اقتربت من إحدى الجرتين، لتنزلها وتزيل الزهور الاصطناعية المرتبة داخلها بعناية.
أخذت المصباح الصغير الذي كانت تحمله في يدها، لتتفقد محتوياتها من الداخل. لكنها لم تجد أي شيء.
عندها أعادت كل شيء في مكانه، وسارت نحو المزهرية الأخرى لتنزلها هي أيضاً.

فلما تفقدت الجزء الداخلي منها، اتسعت عيناها بصدمة لما وجدت أنها فارغة تماماً.

عندها قالت هاتفةً بسخط: سحقاً!!

لقد أدركت حقيقة الأمر الآن...فهاهي قد أوقعت نفسها في فخه مجدداً!!

في تلك اللحظة، سرت قشعريرة في كامل جسدها لما سمعت صوته وهو يقول ببطء، بينما اعتلت وجهه ابتسامة ساخرة:

"هل تريدين أن أساعدك في البحث؟ لوسي أليسون!"



أبعدت يديها عن تلك الجرة، وأعادتها إلى مكانها بينما تنظر إلى الأرض باستسلام. لتستدير ببطء، وتنظر نحوه في حين ابتسمت بقهر فجأة، شامتةً بنفسها في هدوء ساخر..

كان متكئاً بكتفه الأيسر على الحائط المقابل لها. ينظر إليها بمكر، في حين عقد يديه أمام صدره ببرود.

اتسعت ابتسامتها تدريجياً لتنطق ساخرة من نفسها: كان علي أن أدرك ذلك...لقد خططت لكل شيء من البداية صحيح؟


عدل وقفته مرخياً يديه إلى جانبيه، ليرد ببرود: وأظن أنك أيضاً كنت تدركين أن هذا فخ للإيقاع بك!

أغلقت عينيها ببطء لتسحب نفساً عميقاً، ثم تزفره بضيق وترد قائلة بهدوء غريب: لقد كان لدي شعور سيء من البداية. أعني من الغريب أن أحصل على كل تلك المعلومات من فمك أنت بالذات بهذه البساطة... لكنك مع هذا كنت تعلم...

ثم نظرت إليه بقهر وأردفت قائلة: تعلم أنني سأفعل هذا، حتى رغم علمي أنه فخ لتوقع بي!


ابتسم ساخراً من كلامها وقال ببرود: أجل...علمت من تصرفاتك المفضوحة أنك يائسة تماماً للحصول على أي شيء بسرعة. لديك حد زمني للفترة التي يمكنك قضاؤها هنا على الأرجح، لذلك ستفعلين أي شيء للحصول على مرادك. حتى لو عنى هذا أنكِ ستفضحين نفسك!

سألته بفضول متجاهلة كل ما قاله: كيف علمت أنني كنت أتجسس عليكما؟


وضع هاري يديه في جيوب بنطاله الأسود، ليقول ببرود: بسبب التشويش في المكالمات. عندما تكون هناك أجهزة تنصت في المكان، تصبح إشارة الهواتف الخلوية ضعيفة..

همهمت لوسي كإجابة، ثم كورت يدها أسفل ذقنها لتقول باستغراب: لكن...لقد وردتني رسالة في الأمس تقول أن تغطية الشبكة قد تصبح سيئة في اليومين القادمين بسبب أعمال الصيانة. أعلم أن أجهزة التنصت تسبب تشويشاً في المكالمات، لذلك ظننت أنني يمكنني استغلال ذلك!

أجاب هاري بلامبالاة: لقد فكرت في هذه الاحتمالية بالفعل. لكنني أعلم أنك تملكين نفس نوع الشريحة التي يملكها كارل، ومن الطبيعي جداً أن أفكر أنك قد تلقيت تلك الرسالة أيضاً.. لهذا سيكون استغلالك لهذه الحقيقة، أمراً وراداً جداً...

عقدت يديها أمام صدرها، وأمالت رأسها لتقول بمكر: إذا...ما الذي جعلك متأكداً من أنني وضعت أجهزة تنصت في الغرفة؟


ابتسم هاري بمكر مجارياً نظراتها تلك، ليقول بهدوء: (أساسيات إدارة الأسهم ) للكاتب جوناثان ريس...إنه الكتاب الذي قمت بوضع جهاز التنصت داخله. ألست محقاً؟

اتسعت عيناها بصدمة ما إن قال هذا وهتفت بدهشة: كيف علمت هذا؟!


أجاب هاري بنفس تلك الابتسامة الماكرة: ترتيب الكتب.


عقدت لوسي حاجبيها باستغراب، بينما تابع هاري حديثه موضحاً: بما أنك مقربة من أخي، فأظن أنه قد سمح لك باستعارة بعض الكتب من مكتبته. أنت لا تدخلين المكتب إلا عندما يكون أخي موجوداً، لذلك إذا ما قمت بإعادة كتاب ما، فسوف يخبرك أخي بأن تضعيه في مكانه المخصص.

إنه مهووس جداً بالنظام والترتيب، لذلك من المستحيل أن يسمح لك بوضع كتاب في مكانه الخاطئ، إذا ما كان موجوداً وقت إعادتك للكتاب. إذا فالاحتمال الوحيد، هو أنك قد طلبت من أحد الخدم أن يقوم بإعادته. لقد قال أخي أن التغطية أصبحت سيئة قبل الاجتماع، أي في الوقت الذي كان فيه الخدم يقومون بتنظيف المكتب. لذلك علمت أنك طلبت من إحدى الخادمات أن تعيده من أجلك .


عندها هتفت لوسي باستنكار: ذلك غير ممكن! لقد أكّدت عليها أن تضع الكتاب وفقاً لترتيبه التسلسلي!


فابتسم هاري بخبث وقال ساخراً: وذلك هو الخطأ الذي ارتكبته! اختيارك لسلسة كتب الكاتب ريس لم يكن موفقاً...تلك الكتب لم تكن مرتبطة ببعضها، لذلك لا يشترط قراءتها وفق ترتيب معين. لهذا السبب، كان أخي قد نظم تلك الكتب وفقاً لترتيب الوقت الذي قرأ فيه كل كتاب، وليس حسب ترتيب الكتب في السلسلة...
الكتب الأولى، كان قد اشترى كلا منها في تاريخ صدورها وقرأها مباشرة، لذلك كانت مرتبة وفق ترتيبها التسلسلي. أما الكتابين الأخيرين، فقد اشتراهما معاً، لكنه قرأ الكتاب الأخير قبل الكتاب الذي قبله، لذلك يفترض أن يكون الكتاب ما قبل الأخير وهو الكتاب الذي وضعت فيه جهاز التنصت، في آخر صف من السلسلة وليس في مكانه حسب الترتيب التسلسلي. ولأنك أخبرت الخادمة أن تضعه في مكانه، فقد اكتشفت على الفور أنه هو الكتاب الذي وضعتِ فيه جهاز التنصت!


ما إن قال هذا، حتى انفجرت لوسي ضاحكة بقهر...لتقول ساخرة بينما تمسح دموعها: حسب ترتيب القراءة؟ هل تمزحون معي أم ماذا؟!!

ثم توقفت عن الضحك فجأة، لتنظر إليه بحدة وتقول بهدوء غريب: لكن حسناً...ليس الترتيب هو ما أدهشني، بل قدرتك على حفظ مكان كل كتاب، ومعرفتك لاختلاف ترتيبها من نظرة واحدة!

فرد هاري بتهكم: بالطبع سأحفظ مكان كل كتاب! لقد كان كارل يتذمر طوال الوقت إذا ما أعدت الكتب في مكانها الخاطئ!


ثم سكت قليلا وقال بهدوء: على كل حال...أعلم جيداً سبب اختيارك لتلك السلسلة تحديداً. فطريقة طباعة مجلدات تلك الكتب، هي كالكتب القديمة. حيث أنه يوجد فراغ بسيط بين غلاف الكتاب الخارجي، وبين قاعدة الكتاب حيث منبت الأوراق. ولهذا يمكنك وضع جهاز التنصت، وإعطاؤه للخادمة دون أن تلاحظ وجود شيء ما داخله.


تنهدت لوسي مرخيةً كتفيها بإحباط، لتقول متذمرة: آآآه...لهذا السبب الناس النظاميون يثيرون أعصابي حقاً!
ثم سكتت قليلا وأردفت بتفكير: ربما كنت سأكون محظوظة أكثر، لو أن أخاك كان مثل صديقكم الفوضوي الذي تتحدثون عنه دائماً!


رفع هاري حاجبه مستنكراً كلامها وقال بسخرية: تقصدين روي؟ على العكس تماماً... روي أسوء من أخي حتى!
رغم أنه فوضوي لأبعد الحدود، إلا أنه يحفظ مكان كل شيء من الفوضى التي حوله، ولهذا السبب لا يسمح لأي مخلوق بترتيب أشيائه، فهو عندها سيغير ذلك الترتيب الغريب الذي في رأسه، وسيلاحظ ذلك التغير على الفور.


فتحت لوسي فمها بصدمة، ثم قالت هاتفةً بانزعاج: ما هذا؟! لم أعد واثقة فيما إذا كنت أتعامل مع بشر، أم مع وحوش! كيف يمكن أن يكون هذا معقولا حتى!


لكن هاري قاطعها متجاهلا تعليقها ذاك: إذا...ما هو هدفك؟
من خلال تصرفاتك، أعلم أنك تحاولين تلفيق تهمة ما على أخي...وخير وسيلة لذلك هو حصولك على دفتر الحسابات الخاص به، والوثائق المتعلقة بأعماله ومشاريعه.
لكن ما لم أستطع معرفته، هو سبب قيامك بجمع بصمات المقربين منه!
شككت في الأمر عندما علمت من الخادمة أنك أخذت أكواب القهوة التي شربوا منها. وما زاد شكوكي، هو ذلك الاستبيان الذي تقومين به.

في العادة، تكون المعلومات المطلوبة في الاستبيانات هي العمر والوظيفة، لكن الاسم ليس مهما.. وحتى إذا ما تواجدت خانة للأسماء، فأدبياً، غالباً ما يقوم الأشخاص الذين يجرون الاستبيان بتخيير الأشخاص فيما إذا كانوا يريدون كتابة أسمائهم أم لا، لأن البعض لا يحبذون ظهور أسمائهم في بحوث كهذه.
لكنك لم تفعلي ذلك، وكنتِ متأكدة من أنهم سيقومون بكتابة أسمائهم الحقيقية طواعية بما أنك صديقة رئيسهم، ولن يكون من اللائق ألا يخبروك بأسمائهم.
ولأتأكد من ذلك، سألت غرانتير الذي أخبرني أنه حتى في الوقت الذي جمعت فيه أكواب القهوة، قّدمك كارل لهم لذلك عرّفوك هم أيضاً بأسمائهم بطبيعة الحال. ولابد أنك قد قمت بكتابة أسمائهم على الأكواب لاحقاً.
لكن تلك الفكرة لن تنجح طوال الوقت، فلجأت إلى فكرة الاستبيان. حيث يمكنك الحصول على البصمات الموجودة على الأوراق، مع اسم صاحب كل ورقة.
والشيء الآخر الذي جعلني أتأكد من الأمر تماماً، هو عندما قدّمت قلماً جديداً للسيد هافوك...لقد أخرجت خمس أقلام بالضبط، وواحد منها فقط كان جديداً لكنك رغم ذلك بدلاً من أن تقدّمي له القلم المستعمل، قدمت له القلم الجديد. والسبب في ذلك، هو أنه سيضطر لنزع قفازه، حتى يتمكن من إزالة الغلاف!


ابتسمت لوسي باستمتاع لتقول بإعجاب: هووه...أنت مذهل حقاً! لقد علمت عني الكثير من الأشياء بالفعل!

فنظر إليها ببرود وقال: علمت أيضاً أنكِ تتواصلين مع رفيقك بالفعل، وأنكِ لست بريطانية كما تدّعين...لكنني لن أخبرك كيف عرفت هذا!

ضغطت هي على أسنانها بغيظ، بينما أعاد سؤاله قائلا بحدة: ما هو هدفك من كل هذا؟

وسكت قليلا ليردف بشك: المال؟!


تغيرت نظرات لوسي المغتاظة، إلى نظرة قاتلة أرهبت هاري نوعاً ما...لتقول بهدوء ساخط: المال؟ أنتم الأغنياء تزعجونني حقاً! هل تظنون أن بإمكانكم حل كل شيء بالمال؟ هل تظنون أن المال هو كل ما يهمنا؟

ثم سارت نحوه ببطء، لتنحي قليلاً، وتقول هامسة قرب أذنه ببرود قاتل: هيي هاري...لقد راقبتني طوال الأشهر الثلاثة الماضية، لذلك لابد أنك تدرك جيداُ أن المال ليس هدفي!


عض هاري شفاهه السفلى بغيظ...ليقول بينما نظره مثبت إلى الأمام دون أن ينظر إليها: ما كنت لأبالي بشأنك أبداً لو أنني فكرت أن المال هو هدفك.
لنكن صادقين...ايمي تحبك، كما أنك تروقين لأخي بطريقة ما.. لذلك لن تكون هناك مشكلة في بقائك، حتى لو كنت تسعين وراء المال فحسب...

ثم التفت إليها، ليقول بينما عيناه تحدقان إلى عينيها بقوة: لكن لأنني أعلم أنك تهدفين إلى شيء آخر، لا يمكنني تركك وشأنك أبداً قبل أن أعرف نواياك الحقيقية!


ابتسمت لوسي بمكر، وقالت ببرود بينما تعدل وقفتها أمامه: ذلك صحيح... إنني لا أهتم بأموال أخيك أبداً...

ثم أردفت بكره، بينما تصر على أسنانها بقوة: ما أسعى إليه، هي حياته فحسب!


ثم نظرت إلى كفيها المرتعشين من الغضب، بعد أن بسطتهما أمام صدرها لتقول بحقد: سأرمي به في الجحيم بيدي هاتين.. أتفهم؟


تراجع هاري خطوة إلى الوراء بينما ينظر إليها مصدوماً تماماً... ذلك الحقد والكره الذي استشعرهما في كلامها للحظة، كانا قد أرهباه حقاً...عيونها كانت تقدح شرراً، مصرحةً برغبة القتل التي تملكتها تلك اللحظة.

تقتل أخاه؟ ما الذي تقوله هذه المرأة اللعينة بحق؟!


توقف مكانه بينما لمعت عيناه بنظرة غاضبة، منفعلة...بالنسبة له، كارل خط أحمر لن يسمح لأي مخلوق بالاقتراب منه أياً كان!
صاح بغضب عارم، بينما يكور قبضته بسخط: أنتِ...لن تلمسي أخي إلا على جثتي أتفهمين؟! لا يهمني من أنتِ ومن تكونين، لكنني سأرسلك إلى الجحيم حتماً إذا ما حاولت إيذاء أخي!

أطلقت لوسي ضحكة ساخرة تردد صداها في أرجاء المكان... لتنظر إليه باستصغار وتقول: ماذا؟ أنت ستقتلني؟ لا تجعلني أضحك هاري...


ثم اقتربت منه وقالت بخبث بينما تنحني باتجاهه: هل تظنني غبية حتى أوقع نفسي في فخك، دون أن أستعد لمواجهتك؟ أعترف أنك عبقري...لا....بل أنت أدهى وأخبث شخص قابلته في حياتي تقريباً...لكنك لست الداهية الوحيد هنا هاري...

ومن دون أن يشعر، سحبت هاتفه من الجيب الخلفي لبنطاله، وضغطت على زر إلغاء التسجيل، ثم ابتسمت بمكر بعد أن أشارت بالهاتف أمام وجهه، ليقرأ ذلك الإشعار الأخير الذي ظهر على الشاشة


(تم حذف التسجيل)


اتسعت عيناه بصدمة، لتنطق هي بهدوء ساخر بعد أن أعادت الهاتف في جيبه: هل كنت تظن أنني سأغفل على شيء كهذا؟ قد تكون ذكياً، لكنك تفتقر إلى الخبرة. لذلك لن يكون بوسعك هزيمتي ولو حاولت لألف عام!

ضغط على أسنانه بغيظ، لكنه رغم ذلك قال بثبات: هل تظنين أن مسحك للتسجيل، سيغير من حقيقة أنني قد اكتشفت نواياك؟

ضحكت بشماتة، وقالت بسخرية بينما تفرد يديها في الهواء: ماذا؟ ستخبر أخاك؟ هل تظن أنه سيصدق كلامك؟!


ثم توقفت عن الضحك فجأة، لتقول بهدوء غريب: سأحكي لك حكاية ما هاري...


في قديم الزمان، عاش راعِ شاب، كان معروفاً جداً بصدقه وأمانته.
في يوم ما، وجد قرب شجرة في المرعى الذي يرعى به أغنامه ابنة رئيس القرية. الحسناء المعروفة جداً بجمالها الساحر...لكنها في ذلك الوقت، كانت قد ارتكبت الرذيلة مع أحدهم...

ملابسها كانت ممزقة، وملطخة بدمائها.


أراد الراعي الشاب مساعدتها، لكن أهالي القرية كانوا قد وصلوا رفقة والدها في ذلك الوقت باحثين عنها...وعندما رأتهم، أخذت تبكي وتصرخ بشدة...فلما تجمعوا حولها، أخبرتهم أن ذلك الراعي قد قام باغتصابها.

ما الذي تظن أهالي القرية قد فعلوه في ذلك الوقت؟


عقد هاري حاجبيه مستنكراً، وقال بينما يتراجع من أمامها في حذر:أنتِ...ما الذي تثرثرين به؟!


تجاهلت لوسي سؤاله وأكملت كلامها ببرود: لقد قاموا بقتل ذلك الشاب! حتى رغم أنه قد نفى كلامها، وحاول أن يشرح لهم الأمر، إلا أن أحداً لم يصدقه...أتعلم لماذا؟

ثم تغيرت نظراتها الباردة، إلى نظرة خبيثة. لتردف بعد ذلك بمكر: لأن البشر يميلون بفطرتهم إلى تصديق النساء دائماً...لأنهن في نظرهم المخلوق الأضعف، والمغلوب على أمره دائماً!

ولهذا السبب، لم يصدق أحد الراعي الشاب رغم اشتهاره بصدقه!



ضغط هاري على أسنانه وقال بحنق: ما الذي تهدفين إليه بكلامك هذا؟!!


فابتسمت لوسي بمكر، وقالت هامسة ببطء: أنا آسفة جداً... عزيزي هاري...


خفضت رأسها للحظات، ثم رفعته فجأة...ليقف هاري مصدوماً وهو ينظر إلى سيل الدموع التي أخذت تأخذ مجراها على خدها، في حين ارتسمت على وجهها نظرة حزينة متألمة...

قالت بانكسار، بينما تضغط على صدرها بقوة: ذلك كثير جداً عليّ هاري...



كان ذلك بالتزامن مع انفتاح باب المدخل، حيث سار كارل وايمي في الردهة باتجاه الدرج...لكنهما توقفا مكانهما فجأة، وهما يستمعان إلى شهقات لوسي العالية...

ركض كارل بسرعة باتجاه مصدر الصوت، لتلحقه ايمي بدورها وقد بدت قلقة جداً... لكنهما وقفا مصدومين وهما ينظران إلى لوسي التي كانت جالسة على ركبتيها بينما تبكي بحرقة، وإلى هاري الذي تجمد أمامها مذهولاً، غير مصدق لما يراه أمامه...



تكلمت لوسي بألم بعد أن لمحت كارل الواقف بقربهما: أعلم أنني ضيفة ثقيلة عليكم، لكن لم يكن هناك داعِ لأن تكون بهذه القسوة! ضع نفسك في مكاني! هل تظن أنني سعيدة حقاً ببقائي هنا في الغربة بعيداً عن أهلي وأصدقائي؟ أنا أيضاً أريد أن أختفي...أنا أيضاً أريد العودة...لكنني لا أستطيع!

لقد تحمّلت بما فيه الكفاية! إلى متى ستستمر في إهانتي هكذا؟! هل كوني أتظاهر بالقوة دائماً، جعلك تعتقد أنني لن أتأثر أبداً بكلامك الجارح هذا؟!!

كان هاري يرتجف في مكانه من الصدمة...ما الذي تهذي به هذه الفتاة فجأة؟ ما الذي يحدث أمامه الآن؟!!


لكن صوت صراخ كارل الغاضب، أيقظه من صدمته لما قال بعصبية: هاري...ما الذي يعنيه هذا؟!!

نظر إليه هاري للحظات محاولاً استيعاب الموقف، لكنه نظر إليها بغضب فجأة وقال صارخاً بحنق: توقفِ عن التمثيل أيتها اللعينة!

ثم نظر إلى كارل وقال مستنكراً بينما يشير إليها: إنها تكذب! لقد عرفتُ كل شيء! هذه الحقيرة كانت تخطط لقتلك، يجب أن تطردها من هنا حالاً!


اقترب منه كارل حتى وقف أمامه، وقال بهدوء مخيف: هاري...هل تظن أنني سأصدق هذا الهراء الذي تتفوه به الآن؟ صحيح أنني كنت متساهلاً جداً معك، لكنني لم أربّك لتصبح وغداً لئيماً هكذا!


نظر إليه بصدمة، ليقول في نفسه باستيعاب: تلك الحقيرة! لقد كانت تعرف أن كارل سيصل قريباً لذا...كل ذلك الكلام الفارغ الذي قالته، كان من أجل كسب الوقت فحسب!!


لكنه شد ملابس كارل وصاح به قائلا: كارل!! عليك أن تصدقني... لماذا لا تفهم كلامي؟! إنها تريد قتلك! لقد كانت تستهدف حياتك منذ البداية!

ضغط كارل على أسنانه وقال بنفاذ صبر: هاري...هذا يكفي...


لكن هاري تابع بإصرار: إنها تمثّل عليك...لقد اعترفت لي بكل شيء قبل قليل...كل ما قلته لك من قبل كان صحيحاً...هناك جهاز التنصت...والبصمات...وأيضاً...


قاطعه كارل صارخاً بحدة: هاري اخرس!

ثم أشار إلى لوسي وقال آمراً بصرامة: اعتذر لها حالاً!


تراجع هاري خطوة إلى الوراء، بينما ينظر إليه مصدوماً...

هز رأسه نافياً ليقول مكذباً ما يراه أمامه بعينين خاويتين: لا...ذلك ليس صحيحاً...أنت ستصدقني... ستصدقني أنا...أنا عائلتك الوحيدة...أنت الوحيد في هذا العالم الذي يجب عليه أن يصدقني!!


نظر إليه كارل بحدة، وقال ببطء متجاهلاً كل ما قاله: هاري... تصرفك هذا يجعلك مثيراً للشفقة فحسب...عليك الاعتراف بخطئك، والاعتذار حالاً!

خفض هاري رأسه بيأس، بعد أن أدرك تماماً أنه لن يصدقه أبداً...ولما ظل صامتاً لوقت طويل، كرر كارل كلامه بحزم: هاري....فلتعتذر إلى لوسي حالاً....



نظر هاري إلى لوسي بكره، ثم اقترب منها وقال هامساً قرب أذنها: ستندمين على هذا...كوني واثقة...

ثم نظر إلى كارل بخيبة، ليهمس بعد ذلك بقهر: غبي!



قال هذا ليركض بعيداً عنهم باتجاه غرفته...أما لوسي، فقد كانت قد غطت وجهها بيديها، بينما ظلت تبكي بألم...

أخذت تفكر في نفسها، في حين ظل صوت شهقاتها يعلو ويعلو: الأمر تماماً كما حدث لذلك الراعي...مهما قلت، فلن يصدقك أحد..هاري...

اعذرني على ذلك يا صغيري، لكن هذا كل ما ظللت أعيش لأجله حتى هذه اللحظة، لذلك لن أسمح لأحد بالوقوف في وجهي مهما حدث!!



كانت ايمي تنظر إليها طوال الوقت بألم...خفضت رأسها، ثم ضغطت على أسنانها وقالت في نفسها بغصة: لماذا لوسي... لماذا فعلتِ شيئاً فظيعاً كهذا؟!

لكنها قبضت يديها بقوة، ثم ركضت مبتعدة عن المكان هي الأخرى...


لما بقيا وحدهما...سار كارل نحو لوسي وقد بدا مهموماً وشارد الذهن...


تلك النظرة اليائسة في عيني هاري، كانت قد شوشت تفكيره تماماً. من عليه أن يصدق؟ ماذا عليه أن يفعل؟


كان تائهاُ بحق، لكنه حاول ألا يظهر ذلك أمامها، ليخاطبها قائلا بأسف شديد: لوسي أرجوك ألا تجعلي تصرفاته تؤثر بك... أعدك أنني سأقوم بتأديبه، لذلك توقفي عن البكاء أرجوك...

نظرت إليه وسط دموعها وقالت بألم: كارل...هل وجودي يزعجكم إلى هذا الحد؟ أعلم أنني قد أطلت البقاء، لكن صدقني لم يكن ذلك بيدي...لو أنني كنت أعلم أن هذا سيحدث، لكنت غادرت منذ وقت طويل...لكن، يبدو أن هذا ما علي فعله الآن...لا يمكنني أن أتطفل عليكم أكثر من هذا...أنا آسفة حقاً على إزعاجكم كل ها الوقت!


عندها جلس أمامها وشد كتفيها بقوة، ليقول بانفعال، وفكرة رحيلها كادت تصيبه بالجنون: لا...لا تقولي هذا أرجوك! أعلم أنه قد أخطأ معكِ كثيراً، لكن لا تجعلي هذا يؤثر بك! سوف أعاقبه على تصرفاته. أعدك بأنني سأصحح الأمور، لذلك لا ترحلي أرجوك!

نظرت إليه بعينين ذابلتين، لتقول بضيق: أنا لا أريد منكما أن تتشاجرا بسببي. أعلم أنك تحب أخاك كثيراً، لذا...لا يمكنني الوقوف في طريقكما بعد الآن أبداً...


لكنه قاطعها لما ضمها إليه فجأة بقوة، ليدفن وجهه في كتفها، ويقول هامساً برجاء: لا ترحلي أرجوك لوسي...سوف أتحدث مع هاري كما يجب...لذا لا فلتبقي هنا..


هي توقعت كل شيء ربما. لكن ردة فعله تلك لم تتوقعها أبدا. أن يحتضنها هكذا فجأة، ويهمس لها بتلك النبرة التي جعلت نبضات قلبها تتسارع بعنف...
إحدى يديه كانت موضوعة على كتفها من الخلف، في حين أسند الأخرى على ظهرها ليقربها منه أكثر وأكثر...وقد كانت ترتجف بين يديه باضطراب شديد...


لم تستطع أبداً أن تقاوم تلك الحمرة التي اكتسحت وجهها بالكامل، في حين كانت تستنشق عطره الرجولي القوي الذي تشبعت به ملابسها آنذاك...أنفاسه المضطربة، كانت تلفح عنقها لتخدرها تماماً...وقد استسلمت له كالمسحورة في تلك اللحظة....

هي في العادة لم تكن لتسمح لأي رجل في العالم بأن يتجاوز حدوده معها، حتى لو عنى ذلك قتله ربما...لكنها الآن لم تقو على المقاومة أبداً..


كانت عيناها تدمعان، لكنها لم تكن دموعاً مصطنعة هذه المرة...بل هي دموع قهر وألم، بعد أن خالجها ذلك الشعور المرير من جديد.
لطالما كانت تصارع نفسها لتتجاهله دائماً...لكنها أدركت الآن ما الذي يعنيه كل ذلك.

أغلقت عينيها، سامحةً لتلك الدمعة بأن تتسلل من تحت جفنها المبلل بالدموع، بعد أن خارت قواها تماماً لإدراكها تلك الحقيقة المرة، كمرارة حياتها تماماً...


همست في نفسها بألم وهي تنظر بضياع، نحو خصلات شعره البني التي لامست بعض منها وجنتها، وأطراف رقبتها بإهمال: مهما كان ما أشعر به اتجاهك، لا يمكننا سوى أن نكون عدوين فحسب. أنا....أنا سوف أرسلك للموت بالتأكيد، كارل...


لم يدرك ما كان يفعله آنذاك...ففكرة اختفائها من حياته، كانت قد أعمته تماماً عن التفكير بأي شيء آخر... لكنه ما إن تدارك الوضع، حتى ابتعد عنها فجأة في حين بدا مضطرباً تماماً...

خفض رأسه وقال معتذراً بإحراج شديد: أنا آسف حقاً! أعني...صدقيني لم أكن أقصد!

طأطأت رأسها وقد ارتسمت في عينيها نظرة خاوية، خالية من الحياة...لتهمس بتفهم بينما تقوم من مكانها ببطء: لا بأس...لا تجعل ذلك يشغل بالك...

وقف هو الآخر مقابلاً لها، ليسألها بتردد: أنتِ لن تفكري بالرحيل صحيح؟

رفعت بصرها لتنظر إلى عينيه مباشرة...رأته يشيح بصره عنها، محاولاً تجنب النظر إليها قدر الإمكان... فابتسمت بفتور وقالت هامسة: أنا آسفة لإقلاقك...رغم إنك كنت لطيفاً جداً معي، لكنني سببت لك الكثير من المشاكل.

حرك كارل رأسه نافياً ليقول على الفور: لا...ذلك ليس صحيحاً! أنت لم تفعلي أي شيء خاطئ..


ثم ابتسم بهدوء وقال: أعدك أنني سأحل الأمور مع هاري...إنه طيب جداً في الواقع. لابد أنه فهمك بشكل خاطئ، لذلك سأتحدث معه وأحاول إقناعه.


أومأت لوسي بفهم، ثم قالت بابتسامة متعبة: شكراً لك كارل...سأذهب إلى غرفتي الآن.



#فرنسا- قصر تشادولي الرئيسي- الساعة 3:10 مساءاً
2005\12\21


أخذت نفساً عميقاً قبل أن تطرق الباب عدة مرات...لكنها لم تلق رداً. فأمسكت بمقبض الباب، ثم قالت بقلق: هاري...سوف أدخل.

ولما لم تجد منه جواباً، فتحت الباب على مهل، وقد حمدت الله كثيراً أنه لم يكن مغلقاً بالمفتاح آنذاك.


أغلقت الباب وراءها، لتقف في منتصف الغرفة بينما تنظر إليه بحزن...

كان جالساً في منتصف سريره الواسع، حاضناً ساقيه إلى صدره، وقد حشر وجهه بين ركبتيه دون أن يتحرك أبداً، أو يصدر أي صوت..

تنهدت بضيق لتسير باتجاهه.


ولما وقفت بالقرب من سريره، قال بانزعاج دون أن ينظر إليها: ماذا؟ هل جئتِ لتعطيني محاضرة حول الأخلاق؟ أو ربما ستطلبين مني أن أعتذر أنتِ أيضاً على جعل تلك الحقيرة تبكي؟


عقدت ايمي حاجبيها باستياء، وقالت بضيق: لن أفعل أياً من هذا...أخبرني فقط ما الذي حدث؟


فنظر إليها ورفع صوته قائلاً بانفعال: وما الفائدة من إخبارك؟! أنتِ تحبين تلك المرأة، لذلك لن تصدقي كلامي في جميع الأحوال صحيح؟!


ضغطت ايمي على أسنانها بغيظ، ثم سارت نحوه وجلست أمامه على السرير. لتشد ياقة قميصه وتقول بقوة، بينما تنظر إلى عينيه مباشرة: أنا أصدقك أيها الأحمق! صحيح أنني أحب لوسي، لكنني أحب هاري أكثر بكثير! وأعلم جيداً أن هاري لا يكذب أبداً...


نظر إليها هاري مصدوماً للحظات، لكنه أشاح ببصره عنها ليقول بضيق: لكن كارل لا يصدق كلامي!


تنهدت ايمي بعمق، ثم قالت بهدوء بعد أن أرخت ملابسه: إن الموقف كان معقداً جداً، لذلك من الطبيعي أن يسيء الفهم. عليك أن توضح له كل شيء لاحقاً بعد أن يهدأ!

ثم سكتت قليلاً وسألته بقلق: لكن...ما الذي حدث بالضبط؟ لماذا كانت لوسي تبكي هكذا؟


صرّ هاري على أسنانه بسخط وقال: لقد كانت تمثل عليكم...

ثم وضع يده على جبينه، مخللا أطراف أصابعه بين خصلات غرته ليقول بينما يشد شعره بقوة: تباً...لم أعد أعرف ما الذي عليّ فعله بعد الآن! الأمر أسوء بكثير مما تصورت...تلك الحقيرة...إنها تنوي قتل أخي!

تفاجأت ايمي كثيراً لما سمعت هذا وقالت هاتفةً بصدمة: أحقاً ما تقول؟!

خفض هاري رأسه وقال بغضب: لقد قالت لي ذلك بنفسها!

ثم عض شفته السفلى بغيظ وقال بقلة حيلة: تباً لذلك الغبي! لا أفهم لماذا هو مخدوع بها هكذا!


تنهدت ايمي بضيق، ثم قالت بعد أن خفضت رأسها بحزن: لا تلمه على ذلك هاري... إن كارل يحب لوسي، لذلك هو لا يريد أن يفكر بها على أنها شخص سيء أبداً.

نظر إليها هاري بدهشة، ثم قال مستنكراً كلامها: كارل يحبها؟! كيف يمكن أن يكون ذلك معقولاً حتى!


قوست ايمي شفتيها باستياء وقالت: لماذا أنت مصدوم هكذا؟ إن ذلك واضح جداً. أنا متأكدة من أن كارل واقع في حبها تماماً!

عندها قال هاري هاتفاً باعتراض: لا يجب أن يكون الأمر هكذا! تلك المرأة تريد أن تقتله، كيف يمكنه أن يحبها!!

سكتت ايمي قليلا قبل أن تقول بهدوء: لكن هاري...لا أعتقد أن لوسي سوف تقوم بإيذاء كارل أبداً...


فرد هاري نافياً: أنت مخطئة ايمي...

ثم قبض يديه بقوة، وقال بينما ينظر إلى الأسفل برهبة: أنت لم تري نظراتها الحاقدة تلك لما قالت هذا...إنها تنوي ذلك حقاً...أنا متأكد من هذا!


تنهدت ايمي بيأس، ثم قالت بخفوت: يستحيل أن تُقدم لوسي على إيذاء كارل لأنها...

ثم نظرت إليه بثقة واستأنفت بثبات: لأن لوسي تحب كارل هي أيضاً!


عقد هاري حاجبيه باستنكار، وهتف مكذباً: ذلك مستحيل! كيف تحبه بينما هي تخطط لقتله؟

فردت ايمي بضيق: هاري...أعلم أنك قد تغضب إذا ما قلت هذا لكن...إن لوسي ليست فتاة سيئة أبداً. أنا واثقة أن هناك سبب ما يدفعها للقيام بهذا.
إنها تحب كارل، وهذا ما أنا متأكدة منه تماماً. وبما أنها تحبه، فهي لن تؤذيه...أريدك أن تصدق هذا على الأقل!

خفض هاري رأسه وقد بدا غير مقتنع بكلامها...


عندها وضعت ايمي يدها على كتفه وقالت بهدوء: هاري...في الوقت الحالي، دعنا نستمر في مراقبتها فقط...
علينا أن نعرف أولا لماذا تريد قتل كارل، قبل أن نقدم على أي شيء. أنا واثقة من أن هناك سراً ما نجهله وراء تصرفاتها.
لو أن حياته هي كل ما تريده فعلا، لكانت قد قتلته منذ وقت طويل جداً بما أن الكثير من الفرص كانت متاحةً أمامها. لكنها لم تفعل حتى الآن، وذلك يعني أنها تخطط لشيء آخر...


نظر إليها هاري بدهشة، فهو لم يتوقع أبداً أن تفكر طفلة مثلها بهذه العقلانية.

لكنه لما فكر في كلامها مطولاً، أدرك تماماً أنها محقة في ذلك..هناك سر ما.. سر يجهلانه، ويجب عليهما حتماً معرفة ما يكون!!


كان كلامها قد أراحه كثيراً في الواقع..لذلك نظر إليها لثوانِ، قبل أن يبتسم ابتسامة باهتة، ويقول بخفوت: ايمي...شكراً لك حقاً على تصديق كلامي..

ابتسمت ايمي بإشراق، وقالت بنبرة مرحة: لا تقلق هاري...لقد قلت لك من قبل أنني أثق بك، لذلك سأصدقك دائماً مهما حدث!


احمرت وجنتاه لما قالت هذا، وقد أسند خده على ركبته، بينما ضم ساقيه إلى صدره ليقول بخفوت: تباً، عليكِ أن تكبري بسرعة!

أمالت ايمي رأسها وقالت باستغراب: هممم؟ هل قلت شيئاً؟


نظر إليها بانزعاج، محاولاً إخفاء ارتباكه واحمرار وجنتيه، ليقول بعد أن شد أنفها بين سبابته ووسطاه: لا...لا لم أقل شيئاً...

بعد أن أبعد يده، وضعت ايمي يدها على أنفها المحمر لتقول بتذمر: أنت حقاً تحب فعل هذا صحيح؟

فضحك هاري على منظر أنفها وقال شامتاً: تبدين كالمهرج حقاً!


بدت ايمي مغتاظة من كلامه، وقد نفخت خديها في استياء.


لكن هاري توقف عن الضحك فجأة، ليقول بعد ذلك بجدية: حسناً...أنا أيضاً سأثق بكلامك. سوف استمر بمراقبتها حتى أعرف الحقيقة وراء ما تفعله. اتفقنا؟


ابتسمت ايمي وقالت بارتياح: أجل...سأساعدك أنا أيضاً في ذلك!



#فرنسا -باريس- الساعة 6:35 مساءاً
2005\12\21



كانت جالسة وحدها بشموخ أمام تلك الطاولة الحديدية البيضاء المنخفضة، واضعة إحدى قدميها على الأخرى، في حين تمسك بيدها كوب القهوة برقي شديد...

ملابسها الفاخرة، كانت تظهر بوضوح مدى الثراء الفاحش الذي تعيش فيه...تحدق ببرود بعينيها الفضيتين كقطعة من الزجاج، نحو السماء الملبدة بالغيوم، في حين ظل نسيم المساء يداعب خصلات شعرها بهدوء..


بشرتها ناصعة البياض، شفتاها الكرزيتين، وطولها المميز مع قوامها الممشوق.. كانت تجعل الجميع ينظرون إليها لا شعورياً، واقعين تحت تأثير سحرها الأخّاذ.

كانت قد أرخت شعرها الذهبي كخيوط الشمس، ليتبعثر بنعومة على كرسيها المريح.
لقد كان شعرها الحريري والكثيف، يصل إلى نهاية فخذها تقريباً... لذلك لطالما كان حديث الجميع من حولها...



هي فاتنة بحق، ولقد اعترف كل من قابلتهم بذلك. لكن لماذا؟ لماذا هو فقط من بين جميع البشر، لم يلتفت إليها ولو لمرة؟!

مهما حاولت التقرب منه...مهما حاولت لفت انتباهه إليها برقتها ونعومتها. إلا أنه لم ينظر إليها على الإطلاق!


وضعت الكوب على الطاولة بقوة، بعد أن شعرت بالضيق تماماً..

ثم نظرت بشرود إلى حديقة قصرها البارزة أسفل تلك الشرفة الكبيرة...في حين تتأمل يشوق، صورته المرسومة في أعماق ذاكرتها...


عندها قطع شرودها، صوت خادمتها وهي تركض باتجاهها وتصيح بانفعال: آنستي...آنستي! لدي لك أخبار عظيمة!!

ثم توقفت اخيراً إلى جانبها، بينما تلتقط أنفاسها بصعوبة...

عندها سألتها تلك الفتاة على الفور: ما الأمر مارثا...ما الذي حدث؟


ردت الخادمة مارثا وهي تلهث من الركض: السيد الصغير تشادولي... سيعود إلى المدرسة بعد عطلة الشتاء!


ما إن قالت هذا، حتى قامت تلك الفتاة من مكانها لتقول هاتفةً بانفعال: هل أنت متأكدة من ذلك؟


أومأت تلك الخادمة بسرعة وقالت: أجل آنستي...لقد كانت المديرة تتحدث مع والدتك قبل قليل. يبدو أن الرئيس تشادولي قد تواصل مع إدارة المدرسة وأخبرهم أن أخاه سيعود من جديد، بعد تعافيه نهائياً من الإصابة!


تهللت أساريرها ما إن سمعت هذا، وقالت بإشراق: شكراً لك حقاً لإخباري بذلك..مارثا..

ثم ضمت يديها إلى صدرها، وقالت هامسةً بهيام: أخيراً سأراك مجدداً...هاري...


يتبع..

******

_ رأيكم في البارت؟

_توقعاتكم للأحداث القادمة؟

_أخبروني بمشاعركم اتجاه لوسي حالياً؟😂

_هل توقعتم أنها ستفعل هذا؟🙊

_هل ستتأثر العلاقة بين هاري وكارل باللذي حدث؟ وهل سيستمر كارل في تكذيبه وتصديق لوسي؟

_ سؤال فضول😂 لو كنتم في مكانه ومررتم بنفس الموقف، كيف ستتصرفون؟

_ماهو هدف لوسي الحقيقي؟ وماذا كانت تعني بقولها أنها تهدف لارسال كارل إلى الموت؟

_ هل حقاً لوسي ليست فتاة سيئة كما قالت ايمي؟ وهل يعقل أنها واقعة في حب كارل؟!

_ ما الذي سيفعله هاري من الآن فصاعداً؟

_ وأخيرا...من تكون تلك الفتاة التي ظهرت في نهاية الفصل؟😁



أحداث كثيرة ومشوقة بانتظاركم في الفصول القادمة فانتظروني..


لا تنسو التصويت والتعليق على الفصل وارجو أنه قد نال إعجابكم...احتاج دعمكم للاستمرار في الرواية،فلا تخذلوني..

عمليتي ستكون غدا😣 دعواتكم😭

اتمنى لكم دوام الصحة والعافية..دمتم في أمان الله وحفظه..


2018/09/26 · 609 مشاهدة · 4371 كلمة
NajwaSD
نادي الروايات - 2024