سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
-------------
لقد خرجنا للتو من البقالة، وكان الوقت في منتصف الليل. الهواء بارد جدًا، كما لو أن الشتاء قرر أن يعلن حضوره بقوة، وأنا محمولة على ظهر لوكا. كنت أمسك بالكتاب وأقرأ نهايتهم بصوت عالٍ لهم، بينما كانوا يمشون بجانبي، يحمل كل منهم كيسًا في يد وحلوى في اليد الأخرى. على وجوههم تعابير مختلفة: البعض يبتسم، البعض الآخر يرفع حاجبيه، وهم يستمعون لي وأنا أتلو السطور الأخيرة.
وصلت إلى الجملة الأخيرة، ولم أعرف كيف خرجت مني الكلمات، وأنا أشعر بمزيج غريب من المشاعر: حزن على النهاية، وكره لهذا النوع من النهايات.
"وقد ضحى البطل بنفسه ليمحو عصر من الجنون ويصنع عصرًا من السعادة... النهاية… هااااا…" خرجت مني تنهيدة طويلة، لم أكن أعلم أنني حبستها طوال الوقت. نظرت إلى الكتاب بين يدي، وأسئلت كثيرة تدور في رأسي: لماذا؟ كيف انتهت الرواية هكذا؟ لماذا تحولت النهاية إلى هذا المصير المؤسف؟ كم عدد الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم من أجل هذه النهاية؟
وتسائلت في داخلي: هل كانت تضحياتهم تستحق كل هذا؟ لا… لا تستحق. لو كانوا أكثر وعيًا، لما تطلب الأمر كل هذا الألم…
لقد أدرتُ رأسي للستة الباقية، وفي نفسي القليل من الأمل أن يكون لأحدهم تفسير للنهاية أو أي شيء يجعلني أعتقد أنها جيدة. وليتني لم ألتفت! آههه… وجدتُ لكل واحدة منهم تعابير غريبة على وجهه. كانت خيبة الأمل، التعجب، الغضب، الحسرة، والتقزز تلوح في عيونهم، وكأن الرواية لم تخذلني وحدي، بل خذلتنا جميعًا.
"هااا… لقد كانت النهاية مأساوية! إنها المرة الأولى التي أشعر فيها بالأسف لأني فزت بالرهان، لكني قد فزت، إلين!" قال لوكا بابتسامة باردة، وهو يمد يده إلى إلين بانتظار أن يعطيه مال الرهان. نظراته التي يفترض أنها منتصرة كانت تحمل في طياتها بعض المرارة.
"لحظة لحظة لحظة! أتقولون إنها كانت النهاية حقًا؟" تساءلت مليس بتعابير غاضبة ومصدومة، وهي تلتفت إليّ. عيناها كانتا تشتعلان، وكأنها مستعدة للدخول في شجار مع الكاتب نفسه.
"هذا ما هو مكتوب هنا." رفعتُ لها الكتاب وأنا أشير بإصبعي إلى آخر جملة فيه. نبرتي لم تكن تحمل أي انتصار، بل كانت مجرد إقرار بالحقيقة القاسية.
"أتقولون إن شخصيتي المفضلة ماتت من أجل نهاية كهذه؟" تساءلت يونا بنبرة حزينة ومستسلمة، وهي تنظر إلى كوب الشوكولاتة الساخنة الذي تمسكه. كان صوتها خافتًا، كأنها تحاول استيعاب صدمة الفقد.
"وقتي… وقتي الذي أضعته لقراءة هذه الرواية ذهب هباءً! ليتني نمت بدلًا من قراءتها." قال ليام وهو ينظر إلى الوسادة المعلقة على ظهره بطريقة توحي بأنه مستعد للنوم بأي لحظة وفي أي مكان.
"أنت… أنت وقتك الذي ذهب، أما أنا، مالي، مالي العزيز! أنا أراه يحلّق من جيبي ليذهب إلى جيب لوكا." قال إلين بنبرة متحسرة ومبالغ فيها، وهو ينظر إلى ليام ثم يلتفت إلى لوكا، الذي اعتلت وجهه نظرة الانتصار، ثم ينظر إلى كف يده الممدوده ليتنهد بحسره و يخرج النقود بتردد وألم واضح ويضعها على يد لوكا.
"خلق عصر من السعادة! هذا هراء بنظري! طالما يوجد خير، يوجد شر أيضًا." قال إيفان بنبرة متألمة وفلسفية، وهو ينظر إليّ ثم التفت إلى البقية.
"لكن نهاية الأبطال كانت مأساوية." قالت يونا وهي تقشعر وتتذكر نهايتهم.
"نعم، كلامك صحيح. أتعلمون؟ ما زلت أحظى بكوابيس بسبب تلك النهاية، وما زاد الأمر سوءًا هو رسم الكاتب لها… أوه!" قال إيفان وهو يقشعر، ثم أخذته عطسة قوية عكرت صفو الأجواء. فناولته مليس منديلًا وهي تقول بحنان أخوي:
"ألَم أخبرك أن ترتدي ملابس ثقيلة؟ نحن على أعتاب الشتاء." نزعت ردائها ووضعته على كتفه.
"لقد نسيت… أوه، شكرًا أختي." قال إيفان وهو يومئ لها، والامتنان يلوح في عينيه.
"بِحق… ! هل هنالك أحد متأثر غيري أم ماذا؟ إنها رواية كنا نقرأها منذ عشر سنوات، لعلمكم!" قلت وأنا أنظر إليهم. حسنًا، ردات فعلهم كانت ضمن توقعاتي، ومع ذلك رغبتُ بنوع آخر من الردات؛ رد يتناسب مع رواية عاشت معنا لوقت طويل. كانت عيناي ما زالت على آخر جملة في الرواية، أبحث عن شيء لم أجده.
"لويان!" صاح لوكا باسمي، وهو يرفع رأسه للنظر إليّ، كأنه قرأ ما يدور في ذهني من حزن صامت.
"ها… ما الأمر؟" رفعتُ رأسي من الكتاب لألتقي بعينيه.
"أراهن على أنها أفضل نهاية لهم." قال، ونظرة التحسر والحزن العميق في عينه واضحة، كأن رهان النقود قد تبخر ليحل محله رهان على المصير.
"نعم، كلامه صحيح. الموت كان أفضل نهاية لهم. إن لم يمتوا، لكان ينتظرهم مصير أسوأ." قالت مليس بنظرة غريبة وحكيمة، ثم أخرجت من كيسها مجموعة من الكوكيز. فوضعت واحدة في فمي وناولت البقية.
"حسنًا، على الرغم من أن طريقة موتهم مخيفة…" قال ليام وهو يتثاءب ويأخذ الكوكيز من مليس، محاولًا التخفيف من حدة الموضوع.
"فقط نهايتهم؟ إن الرواية بأكملها غريبة ومخيفة." قال إلين، وهو يحسب عدد النقود الباقية في جيبه، مشغولًا بما هو مادي، محاولًا تشتيت ذهنه عن النهاية.
"حسنًا، أحداث الرواية لم ترحم لا بطلًا ولا شريرًا." قال إيفان، وهو ينظر إلى الطريق الهادئ والبارد. ثم، وكأنها كانت لحظة عزاء جماعي، لم يفسد أحد منهم هدوء الليل.
نظرت إليهم للحظة، ثم رفعتُ رأسي وأنا أستوعب الجو المظلم. كان الليل باردًا ومظلمًا، وكان العزاء الوحيد هو الأضواء الخافتة في الشارع. تنهدتُ وأعدتُ قراءة الرواية. لم أعلم لماذا، لكني أردتُ أن أقرأها مرة أخرى. نعم، أنا أعلم ما أشعر، وأعلم ما شعروا به جميعًا. تمنينا نهاية سعيدة لهم… نهاية دافئة. تمنينا لو أن أحدهم ساعدهم، سواء كان الأبطال أو الأشرار. تمنينا لو أن أحدهم مدّ يد المساعدة لهم، لكن أظن أن الرواية قد لعنتهم للأبد. كانت رغبتنا بسيطة: قليل من الدفء والإنقاذ لشخصيات أحببناها، ولكن يبدو أن مصيرهم كان محتومًا على القسوة والضياع.
"حسنًا، لكن أكثر شيء مأساوي ومحطم للقلب فيها هو الحب! آهه، جميع من أحبوا كانت نهايتهم لا تُحتمل. أتذكر أننا شجعنا العديد من الثنائيات، لكن انظر إلى ما وصلنا إليه، ههههه! أصبحنا نتمنى لهم موتة سهلة وسريعة ليرتاحوا"، قالت يونا وعيناها تكسران هدوء الليلة بوميض من الأسى، ثم ضحكت، لكن ضحكتها لم تكن عادية، كانت جافة ومتحسره. ثم التفتت لنا وقالت بنبرة حاولت أن تكون مرحة: "حسنًا، من الجيد أننا اتفقنا على أن نبقى عزابًا إلى الأبد! هذا أفضل بكثير من مشاكل الحب الأخرى". ضحكوا جميعًا وهم يُومئون برؤوسهم اتفاقًا معها، ضحكة رنانة تحاول تخفيف الجو . نظرتُ إليها وأنا أتفق معها داخليًا، ابتسمتُ وأنا أتذكر بأنه قد مرت ست سنوات منذ وعدنا هذا.
"دعنا الآن من أمور الحب! من كان برأيكم الأذكى؟" سألتُ لأخفف الجو، ابتسمتُ وأنا أعلم بأني سأشعل نوعًا آخر من الصراعات التي اعتدنا عليها بشغف.
"إنهم الأشرار! كانت غالبية خططهم تحدث"، قال لوكا وهو ينظر للبقية بنظرة مستعدة للجدال والتحدي.
"لا، لقد كانوا الأبطال! على الرغم من أنهم غالبية الأمر يفشلون، إلا أننا لا ننكر أن خططهم كانت رائعة، لولا حظهم السيئ لكانوا فازوا"، قالت يونا وهي تجادل لوكا بإصرار.
"أظن أنهم الأشرار، أعني لقد استطاعوا جلب الكثير من المال من خططهم"، قال آلين وهو يرفع رأسه للأعلى بعد أن انتهى من حساب ماله، بمنطق عملي صارم.
"إنهم الأبطال! على الرغم من أن لا أحد وقف بجانبهم، إلا أنهم ما زالوا يحاولون حماية الناس"، قال إيفان بنبرة متحسرة ومدافعة عن النبل الضائع، ثم التفت إلى أخته التي قالت بدورها:
"أخي، لا تعتمد على العاطفة في تقييمك! على أي حال، إن نهاية الأشرار كانت قليلاً أرحم من الأبطال."
"أرحم بحق الجحيم! من الذي تخدعينه يا مليس؟ كانت بنفس السوء إن لم تكن أسوأ! المضحك في الأمر أن الأبطال لم يكونوا هم من سببوا بهذه النهاية لهم"، قال ليام بين تثاؤبه وهو يهز يده بملل مهزوم.
"حسنًا هذا يكفي! كلا من الأبطال والأشرار حمقى"، قلتُ وأنا أبتسم بحسرة على مشاجرتهم التي دائمًا ما تنتهي بهذه الطريقة. تنهدتُ وأنا أعتقد بأنها ربما تكون آخر مرة نتشاجر فيها لهذا السبب. فالتفتوا إلي وهم يُومئون بجدية على قولي.
"على أي حال، يقولون إن المؤلف سيصنع رواية جديدة تتكلم عن نفس العالم أيضًا......"، تمت مقاطعة إيفان وأصوات المعارضة الصارخة من كل جهة:
"لا!"
"مستحيل!"
"لن أقرأها، ولن تقرؤوها! هذه آخر سنة لكم قبل الدخول إلى الجامعة، لذا عليكم أن تدرسوا بجد لتلحقوا بنا أنا وآلين ولوكا"، قالت مليس وهي تنظر لنا نظرة مرعبة تشبه نظرة الأم وهي تأمر أطفالها بالدراسة. أومأنا جميعًا بالموافقة بطاعة ممزوجة بالضحك الداخلي.
ههههههه ضحكتُ داخليًا عليها وأنا أنظر إليها. نعم، إنها مليس التي أعرفها! ثم التفتُ إلى الجميع. على الرغم من معرفتهم منذ أكثر من إحدى عشرة سنة، وأغلبيتنا لم يكن إخوة بالدم، إلا أننا أعز أصدقاء.
ما الذي أقوله؟ أصدقاء؟ آهه! جميعنا نعلم داخليًا أننا أكثر من ذلك بكثير. نشعر ببعضنا البعض، إن فرح أحدنا تجد الجميع يفرح معه، وإن حزن تجدهم جميعهم يواسونه بصدق وعمق. تنهدتُ وأنا أبتسم، نحن... نحن عائلة، وأنا فخور بذلك وسعيد بهذا
ثم أعدتُ النظر إلى الكتاب بين يدي، كتاب... وتنهدتُ تنهيدةً مثقلة. كنتُ أتذكر أحداث الرواية وأفكر في تلك الكلمات، والشخصيات، والأحداث التي ما زالت تدور في رأسي بإلحاح. تنهدتُ مره اخرى بعمق وأنا أتخذ قراراً يعتصر قلبي حزناً. "أظن أن عليّ رميها،" قلتُ بنبرةٍ غلبتها مرارة الأسى.
فالتفتوا إليّ جميعاً، وقد حملت تعابيرهم مزيجاً من المشاعر المختلفة: بعضهم تنهد، لكنهم قابلونا بإصرار غريب في أعينهم.
"نعم، لنفعلها! أعني أن بقاءها معنا لن يذكرني سوى بأنني حُرمتُ من النوم من أجل قراءتها،" قال ليام وهو ينظر إليّ بنظرة إصرار غير معتاد، وكأنه يحاول إقناع نفسه قبل إقناعي.
"أنا أتفق مع ليام. إن النظر إليها سيذكرنني بأني أعطيتُ مالي إلى لوكا،" قال ألين بنبرة مريرة ملؤها الندم، وهو يستعيد بذهنه المال الذي ضيعه بسبب رهانه الأحمق مع لوكا.
"أنت تقصد المال الذي خسرته وليس الذي أعطيته،" صحّح له لوكا بابتسامة شريرة واثقة، ثم التفت إليّ بنبرة غريبة، وكأنه يترك لي الخيار مع شيء من عدم المبالاة المصطنعة: "لويان، ارمه إن أردت. أنا لن أعارض على الأمر."
"أنا أتفق معه. إن أبقيتها، سأتذكر نهاية مفضلي في كل مرة أنظر إليها،" قالت يونا بنبرة حزينة رقيقة، وهي ترمقني بنظرة مليئة بالخيبة.
"نعم، من الأفضل رميها لأنها تسبب لي كوابيس مريعة،" قال إيفان ثم التفت إليّ بملامح يعتليها الرعب الحقيقي، لكن سرعان ما تحولت ملامحه بسرعة خاطفة إلى إصرار غريب وهو يقول باندفاع: "لحظة! قبل أن ترميها، علينا فعل شيء ما. اتبعوني!"
ايفان ابتسم تلك الابتسامة الماكرة، وركض نحو الحديقة القريبة من منزلنا. لم يكن أمامنا إلا اللحاق به. ثم نظر إلينا وهو يقول بحماس عارم: "سنفعل ما يقول إنه يجلب لنا السعادة! لقد كانت موجودة في الكتاب، ولطالما كنت أرغب بأن أجربها! والآن، قبل رمي الكتاب، علينا تجربتها! هيا، ضعوا الأكياس جانباً واجلسوا على شكل دائرة. لويان، أعطنا الكتاب!"
قالها بحماس غريب، وتلمع في عينيه نظرة من الفضول المتقد. فأعطيته الكتاب، وأنا أضحك مع البقية على اندفاعه. التفتُّ لأجدهم جميعاً متحمسين باستثناء واحد. نزلتُ من ظهر لوكا لأجده يهمس بتذمر خافت: "آه... أمل ألا ندخل في مشكلة أخرى." تنهد لوكا بنظرة مرهقة، وهو يراقب حماسنا المتفجر. فضحكتُ على ذلك؛ حسناً، إنه هو من ينظف فوضانا دائماً.
"حسناً، هيا نفعلها!" قلتُ وأنا على وشك الجلوس، لأجد إيفان يلتفت إليّ ويقول بتفسير وافٍ: "لويان الأصغر يجلس في المنتصف. لذا، سنكون نحن دائرة وأنت تجلس في منتصفها. هذا ما مكتوب هنا. لقد كان الأمر صعباً لترجمتها من اللغة القديمة،" قال إيفان وهو يقرأ في الكتاب ويتذمر من صعوبة اللغة المكتوبة به، ثم أكمل قائلاً: "ليضع كل شخص شيئاً عزيزاً عليه أمامه. بالطبع، شيء غير حي وليس بشراً!"
وما إن قال حتى وضع علبة من الطعام أمامه بجدية. التفتُّ للجميع لأرى أن مليس وضعت سيفها الذي لا أعلم من أين جلبته، ووضعت يونا قلادتها الزرقاء، ووضع ليام وسادته المريحة، ووضع ألين كومة لامعة من العملات الذهبية، ووضع لوكا كتاباً كنت أعلم كم يحبه ويعزّ عليه. ثم نظروا إليّ جميعاً.
فوضعتُ بدوري ساعة جيب ذهبية كانت بطبقتين: إحداهما للساعة، والأخرى تحمل صورتنا جميعاً. ابتسمتُ وأنا أنظر إليها، ثم وضعتها أمامي.
"الآن، أغمضوا أعينكم ورردوا ورائي،" قال إيفان بجدية غريبة كلمات غير مفهومة، فرددنا خلفه بإيمان ممزوج بالفضول. وما إن انتهى حتى فتحنا أعيننا.
"لم أحس بشيء،" قلتُ ببعض الخيبة، وأنا أنظر إلى إيفان الذي اعتلت ملامحه علامات حزن واضحة بسبب عدم نجاح الأمر.
"هيا يا إيفان، لا تحدث السعادة بسرعة. خوفي الوحيد هو أن ينقلب الأمر عكسياً علينا الآن!" قال لوكا محاولاً التخفيف عن إيفان بنبرة ساخرة. فوقفنا جميعنا ونحن نأخذ أغراضنا للعودة إلى المنزل.
"هيا بسرعة! إن نظر إلينا أحدهم، سيظن أننا حمقى مجانين،" ضحكتُ بتهكم لطيف بينما ألملم الأكياس من الأرض، متناسية للحظات قرار الرمي.
"تمنيت لو أنه على الأقل أمطر علينا مالًا" قال آلين بنبرة مازحة وساخرة وهو ينظر بتهكم إلى إيفان ويضحك.
"هاهاهاها الأمر ليس مضحكًا آلين! لقد شعرتُ حقًا بأننا سننجح! لكن كما قال لوكا، ربما سيأخذ بعض الوقت... أوه، على من أضحك بحق الجحيم!" صرخ إيفان بحسرة وإحباط وهو ينظر بيأس إلى الكتاب الذي بيده ثم قال لي:
"حسنًا، حان وقت رميه... آه، ماذا عن الأجزاء السابقة وبقية الأشياء التي اشتريناها؟ مثل العلقات، الهواتف، والبطاقات؟" سأل وهو يرفع كلا حاجبيه بارتباك وقلق حول الخسارة المادية.
"علينا بيعها! لماذا نرمي مالًا بحق الجحيم؟" قال آلين بسرعة وتذمر وهو ينظر لي ولإيفان بانزعاج من فكرة الهدر.
"ارمِ فقط هذا الكتاب، إنه يحتوي على صور مزعجة لـ عينيّ. الآن، إلى المنزل، أشعر بالتعب" قال ليام بملل وإرهاق وهو يفرك عينيه بانزعاج.
"نعم، حسنًا، لقد كانت مرحلة... الآن هيا بنا" قلت لهم بهدوء واتزان بينما واصلنا المشي بالطريق. ثم وقفنا أمام سلة القمامة، كان الجو هادئًا كأنه وداع أخير. ثم أمسكنا بالكتاب كلنا وقلنا بصوت واحد:
"3... 2... 1... وداعًا" نعم، لقد رميناه ونحن نبتسم له بابتسامة هادئة ومتقبلة للنهاية.
"الآن، هيا إلى المنزل" قال إيفان وهو ينظر إلينا براحة خفيفة بعد اتخاذ القرار.
"برأيكم، ماذا سيحصل لو أننا كنا فيها؟" قلت بتساؤل وتفكير فالتفتوا إليّ جميعًا.
"سنسرق كل المال الموجود بـ عالمهم" قال آلين بابتسامة شيطانية ومرحة.
"سنحميهم... أرغب بحماية كلا من الأبطال والأشرار" قالت يونا وهي تبتسم ابتسامة هادئة وعاطفية تعكس رغبتها بالسلام.
"لا تقل هذا! أنا أرغب ببعض الهدوء" قال ليام بنظرة متذمرة وغير راغبة بالمشاكل.
"بالمختصر، سنقلب نظام الرواية بأكملها" قال لوكا وهو ينظر إليّ بثقة واستنتاج.
"نعم، لكني لا أرغب بأن أكون فيها" قال إيفان وقد علت ملامحه الرعب والخوف فنظرت إليهم فابتسمت.
"نعم، عالمنا مجنون ولا نحتاج إلى جنون إضافي. لذا، الآن العقبة التي أمامنا هي التخرج والذهاب إلى الجامعة" قلت بهدوء وتصميم وأنا ألاحظ أننا اقتربنا من المنزل.
ثم التفت إلينا آلين بالكامل وهو يقول بابتسامة خبث خفيفة:
"أوه، للعلم... أعمال الترميم على وشك الانتهاء".
اه، نعم... أعمال الترميم.
أغمضت عيني لوهلة، أحاول تهدئتها من الإجهاد، وعندما فتحتها، تجمدت الدماء في عروقي. فجأة، رأيت بوابة دائرية تتوهج باللونين الأخضر والأزرق، فتحت بصمت مرعب خلف إلين وسحبته بسرعة مذهلة تقطع الأنفاس.
لم أفهم كيف وصلت إليه بهذه السرعة، لكني اندفعت كالمجنون وأمسكت بيده على الفور، محاولًا سحبه بعيدًا عن هذا الخطر الغامض والمفاجئ.
ثم شعرت بالبقية يسحبونني أنا وإلين أيضًا بعيدًا عن البوابة. كان كل شيء سريعًا للغاية ومربكًا جدًا، لدرجة أنه لم يكن أمامنا وقت للصراخ أو حتى لمحاولة المقاومة. لمحنا الذعر في عيون بعضنا قبل أن يختفي كل شيء.
وفي اللحظة التالية، كبرت البوابة فجأة وكأنها ابتلعتنا جميعًا دفعة واحدة في جوفها البارد. حاولت الصراخ، لكن لم يخرج شيء من حنجرتي… الصدمة والرهبة شلّت كل شيء بداخلي.
لكن في خضم هذا الشلل، لا أعلم من أين جاءت القوة، فصحت بسرعة وبكل ما تبقى لي من وعي:
"تمسكوا ببعضكم!"
وكأنهم سمعوا صوتي الذي اخترق الفوضى، أمسك كل شخص بالقريب منه: أمسكت يونا بإيفان، ومليس بليام، وأمسك لوكا بي وبالين. شعور غريب بالأمان الواهن لم يدم طويلاً.
لكن ألمًا فظيعًا اجتاحني، كأن عظامي تتحطم وتُعاد صُنعها! ألم حاد لا يوصف، انتزاع للحياة من الجسد! ومن الصدمة والوجع الذي أعمى حواسي، أفلتت يدي إلين الذي لم يشعر بي لحظتها من شدة الألم.
ثم، وكأنه لاحظ الأمر، نظر إلي بسرعة مرعوبة وحاول الإمساك بي، لكن ضوءًا غريبًا وغاشمًا غمرنا. شعرت به وأنا أحترق… أحترق بالكامل! هذا مؤلم، مؤلم للغاية… يا للهول!
ثم اختفى كل شيء حولنا، ولم يبقَ سوى ضوء غامض يلتهمنا… وما بعده، لم أكن أعلم إن كنا سننجو أم لا…