كان نائماً بعد أن تناول الدواء . إلا أن والده جاءه في الحلم رغم ذلك ! لكن هذه المرة ، لا يعلم هل هذا حقاً جزء من ذاكرته ؟ أم ان امنيته جاءت في حلمه فقط ؟ أحلامه كانت أجزاء مؤلمة من ذاكرته .. لكن هذه المرة .. ما كان ذلك الحلم ؟!

طفل صغير في الخامسة من العمر يجلس في غرفة مظلمة بمفرده . كان جسده مليئاً بالإصابات ، يضم ساقيه لصدره عله يشعر ببعض الدفئ في هذا المكان البارد !

في الجانب الآخر من زنزانته ، اقترب من بابها رجل أشقر يشبه الطفل في الداخل كثيراً . أمسك مقبض الباب و تنفس بعمق ثم ظهرت ملامح جادة على وجهه !

فتح الباب بهدوء ليرى الطفل الصغير جالساً في الداخل بمفرده ، اقترب منه ببطئ و هو يحدق به جيداً . شعر الطفل الصغير بوجوده فرفع رأسه لينظر له بحيرة امتزجت بالقلق ! و زاد قلقه عندما رأى أن والده هو من جاء !

لم ينطق الاشقر بشيء ! رفع يده ليخرج سلاحه و هو يفكر " لقد اتخذت قراري ، سأقتله ! "

عندما أراد إخراج سلاحه توسعت عينا الطفل و شهق بخوف و هو يتذكر ما حدث أمس ! وضع يديه أمام جسده الضعيف لحمايته و اغمض عيناه بقوة و هو يتحدث بخوف و ارتجاف : اسف ، انا اسف ، لن اطلب الخروج مجدداً ! لن أطلب شيئاً ابداً ، لن اتحدث حتى ! ارجوك سامحني ! انا آسف !

كانت يداه ترتجف و هو ينطق تلك الكلمات ! اخفض والده يده بارتباك و ألم اعتصر صدره . هو لم يتحرك بعد و مع هذا شعر الصغير بخوف شديد !

كم عانى من الألم ليصبح هكذا ؟ يخشى حتى اقتراب والده منه ! طفل صغير تحمل كل هذا ؟ كان منظره يؤلم حقاً ! ما فكر به الأشقر في ذلك الوقت عندما رأى ردة فعله هذه ، أنه سيقتله بسرعة و يريحه من هذا ! ألا إن عيناه توسعتا عندما أخذ يتأمل حركته تلك ! ظهرت ملامح الحزن على وجهه و هو يقترب من ابنه .

وقف أمامه و انخفض لمستواه فزاد خوف الصغير ! إلا أن الأشقر احتضنه و هو يتحدث : لا تخف صغيري ، أنا من يجب أن يعتذر ، على كل شيء .. على كل الألم الذي ستلاقيه !

نظر الطفل له بتفاجئ و عدم فهم ! فهمس الصغير : أ.. أبي ؟!

ابتعد والده عنه و مسح على شعره و هو يبتسم ابتسامة حنونة لم يراها ميكا منه قبل او بعد هذه المرة ! ثم نهض و غادر الزنزانة دون أن يقول شيئاً ! كأنه طيف مر من هنا ! بقي الصغير يحدق باثره بدهشة و عدم فهم !

من هذا ؟ أهو نيكولاس حقاً ؟ هذا مخالف تماما لشخصيته ! كأنه شخص آخر ! نسخة لطيفة منه خرجت من عالم موازي !

كان ميكا في الخامسة و لم يفكر في هذا الأمر كثيراً ! حتى أنه نسي هذه اللحظة تماماً و أصبح لا يعلم أهي حقيقية حقاً ؟ أم مجرد وهم و خيال ؟

.........................................................................................

بدأ ميكا يفتح عينيه بإرهاق بسبب سماع صوت رفيقه يصرخ : ماذا تفعلين هنا ؟!

بالكاد استطاع ميكا رفع جسده قليلا و هو يفكر " هاياتو ؟ ماذا يحدث ؟ "

خارج غرفته كان هاياتو يقف في الممر وايزابيلا أمامه تنظر له بغضب . ايزابيلا : أين أنتما ، اتصلنا كثيراً و لم تجيبا .

تحدث هاياتو بغضب : أظن أن كاي أخبركم ، ميكا مريض و لن يشارك اليوم !

ايزابيلا : لن يستطيع التهرب من إيجاد مينا هكذا ، ليخرج بسرعة !

امتلأت عينا هاياتو بالغضب ليتقدم خطوة نحوها قائلاً : يتهرب ؟ اتقولين انه يدعي المرض ؟!

تحدثت ايزابيلا بغضب : انه بخير و لا يشكو من شي !

شد هاياتو على قبضة يده و تقدم نحوها ببطئ بالكاد يمنع نفسه من قتلها الان و هو يتحدث بصوت أقل ارتفاعاً : أخرجي من هنا فوراً !

سمع ميكا كلام رفيقه و صراخه : اخرجي !

أراد النهوض و معرفة ما يحدث إلا أن جسده يرفض الاستجابة له فجأة سمع صوت هاياتو يتحدث : ماذا تفعلين ؟

ليتبع ذلك فتح باب غرفته بقوة ! نظر ميكا للباب ليجد والدته واقفةً عندها فهمس بحيرة : امي ؟!

تقدمت ايزابيلا نحوه فوراً بينما يتحدث ميكا بحيرة : ماذا ..!

لم يكمل كلامه حتى فقد امتدت يد ايزابيلا لتمسك ذراعه بقوة و تسحبه من السرير بكل قسوة و هي تتحدث بحدة : هيا انهض ميكا !

سقط ميكا على الأرض بسبب سحبها له فجأةً بينما استمرت هي بالصراخ : اختك على وشك الموت و انت هنا تجلس و لا تفعل شيئاً ! هل تحاول التهرب من المهمة !

كان ميكا ينظر للأرض بصدمة لم يستوعب ما يحدث بعد ، كأن جرح آخر أضيف له الآن يدفعه نحو الهاوية أكثر ! تقدم هاياتو نحوه بسرعة و انخفض لمستواه يمسك ذراعه و ينظر له بقلق هامساً : ميكا ؟!

أعاد نظره لإيزابيلا بحدة و هو يتحدث : أبتعدي عنا ، ان لمستي ميكا مجدداً فسأجعلك تندمين ! أي والدة انت ، حتى أشخاص غرباء عاملوه أفضل منك !

أراد هاياتو النهوض إلا أن ميكا استفاق من صدمته فأمسك ذراعه يمنعه من ذلك ! نظر هاياتو له و هو يتحدث : ميكا اتركني ، هذا تخطى الحدود !

ثوانٍ حتى رفع ميكا رأسه ينظر له بابتسامة قائلاً : لا بأس هاياتو ، توقف .

نهض ميكا و وقف امام والدته يتحدث و ابتسامته الهادئة لم تختفي عن وجهه ابدا : اسف امي ، لم أكن أعلم انكم اتصلتم ، سأتي حالا ، لن احاول التهرب !

رد هاياتو بقلق و انزعاج : لكن ميكا ..!

قاطعته ايزابيلا بصوتها : سأنتظرك في الخارج ، تعال بسرعة .

خرجت ايزابيلا من الغرفة فبقي هاياتو و ميكا بمفردهما ! كان ميكا يخفض رأسه بحزن شديد ، ثوانٍ حتى رفعه لينظر لهاياتو بابتسامة قائلاً : انا بخير هاياتو ، لقد انخفضت حرارتي و هذا بفضلك .

لم يتحدث هاياتو و بقي ينظر للأرض بغضب ! تحدث ميكا بقلة حيلة : عندما نعود سأنفذ كل ما تقوله لي .

نظر هاياتو له بشك و هو يتحدث : حقاً ؟

شعر ميكا بالقلق من نظرات هاياتو فهو يعلم انه سيبالغ باهتمامه به الا انه نطق مجبراً : أ.. أجل !

كتف هاياتو يديه لصدره و هو يتحدث : حسناً إذن ، لكن لا تنسى انك ستنفذ كل ما أقوله .

اومأ ميكا إيجاباً بينما اتجه هاياتو للخزانة و أخرج سترة و وضعها فوق ميكا وهو يتحدث : و اول شيء ستفعله هو ارتداء هذه ، حتى لو انخفضت الحرارة فما زلت مريضاً .

كانت السترة ثقيلة جداً و لم يحبها ميكا أبداً إلا أنه اضطر للصمت عندما رأى نظرات هاياتو المنزعجة نحوه ! فتنهد و ابتسم قائلاً : حسناً .

...........................................................................................................

بعد نصف ساعة تقريبا .. كان كاي و ديانا يساعدان جين في مقر المنظمة ، تحدث كاي بهدوء : هذه أول مهمة نقوم بها دون ميكا و هاياتو .

ردت ديانا ببعض الحزن : اجل بدأت أتعلق بهما أيضا .

كاي : صحيح ، أشعر ان المكان فارغ دونهما !

صدر صوت هاياتو فجأة يتحدث بسخرية و مكر : لا تقلق ، لم امت بعد لذا لن اتركك تعيش بسلام .

نظر كاي و ديانا فورا للمدخل ليريا ميكا و هاياتو هناك ! رفع ميكا يده و هو يتحدث بابتسامة : مرحباً .

نهض كاي و ديانا و اقتربا منهما فوراً ليتحدث كاي : ماذا تفعلان هنا ؟ ميكا انت مريض عليك أن ترتاح ! لماذا جئت ؟

ابتسم ميكا مجيباً : لقد تحسنت و أستطيع المشاركة و القتال و شكرا لكما على الدواء .

تقدم جين نحوهم ليضع يده على جبين ميكا يقيس حرارته بينما يتحدث : تستطيع أخذ اليوم راحة ، حتى السيد غيلن وافق على ذلك .

أبعد ميكا يد جين عن رأسه بهدوء بينما يتحدث : حقاً لا داعي لذلك ، ثم علي إيجاد اختي بسرعة ، لا وقت للراحة .

تقدم ميكا نحو المنضدة حيث وضعت أوراق كثيرة ، تحدث بينما ينظر للأوراق و خريطة لإحدى مناطق المدينة : إذن ماذا وجدتم ؟

تنهد جين ثم تقدم الأربعة بجوار ميكا بينما بدأ جين بالشرح مشيراً إلى موقع قصر آشويا : سيكون نيكولاس و مينا هنا اليوم ، على الأرجح المكان مراقب من قبل العصابة ، أرسل نيكولاس رسالة بأنه سيقتل مينا الليلة أن لم ننقذها و علمنا انه ينتظر شخص ما هناك ايضا لذا هو سيكون مستعداً تماماً لنا .

رفع ميكا خريطة المنطقة بينما يحدث نفسه " منطقة سكنية ؟! "

تحدث هاياتو بفضول : ينتظر من ؟

ديانا : لم نعلم من هو ، لكننا وضعنا خطة مبدئية .

بدأ جين شرح الخطة قائلاً : سيتنكر كاي و يدخل القصر و يذهب الى نيكولاس ، عندما يخفض نيكولاس دفاعه و يقترب منه سيهاجمه كاي ، قناصي المنظمة سيقفون بعيداً و سيطلقون عليه عند اشارتنا ، و مع إطلاق القناصين ستكون هذه الاشارة لمن حول القصر بالهجوم ، لكننا سنضع هدفنا بأن نقتل نيكولاس من أول رصاصة من القناصين دون أن نقترب من القصر أو ان يكتشف خطتنا .

نظر ميكا له بدهشة منذ اول عبارة نطقها ! وجّه نظراته القلقة لجين و هو يتحدث : انتظر هذه الخطة خطيرة و غير مضمونة ، لماذا كاي ؟ و ما الذي يضمن أن ابي سيخفض دفاعه ؟ ماذا إن كان حذرا جداً من الشخص الذي سيقابله ؟ و ...!

قاطع جين كلامه قائلاً : لا تقلق بهذا الشأن ، الجزء الصعب يأتي عند إطلاق النار عليه .

تحدث كاي بعبوس : و ماذا تقصد بلماذا كاي ؟ ما مشكلتي ؟ أنا أقوى منك بأي حال .

تحدث ميكا بتردد : لكن ..!

قاطعته ديانا بابتسامة : لا تقلق ميكا ، تأكدنا من كل شيء ! إنها خطة بسيطة لكننا سنبذل جهدنا لتنجح ، سنقتل نيكولاس اليوم .

همس ميكا بصوت منخفض و مرتبك : تقتلونه ؟!

تحدث جين : نيكولاس قوي لهذا لن يموت حقاً ، نحن سنقبض عليه عندما يصاب و يصبح غير قادر على القتال ! لا تقلق السيد غيلن وافق على الخطة و سيكون هناك تحسباً لأي تغير .

نظر ميكا لهم بقلق ثم وافق على خطتهم رغم أنه غير مقتنع بها تماماً و أخبرهم أن على القناصين الوقوف بعيدا قدر المستطاع لكي لا يلاحظهم نيكولاس .

جين : بما انكما جئتما أيضاً ، ميكا انت ستبقى بعيداً عن القصر مع باقي القوات و ستراقب تحركات كاي من خلال كاميرة مراقبة صغيرة سنضعها معه ، عندما ترى الوقت مناسب أعطي الأمر للقناصين بأن يطلقوا و كذلك ستعطي الأوامر للجميع بما أن السيد غيلن سيكون قرب القصر في هذه المهمة ، هاياتو ستتسلل انت ايضاً للبحث عن مينا ، انا سأقود فرقة القناصين و نوفر الحماية لكم من الخلف ، ديانا ستكون مع ميكا لتتولى أمر المراقبة و الاتصالات ، أن لاحظت أي تغير في حراسة القصر أو حركة غريبة بالمنطقة ستبلغ ميكا فوراً . اومأ الجميع إيجاباً و انطلقوا ليستعدوا .

خلف باب هذه الغرفة كانت ايزابيلا واقفةً تستمع لخطتهم ، احتدت نظرتها هي تحدق بميكا من بعيد ثم تحركت مبتعدةً عنهم !

...............................................

في قصر اشويا .. كان القصر احد اهم و اكبر المعالم التاريخية في هذه المدينة ! قصر يعود للعصور القديمة رغم هذا يأسر للناظر اليه بدقة بنائه و الزخرفة المتقنة على جدرانه ! كان نيكولاس يجلس في قمته تقريباً ينظر للناس في الأسفل . ابتسم وهو يتكلم : لقد تأخرت ، ديفيل .

تقدم ديفيل نحوه و هو يتحدث بعبوس : هذا اكيد ، اتصلت بي قبل نصف ساعة و تريديني ان اتي إليك من منطقة بعيدة خلال عشر دقائق ؟ على أي حال ، ماذا تريد ؟!

نظر نيكولاس له و هو يتحدث : مهمة صغيرة .

جلس ديفيل بجانبه : لو كانت صغيرة لما طلبتني ، أخبرني ما هي ؟

أعاد نيكولاس نظره للإمام و هو يتحدث : أرسلت رسالة لغيلن اخبرته أن يسلمني ميكا مقابل حياة مينا .

شهق ديفيل بصدمة ثم تحدث : ماذا ؟ حقاً ستعيدها ؟ هل وافق جاك ؟ لماذا ؟ و ما الذي يضمن أن غيلن سيفعل ذلك ؟

ظهر عبوس طفيف على وجه نيكولاس و هو يجيب : انه ابني ، لا يحق لجاك قول شيء خاصةً بعد ان تحملت ابتعاده عني أربع سنوات !

فجأة ظهرت ابتسامة على وجه نيكولاس و هو يردف : ايزابيلا تكرهه و تفضل مينا عليه لهذا لن تتردد بالموافقة ، قلت لهم أن يأتي ميكا بمفرده إلى هنا ، لهذا انا انتظره .

أعاد ديفيل جسده للخلف يستند على يديه و ينظر للسماء و هو يتحدث بهدوء : جيد ، المهم ان النتيجة ترضي الحميع ، إذن سيعود ميكا دون أي عناء ، لا حاجة لنا للقلق أو فعل شيء .

أشار نيكولاس للخلف دون ان يلتفت و لو قليلا و هو يتحدث : مهمتك أن تقضي على القناصين في الخلف .

نهض ديفيل فوراً و نظر لنيكولاس بصدمة : قناصين ! انتظر ماذا يفعلون هنا ؟ الم تقل انهم سيسلمون ميكا بلا مقاومة ! و ثم كيف تجلس في مكان مكشوف أمامهم هكذا ؟ هل جننت ؟!!

نظر نيكولاس له بمكر و هو يتحدث : لا تقلق هم لا يراقبوننا الآن ، و قد قلت ان ايزابيلا ستوافق لكن هل تظن أن غيلن سيسمح بهذا ؟ هو لن يخبر ميكا بأمر الرسالة ، سيبعده عن المنطقة قدر الإمكان و يجهز كل شيء بمفرده و يحاول حماية الاثنين ، من السهل توقع خططه .

تحدث ديفيل باستسلام و ملل : بكلمة أخرى أنت لن تحصل على ميكا و ستورطني بلعبتك مجدداً ، حقا لما لا تطلب هذا من أحد غيري ؟

ابتسم نيكولاس بلطف و هو يحدثه بمرح : و من يوجد غيرك ؟ هيت سيزعجني بطلبه المستمر أن يأخذ ميكا ، و انا حقا بدأت أخشى على ابني من جينا ، بينما جاك مشغول دائماً .

ابتسم بمكر و اكمل : ثم من قال إنه لن يأتي ؟

نظر ديفيل له بحيرة و عدم فهم ليعود للجلوس بجانبه : لم أعد أفهم ما تحاول قوله ! قلت انه لن يعلم بأمر الرسالة و سيبتعد عن هذه المنطقة ! لماذا تنتظره هنا إذن ؟

أعاد نيكولاس نظره للإمام و هو يتحدث : أعلم كيف يفكر كل شخص منهم أكثر مما يعلمون هم عن بعضهم ، سيكون ميكا هنا ، قلت لهم أن جاء أحد فلن ارحم مينا أبداً ، و هي تعلم ماذا يمكنني أن أفعل بها ( اتسعت ابتسامته ) خوفها على ابنتها سيدفعها لرمي ابنها دون أي اهتمام ، فقط انتظر و سيأتي ميكا بنفسه الينا !

....................................................................................................................

في هذه الأثناء على بعد مسافة من قصر آشويا ، دخل كاي الغرفة التي وضعوا بها أدوات المراقبة و الإرسال و هو يتحدث بملل : هاياتو أسرع !

نظر هاياتو له بانزعاج : انا قادم انتظر قليلاً !

أعاد نظره لميكا و هو يتحدث : إذن انا سأذهب ، لا ترهق نفسك و لا تقلق سنعود .

اومأ ميكا إيجاباً و هو يتحدث : سأراقبك من هنا جيدا لذا لا تقم بشي متهور !

ابتسم هاياتو و هو يجيب : لن أفعل .

نادى كاي بصوت مرتفع : هاياتو ، أميرتك بخير لذا أسرع !

ركض هاياتو نحوه و هو يتحدث بانزعاج : انت حقاً ترغب بالموت اليوم !

ضحك كاي قليلا ثم توجها إلى موقعهما . استدار ميكا عائداً لعمله إلا أنه شعر بشخص يدخل الغرفة لذا التفت نحوه ليرى من دخل فتفاجئ حقاً ! كان هذا آخر شخص توقع أن يأتي إليه في مثل هذا الوقف !

تحدث بصوت مرتبك : أ.. أمي ؟!

نظرت ايزابيلا له بجدية ثم تحدثت : يجب أن نتكلم قليلاً .

شعر ميكا بأمر غريب فأجاب بحذر و قلق: عن ماذا ؟

استدارت ايزابيلا مغادرةً و هي تتحدث : اتبعني .

بقي ميكا ينظر لها قليلاً و هي تخرج ثم تحرك يتبعها متسائلاً في نفسه عما ترغب في قوله ؟ أخذته والدته للحديقة الخلفية حيث لن يقاطعهما أحد ! وقفا بجانب الجدار فنظرت ايزابيلا له بينما تتحدث : خذ هذه .

مدت يدها نحوه و هي تحمل ورقةً ! نظر ميكا للورقة بحيرة ثم لوالدته قائلاً : ما هذه ؟

ايزابيلا : رسالة نيكولاس .

شعر ميكا بالقلق و نظر لها بحيرة ! لماذا احضرتها له و هو يعلم ما ورد فيها ؟ تحدثت ايزابيلا بصوت جاد : جين لم يخبرك الحقيقة ، لقد أخفى هو و غيلن الرسالة عنكم لكي لا تروا ما كتب فيها !

زاد القلق بداخله ! لماذا يخفونها عنه ؟ هل بها شيء لا يجب أن يراه ؟ مد يده نحوها ببطئ و تردد ثم أخذ الرسالة و فتحها .

كل سطر يقرأه يزداد فيه نبض قلبه سرعة ! اتسعت عيناه بصدمة ، زادت سرعة تنفسه ! همس بصوت مرتجف : تبادل ؟ أنا ..و مينا ؟

رفع رأسه ببطئ ينظر لوالدته و ظهرت ابتسامة خفيفة على وجهه كأنه يتمنى من كل قلبه أن يكون ما يفكر به خاطئاً فتحدث بصوت منكسر : لن تفعلي ، اليس كذلك ؟ .. لن ترسليني إليه !

ردت ايزابيلا بانزعاج : انت قلت انك ستعيد مينا ! يجب ان تضمن سلامتها ! و لماذا لا تذهب له ؟ مكانك معه منذ البداية ، انت تنتمي اليه ! لا مكان لك هنا ، كل ما عليك فعله هو إعادة مينا ! حتى لو ذهبت انت مكانها يجب أن تعود هي اليّ !

اختفت ابتسامته تدريجياً مع كل حرف نطقته لتظهر ملامح الألم و الخوف على وجهه ! تراجع بضع خطوات للخلف و هو يحرك رأسه نافياً بينما يهمس : لا ، لن أعود .. لن أعود إليه .. انا لا لست ملكاً له !

أمسكت ايزابيلا ذراعيه بقوة و هي تتحدث بحدة : ميكا ، لا يهمني ما يحدث لك لكن أن لم تعد مينا اليّ اليوم فلن ادعك ترى من تدعوه بعائلتك مجدداً !

شهق بخوف و هو يفكر " هاياتو ؟"

ابتسمت ايزابيلا بينما تتحدث : ليس هو فقط ، حتى ديانا و كذلك كاي و عائلته ، جميعهم سيتأذون بسببك ! أن لم ترد أن تودعهم بطريقة مؤلمة فأعد مينا مهما كلف الأمر !

رمته نحو الجدار و غادرت المكان تاركةً ميكا وسط ألمه و حيرته ! رفع يده يضعها على راسه و ملامح القلق الشديد على وجهه يحاول التفكير بحل ما ! يعود لوالده أم يخاطر بفقدان أصدقائه و التسبب بالمشاكل لهم ؟ قطعاً هو لن يسمح بهذا ... لن يفضل نفسه على من وقفوا معه و اعتبروه صديقاً لهم !

عادت ذاكرته للأيام التي قضاها مع والده ! تذكر تعذيبه له ! تذكر تلك الغرفة المخيفة التي كان يحبسه فيها ! أدوات التعذيب التي اخترقت جسده تاركةً آثاراً لن تزول ! ألمه ، خوفه ، وحدته ! كل مشاعره في ذلك الوقت عادت اليه مجدداً دفعة واحدة لتجعله يعيش كل تلك الأيام خلال ثانية !

اخفض يده ليضعها على صدره عله يهدأ من سرعة نبض قلبه قليلاً ! زادت سرعة انفاسه و بدأت رؤيته تصبح مشوشة ! توسعت عيناه بقلق مفكراً " لا ... هذا ليس وقته الان ! .. يجب ان أهدأ.. يجب ان اسيطر على نفسي ! "

فرك عينيه و هو يفكر " هذا ليس وقت القلق .. علي أن أفكر ، إلا توجد طريقة ؟ "

وضع يده على رأسه يقول في نفسه " علمت أن هناك شيئاً خاطئاً ! لهذا اختار منطقة سكنية ، ستكون خطط هجومنا محصورة و سهلة التوقع .. "

تذكر كلام جين (( سينتظر شخصاً ما هناك )) شد على قبضة يده بقوة و هو يفكر " ينتظر ؟ كنت تقصد انه ينتظرني ، لهذا اختار كاي ليتنكر .. هذا سيء ، هذا يغير كل شيء ، الرسالة مجرد خدعة ، أبي لن يرسل رسالة ليمسكني ، كل هذا ضمن خطته هو !"

تحرك ميكا مسرعاً نحو غرفة المراقبة حيث كانت ديانا قد وصلت لها أيضاً . دخل الغرفة و اتجه لشاشات المراقبة فوراً بعد ان فهم خطة والده ! بدأ بالبحث عن أي طريقة لاختراقها ، طريقة لإنقاذ الجميع دون أن يسلم نفسه لوالده ، كشخص يغرق وسط الظلام يحاول التمسك بخيط أمل كاذب ، إلا أن نيكولاس جهز المكان جيداً !

نظرت ديانا له و رأت علامات الارتباك و القلق على وجهه ! انتابها القلق أيضا فتحدثت : ما الأمر ميكا ؟

لم يجب ميكا بل استمر بالبحث بشاشات المراقبة مفكرًا " لا يوجد ، لا يوجد ، لا يوجد فجوة !" نظر لشاشة عرضت صورة والده و هو جالس في قمة القصر يبتسم بهدوء كأن لا هم لديه ابداً فبدأ اليأس يتسلل لقلبه !

توجهت أنظاره نحو شاشة أخرى عرضت صورة هاياتو و كاي و يبدو أنهما يتشاجران مجدداً ! نظر لهاياتو لثوان ثم ظهرت ابتسامة منكسرة على وجهه ! نهض من مكانه و تحدث بصوت هادئ : لا تقلقي ديانا ليس شيئاً مهماً .. لن يحدث شيء .. لن يتأذى أحد .

نظرت ديانا له بحيرة : ما الذي تعنيه ؟

ابتسم ميكا بلطف و هو يتحدث : لا شيء ، انت عودي للعمل .

استدار ليخرج من الغرفة بصمت وابتسامة حزينة على وجهه .

يتبع ..

.......................................................................................................................

أتمنى انه قد نال اعجابكم . رأي ؟ توقعات ؟

2021/09/06 · 133 مشاهدة · 3337 كلمة
Rnem
نادي الروايات - 2025