قبل عشر سنوات تقريبًا .
في مأدبة خاصة للنبلاء استضافها الدوق ريموند .
كان ريتش بعمر الثامنة فقط ، بوجه طفولي بريء وشعر احمر طويل مصفف جيدًا يرتدي بدلة زرقاء رسمية تناسب لون عينيه .
بينما كان النبلاء الأخرين واطفالهم منشغلين ببعضهم البعض كان ريتش الوحيد الذي يتأمل في شرفة القلعة الى السماء المنيرة بالنجوم .
عينيه الامعه تحكي حلمه بالخروج واستكشاف عالمه .
وبسبب ذهوله وتشتته لم يلاحظ امرأة شابة وقفت بجانبه في وقت ما ونظرت الى السماء بذهول ايضا .
" انها جميلة اليست كذلك ؟ "
انقطع تشتت ريتش بسبب صوت جميل وفريد بجانبه ، فنظر الى المرأة بجانبه بدهشة .
كانت امرأة جميلة ببشرة قمحية وشعر اسود حريري بدون اي تجعدات يتدفق الى الخلف واعين خضراء زاهية وهناك شامه الجمال السوداء تزين ملامحها اسفل شفتيها .
على الرغم من دهشته بجمالها وغرابة صوتها الفريد الا انه لاحظ هالة من الحزن والأحباط من حولها .
لذا لم يعرف ريتش ماذا يقول لكنه اكتفى بالأجابة على السؤال .
" نعم انها كذلك .. "
برؤية استجابة الفتى الصغير الوسيم بجانبها ، نظرت المرأة اليه لأول مرة ودهشت .
وجه منير وشعر احمر طويل وفريد واعين زرقاء كبيرة ولامعه تحمل امال وتفاؤلات لا تنتهي ، دهشتها ليست بسبب وسامته فقط بل بعينيه ، على الرغم من انه مجرد طفل الا ان عينيه والمشاعر بداخلها قد اثرت بشيء ما بداخلها .
لذا ظهر مشهد محرج ، كانت هناك امرأة شابة جميلة تحدق بطفل وسيم وبريء بذهول .
لم تستيقظ حتى سمعت صوت من خلفها .
" السيد شاب ريتش ! "
كان خادم يعمل بالقلعة .
عند النظر للمرأة أومأ الخادم بتحية .
" البارونة روزفلت تحياتي …. "
اومأت البارونة بأدب وشاهدت الخادم يصطحب ريتش الى مكان ما .
لم تتخيل البارونة ان مجرد طفل غير شرعي حتى للدوق سوف يشغل بالها لسنوات طويلة بسبب لقاء بالصدفة .
…..
في الوقت الحاضر .
ريتش الحالي نظر الى المرأة امامه وتعرف عليها من ذكريات قديمة .
البارونة روزفلت ، انها زوجة البارون روزفلت التي التقى بها مرة واحدة فقط .
كانت البارونة الحالية مختلفة قليلًا عن ذكرياته ، شعرها الحريري السابق اصبح لديه تجعدات في نهايته ووجهها لديه ملامح النضج وبعض التجاعيد الخفيفة ولكنه لازال وجه رائع وساحر ببشرة قمحية وشامة جمال تزين محياها واعين خضراء زاهية فريدة ، وبالنسبة لجسدها اصبح اكثر امتلاء ولكن بتناسق جيد .
" البارونة روزفلت ! لم اتوقع مقابلتك هنا ، ولكن اتذكر اني قابلتك مرة واحدة فقط ، متى قلت اني سأتزوجك اذا مات زوجك ؟"
بالنظر للشاب امامها وملاحظة عيناه التي لم تغادر عن تفكيرها يوم ارتسمت فجأة ابتسامه لطيفة للغاية وكأن الورود قد نبتت من حولها بسبب ابتسامتها .
" في الواقع لم تقل …. لقد كنت اراقبك منذ تلك الليلة وكنت تشغل تفكيري كل يوم ، بسببك اصبحت اتشتت في كثير من الأحيان "
مالذي تقوله وماخطب ابتسامتها وتعابيرها ، تبدو وكأنها شابة واقعة بحب عميق جدًا ..
" احم… البارونة روزفلت.. لا اعتقد انه من المناسب قول هذه الكلمات لرجل غير زوجك "
بالتفكير ان امرأة ناضجة وبارونة بنفس الوقت متزوجة ستأتي وتتغزل به فجاة ، شعر ريتش بالحيرة ، لماذا لم اراها بالمحاكاة ؟ .
سماع كلمات ريتش وموقفه الرسمي شعرت بالحزن قليلًا لقد كانت مهووسة به منذ تلك الليلة لم تعرف ما اصابها ولم تعد تستطيع نسيانه وحتى مشاعرها تجاه زوجها قد تلاشت ، لقد كانت تراقبه وتراقب كل تحركاته وتحلل نوعه المفضل من النساء وتعمل لتكون نوعه ، طوال هذه السنوات لم تجرؤ على مقابلته خارج الحفلات بسبب زوجها وايضا لم يعد ريتش يحضر المناسبات لذا انقطع اتصالها معه .
ولكن قبل اسبوع واحد ، حدث شيء ما في اراضيهم ، تمردت مجموعة من الفلاحين على البارون بسبب المجاعة وقاد البارون جنوده للقتال ولكن من توقع ان هناك ساحر كان يدعمهم ، واصبحت المعركة شرسة ولكن بالنهاية فاز البارون وجنوده بعد تضحيات كثيرة ومات الساحر ولكن ليس قبل ان يلقي لعنه على البارون .
لعنة الساحر تسببت بخوف البارون من الماء وشعوره بالرعب الشديد عند رؤية الماء ، حاول البارون استدعاء الأطباء والعلماء من اجل مساعدته ولكن جميعهم شعرو بالعجز ، كان السحر خارج نطاق عملهم ونادر في القارة لذا لم يستطيعوا تقديم اي مساعدة .
وبسبب ذلك البارون روزفلت مات بعد بضع ايام بدون اي وريث لأنه عقيم وترك خلفه زوجته وممتلكاته وثروته .
البارونة روزفلت قررت السفر الى مدينة ايرون ستون لشراء العبيد واستئجار المرتزقة لمساعدتها على قمع اي احد يود الحصول على ممتلكاتها بجشع ، ولكن بالصدفة رأت ريتش في مطعم راقي .
" لا داعي لقلق ، زوجي قد مات قبل بضع ايام ، وكنت هنا لأستئجار المرتزقة وشراء العبيد لقمع الجشعين على ممتلكاتي "
ماذا !! لم يتوقع ريتش ان ترمي البارونة هذه القنبلة ، مات البارون ، على الرغم من انه بعالم خطير الا ان النبلاء وخصوصًا الأسياد نادر موتهم لأن تأثير موت احد الأسياد ليس بسيط وممكن ان يسبب حروب ، لذلك وضعت المملكة قرارات بهذا الشأن ، اذا مات سيد سواء بارون او كونت او ماركيز او ايرل ، ولم يكن له وريث فقط زوجة ، يحق للزوجة اختيار زوج وزوجها سيرث اللقب وكل شيء ، هذا قانون لكي يمنعوا القتال والحروب ولكن هناك اشخاص سعصون القوانين بأساليب مختلفة وخفية ولكن لا احد يجرؤ على فعلها بالعلن .
" انا .. انا اسف لخسارتك ، لم اكن اعلم هذا "
رؤية موقف ريتش واعتذاره ابتسمت البارونة .
" لذا انت تعرف القوانين ، لا استطيع ان اكون بارونة بدون زوج والا سيتم مصادرة كل شيء من قبل المملكة "
حتى لو كان احمق لكان يعرف ماذا تريد البارونة الناضجة والجميلة امامه قوله ، وبالنظر لتصرفاتها وتعابيرها وتغزلها ، عرف ريتش انها تريد الزواج منه .
" لذا ريتش ريموند ، انت ابن دوق غير شرعي وليس لديك اراضي او اي ممتلكات ، هل تود الزواج مني وتصبح البارون الجديد ؟"
بالنظر لتعابير الترقب واعينها المتوترة ، شعر ريتش بصعوبة التفكير ان امامه شخص ناضج وربما في منتصف او بداية عقدها الثالث ويتصرف كفتاة تقع بالحب لأول مرة .
اما بالنسبة للجواب ، فلا يحتاج اي تفكير ، الحصول على زوجة جميلة وناضجة واراضي وممتلكات وثروة ولقب البارون ، من سيرفض هذا .
لذا اخذ ريتش نفس واعاد التركيز لعينيه وقال .
" انا ريتش ريموند ، البارونة روزفلت… هل تقبلين الزواج بي ؟"
امام سؤال ريتش ، البارونة الناضجة ، حركت خصلة من شعرها خلف اذنها وابتسمت .
" اقبل بك كزوجي ، ريتش ريموند "
…………
نهاية الفصل
الفصل القادم : البارون الجديد والأخبار تنتشر