اسمي همدان بن قتيم، وألقب بساحر قبيلة أزد ؛ الشخص الذي أنقذ السكان من لعنة باتت أبوابها على وشك حط رحالها القاتمة السواد. توفي والداي وأنا في عمر الثالثة وتبعته أمي بعد شهور قليلة حزنا

وكمدا على فراق زوجها ، فلعلهما لم يعلما أنهما تركاني وحيدا في هذه الحياة أختار في حيرة من أمري دروبي المسلوكة بعدما لم خسرت أقرب الناس إلى قلبي ! ولقد كان من الأعراف والتقاليد المتبعة

والمسَنة عندنا هي كفالة حصين شيخ قبيلة أزد لأبناء الموشومين بالدائرة السوداء المصمتة شريطة التوفر على عشر نجوم ، وقد { قتيم بن غفير الأزدي } أحد القلائل الحائزين على هذا الشرط ، لذا فقد تبناني

و أخبرني أنه أبي وعاملني معاملة أب لابنه . بلغت الخامسة عشرة من عمري مترعرعا في خيمته الكبيرة بصفتها تابعة لجلالته ! غير أن ما أغضبني حقا

؛ هو ٱنحيازه بجواريه وزوجاته أكثر مما ينبغي فلا يكاد يراني إلا حينما يحتاجني ، وأخيرا وبعد أمد طويل من نسياني دعاني يوما وقال :

– يا همدان إني مخبرك حقيقة غفلت عنها سنوات طوال عشت أصونها متحفظا عليها أذود عن سرها في صحوي ومنامي وسري وعلانيتي ...

– عشت معك يا أبي وأعرف طريقتك في الحديث ، وكلامك هذا لا يدل إلا على سوابق خبر تظنه صعب المقال.

– لماذا قاطعتني ؟ أتظنني أسرد عليك قصة ما قبل النوم ! إنها حياتك أيها الأبله !

– نعم يحق لي مقاطعتك !

– أنصت إلى قلبك واستمع لما سأقوله حرفيا ، فلولاي لَ...

– نسيت أمري واشتغلت بجواريك وزوجاتك وتركت ابنك الوحيد يتخبط في ظلمات اليأس !

– اخرس يا ابن قتيم

– ماذا ؟؟ قتيم ! من هذا ؟ هل أصابك الخرف ؟!

– آن الأوان لتكتشف والداك بنفسك ! لقد توفي والدك قتيم بن غفير الأزدي وأمك دحضاء بنت أقور الجنوبي..

– من هذان أيها الحقير .. أتسعى لتجرد نفسك من المسؤولية !

دعني أكمل كلامي أولا ، فلولا هاته الأعراف العقيمة لرميتك في الصحراء.

– أجبني إذا كيف لك أن تدعي أنك أبي ؟ بينما لست سوى عجوز وجد نفسه في ذا رتبة عالية في قبيلة معتزلة فأعجبته نفسه وأكمل الدور !

★ جاءني بعد ذلك ورش علي مسحوقا أفقدني الوعي لبضع دقائق ، لأستيقظ وأجد نفسي مكمما ومربوطا بإحدى دعامات الخيمة ثم قال :

– والآن سوف أجد راحة في الحديث ولن يعكر صفو حديثي أحد ..!

– ممممممممم ..

– كفاك صراخا وعويلا فلن ينفعك في شيء !

★ بعدها تابع قصة حياتي من أولها إلى آخرها ؛ حلوها ومرها ؛ جميلها وشنيعها ، أحسست حقا بالظلم والحاجة إلى الانتقام ، لكني حاولت التماسك قدر المستطاع ، ثم أزال اللعين اللثام عن فيهي

وأطلق سراحي ؛ ثم قال : الآن انتهيت ! لوهلة راودني شعور بالذنب وأنه أعطاني الأمان الذي لم أجده ،

قررت أن أشكره .. لكن سرعان ما دار بخلدي قوله : " ولولا هذه الأعراف العقيمة لرميتك في الصحراء " فأدركت لحظتها معنى ذاك الأمر برمته بالنسبة لي : الانتقام !

في صباح اليوم التالي كنت هادئا على غير عادتي ، وقمت بٱستغلال ثقة الناس العمياء بي وأخبرتهم

أنني ساحر وقد أخفيت الأمر عنهم لبعض الظروف المستعصية ؛ لكن الحقيقة هي أنني لست ساحرا و لا أكاد أفقه في أمور الشعوذة شيئا ، لذا فقد كان من البديهي بالنسبة إلي ٱختلاق تلك الكذبة المصطنعة..

{هَيَا قراءنا المخلصين انتظروا بكل شغف نزول الفصل الثاني .. شبح الرحيل المتربص.. }

2024/05/22 · 33 مشاهدة · 539 كلمة
نادي الروايات - 2024