلق للصيد ذهب باتجاه حدود الغابة ، هناك كان قد رصد اول صيد لهذا اليوم ، سحلية طويلة بطول متر ونصف جلد أخضر يتيح لها التمويه في هذا المكان الذي لم تفارقه الخضرة ، السحلية امتلكت قدمين اماميين واثنين خلفيتين ، وكانت سريعة بشكل لا يصدق ، أرسل هوكين نمره ليلتف حولها وهو سيهاجم من الامام .


امسك قوسه وسحب السهم انطلق السهم ليخترق ذيل السحلية ولكن لم تذهب إلى بوصتين فقط للداخل وهنا تنبهت السحلية وبدأت الجري كالمجنونة ، في تلك اللحظة ظهر النمر ليقطع طريقها وليعطي هوكين فرصة لقتلها ، ارسل هوكين السهم الثاني وقد أصاب ساقها الخلفية جاعلا إياها عديمة الفائدة ، قفز النمر لينقض على السحلية ولكن السحلية حتى بعد إصابتها كانت لاتزال أسرع منه بمرات عديدة هربت من جانب النمر البعيد .



المكان الذي اتجهت إليه السحلية كان الشاطئ لاحقها هوكين والنمر الأبيض محاولين قتلها ، طاردوها لفترة من الزمن .


أثناء مطاردة السحلية حدثت أمواج عاتية دمرت شاطئ المحيط ، قد علم الجميع بالامر ولكن خوفهم من ظهور الامواج مرة أخرى منعهم من التقدم ، انتظروا الحرس لينظروا في الأمر .


طارد هوكين السحلية حتى وصلوا للشاطئ ، كان النمر ينطلق ويجري وراء السحلية ولكنها بقيت تكّبر المسافة منهم ، عندما وصلت إلى المحيط بدأت المشي على الماء ، حتى وصلت لمكان بعيد فهذه السحلية كانت برمائية ، مالم يلاحظه هوكين هو الدمار الذي أحاط به ولكن عندما فقد السحلية انتبه لهذا الأمر ، وهناك بين الدمار وجد امرأة ممدة .



............


في جزيرة صغيرة جدا لا تكاد يقال عنها جزيرة ، بالكاد كانت مساحتها قد تجاوزت الألف كيلو متر ، إنها صغيرة ولكن على شاطئها هناك كان ملقى غراب بجناحين ممزقين وجروح ملئت جسمه وريش منتوف وجسد صغير صبغ ريشه الأسود بالقرمزي.



...........



في القصر الاخضر نظر الشخص المغطى بالضباب إلى الوجود الموجود في الظلام ثم تنهد ، وكان على وشك الالتفات للمغادرة حينما قال ذلك الوجود " هل فعلت ما طلبته منك ؟ " صمت الشخص المغطى بالضباب ويبدو أنه تغطى بالعرق والخوف أيضا ،لم يستطع الكلام لفترة ، ثم حاول إيجاد مخرج وقال " كل شيء سيكون جاهزا في ذلك الوقت " .



........

2018/08/16 · 648 مشاهدة · 1131 كلمة
Mahmoud
نادي الروايات - 2024