بعد مرور يوم

أثناء رحلتهم نحو صحراء الغربية، وجد أوران كهفًا فتوقفوا للمبيت عند غروب الشمس. دخل الجميع إلى الكهف، وبدأت سيلين ومنى بتعاون لطهي الطعام بينما جلس الآخرون على قطع الأشجار. في ركن المدخل، كان رين يقف يتأمل السماء. سرعان ما نهض كل من أوران وليون وسأل رين:

«هل فتحت البوابة في السماء؟ ألا ترى ما يُنظر إليه؟»

أجاب رين:

«الأمر غريب؛ لقد فتحت البوابة وظهر القمر القرمزي، لكني لم أرَ أي علامة على دخول الوحوش الشيطانية.»

تحدّث أوران قائلاً:

«الأمر غريب بالفعل، لكن لا تزعج نفسك بالتفكير في ذلك. هيا، فلندخل؛ لا بد أن الطعام قد نضج.»

---

وقت المائدة والأساطير

في هذا الوقت، وزعت منى وسيلين الأطباق على الجميع في انتظار جلوسهم. أثناء تناول الطعام، سألت منى:

«هل حدث شيء غريب في الخارج؟»

أجاب ليون:

«لا داعي للقلق، لم يحدث شيء؛ حتى الوحوش لم تخرج اليوم.»

وضعت منى يدها على صدرها مطمئنةً.

بعد الانتهاء من الطعام، قفز ليون وسأل:

«هل ستكمل لنا اليوم أساطير سيف السماء؟»

ابتسم أوران وأخرج الكتاب، فبدأ قائلاً:

«استمعوا جيداً... الفصل الأول، الجزء الثاني من أساطير سيف السماء.»

---

قصة سيف السماء

بدأ أوران بسرد قصة سيف السماء:

بعدما تحرر من كونه مستعبدًا، توجه سيف السماء إلى مدينة أريان، حيث كان السوق ممتلئًا بالتجار الذين يبيعون سلعهم. كان يرتدي ثيابًا قديمة ممزقة، فيبدو للمارة كأنه متشرد.

بينما كان يتقدم مشيًا، أصدرت معدته صوتًا غريبًا؛ كان يتضور جوعًا إذ لم يأكل منذ أن تم استعباده لمدة ثلاثة أيام. أمسك بطنه واستمر في السير، رغم أنه لم يكن يملك فلسًا واحدًا.

قبل ثلاثة أيام، هجمت قوات المدينة عليهم؛ حيث أخرجوا من كل بيت عائلة الابن الأكبر بحجة تجنيدهم للانضمام إلى القوات استعدادًا للحرب على المناطق الأخرى. لكن ما حدث بالفعل أن من اعترض على دلك من أفراد العائلات قُتلوا فورًا وأُخذواوهم غصبًا لاستعبادهم.

وهكذا بدأت معاناة سيف السماء.

داخل منزله، بينما كان يتناول الغداء مع والديه وإخوته، طرقوا الباب. فتوجهت والدته فورًا لاستقبالهم بينما أخفى والده سيف السماء بحجة أن لديهم ابنًا أصغر. لكن القوات ضربت على أبواب المنازل؛ إذ دخلوا لتفتيشها. حينما التفت قائدهم إلى إخوته الصغار، قفز الأب قائلاً:

«إنهم صغار جدًا للتجنيد، وليس لدينا ابن أكبر!»

لكن القائد، دون تردد، وجه سيفه نحو والده حيت طار رأسه طافيا في الهواء، حينما سقط بالقرب من أعينهم، جثتت والدته على ركبتيها، وعيناها مفتوحتين على مصراعيهما، قبل أن يبدأ صراخها. أمسك القائد بيدها ووضع سيفه نحو رقبتها، وهدد الفتى قائلاً:

«أيها الفتى، إن لم تخرج من مكانك، سنقتل والدتك فورًا.»

ظل إخوته الاثنين صامتين، والصدمة والرهبة تعتري وجوههم.

سائلًا الفتى:

«ألم تسمعني؟ إدا أنت تريد أن أقتلها الآن...»

خرج سيف السماء من مخبئه متجهًا نحوهم، وعندما رأى رأس والده على مرأى عينيه، وعلى وشك أن يتكلم، قفزت القوات وألقت به على الأرض. صارخًا والدموع تملأ عينيه، نظر كارهًا إلى قائدهم وقال:

«أقسم أنني سأقتلكم! لن أرحمكم مهما توسلتم إليّ!»

وبذلك، قام القائد بذبح والدة سيف السماء.

سأل القائد:

«هل ستستسلم بهدوء أم تريد أن نبدأ بإخوتك؟»

نظر سيف السماء إلى إخوته، وبدأت الدموع تنهمر بصمت، حيث اشتدت مشاعر الكراهية بينهم. ضرب سيف السماء رأسه على الأرض مرارًا وتكرارًا، حتى رفع رأسه قائلاً:

«سأستسلم؛ دعهم وشأنهم الآن.»

تدخل قائد القوات قائلاً:

«يبدو أننا نستطيع الاتفاق الآن. حسنًا، لنتحرك؛ يمكننا أن نترك الطفلين وشأنهما، إدهبو به إلى قائد القافلة.»

عندما التقى قائد القوات بقائد القافلة، ابتسم بخفة وهو يشير إلى تركيب الأغلال على سيف السماء، قائلاً:

«من اليوم فصاعدًا، أنت الآن مجرد عبد.»

تفاجأ سيف السماء لكنه لم يردد شيئًا خوفًا على إخوته. وهكذا أصبح عبدًا.

---

عودة سيف السماء إلى المنزل

في ذلك الوقت، كان سيف السماء ما زال يسير ممسكًا ببطنه متوجهًا إلى منزله لرؤية إخوته. وصل أخيرًا، فطرق الباب. فتحت أخته الصغرى الباب، وقفزت نحوه والدموع تملأ عينيها، قائلة:

«لقد اشتقنا لك كثيرًا! لم نكن نعرف ماذا نفعل بدونك.»

ربت سيف السماء على رأس أخيه الأصغر محاولًا تهدئته قائلاً:

«لا تقلق، أنا هنا الآن؛ سيكون كل شيء على ما يرام.»

جلس الجميع على مقاعدهم، حتى خرجت امرأة من المطبخ نادياً:

«من هناك على الباب؟»

أسقطت الطبق من على يديها منكسرة، وسألت:

«هل هذا أنت؟»

فأجاب سيف السماء:

«نعم، أنا أنا يا خالتي. هل أنت بخير؟»

بدأت الخالة بالبكاء قائلة:

«كيف تحول الأمر هكذا؟ ماذا جرى معكم؟»

فجلس الجميع، وبدأ سيف السماء بشرح ما جرى.

قالت الخالة:

«لا بد أن الأمر صعب عليك لتتجاوزه.»

فرد سيف السماء:

«أنا بخير الآن، لكن الأمر صعب عليك أكثر. لقد اضطررت للاعتناء بإخوتي، وشهدت مقتل والديّ وإقامة جنازة لهما. أشكرك حقًا.»

أضافت الخالة:

«قد صادف أني أتيت أنا وزوجي لرؤية أختي حين وقع ما وقع. أشكر زوجي الذي ساعدني على تجاوز هذه المحنة، وقد اقترح أن نتبنى أبناء أختي إن كنت تخطط لذلك الآن.»

أجاب سيف السماء:

«أنا شاكر لك ولزوجك على الاعتناء بإخوتي. شكرًا خالصًا. لكنني مطارد الآن، وعليّ الهرب والانتقام لوالدي. هل يمكنك أن تعتني بإخوتي؟ أنا أشكل خطرًا عليكم الآن. سأتحرك بعد قليل؛ جئت فقط لأطمئن عليكم. أنا آسف، لكنني أتضور جوعًا. هل يمكنك أن تقدمي لي بعض الطعام؟ لم أكل منذ ثلاثة أيام.»

ردت الخالة:

«لا تقلق، سأعتني بإبناء أختي كأبنائي. الغداء جاهز بالفعل، تعال تناول معنا.»

وهكذا، جلس الجميع لتناول الغداء.

قبل أن يغادر، قدمت الخالة لسيف السماء بعض الملابس وكيسًا من المال، وقالت:

«هذه الملابس لك أولًا، وهذا المبلغ سيفيك لبعض الوقت. آسفة، فهذا ما أستطيع مساعدتك به الآن.»

غير سيف السماء ملابسه وقال:

«لقد ساعدتني كثيرًا يا خالتي، أشكرك حقًا. سأذهب الآن، اعتنوا بأنفسكم.»

تساءل إخوته بقلق:

«هل ستعود مجددًا؟»

ابتسم سيف السماء وقال:

«أعدكم بأنني سأعود. انتظروني فقط.»

ردت الخالة:

«اعتن بنفسك أيضًا،لاتقلق سيكونون بأيد أمينة.»

وبعد أن شكر خالته للمرة الأخيرة، أغلق الباب متوجهاً نحو مصير مجهول.

---

المضي قدمًا والذكريات المؤلمة

بينما كان سيف السماء يفكر فيما عليه فعله من حيث المال المتبقي، لاحظ القوات تهجم على أحد المنازل. اختبأ خلف حائط، ونظر بنصف عين وهو يصر على أسنانه، فشد يده غارسًا أصابعه حتى تدفقت الدماء منه. بدأ يركض مبتعدًا عن المكان، وانهارت أمامه ذكرياته المؤلمة.

توقف بين الناس، مبتعدًا عنهم، حتى لاحظه عجوز يلهث وسأله:

«ما بك يا بني؟»

أجابه سيف السماء:

«لا شيء، يا جدي، فقط كنت أشعر بألم في ساقي.»

قال العجوز:

«لا داعي للكذب، لقد كنت مخلوعًا بخوف. هل أنت فار من القوات؟ يبدو أنهم يقومون بدوريات لتجنيد الشباب.»

أجاب سيف السماء:

«ليت الأمر هكذا، لكنهم يفعلون أمورًا أسوأ من ذلك؛ إنهم يقتلون من يعترضون، دون رحمة.»

قال العجوز:

«لابد أن لك ما تقوله، تعال إلى منزلي، يمكنك قضاء الليلة معي.»

رفض سيف السماء في البداية، لكنه بعد تفكير قرر أخيرًا المبيت في منزل العجوز. استقبله العجوز بابتسامة قائلاً:

«تفضل، يا بني، البيت بيتك.»

عند دخوله، لاحظ سيف السماء أن المكان بارد وموحش، فلا يوجد دفء يُذكر، وكأنه منزل لا يُمكن للعائلة أن تعيش فيه. شعر بالقشعريرة من برودة المكان.

قال العجوز:

«تفضل بالجلوس، سأحضّر الطعام.»

وجد سيف السماء كرسيين وطاولة صغيرة، فاختار الجلوس على أحد الكراسي في انتظار العجوز.

في تلك اللحظة، أحضر العجوز إنائين من الشربى وقدّم لسيف السماء واحدًا، ثم جلس قائلاً:

«هيا لنبدأ الطعام، يا بني.»

حمل سيف السماء ملعقته الخشبية وبدأ يشرب الشربى.

بعد الانتهاء من الطعام، تحدث العجوز:

«أليس لديك ما تقوله يا بني؟»

فأجاب سيف السماء وهو يحاول أن يضع ثقته في هذا العجوز الوحيد، وبدأ يشرح له كل ما حدث معه. بدأت الدموع تنهمر من عيني العجوز دون توقف، فسأله:

«هل أنت بخير يا جدي؟»

أجاب العجوز:

«أنا بخير، لكن الأمر كان موحشًا؛ منذ أيام قليلة اقتحمت القوات منزلي وأخذوا حفيدي وقتلوا زوجتي. تقبلت الأمر، لكن عندما أخبرتني بما جرى لك، فكرت أن حفيدي قد مات بالفعل. الأمر مؤلم؛ ليتني مت في ذلك اليوم.»

حاول سيف السماء تهدئة العجوز قائلاً:

«لا تقل ذلك، يا جدي. ربما لم يمت أو ربما قد هرب. ثق بحفيدك.»

ابتسم العجوز بحزن وقال:

«إذًا، ما الذي ستفعله الآن يا بني؟ هل ستظل هاربًا من مصيرك؟»

أجاب سيف السماء:

«سأظل هاربًا حتى أجد القوة للانتقام من هذا العالم الفاسد. لقد انتشر الفساد في جميع المدن الكبرى، وفي المناطق السبع، حيث أصبحت العبودية هي النظام؛ تُجمع العبيد وتُباع في السوق بثمن بخس، وتُضحى بالشعب من أجل حروب تافهة من أجل لقب الأقوى. يجب على أحد أن يطهر هذا العالم الفاسد، وسأكون أنا ذلك الشخص. وإن مت، فهذا يعني أن كل ما قلت مجرد هراء أثناء الغضب؛ لكني لن أشعر بالندم، سأبذل قصارى جهدي لتحقيق ذلك.»

أكمل العجوز قائلاً:

«سأضع كل آمالي فيك. عليك أن تطهر هذا العالم الفاسد.»

نظر العجوز إلى سيف السماء بعينيه الفضيتين المملوءتين بالأمل، في حين تبادلا الحديث والضحك، فامتلأ المكان بدفء عابر.

---

خاتمة الليلة

في تلك اللحظة، أغلق أوران الكتاب قائلاً:

«سأكمله في وقت لاحق، فقد تأخر الوقت. علينا أن ننام لننطلق غدًا.»

تدخل ليون قائلاً:

«لكن أليس الأمر غريبًا؟ لم تظهر الكارثة بعد، فالكتاب كله يتحدث عن ماضي سيف السماء.»

أجاب أوران:

«لقد قرأت جزأين فقط من الفصل الأول، وما زال هناك العديد من الفصول.»

أومأ ليون برأسه بتفهمٍ، بينما امتلأت نظرات الحزن في عيون منى سلين ولينا. قالت سيلين:

«لابد أن الأمر كان قاسيًا حقًا في ذلك الوقت يا أوران.»

أجاب أوران:

«الأمر قاسٍ بالفعل، دلك العصر الشيطاني حيت العالم فاسد في نزاعات وحروب تافهة تشكل أنهارا من الدماء على حساب الشعب؛ااااه إن تحدت فلن أتوقف عن الحديت فكلماتي لاتستطيع التعبير عن المجازر التي حدتت؛على أي حال فلننم.»

بعد ذلك، قامت سيلين ومنى بتجهيز الأفراشة للنوم، فاستلقى الجميع نائمين.

عندما استيقظت سيلين، نظرت حولها لكنها لم تجد رين في أي مكان. وبينما كانت على وشك النظر للخارج، رأت ليون مستلقي على فراشه ينظر لسطح الكهف متأملاً، لكنه لم يلحظ استيقاظها؛ نضرت إليه والحزن يعتري وجهها مفكرة لابد أن الأمر كان صعبا عليهم.

---

خرجت من الكهف، حيث رأت رين جالسًا على العشب الأخضر، رافعًا رأسه نحو السماء ينظر إلى القمر القرمزي. شعر بوجودها بالقرب منه فسألها:

«ما الذي تفعلينه؟ ألن تنامي؟»

قالت سيلين:

«طار النوم من عيني، لكن لم أجدك نائمًا فنتابني القلق.»

جلست سيلين بالقرب منه، فسألته:

«ماذا تنظر إليه؟»

أجاب رين:

«أنا فقط أتأمل هذا القمر القرمزي.»

قالت سيلين:

«هل هو مميز؟»

أجاب رين:

«على الإطلاق.»

ضحكت سيلين مبتسمةً قائلة:

«هل تعلم؟ حدث لي نفس الموقف مع أوران. ما الذي يميز هذا القمر القرمزي؟»

أجابها رين:

«لا شيء على الإطلاق. أنا فقط أتأمل، لم أعد أستطيع أن أنام.»

قالت سيلين:

«ليس لدي شيء لأفعله، على أي حال، سأبقى معك هنا. دعنا نتأمل معًا.»

قضت سيلين الليل بطوله بجانب رين، لكنها سرعان ما غلبها النعاس.

---

في الصباح الباكر، وقبل أن يستيقظ الآخرون، قام رين بإيقاظ سيلين. فتحت سيلين عينيها ثم قفزت، والخجل يملأ تعابير وجهها حتى احمر وجهها تمامًا. رأى رين ذلك، وظهرت ابتسامة طفيفة على وجهه. سرعان ما تلاشى الإحراج من سيلين، فابتسمت في وجهه ثم غادرت لإيقاظ الآخرين، حتى لا يشك أحد بوجود شيء بينهما.

فكرت سيلين داخليًا:

«يجب أن أدعمهم بكل ما أستطيع.»

استفاق الجميع في صباح مشرق، مستعدين لبدء رحلتهم من جديد.

2025/04/15 · 4 مشاهدة · 1721 كلمة
Taha Nismo
نادي الروايات - 2025