ـ✦ـ

إلى كلّ من رافقني في رحلة ترجمة "أطفال الرون حكاية الشتاء".

كَانت هذه الرواية، منذ سطورها الأولى، عالمًا نَبض في قلبي، وأحببت أن أنقله بلغة الضاد، بأدقّ ما أسْتطيع من إخلاصاً ووفاء، دون أي إخلال بروح النصّ ولا انحرافٍ عن ملامح شخصياته.

ولأنها ليست مجرد قِصة، بَل عالمٌ مُتكامل مِن المعاني، من الألم والدهشة والنموّ، من الحوارات العميقة والتَفاصيل المُرهفة—كنتُ أشعر في كل فقرة أنني أترجم شيئًا مِن نفسي أيضًا، لا من الرواية ذاتها.

لكن الحقيقة أن الترجمة ليست عملاً أحاديّ الجانب؛ إنها نداءٌ يتطلّب صدًى، وعطاءٌ لا يزهر إلا حين يلتقي بعينٍ تقرأ وقلبٍ يتجاوب.

ومع مرور الوَقت، و رغم كُل ما بذلته من جهدٍ صادق، شعرتُ أن هذا العَمل لا يجد ما يكفي مِن التفاعل ليواصل مسيره، وأن الاستمرار سيكون مُجهدًا لروحي، لا ليدي فقط.

لذا، وبعد كثيرٍ من التردّد، قرّرت أن أُعلّق ترجمة "أطفال الرون حكاية الشتاء" في الوقت الحاضر، لا لقلّة محبتي لها، بل لأن العَمل حين يُقدَّم دون أن يجد من يَحتَضنه، يَفقد شيئًا مِن روحه، مهما كان عزيزًا على صاحبه.

ومع ذلك، لا يمكنني أن أمضي دون أن أقول: شكرًا.

شكرًا لكلّ عينٍ قرأت، ولكلّ قلبٍ تجاوب، ولكلّ نفسٍ شعرت أن في هذه الترجمة شيئًا يستحقّ أن يُقرأ.

لقد كُنتم الرفاق المُلازمين في طريقٍ طويل، وكان لحضوركم – ولو بلا كلمات – أثرٌ عميق لا يُقاس، بعض التفاعلات كانت أشبه بنسمة في عزّ الإرهاق، وبعض الرسائل الصغيرة أنقذت أيامي من فتورٍ كاد يطفئ الحماسة.

لعلّنا نلتقي مستقبلًا في ظروفٍ أرحب، أو مع عملٍ آخر يجد صدىً أكبر في القلوب، وحتى ذلك الحين، أتمنى أن تبقى الفُصول التي ترجمتها ذكرى طيّبة ترافق من قرأها، وتفتح بابًا صغيرًا لحُبّ هذا العالم كما أحببته.

وإن وُجد من يرى في نفسه رغبةً في إكمال الترجمة من حيث توقّفت، فله كامل الاحترام والدعاء بالتوفيق.

ستزداد سعادتي إن استكمل أحدهم الطريق، وأوصل الرواية إلى قرّاءٍ جدد، فهي عملٌ يستحق أن يُقرأ، ويستحق أن يصل.

بخالص الامتنان، من مترجمةٍ أحبت، فترجمت، ثم توقفت بقلبٍ ممتن، لا نادم.

مـن نَـوف.

2025/07/18 · 17 مشاهدة · 319 كلمة
Nouf
نادي الروايات - 2025