19 - السيد الميت : مشهد 1#

أنا كنت هناك... أو ربما لم أكن
يصعب شرح الأمر و لكن لا أستطيع إدراك شيء مما يحيط بي
أنا أرى و لكن لا يمكنني معرفة شيء
و كأن المعلومات البصرية لا تصل جزء الإدراك في عقلي
أنا أرى لكن لا توجد صورة لأي شيء، بالضبط، أنا أرى اللا شيء، هذا لا يعني أنني أرى الظلمة في كل مكان كمن يغلق عينيه، بل أنا حرفياً لا أرى شيئاً، وصف ذلك يفوق قدرتي على التخيل
لذا سأقول بأنني أرى اللا شيء

أنا أشعر بجسدي لكن لا أستطيع تحريكه
هذا ليس كل شيء
أشعر أنه مكان لا أنتمي إليه
هذا الجسد به خطب ما

” هذا لأنه ليس جسدك، بالأحرى لا جسد لك “

تزامن ذلك الصوت بشيء غامض ضربني فجأة و استحوذ على بصري، و كأنه زائر إنضم إليّ وسط وحدتي

يمكنني الرؤية الآن، رؤية فتى واقف أمامي

” من... من أنت ؟ “

” روح مشردة، هذا أفضل وصف لحالتي “ الفتى أجاب

” ما... ما... مالذي تتحدث عنه؟... “

” الآن بالتفكير في الأمر يبدو كل شيء منطقياً “
الفتى رسم على وجهه تعابير من وجد شيئاً بحث عنه طيلة عمره، تبع ذلك ابتسامة مخيفة ثم أكمل
” أنت ستكون التالي ــ لا ستنظم لنا، هذا سخيف، كنت أتساءل عن ذلك الشيء المقرف بداخلي، ذلك الشعور بأنني لست ما أنا عليه “ الفتى وضع يده على قلبه و الإبتسامة لم تغادر وجهه ” كان هذا السبب إذن، لكن عكس الباقين، كان علي تحمل هذا منذ ولادتي! “
الفتى نظر إلي بأعين يملأها الكره

أنا لا أفهم ما يحدث ، مالذي يحصل، أنا... أنا... من أنا ثانيةً ؟ انتظر هذا غريب ، لماذا لا أعرف من أكون، هذا خاطئ ، يجب أن يعرف المرء من هو، لكن أنا...

” من... من... أنا ؟ “ همست بتلك الكلمات لنفسي، لا يمكن أن يسمعني مع ذلك هو انفجر ضاحكاً

” أنت... أنت روح، مجرد روح، أجل بالظبط، كما سمعتني للتو، أجل إنه ما تفكر به الآن، أنت على حق “

أنا على حق؟

ما أفكر به؟

مالذي فكرت به؟

أنا...

أنا...

أنا..........



















ميت؟




















” أنظر هناك “ الفتى أشار باصبعه لليمين

كنا اثنين فقط
كل ما يحيط بنا هو الظلمة، لكن في بقعة تبعد عنا قليلاً كان هناك شيء ثالث
كان هناك... أنا.... جثتي أنا
جسد عار مغطى بالدماء بجانبه قطعة قماش حمراء كبيرة
ذلك الشيء....
هو أنا.... ؟


” لم يفت الأوان بعد، و الآن دعنا نبدأ “
الفتى قام بـ...

هيه... ؟

هذا...

أنت تمزح...


يده إقتحمت صدري، هي حرفياً إخترقت صدري، شعرت بشعور فظيع، أفظع من أسوء أنواع الألم

” بما أنني مت فقد إستعدت كل الذكريات منهم، أولائك الحمقى لا يمتلكون أي إرادة لفعل شيء، يستمرون برمي أعبائهم على الآخرين، واحداً تلو الآخر، هم لم يستحقوا العيش يوماً واحداً “

الفتى كان يصرخ في وجهي بينما أقحم يده الثانية
الشعور تضاعف، كنتُ أصرخ حتى لم أعد أستطيع سماع صوتي

” ما رأيك؟ هذه لمحة بسيطة عما مررت به، كيف كانت؟ كيف كانت حياتي برأيك؟ أجبني! “

يمكنني الشعور بالفتى يقحم يديه أعمق، و كأن ذراعيه تذوبان داخلي، لا هذا أسوء بكثير

” عليك أن تتحمل، قريباً أنت أيضاً ستفهم “

وسط ذلك بدأت أشياء كثيرة تقتحم عقلي، فيضان من المشاهد و الذكريات، لأشخاص كثيرين

قلت بصوت مرتعش بينما حاولت إبعاده

” أنت... أنا... الجميع... سنختفي أيها المجنون “

الفتى إبتسم و صرخ ضاحكاً
” فهمت! لقد وصلتك! رغبتهم ! أليسوا مثيرين للشفقة ؟ حتى الآن يقلقون بشأن وجودهم البائس! ألست غاضباً؟“

على الرغم من إحكامي قبضتي على ذراعيه، هو نجح في دفعهم أكثر

” خذ، المزيد، المزيد مني، المزيد منا! “

” توقف ستقتلنا إيزااااامي! “
هل كان هذا صوتي أنا؟
” كان بإمكانك إختيار شخص حي أيها المغفل “
كلام آخر خرج من فمي


” و أسبب المعاناة لشخص آخر؟ لا، أنا أمتلك رغبتي الخاصة، لدي هدفي، إن قمت بتحويلنا لشخص حي فسيضيع كل ذلك مني، كما ضاع منكم... أجل... بما أننا كلنا أموات فلننصهر في روح واحدة، سنكون روحاً واحدة، سيكون ذلك كافياً لنعود “

” هذا خطر ، الكيان الجديد قد يسبب كارثة أخرى أيها الأحمق “

” إخرسوا! “ الفتى كان يصرخ بقوة ، على الأرجح هو يشعر بنفس الطريقة ”الكيان الجديد سيرث رغباتنا، إن كانت الرغبة قوية كفاية فهي ستحدد مصيره، أنا أملك تلك الرغبة! سأعود إلى هناك، أنا الآخر سيعود إلى هناك، لذا إخرسوا كلكم! “












أنا أحترق ، وجودي يحترق، أنا أختفي، هذا كان جنوناً، ما فعله هذا الفتى، إيزامي، غريب أنا أعرفه، صحيح نحن أصبحنا الشخص ذاته الآن، حياته لم تكن سهلة بالفعل، هل عليّ أن أشفق عليه؟
لكن يبدوا أنه فعل شيئاً فظيعاً بالنسبة لبقيتنا، أعني الآخرين، توريث كل شيء لشخص حي مختار كل مرة ليكمل المهمة، ذكرياتهم أفكارهم و حتى أرواحهم، كل هذا الوقت، سيذهب كل ذلك بسبب هذا الفتى الآن
لأنه إختار شخصاً ميتاً مثلي
لماذا فعل ذلك؟ ليحقق رغباته؟ حتى لو...

حتى لو...

حتى لو...

حتى لو...

حتى لو...














ــــــ حتى لو لم يكن أنا من سيفعلها، أنا الآخر سيلتهمهم جميعاً






















قبل أن أختفي من الوجود نهائياً، سمعت بكاء طفل صغير
يجلس وحيداً في ركن مظلم، من غرفة تملؤها سفن صغيرة صنعت من الورق

ملاحظة المؤلف : إن لم تفهم شيئاً، فستفهم لاحقاً ;-)

2019/08/11 · 380 مشاهدة · 828 كلمة
Ring55
نادي الروايات - 2024