الفصل المئة والحادي والخمسون: معركة القدر
____________________________________________
كان عمها يجلس هناك، وقد أرادت أن يرى بعينيه ثمرة جهودها والتقدم الذي أحرزته طوال هذه السنين، لذا عزمت على بذل قصارى جهدها في هذه المواجهة. تقدم شوان شيو زي من يي تشين بعد أن أعلن عن فتح حلبة معركة القدر الخاصة بأسلاف طائفة لينغ يون زونغ، وقال بهدوء: "أعلم أنكِ لا تشعرين بأي انتماء للأكاديمية".
ثم تابع بنبرة نصفها وعد ونصفها تهديد: "أطلب منكِ مساعدتنا على تحقيق النصر في هذه المعركة. وحينها، لن تُساءلي عن أي فعل قمتِ به في الماضي، وسأجعل من عائلة يي قوة عظمى حقيقية. هل فهمتِ ما أعنيه؟ عليكِ أن تبذلي كل ما في وسعكِ".
رمقته يي تشين بنظرة عابرة، فهذا الرجل الذي عاش دهورًا طويلة لم يستطع بعد أن يتخلى عن كبريائه وهويته. ثم أومأت برأسها قائلة: "سأبذل قصارى جهدي". نهض شوان شيو زي وقد علت وجهه ابتسامة رضا، وضحك قائلًا: "هذا جيد، أنتِ أفضل شابة رأيتها في حياتي، وليس لدي أدنى شك في قدراتكِ. لقد أصبحتِ على دراية بقواعد معركة القدر، فاستعدي، فالمعركة على وشك أن تبدأ".
كانت قواعد القتال على النحو التالي: تدور المنافسة في مملكة سرية تتألف من خمس مناطق تمثل العناصر الخمسة، وفي كل منطقة يختبئ جزء من كنز عظيم في أعمق نقطة منها. يُوزّع المتسابقون الستة عشوائيًا على تلك المناطق، ويتوجب على كل منهم هزيمة الوحوش القوية التي تحرس كنزه والعثور عليه.
بعد ذلك، تستخدم رموز خاصة لعبور المناطق، ولا يُعلن فائزًا إلا من ينجح في جمع أجزاء الكنز كلها ودمجها. أما المتسابق السادس، فيلعب دورًا حرًا، حيث يُرسل عشوائيًا إلى إحدى المناطق، وله الخيار بين التعاون مع أحدهم أو إقصائه من المنافسة.
كان لكل منطقة من مناطق العناصر الخمسة قوانينها الخاصة التي تختلف كليًا عن العالم الرئيسي، مما يضع قدرة المتسابقين على التكيف تحت اختبار عظيم. وكانت تحديات عبور العوالم اختبارًا شاقًا لقدراتهم على الحركة والتنقل، ففي هذه المعركة، لم تكن القوة وحدها كافية، بل كانت الحكمة والخبرة وحتى الحظ عوامل حاسمة ترسم ملامح النصر.
في تلك اللحظات، كان كل متسابق ينتظر في غرفته الخاصة، يترقب ظهور بوابة الفراغ التي ستنقله إلى ساحة المعركة عند انطلاقها رسميًا. وفي غرفة أخرى، اجتمعت شين نينغ يوي والمشرف الأكبر وسيدة القاعة فانغ وشين تيان مينغ.
قال المشرف الأكبر: "لدينا فكرة واضحة عن مرشحي القوى الأخرى، لكن أكاديمية تيان فو وحدها هي التي برعت في الحفاظ على سرية مرشحها، فلم تتسرب أي معلومات عنه حتى الآن".
أمسكت شين نينغ يوي بسيفها الطويل الذي انبعث منه ضباب جليدي، وعلت وجهها نظرة باردة قائلة: "لا تقلقوا، أيًا كان الخصم، فمصيره الموت تحت سيفي، فأنا من أبناء عائلة شين". وأثناء حديثها، ألقت نظرة خاطفة نحو شين تيان مينغ الذي ظل جالسًا في صمت، وعلى وجهه تعابير صارمة.
على الجانب الآخر، كانت يان تونغ تتشبث بذراع لين بنغ في هيئة فتاة رقيقة، وهي تقول: "هيا يا أخي لين بنغ، يمكنك الفوز". لكنه في تلك اللحظة لم يلتفت إليها، فقد كان يضم قبضته بإحكام وقد علت وجهه سحابة من الحرج، إذ ترك سيف يي هوانغ في قلبه أثرًا لا يُمحى. نظر لين بنغ إلى الأمام وهو يفكر في قرارة نفسه: 'آمل ألا أواجهها اليوم'.
في الساحة الشاسعة، تجمهرت حشود غفيرة من مختلف القوى، ومع دقات ثلاثة أجراس، أُعلن عن بدء معركة القدر. تساءلت يي شياو شياو بلهفة: "هاه؟ لمَ لم يظهروا بعد؟ إنهم أبطالنا المنتظرون!".
ابتسم داوي عجوز كان يجلس بجانبها وقال: "يا أيتها الخالدة الصغيرة الظريفة، هذه ليست مباراة عادية. فمن هم في ذلك المستوى يأنفون من الظهور أمامنا نحن العامة. إن مجرد السماح لنا بمشاهدة نوابغ السماء الحقيقيين هو فضل ونعمة عظيمة".
أبهج لقب "الخالدة الصغيرة" يي شياو شياو، فاقتربت منه وقالت: "يا عم، من أين أتيت؟". أجابها بزهو: "أنا شيخ من طائفة يوان زونغ، وهي طائفة من المرتبة الثانية وثالث أكبر طائفة تابعة لطائفة لينغ يون زونغ". صاحت بدهشة: "يا للروعة! إذن أنت..." وهكذا، انخرط الاثنان في حديث حيوي على الفور.
هز يي سوي فنغ رأسه بأسى، فقد كان ينظر أمامه ويرى يي تشين بوضوح، كما استشعر وجود هالات غريبة بين القوى الخمس الأخرى، هالات لا تنتمي إلى هذا العالم. ومع رنين جرس الأعماق التسعة، ظهرت لوحة مهيبة في وسط الساحة، معلنةً انطلاق معركة القدر رسميًا.
فتحت يي تشين عينيها لتجد بوابة فراغ بيضاء قد تجسدت أمامها، كانت تلك هي بوابة المملكة السرية التي ستقودها إلى ساحة المعركة. ودون تردد، اندفعت نحوها، واختفى جسدها تدريجيًا في طيات البوابة.
بعد أن دخل مرشحو القوى الست إلى ساحة المعركة، ظهرت في الساحة لوحة عظيمة تعرض مجريات القتال، كما أضيئت مخطوطة مماثلة في كل غرفة من غرف المشاهدة الخاصة. عرضت اللوحة خمس مناطق مختلفة، لكل منها مشهدها الفريد: عالم تكسوه الرياح والسيوف المكسورة يمثل الذهب، وغابة بكر تحجب أشجارها السماء تمثل الخشب، وأرض جليدية تضربها عاصفة ثلجية هوجاء تمثل الماء، وعالم من اللهب وانفجارات الحمم البركانية يمثل النار، وعالم مقفر تغطيه الرمال الصفراء يمثل التراب.
ببطء، ظهرت ست كتل ضوئية متألقة على اللوحة، وعندما تبدد الضوء تدريجيًا، انكشفت أخيرًا الهيئة الحقيقية للمرشحين الستة أمام الجميع. حدّق شين تيان مينغ في تلك الهيئة التي ظهرت في العالم الجليدي، وفي لحظة، شحب وجهه وانهار على كرسيه، ثم همس بصوت مرتعش وقد تملكه الذهول: "لقد... لقد أتوا حقًا!".
عندما ظهر جميع المرشحين السماويين على اللوحة في الساحة، علت هتافات صاخبة من الحشود. أشار شيخ طائفة يوان زونغ إلى يي تشين في المملكة السرية الجليدية وقال: "انظروا، تلك هي ممثلتنا من طائفة لينغ يون زونغ".
كانت يي تشين لا تزال ترتدي فستانها الأحمر الداكن، لكن ظهر على ملابسها من الخلف نقش لفرشاة كتابة وسحابة ميمونة، وهو شعار طائفة لينغ يون زونغ. غير أن يي شياو شياو كانت تعلم أن المعنى الحقيقي لذلك الشعار يعود إلى أكاديمية تيان فو، تلك القوة العظمى التي لم تسمع بها طائفة متواضعة مثل طائفة يوان زونغ.
لوّحت يي شياو شياو بقبضتها الصغيرة وهي تهتف بحماس: "تلك أختي، وسوف تنتصر في هذه المعركة!". ضحك الشيخ العجوز الذي أعجب بهذه الفتاة الصغيرة أكثر فأكثر وقال مازحًا: "أنتِ ظريفة جدًا. لو كان القدر يجمعكما، لكانت تلك الخالدة قد اعترفت بكِ أختًا لها بالتأكيد"، فمن الواضح أنه اعتبر كلامها مجرد مزحة.
ثم أضاف بجدية: "لكنكِ قلتِ شيئًا صحيحًا، فممثلتنا بالتأكيد لا تخشى أي تحدٍ!". وهكذا، انخرطت يي شياو شياو والشيخ العجوز في حديث ودي. أما يي سوي فنغ، فقد كان يراقب المشاركين الآخرين بعين فاحصة، بعد أن اطلع بالفعل على معلوماتهم التي نقلتها إليه يي تشين.