عندما رأيتك للمرة الأولى أردت الحديث معك .. لكنني كنت خائفاً من إزعاجك .. فاكتشفت لاحقاً ان عدم كلامي هو ما ازعجك حقا ! كنت كالنور الذي اقتحم ظلامي لينيره . ابتسامتك و حمايته لي دائماً جعلتني أشعر بالحياة من جديد . انا مستعد للتضحية بحياتي الآن من أجلك . مستعد أن أقف في الظلام وسط الالم أن كنت ساراك تبتسم و تعيش في الضوء . فلا تلمني أن ضحيت بنفسي لانقاذك .. لأنني سأكون حينها سعيد جداً !
................
دخل غرفة مظلمة و وضع حقيبته الكبيرة على المنضدة ليجلس أمام حاسوبه الكبير . أخذ يضغط بعض الأزرار حتى عملت شاشات الحاسوب فابتسم بمكر عندما ظهرت الصورة على الشاشة !
.................
كان لوكاس و الآخرين في طريقهم للمنطقة السرية التي وجدها جين في الطابق الرابع . و في الطريق كان جين يستمع لتقرير عن ما يحدث في الخارج فأخبر لوكاس و الآخرين به : لقد قبضنا على عدد من أفراد العصابة لكن أغلبهم قد ماتوا و الآخرين مازالوا يقاتلون ، لكننا سننتصر في الخارج .. كل ما بقي هو الداخل !
وقفوا أمام الجدار فضغط جين على حجارة فيه ليبدأ بالتحرك للاعلى و يظهر الممر خلفه ! فتحدث جين : عندما سرت في الممر وجدته في النهاية ينقسم لثلاثة طرق لذا لم ادخل أكثر ، هذا المكان غير موجود في خريطة البناء لكن يبدو انه عميق جداً فقد اكتشفت مع ديانا أن هناك مساحة كبيرة في الجدران !
نظر لوكاس للداخل قليلاً ثم نطق : جاك في الداخل و نحن لا نعلم طبيعة المكان الذي هو فيه ، قد تكون هذه خطة لاستدراج هاياتو إلى الداخل لذا ستبقى هنا .
رد هاياتو بانزعاج : مجدداً ؟! ..لقد قلت... قاطع لوكاس كلامه : ميكا سيبقى معك . ابتسم هاياتو و أجاب : موافق .
ابتسم لوكاس بخفة ثم سمع صوت ميكا يحدثه بحيرة : لكن الن تحتاجني في صنع مضاد الفايروس ؟! رد لوكاس بابتسامة لطيفة : ساخذ الفايروس للمنزل و هناك نصنع المضاد ، انت مصاب و لا يجب عليك القتال . فرد ميكا متفهماً : حسناً .
و هكذا دخل لوكاس و جين و كاي بينما بقي ميكا و هاياتو في الخارج بينما كانت ديانا حلقة الوصل بيهم . و قد افترق لوكاس و جين و كاي عن بعضهم ليذهب كل منهم في اتجاه مع تحذير لوكاس لهم أن يبقوا حذرين !
كل منهم سار في طريق طويل و كان كالمتاهة ! ألا إن كلاً منهم وجد طريقته كي لا يضيع فقام جين بتمزيق أوراق المهام السابقة التي كانت معه و رميها على الأرض بينما قام كاي بجرح اصبعه ليخرج الدم فكان كالاشارة التي تدله على الطريق بينما اعتمد لوكاس على ذاكرته القوية لحفظه .
استمروا بالسير لمدة ليست بطويلة و لم يجد أي منهم نهاية للطريق أو حتى غرف ! كان فقط متاهة بلا حدود !
في ذلك الوقت كان ميكا و هاياتو يقفان قرب مدخل تلك المتاهة . نظر هاياتو لجراح ميكا الكثيرة فنطق ببعض الحزن : ميكا هل تتألم ؟ نظر ميكا له بحيرة إلا أنه سرعان ما ابتسم بلطف و اجاب : لا .
نظر هاياتو له لبعض الوقت ثم تحدث : آسف لأنني تأخرت عليك كثيراً . رد ميكا بابتسامة : انت لم تتأخر أبداً ، انا من يجب أن يعتذر لأنني اخلفت وعدي و تركتك هناك ، انا اسف .
ابتسم هاياتو بخفة و أجاب : إذن لن تتركني مجدداً ؟! رد ميكا بابتسامة سعيدة : بالطبع لا . فابتسم هاياتو أيضاً .
رفع رأسه ينظر للأعلى يفكر ثم نطق : متشوق للعودة للمنزل معك ، لقد افتقدتك كثيراً جداً ! آمال ميكا برأسه قليلاً و هو ينظر لهاياتو مجيباً : انا أيضًا اشتقت لك .
رد هاياتو بابتسامة سعيدة : اريد بيتزا من تحضيرك . ضحك ميكا بخفة و اجاب : ساعد لك الكثير . نظر هاياتو له بسعادة و تحدث : لناكلها في الحديقة العامة فالمكان جميل هناك .
رد ميكا بابتسامة : و سادعوا كاي و جين و ديانا أيضاً . عبس هاياتو و رد : و لماذا كاي ؟! فابتسم ميكا و أجاب : لأنه صديقنا ، و لأنك تحبه أيضاً . رد هاياتو فورا : هااا ؟! و من قال أنني أحبه انا أكرهه !
رد ميكا بسعادة : أعلم انك لا تقصد ذلك . عبس هاياتو و أدار وجهه بعيداً فضحك ميكا بخفة ثم أردف هاياتو : ماذا عن لوكاس ؟ ألن تدعوه ؟
نظر ميكا للأرض بابتسامة خفيفة تخفي حزنه و قلقه فنطق هاياتو : لا بأس لست مجبراً على تقبله الآن ستعتاد عليه لاحقاً فهو يشبهك كثيراً !
ابتسم ميكا و أجاب : ربما . لاحظ هاياتو انه أعاد لميكا موضوع والده بذكره للوكاس رغم أنه حاول اسعاده بهذا الكلام إلا أنه انجرف في النهاية . فتقدم نحوه ليقف أمامه و رفع يده ليضعها على جانب وجه ميكا فرفع ميكا رأسه ينظر له بعد أن كان ينظر للأرض .
عند ديانا كانت تتحدث مع لوكاس و الذي بدأ يشك بأمر هذه المتاهة و بعد أن زاد شكه أكثر بمعرفة أن كاي و جين أيضاً لم يجدا شيئاً نطق : ديانا تواصلي مع ميكا و هاياتو و ....
فجأة توقف صوت لوكاس فنادته ديانا إلا أنه لم يجب ! حاولت الاتصال بجين و كاي إلا أن الاتصال قطع معهما أيضاً ! حتى ميكا و هاياتو !
و قد فقدت السيطرة على نظام البرج و توقفت كاميرات المراقبة فيه ففقدت صورة ميكا و هاياتو و لا توجد كاميرات في المتاهة حيث لوكاس و الآخرين !
" هل تم عزلي عنهم ؟ كيف ؟ و لماذا ؟! "
فور أن لاحظ لوكاس انه قد تم عزلهم جميعاً و أنه لا يمكنه التواصل مع جين و كاي أيضا بدأ يركض مسرعاً ليعود لميكا و هاياتو مفكراً ...
" هذا فخ ! لقد اخلى جاك هذا المكان قبل وصولنا !! .. هذا يعني أنه الآن .... في البرج ! مع ميكا و هاياتو فقط !! "
و عند ميكا و هاياتو ، اقترب هاياتو من ميكا واضعاً يده على جانب وجه رفيقه و تحدث بابتسامة : الآن سنخرج معاً ، و هذه المرة حقاً لن نعود لمكان كهذا ، لا تفكر كثيراً و تشغل بالك بالماضي ، عندما نخرج من هنا سنعيش حياة مختلفة هذه المرة ، حياة طبيعية ، لن نقلق من أن يجدنا نيكولاس أو أي شخص آخر ، سنفعل كل ما نريده ، و لن نقلق من الناس حولنا ، سنكون صداقات كثيرة ، لن نقلق من المال بفضل السيد غيلن ، سنركض و نلعب كما نريد بلا خوف مثل أي شخص في عمرنا .
ابتسم ميكا و هو يرى الأمل يشع بعيني رفيقه ، هذا الأمل الذي ينتشله من الظلام كل مرة و يعطيه أحلام دافئة و جميلة . فابتسم ميكا بسعادة و رد : أجل !
ابتسم هاياتو أيضاً و هو يحلم بالمستقبل الجميل ذاك قبل أن يصدم بدفع ميكا له بعيداً بقوة ليكون آخر ما يراه هو نظرات القلق و الخوف في عيني أخيه قبل أن يسقط الجدار بسرعة و يغلق المدخل !!
حدق هاياتو بالجدار بصدمة ثم نهض بسرعة ليضربه و يصرخ : ميكا ! ميكا اتسمعني ؟!!
جاء صوت ميكا القلق : هاياتو أهرب من هنا ! استدار ميكا ينظر حوله داخل المتاهة حيث يفترض أن جاك سيأتي منها إلا أن أحداً لم يظهر ! و هذا أرعب ميكا بشدة خاصةً انه لم يسمع جواباً من هاياتو فصرخ منادياً اياه : هاياتو اسمعتني ؟ ... هاياتو اجبني ! قل شيئاً !!
استدار ميكا ليضرب الجدار بقوة منادياً اياه ليسمع صوت تمنى أن لا يسمعه بقية حياته ! فتحدث جاك بابتسامة ماكرة : شكراً لأنك رميته لي ميكا ، كان سيكون مزعجاً أن علق بالداخل معك ! توسعت عينا ميكا بصدمة فصرخ : هاياتو ! هاياتو أين أنت ؟ ماذا حدث لك ؟ اجبني هاياتو !! .... سيد جاك لا تأخذه ، أرجوك توقف ، سافعل أي شيء ترغب به !
سمع صوت جاك و هو يبتعد : للأسف ميكا فانا لم اعد أرغب بشي منك بعد الان .. استمتع هناك حتى تأتي ساعة النهاية ، سيكون هذا المكان اول موقع لانتشار الفايروس .
ضرب ميكا الجدار بكل قوته و هو يصرخ : توقف ! لا تفعل ! أعده ! أعد هاياتو ! هاياتو!! ضرب ميكا الجدار بقوة حتى خرجت الدماء من يديه دون فائدة ! الطريقة الوحيدة لرفع الجدار هي من الخارج و لا يمكنه فعل شيء للخروج !!
فجأة سمع صوت يناديه من الخلف فالتفت إليه ليجد لوكاس قادم نحوه يتبعه كلٌ من جين و كاي ! فتحدث لوكاس قبل أن يصل لميكا حتى : ميكا ماذا حدث ؟ لما الجدار مغلق و أين هاياتو ؟
نهض ميكا ليتجه نحوه بسرعة إلا أنه أمسك ذراعي لوكاس و صرخ بغضب : الم تقل أن جاك في الداخل ؟ ألم تقل أنها خطة لاستدراج هاياتو ؟! لما هو في الخارج إذن ؟!
رد لوكاس يحاول تهدئته : أهدأ ميكا ماذا حدث ؟! ألا إن ميكا قد فقد أعصابه و صرخ : لقد أخذه ، أخذ هاياتو بسببك ! و انا رميته له بكل بساطة !
شعر الجميع بالقلق الشديد بينما رفع لوكاس يده ليضعها على كتف ميكا بينما يتحدث : ميكا أهدأ حتى نفكر و...
قاطعه ميكا بابتعاده عنه و ضرب يده بقوة ليبعدها : لا تلمسني .. بسببك آخذه ! شعر لوكاس بندم شديد لأنه أخطأ في معرفة خطة جاك و زاد ندمه و كرهه لنفسه دموع ميكا التي تهدد بالخروج ! هو يرى رفيقه يتعرض للأذى مجدداً دون أن يتمكن من إنقاذه ، لم يستطع تحمل حبس دموعه أكثر !!
بينما نظر جين و كاي له بحيرة و قلق لا يعلمان ما يفعلانه أيضاً لذا قررا ترك الأمر للوكاس و الذي اقترب منه يتحدث بهدوء : ميكا فقط أهدأ و سنجد الحل ثق بي !
صرخ ميكا بحزن شديد : لقد فعلت و هذا ما حدث ! كيف أثق بك و اتبعك مجدداً و ابي لم يكن يساعدني أبداً إلا أن أعطيته مقابل ذلك ؟!
فجأة بدأ ميكا يسعل بقوة شديدة فاقترب منه جين بقلق و امسكه قبل أن يسقط على الأرض فاقترب كاي أيضاً لينخفض لمستواه بقلق منادياً : ميكا ؟!
توقف سعال ميكا لتصبح رؤيته مشوشة أكثر فاقترب لوكاس منه و وضع يديه على كتفي ميكا و قال : ميكا انا اسف جداً لما حدث لكن ثق بي هذه المرة فقط ، ساجد طريقة للخروج و سننقذ هاياتو ، لن ادع الفايروس ينتشر أبداً .
رفع ميكا راسه ينظر إليه بغضب و حزن إلا أنه لم يستطع رؤيته بوضوح . إلا أن ميكا اومأ إيجاباً فلا خيار لديه الآن و هذا أفضل من الجلوس و الندم فقط !
نهض لوكاس يفكر بأي طريقة للخروج بينما يفعل الآخرون ذلك أيضاً .
..............................................
في هذا الوقت في الخارج ... في منطقة شبه صحراوية و على بعد مسافة ليست ببعيدة عن مدينة العصابة هذه ... فور انقطاع الاتصال خرجت ديانا مسرعةً من السيارة التي كانت فيها تحمل حاسوبها الشخصي بينما يحيط المنطقة رجال المنظمة !
ركبت الطائرة الصغيرة بسرعة و قالت لأحد الرجال : أريد الذهاب لذلك البرج بسرعة ! قالت ذلك بينما تشير للبرج وسط المدينة فأجاب الرجل : لكن المكان خطير عليك جين قال لنا أن نحميك من كل شيء !
ردت ديانا بقلق : قد يموت جين أن لم أذهب ! أرجوك أسرع سيدي انا اعرف ما أفعله ! نظر الرجل لها قليلاً ثم رد : حسناً ساخذك إلى هناك .
ركب الرجل المروحة ليقودها و يجعلها تحلق نحو البرج بينما كانت ديانا تعمل على الحاسوب بقلق شديد ! هذه المرة الأولى التي تتحرك بمفردها دون أوامر لكن لم يكن أمامها خيار و قد عزلت عن جين و الآخرين ! اتخذت القرار بنفسها للمرة الأولى بينما تتذكر كلام السيد غيلن في وصيته و كلام لوكاس لها بأن تثق بنفسها .
اتخذت القرار و ستذهب إلى هناك بنفسها فهي لن تقف و تشاهد رفاقها يتعرضون للخطر دون أن تفعل شيئاً !
" لقد تم عزلي عنهم من داخل البرج لابد أن شيئاً سيئاً سيحدث !... لكن رجال العصابة لن يتوقعوا أن تشارك المبرمجة بالمهمة بنفسها لهذا سيكون مفاجئ لهم و قد أستطيع إنقاذهم ! "
................................................
ارتفع صراخ قادم من المختبر : اتركني ! ساقتلك فور أن اتحرر ! رد جاك بانزعاج : أصمت لقد ازعجتني ! صرخ هاياتو : انت تزعجني منذ سنوات !
نظر جاك له بطرف عينه ثم تنهد و حدث نفسه : لما لم يكن ميكا ؟ كان على الأقل قد اراحني من صراخه ! فصرخ هاياتو بغضب : ميكا ليس دمية لديك ! تجاهله جاك و أكمل عمله يجهز قنينة صغيرة ليضع فيها الفايروس مع حمض هاياتو النووي و مواد أخرى !
فأخذ إبرة و اتجه لهاياتو الذي كان مقيداً على السرير الطبي ! فور أن رآها هاياتو اشتدت مقاومته محاولاً التحرر من تلك القيود و صرخ : لا تقترب !!
و كأن صراخه هذا سيفيده ! فهؤلاء الأشخاص لا يهتمون أن كان رجلاً ام إمرأة ، صغيراً أو كبيراً ، هم يقتلون الجميع دون رحمة فهل سيتغير هذا الآن ؟! هذا مستحيل ، فالحياة ليست كما تريد دائماً . و بالنسبة له و لميكا فمتى كانت الحياة لطيفة معهما ؟ هي دائماً عكس ما يريدان . تعطيهما أملاً كاذب و تأخذه منهما في لحظات . هكذا كانت دائماً .. و ستبقى كذلك !
يتبع ...
.................................................................
اتمنى انه قد نال اعجابكم . ما ارائكم و توقعاتكم ؟ بقي فصلين و تنتهي الرواية فما توقعاتكم للنهاية ؟