الفصل المئة والتاسع والثمانون: دين الماضي
____________________________________________
قاطع الشاب حديثه بحدة قائلًا: "من هو ابن أخيك هذا! في اللحظة التي خنتنا فيها وهربت بنفسك، انقطعت كل صلة بيننا! ولست أنا وحدي من يقول هذا، بل الآخرون جميعهم يشعرون بالمثل!" ثم أطلق زئيرًا غاضبًا وأخذ يطيل النظر في وجوه الشيوخ من حوله، الذين بدأت نظراتهم لسيد المعبد تتحول إلى برود قاتل.
تنهد الشيخ المصاب في قرارة نفسه، فقد كانت هذه النهاية محتومة منذ اللحظة التي ظهر فيها سيد المعبد أمام الجميع بوجهه الشاحب والضعيف. فكل من بقي في القاعة الآن إما يحمل في قلبه غضبًا أو حقدًا، وفوق كل ذلك، لم يكن أي منهم راغبًا في الموت.
نظر سيد المعبد إلى ابن أخيه الذي كان يومًا ما يغمره بالاحترام والمحبة، لكنه الآن يقف أمامه بملامح متغطرسة، فضحك ضحكة يائسة. أدرك حينها أن هذا هو عقاب يي سوي فنغ له، وأن الناس يمكنهم حقًا أن يتغيروا بهذه السرعة الخاطفة.
التفت الشاب إلى مسؤول جناح مونبوك وقال بنبرة حادة: "أيها السيد العظيم، أقترح أن يُعدم هذا الحثالة على الفور، وأن يُقطع رأسه على الملأ!"
نظر إليه الرجل الضخم وابتسم بهدوء، ثم سأله: "وما رأيكم أنتم؟" وأشار إلى شيوخ المعبد الذين بدت على وجوههم ملامح اللامبالاة. فما الذي يعنيهم موت رجل فانٍ مثلهم؟ وبعد برهة من الصمت، أومأ الرجل الضخم برأسه وقال: "حسنًا إذن، خذوه إلى الخارج".
لم يمضِ وقت طويل حتى اقتيد سيد المعبد إلى الساحة، وكان من يقوده هو ابن أخيه الذي أحبه أكثر من أي شخص آخر. بل إن الشاب حرص على أن يضع عليه لافتة تعريفية، وكأنه يخشى ألا يعرف الناس هويته. ثم قُيِّد الرجل العجوز بإحكام إلى وتد خشبي متآكل.
عاد الشاب ووقف أمام الرجل الضخم بكل ثقة، فقال له الرجل الضخم مبتسمًا: "أيها العجوز، لقد حان وقت موتك! حسنًا، يمكنك أن تفعلها بنفسك".
تجمد الشاب في مكانه للحظة، وبدا الصراع واضحًا في عينيه. ففي النهاية، كان هذا الرجل شيخًا جليلاً أرشده يومًا ما وأنار له الطريق. لكن سرعان ما تلاشت حيرته وحلت محلها قسوة لا ترحم. ثم توجه بخطى ثابتة نحو سيد المعبد، وحدق في وجهه الهرم الضعيف، واستل سيفه الطويل من غمده.
في تلك اللحظة، ضحك سيد المعبد وقال: "افعلها يا فتى، أنا لا ألومك". وما إن نطق بهذه الكلمات حتى أصابه الذهول، فقد تذكر أن شخصًا ما قال له هذه العبارة ذاتها من قبل. كان ذلك في المرة الأولى التي نقش فيها هو والخمسة الآخرون التعويذات على ظهر السلحفاة العجوز، حيث كان وعي السلحفاة مستيقظًا آنذاك، وأدركت تمامًا ما ينتظرها.
لكنها قالت الجملة نفسها: "يا بني، أنا لا ألومك". وها هو الآن يرددها بنفسه. أدرك سيد المعبد في تلك اللحظة حقيقة مرة؛ لقد كانت نظرة السلحفاة العجوز إليه آنذاك هي نفسها نظرة الشيخ الذي ينظر إلى تلميذه الذي أحبه حبًا جمًا. انحدرت دمعة عكرة من عينيه، فتوقف الشاب للحظة.
عاوده الصراع من جديد، لكنه في النهاية صرّ على أسنانه وهمس لنفسه وكأنه يحاول إقناع ذاته: "أنا فقط أريد أن أعيش، أريد أن أصل إلى مكانة أسمى، فهل أنا مخطئ!" قالها وهو يوجه كلامه إلى سيد المعبد، لكنه كان في الحقيقة يخاطب نفسه.
أطرق سيد المعبد رأسه وأغمض عينيه ببطء. نعم، لقد كان يفكر بالطريقة نفسها عندما تعامل مع السلحفاة العجوز. فهل يحق له أن يلوم ابن أخيه هذا؟ ومع صرخة "مت!" هوى السيف الطويل بقوة، وتدحرج الرأس الشاحب على أرض الساحة مع الوتد الخشبي المتآكل الذي كان خلفه.
تنوعت التعابير على وجوه شيوخ المعبد الحاضرين؛ فمنهم من أظهر الحقد، ومنهم من شعر بالبهجة، وآخرون بدوا حائرين، وبعضهم غلبه الحزن. لكنهم جميعًا أدركوا أن معبد الداو الأعظم قد أصبح جزءًا من التاريخ بداية من هذا اليوم.
بعد أن قطع الشاب رأس سيد المعبد، عاد أدراجه نحو الرجل الضخم، الذي أومأ برأسه وقال فجأة: "أحسنت صنعًا. الآن، ستتولى أنت إدارة المعبد نيابة عني، وعليك أن تسعى جاهدًا لتطهيره من كل القوى المتمردة في أسرع وقت ممكن".
اتسعت عينا الشاب دهشة، ثم جثا على ركبة واحدة وقال بصوت عالٍ: "أمرك سيدي!". وهكذا، انتهى أمر المعبد. وبعد فترة، اقترب سيد آخر من جناح مونبوك من الرجل الضخم وقال بصوت خفيض: "هذا الرجل يفتقر إلى الحكمة، وقلبه مسموم، لا يمكن الوثوق به".
ابتسم الرجل الضخم ابتسامة خفيفة، وهز رأسه قائلًا: "ومن ذا الذي يثق به؟ لكن هذا النوع من الخونة الذين لا يرعون ذمة لا يزال مفيدًا في هذه الفترة. انتظر حتى يهدأ الوضع في المعبد، وحينها... هه هه". لم يكمل الرجل الضخم جملته، لكن عينيه الباردتين قالتا كل شيء. لم يكن ليثق أبدًا في شخص لم يتردد في سل سيفه على أقرب الناس إليه من أجل مستقبله.
في شرق العالم، كانت إمبراطورية دا شوان هي القوة المهيمنة الوحيدة على الأراضي الشاسعة للمناطق الشرقية، قائمة منذ آلاف السنين دون أن يجرؤ أحد على تحدي مكانتها. لم تكن العاصفة التي هبت في الشمال قد وصلت إليها بعد، فكان الناس هنا يعيشون كما عاشوا لآلاف السنين، لا يعلمون حتى ما هي السحب المظلمة التي تخيم على العالم.
ولكن فجأة، ظهرت لفافة ذهبية عظيمة معلقة في كبد السماء، كانت المرسوم الأعلى للإمبراطورية، وقد نُسجت بقوانين السماء حتى يتمكن كل فرد في الإمبراطورية من رؤيتها. ثم دوى صوت مهيب في الأرجاء: "أمر سماوي مقدس!".
"بدءًا من هذه اللحظة، على إمبراطورية دا شوان وجميع الدول التابعة لها إظهار الاحترام الكامل لأرض القداسة، وللحكيم يي، يي سوي فنغ!".
أما في غرب العالم، حيث تملأ الرمال الصفراء السماء، كانت هناك مخلوقات كثيرة قاومت البيئة القاسية ونجت بفضل العناية من المملكة المقدسة. فكل تجمع بشري كان يقدس تماثيل الأسياد السماويين، الذين كانوا يهبطون بمنحهم بين الحين والآخر لمساعدتهم على مواجهة الطبيعة القاسية والوحوش الضارية المختبئة في العواصف الرملية.
في ذلك اليوم، توهج تمثال الأسياد السماويين من جديد، فهرع الجميع إلى سفحه، وخروا ساجدين في خشوع تام. وكالعادة، هبط الأسياد بمنحهم ونعمهم، فبدأ المصابون والمكروبون يتعافون شيئًا فشيئًا. ولكن بعد ذلك، نطق الأسياد السماويون بصوت واحد: "أيها الناس، لقد استقبل هذا العالم سيده الأوحد الحق".