2 - سفينة الحريه و ... | البارت 2 *

التفتت ايرينا لتنظر للفتى المسمى تيم.. كان فتى متوسط الطول بشعر أشقر فاتح قصير وعيون بنيه وعلى وجه نشم خفيف، اخذت نفسا عميقا قبل ان تقول بثقة. [بأي طريق سنتبارى؟]..

ضحك وهو يلعب بسكاكينه. [هل انت جاد بالمحاولة ايها الطفل؟].. قالها بسخريه ومن الواضح انه يحاول استفزاز ايرينا التي لم تهتم لكلامه كالعادة، اختفت ابتسامتها وأصبحت عيناها الذهبية بارده وهي تقول.. [لم اتي هنا لألعب معك هل سنبدأ ام أنك ستستمر بالثرثرة؟ ] .. اتسعت عيناه قليلا على تحولها المفاجئ.. ونظر لها الكابتن بطرف عينيه وابتسم قليلا..

بدى حانقا من طريقة كلامها معه وقال [ بما أنك هزيل الجسد فسندع هذه مسابقة لرمي السكاكين حتى لا يقول أحدهم أنني اتنمر عليك].. اشار لرفيقه الذي نهض ورسم دائرة متوسطة الحجم على الجدار الخشبي، أكمل وهو ينظر لها باستخفاف [لديك محاولتين لأصابه مركز الدائرة ان فعلت فسأعترف بفوزك]

اومأت ايرينا وبدأت المسابقة.. رغم انها توقعت انهم سيتقاتلون لكن كما يبدوا انهم يستخفون بها، لكن هذا أيضا امر جيد فهي لا تملك خبره فعليه بالقتال، بالمقابل كان أول شيء تعلمته عند رغبتها بأن تصبح قرصانه هو رمي السكاكين! إنه شيء بسيط يمكن أن تتعلمه في غرفتها دون انتباه أحد..

امسك توم اولا السكين ورماها لتصيب المركز، فابتسم نحوها بثقة ورمى لها سكينا، التقطتها وعلى الفور رمتها بسلاسة، بالتأكيد أصابت المركز تماما ثم التفتت نحوه بابتسامة سخريه.. [حسنا؟]..

نظر لها بصدمه في البداية وسرعان ما استشاط غضبا وكور قبضته لضربها كان هذا حدثا غير متوقع لكنها امسكت بقبضته المتجهة نحوها واليد الأخرى على كتفه ورفعته لترميه على الأرض، بعد أن فعلت ذلك شعرت بالغرابة، هل يملك عقل طفل حتى يهجم هكذا بعد خسارته؟ ليس وكأنه سيخسر شيئا..

تأوه متألما، وانخفضت لتحدق بوجهه. [اسمك تيم صحيح؟ الن تعترف بفوزي؟].. عقد حاجبيه ونظر بعيدا..

نهض الكابتن فجأة فنهض الكل وحملوا اغراضهم. استغربت ايرينا وظنت انهم سيهجمون عليها او شيء كهذا لكنهم ابتسموا لها بحماس، قال أحدهم. [افرح لقد قبل بك الكابتن] ضرب أحدهم ظهرها بقوه فشعرت به يتحطم.[يا رجل لم اظن أنك تجيد القتال لقد رميته بشكل جيد!]

ضحكوا وهم يتحدثون معها متجهين الى السفينة

عرفت بنفسها واخبرتهم بكذبه عن انها كانت تحب السفن وارادت العمل على أحدها، وبدا أن الآخرين لا يشكون لكنها شعرت بأن ذلك الكابتن الصامت أعطاها نظره غريبه، عبست باستغراب وتقدمت نحوه لتسأل بابتسامه. [المعذرة لكن هلا اخبرتني باسمك؟]. لم يجبها واستمر بالسير فأصابها الإحباط.. ونظرت للأرض الحجرية وهي تشبه معاملته بوالدها.. [كين].. رفعت رأسها بسرعه عندما قال اسمه وابتسمت بسعادة..

[وانا ايرين سعيد بلقائك كين!]

بينما هم يمشون نحو الميناء، لمحت مجموعه من الجنود منتشرين في كل مكان.. معهم اوراق رسمت عليها صورتها ويسألون المارة ان رأوا هذه الفتاه.. وما إن يلمحوا شخصا يرتدي غطاء او قبعة حتى يوقفوه بعنف ويتم تفتيشه..

اقشعرت من نظراتهم.. لابد ان والدها هددهم بشيء ان لم يجدوها، او ربما تكون زوجة والدها؟ لم ترد لهم أن يلاحظوها حتى وان كانت متنكرة بزي رجل، تراجعت للخلف واخفت نفسها بين الطاقم والذين كانوا ضخام الجثة مقارنه بها..

لاحظ كين تصرفاتها الغريبة، ونظر نحو الجنود الذين يسألون المارة، ابتسم بتكلفه ليعود وجهه بعدها لجموده..

عندما وصلوا للسفينة كان عمال الميناء قد انهوا تحميل البضائع على السفينة.. فصعدوا جميعهم

كانت ايرينا اخر من صعد.. وقفت تتأمل السفينة بأعين مبهورة وحماسيه.. سطح السفينة كان واسع ومصنوع من الخشب المقوى بمادة جعلته يلمع تحت اشعة الشمس، الأشرعة المغلقة والسارية التي امتدت للأعلى وكأنها تنافس السماء..

خرجت من شرودها عندما ناداها كين وهو يتأمل ملامحها المندهشة.. [ما الذي انت شاردا به؟]

" هم؟ اه اجل انتبهي يا ايرينا!! " تذكرت انها في سفينة تجاريه وليست سفينة قراصنة، ابتسمت على غبائها ولحقت كين بخطوات قافزه ومرحه.. كان كين يلاحظ تقلباتها المزاجية فسألها. [لماذا تبدوا سعيدا؟ ان عمل السفن ليس بهذه السهولة التي تظنها]

نظرت له ايرينا بقليل من الاندهاش. فحقيقة كونه يتكلم معها دون ان يتجاهلها جعلتها سعيدة قليلا.

[انها مرتي الأولى التي اركب فيها على سفينة ضخمه]بطريقة ما كان بأماكنها رؤية عينيه قد ضاقت قليلا قبل ان تعود لطبيعتها. [اذهب واسأل رول ليرى اين ستعمل، ستجده في المخزن]

قال كلامه وغادر تاركا ايرينا المستغربة من تصرفاته " ما الأمر معه؟ " . غضبت قليلا لكن سرعان ما نسيت ذلك عندما بدأت بتفقد السفينة وهي تبحث عن المخزن، قابلت الكثير من افراد الطاقم والمشغولين بتجهيز السفينة للأبحار فلم يهتم أحد بأسئلتها حول مكان المخزن.

" حقا!! ما الأمر معهم كانوا للتوا يتعاملون معي وكأنهم يعرفوني منذ وقت طويل والآن يتجاهلوني وكأني غير موجودة!! اعلم انهم يستعدون للأبحار لكن تصرفاتهم تثير غضبي حقا، أيا كان إن المخزن عادة يكون في الجزء السفلي من السفينة "

تنهدت وهي تبعد غضبها جانبا بسهوله فالعيش مع عائلتها يجعلها مضطرة الى بلع كل ما تشعر به وابقاء ابتسامه على وجهها حتى لا تسوء تصرفاتهم نحوها أكثر وهي لم تكن في موضع يسمح لها بالرد او حتى ضرب وجوههم البغيضة، رغم أن اخوتها لا يفعلون شيئا أثناء وجود رين، ذلك لا يعني أنه موجود معها طوال اليوم.

استمرت في بحثها حتى وجدت غرفه واسعه ممتلئة بالصناديق الخشبية المغلقة بأحكام وهناك رجل ضخم ممتلئ بالعضلات ممسك بدفتر كبير ويكتب فيه بسرعه..

[المعذرة؟].. حاولت جذب انتباهه لكنه كان مشغولا فلم يلاحظها. تنهدت وظلت واقفه عند الباب تنتظره ان ينتهي، بعد خمس دقائق رفع نظره عن الدفتر وهو يتفقد باقي الصناديق واخيرا لاحظ وجودها عند الباب وهي تنظر اليه..

[من انت؟]. سأل بشك وحذر.. فابتسم ايرينا لتجعله يطمأن. [انا ايرين وانضممت اليوم، هل انت السيد رول؟ أخبرني كين ان اتى اليك لأعرف عملي].

نظر اليها بشكل فاحص لفتره ثم عاد ليكتب في دفتره بعد ان قال. [اذهب الى المطبخ ستساعد جان في عمله].. " ا-ا-المطبخ!! " . اخر شيء فكرت به ايرينا هو المطبخ، لكن بالطبع ما الذي تتوقعه؟ بالطبع سيكون عملها شيئا بسيطا..

لم تظهر صدمتها ابدا وقالت له. [اين سأجد المطبخ؟ لا اريد ان اضيع وقتي في البحث عنه فالسفينة كبيره]..

بدى الانزعاج واضحا على وجهه لكونها تقاطع عمله.. تحرك الى صندوق قديم في الزاوية واخرج لها مخطط واضح للسفينة

[خذه ولا تزعجني أكثر]..

طردها من المخزن واغلق الباب.. " انه حقا سريع الغضب ".. ضحكت ونظرت للمخطط الذي بين يديها، " ان السفينة كبيره حقا! انضممت فقط لأنها بدت رائعة لكن علي الانتباه جيدا كي لا ينتهي بي الأمر مطرودة ... اوه صحيح!! يال غبائي لم اسأل الى اين تتجه السفينة! " ..

بالفعل هي كانت تمشي مع التيار وحسب.. اسرعت للمطبخ ودخلته لتجد مجموعه من الرجال يتحركون كالنحل بشكل منظم لا أحد يعترض طريق الآخر.. " اااه اشعر بشعور سيئ كيف لي ان اتعلم الطبخ وباقي الأمور والكل هنا يعرف عمله.. "

في العادة كانت لتبحث عن طرق اخرى لتهرب من هذا العمل لأنها لا تجيده.. لكن حلمها كان فوق كل شيء. " من يعلم، ربما سأحتاج الى هذه الأمور عندما أصبح قرصانه؟ أعني من المضحك أن اموت يوما من الجوع لأنني لا أعرف الطبخ "

لا ضرر من التعلم فبالنسبة لها العلم سلاح قد تحتاجه يوما ما ...

تحدثت بعدها مع جان الذي كان رئيس الطباخين وبشكل غير متوقع كان لطيفا معها عكس الباقين الذين نظروا لها كعائق، بدأ بتعليمها كل شيء خطوه بخطوه وبالأخص تقشير البطاطا فبسببه امتلأت يداها بالخدوش وسرعان ما اتقنته بسبب مهارتها في السكاكين.. اما بالنسبة للباقي.. حسنا لنقل انه سيأخذ وقتا لإتقانه..

ابحرت السفينة وانشغلت ايرينا بعملها فالسفينة كبيره والطاقم كثيرون فلا وقت للراحة، حتى انها كانت متأكدة بأنها ستصاب بآلام في العضلات بعد اجبرت على حمل الصناديق الثقيلة لمكتب كين والذي كان مشغولا بكتابة العديد من الأوراق وامامه الكثير من الخرائط..

... واخيرا حل الليل!

اختفت اصوات الصراخ والحركة في السفينة، الكل اتجه الى غرفته للنوم عدى المراقبين الذين كانوا يتناوبون في المراقبة.. لم ترد النوم الآن فخرجت لسطح السفينة كي تستنشق بعض الهواء المنعش..

ويال الصدفة! وجدت كين مستلقيا على الأرض الخشبية واضعا رأسه بين يديه وهو يتأمل في السماء.. اصابها الفضول فهي ظنت انه من النوع الصامت والذي يحبسه نفسه في مكتبه طوال اليوم ...

[اتريد شيئا؟]

انتبهت ايرينا لنفسها وقالت. [تراقب النجوم؟]. اومأ لها بصمت.. فسمحت لنفسها واستلقت بجانبه.. [هل أستطيع ان اسأل؟]

نظر لها بطرف عينه فهو لم يتوقع انها ستستلقي بجانبه، رغم تجاهله لها، اكملت ايرينا حديثها.. [إلى اين تتجه السفينة؟]اتسعت عيناه من سؤالها.. ضحك وهو يمسك فمه كي لا يخرج اي صوت لكنه فشل في ذلك فقد نظرت له ايرينا بوجهها الذي احمر.. [لماذا تضحك!]

[ انت!! ... ركبت السفينة رغم أنك لا تعلم الى اين تتجه! فتى غريب]حسنا هي تعترف انها لم تسأل لأنها لم تهتم الى اين ستذهب في الوقت الحالي، فقد كانت تبحث عن عمل لا أكثر..

[السفينة متجهة الى القارة الخضراء] شعرت ايرينا بالسعادة، " القارة الخضراء؟ من المحتمل ان اقابل لورا! هذا رائع "

كانت تفكر بصمت ولم تخفى السعادة على ملامحها، حينها سأل كين سؤالا جعلها في حالة صدمه.. [هل انت فتاه؟] نظرت له لفتره.. وجهه الجاد والغير مبالي وكأنه لا يهتم ان اعترفت بذلك..

[اجل انا كذلك ... كيف عرفت؟].. ابتسم باستمتاع على سؤالها بينما هي احمرت فهذه اول مره ترى ابتسامته بشكل مباشر.. [لدي اعين جيده بعد كل شيء]..

مره أخرى شعرت بالغرابة، صحيح أنها تبدوا كفتاه حتى لو ارتدت هذه الثياب ولكن الشخص الطبيعي سيفكر بأنها فتى لم يبلغ بعد، شعرت بأنها قد اغفلت عن شيء ما لكنها لم تستطع معرفته..

رفع حاجبها بقلق وهي تسأل. [هل ستقوم بطردي؟]..أغمض عينيه كما لو كان يفكر بشيء.. [لن افعل.. بشرط ان تخبريني بقصتك واسمك الحقيقي ايضا]..ازداد قلقها. لماذا يريد معرفة قصتها؟ لكنها اخبرته على اية حال.. بالطبع عدى كونها اميره

[همم هكذا إذا؟ لكن قرصانه؟ لديكِ طموح غريب حقا].. كشرت ايرينا بغضب. [انا حره في طموحاتي وأحلامي].. [حسنا يا طفله أسرعي واذهبي للنوم فأمامك عمل طويل خصيصا لفتاه لا تجيد الطبخ].. احمرت ايرينا على تعليقه، فتاه لا تجيد الطبخ!!

نهض ومدد جسده وذهب في طريقه لمكتبه قبل ان تقول ايرينا بسرعه. [تصبح على خير!]..لم يلتفت لكنه رفع يده وأكمل سيره ...

دخلت للغرفة التي اعطيت لها، ومن الأفضل ان ندعوها مخزن صغير؟ ... امتلأت بالصناديق والكثير من الأشياء.. لكنها لم تمانع فهذا أفضل من النوم مع مجموعه من الرجال فربما يكتشفها أحد غير كين..

رمت نفسها على قطعة القماش الموضوعة على الأرض.. كانت الأرض صلبه ففكرت.. " اعتدت النوم على الحرير وأسرة من القطن الناعم.. هذا مضحك حقا، ان العائلة الملكية تعيش حياتها بشكل مرفه متجاهله معاناة شعبها "

تذكرت كيف يعاني شعب مملكتها.. العاصمة حيوية ومرفهه بينما باقي المدن تعتمد على حظها ان استطاعت البقاء دون هجمات بائعي العبيد او قاطعي الطرق.. والدها لم يبذل اي جهد سوى في العاصمة وزيادة جيشه.. متجاهلا باقي المدن لتقابل مصيرها..

لا عجب ان والدتها سعيت الى ان تكون محظية للملك متجاهله كرامتها فهي لا تريد ان تصبح واحده من العبيد الذين لا يعاملون حتى كبشر..

كادت ان تغلق عينيها لتنام.. فأحست بحركة خلف أحد الصناديق.. " هناك أحد ".. نهضت بهدوء واخرجت المقص من حقيبتها.. ثم قفزت خلف الصندوق بحركة سريعة لتضع المقص على عنق الشخص المختبئ..

[من انت؟ ولماذا انت مختبئ؟]

... انقشعت الغيوم ودخل ضوء القمر من النافذة الصغيرة.. لتبعد ايرينا المقص بدهشه..

[ل-لوورا !!]

________________________________

2020/06/07 · 344 مشاهدة · 1738 كلمة
zeedo
نادي الروايات - 2025