18 - المقدمة(17): مشهد 2#

كنت أعرفها جيداً، كغيرها من الأطفال الذين لعبت معهم هنا، في هذه القرية التي إستقبلتني كواحد منهم

كانت فتاة بعمر 8 سنوات، اليوم كان عيد ميلادها، أمها قد أهدتها ثوباً أبيض حاكته بيديها، الفتاة كانت سعيدة، سعيدة جداً و أنا أعرف ذلك لأني رأيت وجهها و ابتسامتها المشرقة بينما تتسلم الهدية من والدتها

تلك الفتاة تنظر إلي الآن، ثوبها الذي كان ناصع البياض تحول لقطعة قماش حمراء بالية، وجهها لم يعد يحمل تلك الإبتسامة المشرقة بعد الآن، الألم الممزوج بالبراءة، الدموع الممزوجة بالدماء التي تغطي وجهها كانت تسيل على خديها القذرين

الفتاة نادت باسمي بينما تنظر إليّ بعيون فارغة

ذلك حدث ثانيةً ، أقف على أنقاض الدمار، أنقاض ما ظننت أني قادر على حمايته

النيران، الموت، هذه الكائنات السوداء تلتهم و تأخذ كل شيء مني مجدداً

القرية التي إستقبلني أهلها كواحد منهم، الأشخاص الذين منحوني ذكريات سعيدة، هم و تلك الذكريات يتلاشون شيئاً فشيئاً

في كل مرة تلتهم فيها تلك الوحوش أحداً أشعر بأن جزءاً مني قد تمزق و انفصل عني

قبل 9 سنوات، هذا يذكرني بمشهد منذ 9 سنوات مضت، عندما كنت لا أزال طفلاً

لكن الأمر مختلف الآن، أنا مختلف، و بالرغم من أن ما تم أخذه لن يعود، أنا سأنقذ ما يمكن إنقاذه

أجنحة سوداء خرجت من كتفيّ، أجنحة سوداء تبرز منها جماجم تشبه جماجم هذه الوحوش بالضبط، تلك الجماجم كانت حية بحيث يمكنني سماع أصواتها و هي تصرخ تمتزج مع صرخات الأهالي، بعض الأيادي النحيفة كانت تتشبث بكتفيّ و ذراعيّ و رأسي و كأن ما يوجد في هذه الأجنحة يحاول الخروج من ظهري

كانت أجنحة ثقيلة و قبيحة، قبيحة و ثقيلة كالآثام التي ارتكبتها

و أنا أحمل آثامي التي لا تغتفر على كتفي إنطلقت لإبادة مصدر كل هذه المعاناة

كنت أحمل سيفين كل منهما يمتلك مقبضاً أسود و نصلاً أخضر يكاد يشع

إمرأة تصرخ بجنون بينما يتم إفتكاك إبنها الرضيع من بين ذراعيها و يتعرض للإلتهام من قبل أحد هذه الوحوش البشعة ثم يأتي دورها تالياً فيرفعها واحد آخر و ينهش جثتها بينما لا تزال تصرخ بيأس

أنا كنت أعرف تلك المرأة، لكن الآن، لم يعد لها وجود لا بالنسبة لي و لا لأحد آخر

كنت أشق طريقي بين أبشع و أكثر المناظر وحشية، أنا حاولت، مزقت ما وقعت عيناي عليه، كل واحد منهم، كنت أمزق هؤلاء الضخام بينما أتقدم نحوهم، نحو المسؤولين عن كل هذا، مجموعة ترتدي رداءاً أسود و يغطون وجوههم بقلنسوات كبيرة متصلة بلباسهم

جميعهم كانوا يرتفعون للسماء
سواء يريدون المغادرة أو إلقاء نظرة أوضح من الأعلى أنا لا أكترث لهذا أو ذاك
سأقتلهم ، لا أريد أجوبة لأسئلتي، لا أريد أن أعلم من أو ما أنا، كل ما أريده هو أن أجعل هؤلاء يذوقون من الكأس نفسها، سأقطع أطرافهم و أطعمهم للرؤوس الملتصقة بجناحي، لا أهتم لما سيحدث لي بعد الآن، كل ما أريده هو أن أجعل آثامي تلتهمهم

إرتفعت بضعة أمتار في الهواء بوثبة قوية للأعلى ، هذه الأشياء أجنحة لكنها لا تجعلني أطير، مع ذلك تلك ليست مشكلة، سأصل إليهم، سأكون هناك

وجهي فجأة ارتطم بالأرض، أحد الوحوش الضخام أسقطني بيده و دفنني في الأرض، أصابعه السوداء الحادة التي تشبه المخالب كانت أشبه بالقضبان، يده كانت قفصاً يحبسني داخله

لكن لا تقلق، هذه الأجنحة لا تطير، هذا الطائر الذي تحبسه لا يمكنه الطيران لأن أجنحته تحمل عبئاً ثقيلاً

تحت ذلك الضخم ظهرت دائرة سحرية حمراء ليرتفع منها برج ناري هائل أضاء سماء تلك الليلة المشؤومة

بالطبع ما كان ذلك المسخ ليحترق، لا يوجد شيء سيضره بإستثناء هذه الأنصال الخضراء اللعينة
قطعت ذراعيه ثم فصلت رأسه عن جسده

نحو تلك السماء التي ترتفع إليها عشرات الأرواح البريئة نظرت بعيني الخضراوتين، مازال بإمكاني الوصول إليهم، يمكنني الوصول لتلك الشياطين، لا يمكن أن لا أفعل

و أنا أرتفع نحوهم بجنون حاملاً معي آلامي و غضبي، وجه أحدهم يده نحوي من الأعلى
فجأة فقدت نصف بصري، لم أعد أرى النصف الأيمن، النصف الأيمن لبصري أصبح عاتماً
بعيني اليسرى رأيت دمائاً تنتشر في الهواء، كانت دمائي أنا

لا أحتاج النظر في المرآة لأعلم، نصف وجهي الأيمن قد تم تدميره و محوه تماماً، لا يمكنني الشعور بالألم حتى

كنت أسقط للأسفل

هذا مضحك

هل سيتركوني أعيش مجدداً ؟

لا أريد ذلك

أريد أن أموت

لقد تعبت

إن تركوني أعيش

سأتألم

سأعاني أكثر

لكني سأعيش

بالرغم من كل شيء

هم منحوني سبباً للعيش

إبادتهم

سأبيدهم

سأمزقهم

سأشرب من دمهم

سآكل من لحمهم

سألتهمهم أحياء

سأتغذى على أرواحكم المعذبة

سأذيقكم من الكأس نفسها

كنت أرفع يدي للسماء، نحو تلك الأجساد الطائرة، وجههي تم تشويهه، فمي قد تهشم بالكامل، لكن أنا متأكد من أني أبتسم أكبر إبتسامة في حياتي كلها

شعور بغيض بدأ يملأ جسدي

شعور أسوء من الألم و المعاناة

الظلام يحيط بي

لم أعد أسمع أصوات الصراخ بعد الآن

الرؤوس على أجنحتي بدأت تلتهمني من الخلف

تنهش جسدي ببطء

سأموت

أنا أموت

أليس هذا ما أريده

سينتهي كل شيء

على الأقل سينتهي

مع ذلك

أريد

أريد

أريد

أريد

أريد

أريد

أريد

أريد

أريد












أريد إلتهامهم






















وسط ذلك الظلام، بينما كانت صورة السماء تبتعد عني، تبتعد إلى ما لا نهاية

عادت ببطء

السماء قد عادت

أنا أراها بوضوح الآن

لكن هذه السماء

لماذا نجومها تتحرك؟

2019/08/07 · 329 مشاهدة · 807 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024