عالم الغموض الخالـد

مجال البرية العظيمة ، المنطقة الوسطى

عشيرة وو - اللاشيء هي واحدة من أقوى القوى العظمى في العالم أو بالأحرى هذا ما يظنه أغلب سكان المجالات التسعة، لقد امتدت لسنوات لا حصر لها.

حتى أفراد العشيرة لا يعلمون عمقها، كأنها هاوية مظلمة بدون جذور، سيطرت على المنطقة الوسطى بقبضة من حديد، يمكنك حتى القول إنها غطت السماء بيد واحدة.

في الواقع لا تقتصر المنطقة الوسطى بأكملها على عشيرة وو فقط. هناك أيضًا العديد من القوى المقدسة والعليا والسيادية الخالدة، سواءً كانوا أجناسًا غير بشرية أو طوائف وعشائر قديمة...

ومع ذلك من المستحيل على هذه القوات عصيان عشيرة وو السيادية الخالدة القديمة. يمكن اعتبارهم حتى تابعين لعشيرة وو، أثناء الحروب يتم إرسال هذه القوات للخطوط الأمامية، وهذه القوى المختلفة ملزمة باتباع الأوامر، ما لم يرغبوا في الانقلاب ضد العشيرة، لكن هل لهم الجرأة؟ هل سيحاولون المقاومة؟ وهل لهم في الأساس القدرة على ذلك؟

يغطي المنطقة الوسطى من جوانبها الأربعة تشكيل مخفي يشع من وقت لآخر. من بينها تشكيل تجمع الطاقة الروحية، وتشكيلات قتل، وكذلك دفاع وختم، وما إلى ذلك. هذه التشكيلات تعمل على مدار السنوات، تم تعزيزها من قبل كل سيادي ظهر في العشيرة على مر العصور، فكيف يفكرون في الانقلاب؟

حتى لو خرجوا من المنطقة الوسطى ولم تلاحقهم العشيرة الملكية، أين سيجدون الأراضي المناسبة لموارد التدريب؟ يتم السيطرة على أراضي التدريب الغنية بالطاقة الروحية من طرف مختلف القوى.

بالطبع لن تعامل عشيرة وو هذه القوى معاملة سيئة.

المنطقة الوسطى كواحدة من المناطق الخمسة في مجال البرية العظيمة تمتد لمئات الملايين من الأميال وتنقسم إلى مئات النطاقات، كما أنها تحتوي على موارد تدريب متنوعة وهي غنية بهالة السماء والأرض.

يمكن لهذه القوى التطور بسلاسة في أوقات السلام والأمن.

كذلك لا يوجد خوف من الغزو من المناطق الأخرى، لأن عشيرة وو هي حاميها ومظلتها.

في الجزيرة الأم - جزيرة اللاشيء لعشيرة وو، أمام باب قصر يتغير لونه بين الأبيض والأسود مع أحرف رونية غامضة تومض من وقت لآخر، يحوم حوله الضباب الخرافي، بدا هذا القصر كأنه يجابه السماء معلنًا جبروته للعالم.

إنه قصر ووجي المشيد من يشم يين يانغ الخالد، يعرف هذا الأخير بقدرته على تهدئة النفوس والمساعدة على التنوير.

وقف رجل ذو هالة شديدة وهادئة، يرتدي ثوبًا رمادي اللون مع حزام ذهبي، بدا في منتصف العمر ذو مظهر رجولي بعيون يقظة كالنسر وحواجب حادة كالسيف مع عظام وجه بارزة ولحية خفيفة، لقد بدا بتعبير قلق ومتوتّر يعتري وجهه، لم يبدو هذا التعبير مناسبًا لملامحه الشجاعة. وخلفه مجموعة من الأشخاص، كل واحد منهم تشع منه هالة قوية أطلقوها عن غير قصد لأنهم يحملون نفس تعبير الرجل شجاع المظهر، كل واحد منهم ذو مكانة تستحق العبادة من مليارات الأشخاص والأجناس، كانوا سيد عشيرة وو "وو شوان - الغموض الخفي" وشيوخ العشيرة.

وقفوا هناك بثبات لأنه اليوم يوم ولادة ابن رئيس العشيرة الذي رفض الخروج من بطن أمه لمدة تزيد عن 3000 سنة، لقد وضعوا عليه الكثير من الأمل والترقب رغم عدم ولادته بعد.

فجأة في محيط عشيرة وو ظهرت رؤية للسحب الأرجوانية يليها المطر الذهبي، ثم أشباح المخلوقات الميمونة مثل التنين والعنقاء والكيلين مصحوبة بالموسيقى السماوية المهدئة للنفس، لكن ما ميّز هذا المشهد هو ذلك النهر الغامض، لم يكن نهرًا من مياه بل تيارًا من أرواح، يدور بلا منبع، بلا مصب، تحده قوانين لا يعرفها أحد، تيار من وجوه، وجوه لأناس ماتوا، سيولدون، أو ربما لم يولدوا بعد.

تنبعث منه أصوات خافتة: أنين، همسات، صراخ، صمت...

هذا النهر الذي امتد عبر أربع مجالات من العالم الغامض الخالد مع مجال البرية العظيمة كمركز له، بدا كنهر التناسخ المذكور في الأساطير والمخطوطات القديمة، كان يفيض أرواحًا سواء كانوا بشرًا أو وحوشًا أو الوحوش الشيطانية، حتى الوحوش السماوية (التنين، النمر الأبيض، الكيلين، السلحفاة السوداء، الغزال القمري...)، لقد كانوا في سلام منتظرين دخول دورة التناسخ وهكذا تعاد السلسلة حياة وموت إلى أن تفنى الروح وتتشّتت.

عند رؤية هذا النهر يسأل الناس أنفسهم: هل الخلود موجود؟ أم أن كل شيء قابل للفناء والعودة لسمسارا؟ هل مسعانا وطموحنا له صحة في الأساس؟ لسوء الحظ أو لحسن الحظ للبعض (إذا علموا بالجواب سيفقدون أنفسهم في الجنون وسيفقدون شغفهم في الزراعة)، لا يبدو أن لهذا النهر القدرة على الإجابة على هذا السؤال، فبعد كل شيء ما هذا إلا إسقاط لنهر التناسخ، أما بالنسبة للأصل فهو بين العالمين: عالم الأحياء وعالم الموتى.

ومض هذا الإسقاط لبضع ثوان ثم اختفى كما لو كان هنا فقط لتذكير سكان العالم أنه موجود، لا يهم كم كنت قويًا، سواء مزارعًا أو مجرد فاني، واعيًا أم لا، إنسانًا أم عرقًا آخر، فهو في انتظارك، إلا إذا أصبحت خالدًا حقيقيًا وهربت من دورة التناسخ، حتى ذلك الحين ستظل مرتبطًا به.

لقد صدمت هذه الرؤية العديد من القوى العظمى في العالم، لقد تعجبوا في أنفسهم أي نوع من الوحوش ظهر.

لكن من اقترب عمرهم من النفاذ تعرضوا للإغراء، لأن هذا النهر حمل معه أسرار التناسخ والهروب من الموت، نعم، الرغبة في دراسة سبب هذه الظاهرة الفريدة. لقد قاموا بسرعة بحساب أسرار السماء في محاولة منهم للتنبؤ بأصل هذه الرؤية، لكن ما توصلوا إليه كان مجرد ضباب داكن فوضوي مشؤوم، ثم حاولوا من جديد تتبع أقرب رابطة للمصدر، ثم حصلوا على الإجابة، كانت كلمتين فقط: "عشيرة وو".

الأشخاص من القوى السيادية الخالدة والذين ارتبطوا بهم، الذين توصلت عرافتهم لاسم عشيرة وو، لقد قاوموا بسرعة هذا الإغراء لأنهم علموا معنى هذه العشيرة، رغم كون عشيرة وو كانت متحفظة قدر الإمكان في الأجيال السابقة، لدرجة قول بعض الجهلة والقوى الحديثة إنهم في تراجع، إلا أن كل واحدة من هذه القوى العظمى لها سجلات قديمة أو سمعوا همسات في العوالم الممزقة عن تاريخ حروب العالم الخالدة ومقدار القوة التي تخفيها هذه العشيرة، حتى أنه روي أن بعض المؤرخين قالوا إن هذه العشيرة بوسعها غزو أكثر من نصف العالم الغامض الخالد دون خسارة الكثير، أما سبب تصرفهم بتحفظ فظل مجهولًا لحد الساعة.

بالنسبة لمن توجهوا نحو عشيرة وو للمطالبة بمصدر الرؤية، فما إن اقتربوا من المنطقة الوسطى حتى سمعوا صوتًا عميقًا وقديمًا كما لو نُقل عبر العصور الماضية للحاضر، يحتوي على إجلال لا حدود له:

"مجموعة من البرابرة الجهلة، يبدو أنكم لم تروا أرشيف القوات خلفكم، لقد نسي العالم رعب عائلتي الملكية. تنهد، أخيرًا وصل وقت عودة عشيرتي للعالم، مطالبة بمجد العصور الغابرة."

ما تلا ذلك كانت ضربة سيف مائلة ظهرت من العدم لتنقسم لعدد لا يحصى من السيوف الفضية، كل واحد توجه نحو هدف، ما سُمع في هذه اللحظة هو صوت انفصال اللحم وتناثر الدم، بعد ذلك ظهرت شقوق مكانية بطول بضعة أمتار جذبت الجثث ثم اختفت بدون أثر.

كل هذا حدث في بضع ثوان من توقف الرؤية وحساب خفايا السماء إلى موت هؤلاء اليائسين.

صُدمت عشيرة وو كلها، وأُلقيت عيون لا حصر لها على اتجاه الأرض المنسية - أرض الأسلاف.

"تلك الضربة ... "

"أشعر بقرابة الدم ... "

"يا لها من هالة لا حدود لها، خرج أحد الأسلاف من عزلته. ما الذي يساوي يقظتكم؟"

"بالتأكيد، وُلد ابن زعيم العشيرة مع رؤية كهذه، أتساءل عن نوع البنية القادرة على جذب ظهور نهر التناسخ الشهير."

تسببت هذه الضربة العرضية في حالة من التسلسل مثل تساقط قطع الدومينو، حيث ارتفعت العديد من الهالات القوية والقديمة واحدة تلو الأخرى، بدايةً من مجال البرية العظيمة انتقالًا إلى المجالات الأخرى، ما كان نتيجة عن ذلك سوى حالة من الخوف والهلع عبر العالم بأسره. تساءل أصحاب هذه الهالات عن سبب استيقاظ هذا النوع من الوجود في هذا العصر، سرعان ما توصلوا بالجواب، بقي في أذهانهم جملة واحدة:

"عشيرة وو... هل هذا ما كانوا ينتظرون؟"

بعد شعورهم بالهالة اللانهائية لسلف عشيرة وو، عادوا إلى سباتهم في انتظار استيقاظ من يوازيه.

2025/04/30 · 19 مشاهدة · 1184 كلمة
نادي الروايات - 2025