بعد مرور ساعة، خيمت المجموعة في مكان مناسب وسط أشجار الأرز. كانت مجموعة أوران متجهزة بالفعل، حيث قامت سيلين بطهو الطعام، بينما جلس الجميع على جذوع الأشجار المهترئة، مشكلين دائرة، معانقين النار في الوسط.

كان كل من رين وليون شاردين في النار، حيث اختفت الحياة من أعينهم. لقد تعرضوا لصدمات متتالية ووصلوا إلى حدود أجسادهم البشرية، مما أدى إلى تدهور صحتهم النفسية. رأت كل من منى ولينا نظراتهم، فاعترى القلق وجوههن دون أن ينطقن بكلمة.

في ذلك الوقت، جهزت سيلين الطعام وقدمت لكل منهم الحساء في إناء خشبي مع ملاعق خشبية. جلست سيلين، وبدأت المجموعة في تناول الطعام. بعد أن انتهوا من الأكل، ظل الجو متوترًا بينهم، حتى قفز أوران قائلاً:

"هل تعرف ما الذي جرى لك يا رين أثناء احتضارك؟"

أجابه رين:

"أنا لا أتذكر جيدًا، لكن قبل أن أسقط، اهتز سيفي متحدثًا… دعنا نتبادل… أنا لا أذكر شيئًا بعد ذلك حتى أفقت على انتهاء المعركة."

هز أوران رأسه وقال:

"هل تعرف يا رين أنك من هزم ذئب الكارثة؟ لقد أفقت فجأة، لكنك لم تكن نفسك… قمت بقتل الذئب بضربة واحدة! ولكن هل تعلم أن الخسارة الوحيدة التي تعرضنا لها هي عدم زيادة كفاءاتنا؟ لقد تبخرت جثة الذئب بالكامل، ولم يبقَ لك أي دماء لامتصاصها. لا نعلم ما الذي يختبئ داخل البوابة، لذا علينا الانطلاق في أسرع وقت نحو الصحراء الغربية، فلا نعرف ما قد يحدث غدًا."

لم يظهر أي دهشة أو تفاجؤ على وجه رين، بل تقبل الأمر ببساطة، ولم يعد يتأثر بأي شيء. حتى ليون لم يندهش أو يتأثر. نظر أوران إلى تعابيرهما بقلق، إذ بدا له أنهما قد تعرضا لإصابات نفسية.

في ذلك الوقت، شعرت سيلين بتوتر الجو، فنهضت قائلة:

"دعونا نتعرف على بعضنا البعض. اسمي سيلين، وهذا أبي ثيرون، لقد جئنا من الصحراء الغربية مع أوران."

نهضت منى وصافحت سيلين قائلة:

"اسمي منى، سررت بلقائك، سيلين."

ابتسمت سيلين وردت:

"الشرف لي يا منى، دعينا نصبح صديقتين."

قالت لينا وهي تبتسم:

"سررت بلقائك يا سيلين، اسمي لينا، أنا أخت كل من رين وليون."

ردت سيلين بلطف:

"أتشرف بمعرفتك يا لينا."

تقدم أوران نحو الفتيات قائلاً:

"أنا أوران، سررت بمعرفتكما، منى ولينا."

أجابت منى ولينا معًا:

"الشرف لنا، أوران، لا داعي للرسميات، فنحن أصدقاء الآن."

عاد الجميع إلى أماكنهم، بينما بقيت سيلين وحدها تتجه نحو رين وليون. مدت يدها بابتسامة مشرقة نحو رين وقالت:

"أنا سيلين."

بقي رين جالسًا في مكانه، ثم مد يده لمصافحتها وقال بصوت خالٍ من أي تعابير:

"أنا رين، سررت بلقائك."

ابتسمت سيلين بلطف وردت:

"أتشرف بمعرفتك يا رين."

ثم توجهت إلى ليون، وكان له نفس ردة فعل رين. لم تشتك سيلين أو تقلق من رد فعلهما، بل ظلت الابتسامة تعلو وجهها الجميل. جلست بجانب منى ولينا على جذع طويل يتسع لثلاثتهن، متقابلين مع رين وليون، بينما كان أوران وثيرون يجلسان معًا، وكان ثيرون جالسًا على صخرة وسطهم.

في ذلك الوقت، أخرج أوران الكتاب القديم الخاص برين، ونظر إليه رين قائلاً:

"هل تستطيع قراءته؟"

أجابه أوران:

"نعم، لقد عشت في تلك الحقبة القديمة، حيث ختمت نفسي عندما كنت على وشك الموت، محاصرًا بمجموعة وحوش قوامها عشرة آلاف. ظللت نائمًا خلال تلك الفترة، وحينما استيقظت الآن، سألت سيلين عن هذه الكارثة، لكنها أخبرتني أن التاريخ لم يشهدها قط! تفاجأت بذلك، لكني لم أجد سببًا لاختفاء هذه الحقبة من التاريخ… ربما نجد شيئًا داخل هذا الكتاب."

نظر رين وليون إلى أوران، ثم قال رين:

"لقد كنا نتجه إلى الصحراء الغربية بحثًا في هذا الأمر… إنه غامض حقًا. حقبة كاملة من التاريخ قد اختفت من البشرية… لا بد أن هناك قوى خفية خلف ذلك."

أضاف ليون:

"الأمر غامض حقًا… على أي حال، هل يمكنك البدء بقراءته بينما نستمع؟"

نظر الجميع إليه بترقب، ثم بدأ أوران القراءة:

"الفصل الأول، الجزء الأول من أساطير سيف السماء…"

---

(في قلب التاريخ السحيق، عصر الحروب الشيطانية، في عالم قاسٍ حيث تتقاتل المناطق السبع على لقب الأقوى...)

(في منطقة الصحراء الغربية، حيث تحرق الشمس الرمال الذهبية، وتمتد الصخور في الأفق، ولا شيء ينمو سوى شجيرات الصبار الصغيرة، كان العبيد يمشون حفاة الأقدام على الرمال الحارقة، مطوقين بالأغلال الحديدية، يحملون الطوب على ظهورهم بينما تدوي صيحات المشرفين: "العمل! العمل!")

(كانت سياط المشرفين تصفع الهواء مع كل ضربة، فلا رحمة للعبيد، فهم مجرد أدوات، لا يُقدم لهم الماء أو الطعام، وإذا ماتوا، جلبوا غيرهم، فقد كانت تجارة العبيد مزدهرة، وأرخص من تكلفة إطعامهم كل يوم.)

(على قمة قافلة متنقلة، جلس قائدهم ممسكًا بفخذ دجاجة بينما يأكلها. وقف أحد المشرفين أمامه وقال: "هل أمرتني يا مولاي؟")

(أجاب القائد: "كيف تجري الأمور معكم؟")

(رد المشرف: "يسير الأمر بسلاسة يا مولاي.")

(ضحك القائد وقال: "هذا ليس جيدًا! اقسُ عليهم أكثر… علينا الإسراع في بناء هذا السور!")

في ذلك الوقت، سقط أحد العبيد من شدة التعب. رآه أحد المشرفين، فتوجه نحوه وصفعه بقوة، لكنه لم يتحرك؛ فقد خارت قواه تمامًا، وهو يردد:

"الرحمة... الرحمة... أرجوك!"

إلا أن المشرف لم يعره اهتمامًا، بل فك أغلاله وأمسك برجله، ثم بدأ يجره على الرمال الحارقة متجهًا به نحو قائد القافلة.

المشرف: "لقد تعب هذا العبد يا مولاي، ولم يعد منه أي فائدة الآن."

العبد (بصوت متوسل): "أرجوك، ارحمني يا مولاي! لدي زوجة وأبناء... ارأف بي، أرجوك!"

المشرف (بغضب): "اصمت أيها العبد! كيف تجرؤ على طلب الرحمة؟!"

رفع المشرف سوطه وبدأ يجلده بلا رحمة، بينما العبد يصرخ من الألم.

قائد القافلة: "توقف عن جلده."

ظهرت نظرة أمل وفرح على وجه العبد، لكنه سرعان ما فقدها حين تابع القائد بابتسامة خبيثة:

"لدي فكرة أفضل... يمكننا تقديمه لحيواني الأليف!"

تلاشت ملامح الأمل من وجه العبد، وبدأ يتوسل مرتجفًا:

"أنا آسف، يا مولاي! سأفعل كل ما بوسعي... أعدك! لن أتوقف عن العمل أبدًا! أرجوك، ارحمني!"

لكن قائد القافلة لم يعره اهتمامًا، وأطلق فهده نحوه. دوّى صراخ العبد في كل مكان، فيما راقب العبيد المشهد برعب شديد. سرعان ما زادوا من سرعة عملهم خوفًا من أن يلقوا المصير ذاته.

قائد القافلة (بابتسامة ساخرة): "أرأيت ذلك؟ يمكننا معاقبتهم بهذه الطريقة. سيكون لهم شرف أن يصبحوا وجبة لحيواني الأليف، ألا تتفق معي؟"

المشرف: "نعم، يا مولاي. سيحظون بشرف أن يكونوا طعامًا لفهدك. هذه الطريقة ستجعلهم يبذلون جهدًا أكبر."

ثم انحنى قليلًا وقال:

"عذرًا يا مولاي، سأنصرف لأداء عملي. هل تأذن لي بذلك؟"

قائد القافلة: "يمكنك الانصراف، ولكن إن رأيت عبدًا آخر بدأ يتراخى، فلا تتردد في جلبه إليّ... يمكننا الاستمتاع بعرضه وهو يتوسل طلبًا للرحمة."

المشرف: "نعم، يا مولاي!"

كان سيف السماء أحد العبيد الذين يحملون الطوب على ظهورهم، لكنه لم يكن كغيره من العبيد، فقد رأى بعينيه فهد قائد القافلة وهو يلتهم أحد العبيد بطريقة بشعة. امتلأت نظراته بكراهية شديدة، وتمتم في داخله:

"سأقتلكم في يوم من الأيام!"

كان سيف السماء يتميز بشعر فضي حريري يصل إلى رقبته، وعينين فضيتين، مما جعله يشبه رين كثيرًا، باستثناء لون الشعر والعينين؛ إذ كان رين ذا شعر أسود، بينما كان سيف السماء فضيًا بالكامل.

بدأت الأفكار تتدفق في ذهن سيف السماء وهو يبحث عن طريقة للهروب من هذا المأزق. "أثناء الليل... ستكون تلك فرصتي. حين ينام الجميع، سأنقض على أحد المشرفين، أحرر نفسي من الأصفاد، ثم أنطلق فارًا بحريتي!"

الهروب تحت ضوء القمر

حلَّ الليل، وكان القمر بارزًا في السماء، يطلق نوره البارد على أنحاء الصحراء، تخفيه السحب بين الحين والآخر، بينما النجوم تلمع بسكون. كان العبيد مستلقين على ظهورهم، ينظرون إلى السماء، يتأملونها بتنهيدات ثقيلة، متمنين في قلوبهم:

"هل سنتحرر يومًا ما؟"

في تلك اللحظة، كان المشرفون يقفون في دوريات مشددة، يحرسون العبيد لمنع أي محاولة هروب. بعض المشرفين، مع ذلك، غلبهم النعاس واستلقوا على الرمال، بينما بقي الآخرون متيقظين.

فتح سيف السماء عينيه بحذر، ثم بدأ يزحف داخل رمال الصحراء بصمت تام. فجأة، قفز على أحد المشرفين، مستخدمًا سلسلته التي كانت تقيد يديه، فلفها بقوة حول عنقه، وغرس رأسه في الرمال حتى لا يُصدر أي ضجة. فقد المشرف وعيه فورًا.

أخذ سيف السماء المفتاح، حرر نفسه من الأغلال، ثم تقدم ببطء، مستعدًا للهرب. قبل أن يركض، التفت للخلف ونظر نظرة أخيرة، ثم قال بصوت خافت، لكنه كان مشحونًا بالغضب:

"سأعود... سأنتقم من كل هذه المخلوقات البشرية!"

الكشف عن الماضي المظلم

في هذه اللحظة، أغلق أوران الكتاب الذي كان يقرأه، وقال:

"سأكمل قراءته لاحقًا، علينا التحرك الآن."

كان الجميع مركزين على القصة، وملامح الحزن مرتسمة على وجوههم. تحدث رين متأملًا:

"يبدو أنه وصف البشر بالمخلوقات... كان تعاملهم مع العبيد قاسيًا جدًا، رغم أنهم بشر مثلهم. هذا العالم قاسٍ حقًا، لكن لماذا لم يُذكر اسم البطل؟"

أجابه أوران:

"لا أعرف ذلك أيضًا. لقد ذُكر فقط بلقبه: سيف السماء. لقد اشتهر بهذا الاسم في جميع المناطق السبع خلال التاريخ السحيق."

فكر رين للحظة، ثم قال:

"أفهم الأمر الآن... ربما لم يكن أحد في ذلك الوقت يريد أن يُنشر اسم ذلك التاريخ الدموي."

لقد أثَّر هذا الجزء من القصة على المجموعة بأكملها، وظهرت نظرات الحزن على وجوههم، خاصة منى، سيلين، ولينا. تحدثت منى بحزن:

"لابد أن الأمر كان موحشًا... لقد انتشرت العبودية في جميع المناطق السبع، وزاد قدوم الكارثة الشيطانية الأمر سوءًا. رين، لقد قلت لي من قبل إن البشرية كانت على بعد خطوة من الانقراض. لحسن الحظ، ظهر البطل سيف السماء... وإلا لكنا الآن غير موجودين!"

أومأ رين موافقًا، ثم أضاف:

"نعم، هذا صحيح، لكن لماذا تم إخفاء الحقيقة؟ كان يجب أن نعرف بطولات سيف السماء، لا بد أن شيئًا خطيرًا حدث، مما جعل القوى الخفية تمحو ذلك التاريخ الدموي. لو عرفنا الحقيقة، لتمكنا من التعامل مع الكارثة الشيطانية بشكل أفضل، وربما كنا سنعرف كيفية إغلاقها نهائيًا... لكننا الآن لا نعرف ما الذي ما زالت تخفيه!"

قفز ليون بحماس وقال:

"أنت محق، رين! لكن ربما قامت القوى الخفية بالتلاعب بذكريات الناس حتى ينسوا الأمر تمامًا ويمضوا في حياتهم، متخطين تلك الذكريات المؤلمة. لقد أُطلق على ذلك العصر اسم الحروب الشيطانية، ومن الواضح أنه كان زمنًا مرعبًا، لدرجة أن أحدًا لم يرد حتى تذكره!"

الكارثة الشيطانية وعصر الفوضى

تحدث أوران بصوت هادئ، لكن عيناه تحملان ثقل الماضي:

"وجهة نظركم منطقية... لقد رأيت بعيني كل شيء. النساء والأطفال كانوا يُغتصبون، وعندما ينتهون منهم، يذبحونهم فورًا. أما الرجال، فكانوا يُستعبدون حتى الموت. ومن يحاول الهرب، يربطون قدميه بحصانين متعاكسين، ثم يجعلونهما يركضان حتى يُمزق جسده إلى نصفين! كانت الرحمة مجرد كلمة، لكنها لم تكن موجودة فعليًا... كان الأمر قاسيًا جدًا. أو ربما... ربما تم إرسال الكارثة الشيطانية لتطهير البشرية من أولئك الوحوش الذين يدّعون أنهم بشر."

ثم تنهد، وأردف:

"على أي حال، علينا حزم أمتعتنا... لا نعرف ما الذي قد يحدث غدًا. هذه الدفعة الأولى فقط من الوحوش ذات الرتبة الأقل، ولا نعرف إن كان المزيد سيظهر، أو إذا تم استبدالها بوحوش ذات رتب أعلى. لن نستطيع الصمود طويلًا، من الأفضل أن نتحرك الآن، بينما النهار قد حل."

"معك حق، فلنتحرك!" قال ليون بحزم. ثم التف

ت إلى منى ولينا:

"هيا، احزما أمتعتكما... لا نعرف ما الذي قد يحدث!"

أومأ الجميع برؤوسهم موافقين، وسرعان ما جمعوا أغراضهم، وانطلقوا باتجاه الصحراء الغربية، حيث ينتظرهم مصير مجهول.

2025/04/13 · 6 مشاهدة · 1692 كلمة
Taha Nismo
نادي الروايات - 2025